Home ضيوف إلّا لطيفة الحاج قديح الربيع العربي أعاد المرأة لسوق النخاسة

لطيفة الحاج قديح الربيع العربي أعاد المرأة لسوق النخاسة

by رئيس التحرير
IMG_8321

لطيفة الحاج قديح أديبة لبنانية

 

لطيفة الحاج قديح امرأة ديناميكية بإرادة مضاعفة، أديبة بخيال شاسع، كاتبة واقعية بعزيمة من الحديد الصلب، في أجندتها مشاريع لا يعيقها زمن، ولا يعرقلها أيّ ظرف مهما تمادى، تعلم ما تريد، حين تضع أهدافها وتنجزها وفق الألولية والشغف، لأنها تحبّ أناها المثقّفة، لأنها تنصف أناها المتعبة،ولأنها تكرّم أناها الطامحة، عندما يتخاذل من حولها على الاهتمام الذي تستحقّ، لا تكّل الحراك في جميع الاتّجاهات، ودائرة التعليم الذتي دخلتها طواعية لم تُغلق على سطورها المديدة، بل أكسبتها الكثير من التركيز والانضباط، هي امرأة قابلة للتحدّي مع الذات أولاً، مع الأهل، مع العائلة، مع المجتمع، ومع الأبجدية أيضاً. 

التقتها – إلّا – ولمست لديها تلك الرغبة الجامحة في قول كلّ شيء بلقاء مكثّف مركّز يلخّص لرؤية حافلة ومحتشدة بالكثير، فلم نقاطعها احتراماً لبوحها السخي، ولم نقتطع من نظرتها العميقة المكتظّة بالتفاصيل التي لا تتسع لها مقابلة واحدة مهما اتّسعت.

 

حوار / زاهر قضماني – بيروت

 

أنت كاتبة روائية، ولك خمسة أعمال روائية ناجحة، فما الذي دفعك إلى اصدار هذا البحث، وهل يعنى ذلك تخليك عن عالم الرواية؟

بالتأكيد لا فالرواية هي الأساس في تجربتي وهي الملعب الحر الذي لا يقيده شباك ولا حارس مرمى، فالإبداع الروائي يأخذك إلى أفلاك ومدارات وفضاءات مختلفة يختارها الكاتب ويحلّق في سمائها كما يشاء ويهوى، وهي عكس البحث الذي يرتبط بالواقع، والأحداث الحسية والمرئية، كما نشاهدها على أرض الواقع. وفي اعتقادي أنني سوف أوظف هذا البحث في روايتي المقبلة التي بدأت بوضع خطوطها العريضة..

هل من الممكن أن تذكري القارىء بأعمالك السابقة؟

لقد كتبت خمس أعمال روائية، صدرت كلها عن دار الفارابي، وهي بالترتيب: “مواويل الغربةالتي كتبت حولها كثير من الدراسات آخرها دراسة لرسالة ماجستير في الجامعة اللبنانية، وصخرة الروشةوهي قصة حب جميلة تدور أحداثها في إحدى ضواحي مدينة بيروت، ويظن القارىء من قراءة العنوان والتقديم أنها ستودي بالبطلة إلى الإنتحار، بينما الواقع هو العكس  أما عملي الروائي الثالث فهوالبحث عن السعادة، وهي قصة حب متبادلة تجمع فتاة من ذوات الحاجات الخاصة بطبيبها النفسي،  وعملي الروائي الرابع هوشجرة النورالتي تدور أحداثها في لبنان خلال فترة حرب تموز 2006_ وقد كتبت مجموعة قصصية موسومة بعنوانحياة جديدة وهي عبارة عن ست قصص حب تتحدث عن الحياة في أوجهها المختلفة

حدثينا عن عنوان الكتابمقامات نون النسوةمن حيث اختيارك المرأة لكي تكون محوره ومضمونه؟

لا شك عزيزتي أن العنوان يشي بالمضمون: فالمقامات علم يهتم بالموسيقى والصوت وتحسين الأداء. وهناك المقامات الأدبية: وهي عبارة عن نثر فني، يتكون من احاديث وحكايات، وقصص قصيرة مسجوعة وهي أيضاً المجالس والدرجة والمنزلة

كل هذه المعاني نجدها في كتابي الصادر حديثاً ( كما جميع كتبي)س عندار الفارابيفي 304 صفحات من القطع الكبير، وهو بحث في أوضاع المرأة العربية والمسلمة.

