سفيرة “النشاز ” المُستجدّة للتَلْفَزَة الأُردنية ..
اللوغو حسب الظاهر على الشاشة تلفزيون “عمّان “، المضمون مجرد صوت عالي يُسمّى بالعامّي السوري واللبناني كون المذيعة التي تتمترس في الشاشة وفاتحه نطاق الذراعين وطبقات الصوت على العريض جداً جدا “بُوجَأه ” و “لعلعه ” و”جرصه “.. السؤال هنا الذي يفرض نفسه بإلحاح.. لماذا يتبنّى تلفزيون “عمّان” ملاحقة أنفاس الفنانين السوريين ويسرد أسماء الفنانين اللبنانيين بكثافة غير مسبوقة على محطة عربية غارقة في المحلية وبالكاد نسمع او نشاهد لديها شائعة تذكر، ويترك العنان للسان مذيعة لا تملك من الحضور غير “الهوبره والشوبره” وخاصة بعدما انتقلت من مرحلة تسديد المواعظ والحكم إلى تسديد اللكمات والنِقَم على طريقة الصحافة الصفراء والاعلام المُغرض؟!
هل تحاول شاشة التلفزيون الأردني “أن تبيع الماء في حارة السقايين ” كما يقول المثل المصري، هل هو شعور المحطة بغصّة الغياب، والقصور عن دخول حلبات المزاحمة للقنوات العربية سعياً لإلقاء القبض على الجمهور؟!
هل توظيف أعلى صوت في القارة الآسيويّة مقصود ام مدروس لخضّ المُشَاهِد غصباً وعنفاً، ليلتفت إلى محطة لطالما كانت غارقة في ذاتيّتها، ولم يكن لها يوماً أيّ صدى خارج عن اللباقة واللياقة والمحلية، والأناقة والجديّة حفاظاً على الخصوصية التي تُنسب إلى بلد يختزل مفاهيم “الشهامة والنشامى والرجولة والجديّة والجدارة والرصانة والرزانة والاتزان والوقار والهيبة والاحترام، تيمّناً بصورة ملك ابن ملك له حضوره الأمثل، وخطابه الأمتن، وشخصه الوقور يحبه القاصي قبل الداني ويحترمه ويقدره لأنه الشخصية الوقورة التي تملأ كيانها ومكانها في عين المواطن ليس في الاردن وحسب بل بكثير من البلدان وهو الدارس والمتعلم والمتمكن من لغة الآخر ويعرف كيف يوجه رسائله للآخر ويعرف كيف يحافظ على استقرار بلده رغم أنف الآخر كالملك عبد الله الثاني، وله جوهرة التاج الأردني في عموم المملكة سيدة ليست كسائر النساء بل سيدة النموذج الأرقى والأهدأ والألطف والألبق للمرأة الاردنية خصوصا والعربية عموما ملكة أحببنا فيها البساطة والرهافة والطيبة والنبل والصفاء وأحببنا فيها خصوصية المرأة الأردنية التي لا نعرف عنها الكثير الا من خلال تلك الصورةةالمهذبة الراقية للملكة رانية ..!!
كثير وكثير جدا ما يمكن ان يقال عن المجتمع الأردني، الذي لا أنساه حين زرته مرة لأكثر من أسبوعين أيام السنوات الجامعية الأولى لم يكتب لي القدر ان أكررها، وكثير ايضا ما أسمعه عن المجتمع الاردني من عائلات سورية لا تحصى اختارت الاردن وطنا بكل معنى الكلمة.. كل ما تقدم في كفة، والعودة إلى المذيعة الاردنية التي خرجت عن السياق المألوف العام وقررت ان تتماهى بالطبيعة اللبنانية التي تجاوزتها بأصوات وأصوات في كفّة أخرى، اتراها تعاني