ما هو الهدف الرئيس من كتابة هذه المقامات؟

_الهدف عرض مشاكل النساء في العصر الحالي، ومحاولة إيجاد الحلول لها، وكذلك الإضاءة على بعض الأسئلة التي باتت تطرح نفسها بقوة ومنها: أن الاسلام قد أنصف المرأة وأعطاها حقوقها، فلماذا إذن لا تزال المرأة العربية متخلفة عن الرجل في مواقع كثيرة، وما زلنا نشهد كثير من التعنيف ضدها ؟ ولماذا كل هذه الجمعيات التي تنادي بتحرير النساء وتمكينهن، وحمايتهن من العنف الأسري؟ الخ….

 

IMG_8588

غلاف الكتاب

عن ماذا يتحدث كتاب مقامات نون النسوة ؟

من ناحية يعرض الكتاب لأحوال المرأة ليس فقط في عصرنا الحالي بل منذ البدايات، منذ العهد الأمومي حيث كانت المرأة هي رأس الجماعة، وكان الولد ينسب إليها باعتبارها الجهة المعروفة في تحديد النسل، حيث كان الزواج مشاعاً.

من ناحية أخرى يعرض مقامات نون النسوة الى أحوال النساء ومقاماتهن وتغير هذه الأحوال والمقامات عبر العصور وصولا إلى العصر الحالي. وكذلك للمشاكل التي تعاني منها النساء ولا سيما في ظل ما سمي بالربيع العربي ( والربيع منه براء) ويطرح أسئلة وتساؤلات تضيء على الموضوع . ويكفي أن ننظر الى واقعنا المعاش والى أعداد النساء الغفيرة التي تعاني الفقر والجوع والمرض والبطالة، والبيع.. لنعرف مدى قيمة وأهمية المطالبة بتمكين المرأة. .

وفي خلال رحلة البحث هذه عن أحوال النساء، يطرحمقامات نون النسوةمجموعة أخرى من الأسئلة منها: ما الفرق بين المرأة الجارية والحرة، وهل جاء الإسلام بالعتق أم بالرق؟ ولماذ أبعدت المرأة عن مشاركة الرجل في الشأن العام وصولا إلى المناصب السياسية والمراكز القيادية في الدولة؟. وهل حرّم الإسلام هذه المناصب على المرأة، أم إن ذلك يعود إلى الثقافة الأبوية والهيمنة  الذكورية ليس إلا؟

هل يكتفي الكتاب بطرح الأسئلة، أم يسعى لإيجاد الحلول؟

لا يغفلمقامات نون النسوةوضع حلول لمشاكل النساء الكثيرة، من هنا كان لا بد أولاً من تشخيص الداء أولاً ورصد المعوقات التي تواجه المرأة في العصر الحالي قبل وصف الدواء، وقد تمثلت هذه المعوقات في نقاط عديدة أبرزها:

  • نسبة الأمية المرتفعة بين النساء في عالمنا العربي، قياساً على دول الغرب

اختلاف ألوان الهيمنة التي تمارس على المرأة في الدول العربية ، ولا سيما الخضوع للسلطة

جهل أو تجاهل لحقوق المرأة من قبل أصحاب القرار، وتحامل القوى السياسية عليها، وأبعادها عن لعب أي دور قيادي .

ضآلة دور المثقفين والجمعيات دون المبادرة إلى وضع خطط عملية لتصويب الوضع

قضية المرأة بالبعد السياسي، حيث تستخدم هذه الورقة لتحقيق أهداف سياسية بحتة،  كما هو الوضع في لبنان مثلاً: كقضية إعطاء المرأة المتزوجة من غير لبناني الجنسية اللبنانية لأولادها

_ندرة البحوث والدراسات من المنظور الإسلامي حول مشاركة المرأة السياسية، وعن دورها في الشأن العام.

عدم وجود الوعي الكافي  سواء كان عند  الرجال ام عند النساء  فيما يختص بقضايا المرأة. وكل ذلك يترافق مع عدم وجود حراك نسوي ناضج في الواقع العربي يعكس التطلعات التي تنشدها النساء

_هل تناول مقامات نون النسوة موضوع النساء من منظور التنزيل والتشريع الإسلامي؟

نعم، والواقع يشير إلى أن المرأة قبل الإسلام كانت تعاني حالة من الضعف والهوان، وكانت تحتل مكاناً دونياً في المجتمع، وتعتبر كائناً نجساً، لا قيمة له في حدّ ذاته، وكأنها جاءت من خارج هذا العالم، حيث كانت خاضعة لمجتمعها الذكوري، الذي يعتبرها مكملة للرجل واجبها خدمته وإسعاده ليس إلا. وكان العرب يخافون من ولادة الأنثى لما سوف تجلبه لهم من العار، فالرجل يتوارى عندما تشعر زوجته بآلام الولادة، ويظل مختفياً مدة إن كانت المولودة أنثى حتى يقرر ماذا يفعل بها: هل يئدها؟ أم يعفو عنها؟ وفي هذا يقول القرآن في الايتين 58 و59 من سورة النحلواذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون ام يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون”

“وإذا المؤودة سألت بأي ذنب قتلت” صدق الله العظيم.

الى أن سطع نور محمد (صلعم)، فجاء الإسلام بمفاهيم العدالة والمساواة.

هذا هو الميزان الذي وضعته الشريعة الإسلامية في مجال عدم الترجيح بين إنسانية الرجل وإنسانية المرأة. فقد ساوى الإسلام بين الذكر والأنثى، وكان له التأثير الإيجابي في تحسين النظرة إلى المرأة من خلال المساواة التي فرضها بين الناس عامة، وبين المرأة والرجل خاصة .كما انه غيّر النظرة التي كان المجتمع ينظر بها الى المرأة.

وحسب المفاهيم الاسلامية لم تخلق المرأة من ضلع الرجل، بل هي نصفه الشقي، فقد حمّل الإسلام المسؤولية لآدم وأعطى حواء براءة ذمة من مسؤوليتها عن الخطيئة الأصلية، بقوله .(وعصى آدم ربه فغوى)

ما هي المواضيع الأخرى التي تناولتها في هذا الكتاب القيم؟

يبين الفرق بين الزواج المدني والزواج الديني. ولا ينسى أن يتحدث بين صفحاته

 عن بعض الظلم الذي تتعرض له المرأة

_ولا يهمل الكتاب قضايا المرأة المعاصرة وما تتعرض له من مشاكل في ظل الثورات والموجات التكفيرية التي تعرضت لها الدول العربية مؤخراً، ولا سيما ما عرف بالربيع العربي، فيتحدث عن نماذج من دول عربية وإسلامية مختلفة ويخوض في أوضاع النساء وقضاياهن في ظل هذه الأوضاع الصعبة، وأيضا يخوض في الإتفاقيات الدولية التي تخص المرأة، ويعقد أبحاثا ويناقش كثيراً من الآيات، ويعمد الى الإستخلاص في تفسير النص الإسلامي.

؟مقامات نون النسوةفي  أي واقع نجد وأي مقام،.

ولكن  في المقلب الآخر، أتحدّث أيضاً عن المرأة في بعض المجتمعات العربية، ما زالت متخلفة في كثير من المجالات عن الرجل،، وما زالت تعاني من المجتمع الذكوري الذي يفرض همينته عليها، ويضهدها، ويمارس العنف ضدها، ويحرمها من حق الاختيار( كالزواج المبكر مثلاً الذي ما زال يمارس حتى يومنا هذا)، أو يحرمها من حق التعلم.  ولنا أمثلة كثيرة (حيث نسبة الأمية عند النساء تلامس  الى 80 بالماية في بلاد مثل الصومال والسودان واليمن. وما زالت بعض النساء محرومات حتى من قيادة مركبة بسيطة باتت تعتبر وسيلة ضرورية لتسهيل العيش، عنيت بها السيارة، كما هوحاصل في المملكة العربية السعودية

 

IMG_8368

أما الأسباب التي جعلت المرأة متخلفة عن الرجل فهي كثيرة ومتعددة وقد رصدت في كتابي أكثر من ثلاثة عشر سبباً، لا يتسع المجال لذكرها في هذه العجالة. منها ما يعود الى المرأة نفسها، ومنها ما يعود الى المجتمع الذكوري والتقاليد البالية المنسوبة إلى الجاهلية، ومنها ما يعود الى عدم تطبيق المفاهيم الإسلامية الصحيحة… إلخ

ولكن كيف ترين أختلاف الواقع عن التشريعات والرؤية الإلهية، ولا سيما في ظل الموجة التكفيرية المشوهة للدين؟

نعم، وللأسف فالواقع المطبق اليوم في ما يخص النساء يختلف عن المخطط الإلهي الذي أراده الله للبشرية. فالمرأة التي أرادها الله عزيزة مكرمة، تعنّف وتُهان ويعتدى عليها، بل تقتل من دون شفقة أو رحمة، والأمثلة كثيرة أما أسباب ذلك فكثيرة أيضاً أنه في تلك المرحلة التي جرى فيها تطبيق روحية الإسلام ومفاهيم الإسلام،  ظل جزء كبير من قيم المجتمع بأسلوب الجاهلية وكذلك من القيم القبلية التي تم انتاجها، ظلّ مسيطراً إلى حد بعيد سواء في المجال السياسي أو الاجتماعي. فنرى كثير من الممارسات الإسلامية تعود الى هذه القيم القبلية، (ومنها ما هو جيد ومنها ما هو ردىء).

_ومنها أيضاً إن بعض الجماعات التكفيرية تريد أن تعود بالمرأة ليس فقط إلى داخل الجدران وقد عاد بها إلى سوق النخاسة وشهدنا بيعها بالمزاد العلني، مؤخّراً ولنا أمثلة فيما شهدته خلال ما سمّي بالربيع العربي ، ويشهد التاريخ على ما أصاب المرأة خلال هذه الفترة المظلمة من حياة الشعوب العربية التي اجتاحتها الموجات التكفيرية، إذ لم يكن ما عاشته وما تعيشه  في ظل الهجرة القسرية، وما رافقها من فقر وجوع ومرض وبطالة وتشرد..، هذا عدا عن حالات الاغتصاب التي حدثت، واستغلال المرأة جنسيا، من خلال بعض البدع، وبعض الفتاوى الغريبة كفتاوى جهاد النكاح وخلافة..تلك الفتاوى التي نسبوها للإسلام، وهي لا تمت له بصلة، وكذلك شاهدنا ما حصل أثناء حكم طالبان من اضطهاد للمرأة ومنعها من التعلم،

كما أننا ما زلنا نجد ان بعض العائلات لا زالت تفرق بالمعاملة بين الولد والبنت، وتهيأ الفرص للشاب على حساب الفتاة، وكذلك تحرم الفتاة من فرص التعلم ومن حق اختيار الزوج، هذا عدا عن إجبار الفتاة في بعض الأحيان على الزواج المبكر ( في سن الثانية عشر والثالثة عشر مثلاً) على ما لهذا الأمر من خطورة على صحة الفتاة الجسدية والنفسية. وحتى اليوم ما زالت عادة ختان البنات موجودة في بعض البلدان العربية، وكذلك جرائم الشرف التي تقع بالدرجة الأولى على كاهل الأنثى بينما يفر الشاب بفعلته، وغالبا ما تعاقب البنت من دون التحقق، بينما الاسلام أوجب لإقامة الحد توفر أربعة شهود عيان.

كيف تستطيع المرأة أن تستعيد وتحافظ على مقامها الرفيع الذي يؤهلها للارتقاء الى أعلى المراتب على كافة المستويات؟

من خلال إعادة قراءة وإحياء المفاهيم الإسلامية الأصيلة التي تشير الى المساواة بين المرأة وقد طرح الإسلام شعاراً   والرجل. بين إنسانية الرجل وإنسانية والمرأة. فالإسلام هو النور أخرج الإنسان عامة والمرأة خاصة من الظلمات ورفعها وساواها بالرجل.

من المعلوم أن المرأة قد أبدعت وأثبتت جدارتها فدخلت إلى كل الميادين وتعلمت وعملت واستطاعت الجمع بين مسؤولية البيت ومسؤولية العمل، وساهمت وتساهم في بناء المجتمع، ويكفي أن نعلم أن بعض القطاعات (كقطاع التعليم مثلاً) أصبحت شبه مقتصرة على المرأة ، ولكن هذا غير كاف، فهذه الابداعات لم تكن كافية وحدها لافساح المجال أمام المرأة ليكون لها مكانا قيادياً في المجتمع، ومكاناً ثابتاً في الندوة البرلمانية مثلاً،  فما زالت المرأة محرومة من المشاركة الفعالة في المجتمع ومن تسلم مراكز قيادية، ففي لبنان على الرغم من أن المرأة اللبنانية كانت من أوائل النساء اللواتي حصلن على حق الإنتخاب، فقلة منهن يترشحن ،ولم تستطع المرأة ان تدخل الندوة البرلمانية سوى عن طريق إرث يعود لأخ او أب او زوج أو ما شابه ذلك. والمرأة حتى الآن تطالب بتطبيق كوته نسائية تسمح لها الدخول الى الندوة البرلمانية، نسبتها 30 في المئة فقط ، وعلى الرغم من ذلك التساهل في حقوقها لم تستطع الحصول عليها بعد… ولا ننسى ان القانون لم يساوها بالرجل وحرمها من إعطاء الجنسية لأبنائها في حال تزوجت وانجبت من غير لبناني . مع أن المرأة ليست نصف المجتمع فحسب بل هي أكثر من ذلك كونها تربي النصف الآخر منه وللاسف ان بعض التفاسير التقليدية للقرآن الكريم، تغيّب بعض المفاهيم القرآنية التي تساوي المرأة بالرجل، ولا تلقي عليها الضوء الكافي،  وتغفل دور المرأة في الشأن العام ، بينما الدور المنوط بالمرأة في عملية اعادة بناء المجتمع، هو نفس الدور المنوط بالرجل، إن لم يكن أهم وأكبر، وقد آن الآوان لكي تلعب المرأة الدور المرسوم لها من الله عز وجل.

وهذه المسؤولية تترجم : ببناء الحضارة الانسانية على وجه الأرض، بالحفاظ على استمرارية الحياة- الحفاظ على النوعية الجيدة- عدم اهدار ثروات الأرض – المحافظة على البيئة- المحافظة على قوانين الطبيعة- حماية الموارد البشرية – الادارة المسؤولة الواعية لمقدرات الأرض من دون اسراف او هدر-أو تبذير-أو تفريط

وكم نحن بحاجة هذه الأيام الى تفعيل هذه المسؤولية ،المثقلة بالتحديات لا سيما في ظل الهدر والفساد، والتلوث ( فمن منا لم يسمع عن ظاهرة الاحتباس الحراري، أو ثقب الأوزون أوتلوث البحار والانهار والبيئة من حولنا وانقراض بعض اصناف الحيوانات، نتيجة النشاط الصناعي المتزايد، وكل هذا يؤدي الى اختلال بالتوازن الطبيعي، وكذلك الى شح الموارد الطبيعية نتيجة كثرة الاستهلاك، وسوء الاستخدام. لهذا نحن بحاجة الى اعادة اكتشاف المعنى الاصليللخلافةالتي يريد الله تعالى من خلالها احياء الشعور بالمسؤولية ، فالمرأة بهذا مسؤولة تماماً كما الرجل.

وكذلك معنى الولاية: (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة. ) لقد قدم الله سبحانه مفهوم الولاية في هذه الآية لأنها مبدأ مستقل ….وتعني أن المرأة والرجل مدعوان الى التعاون فيما بينهما في عملية بناء الحضارة الانسانية انطلاقا من قاعدة اساسية هي الايمان بالله ورسوله، ويرمز هذا المصطلح الى التزام متبادل ومتكافىء بين الرجال والنساء من خلال ميثاق روحي وعاطفي هدفه تنظيم الحياة البشرية على وجه الأرض ، ويتطلب الالتزام بالصدق والمحبة ونصرة بعضهم بعضاً والتعاون على البر والإحسان والتناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. وهي دعوة الى المساواة  والمعيار الوحيد فيها للتقويم هو قيمة الانتاج ودرجة العمل والوعي.

وطبعاً اليوم اختلفت المعايير، فالمرأة قد تخطت الكثير من العوائق وخاضت في معظم المجالات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية.

 حماية المرأة العاملة وعدم استغلالها، وكذلك ضرورة تحديد ساعات العمل لها، والسماح لها بإجازة أمومة مدفوعة، وكذلك عدم التمييز في العمل بينها وبين والرجل، واعطاءها حق التعليم العالي ، كما الحق في الترشح إلى المناصب القيادية،وحمايتها من الاغتصاب، ولا ننسى أهمية تشريع القوانين الصارمة التي تعاقب كل من تسول له نفسه التعرض للمرأة ، وكذلك السماح لها بقيادة السيارة والطائرة والباخرة والغواصة والمشاركة في غزو الفضاء وكذلك لا شيء يمنع المرأة من اقتحام الميادين الرياضية على كافة أنواعها.

كلمة أخيرة؟

أوجهها للناشئة وللجيل الجديد، من الفتيان والفتيات: عليكم بالعلم ثم العلم ثم العلم ، فلا شيء يمكن أن يعزّز الوعي أكثر من العلم، إذ مع الوعي يمكن لنا أن نفهم حقيقة ديننا، كما حقيقة أنفسنا، ونفهم ما لنا من حقوق وما علينا من واجبات…كما أنه لا يمكن لحرية المرأة أن ترى النور سوى بوجود رجل متحرّر واع لقضايا مجتمعه ولأهمية دور المرأة فيه.

 

 

You may also like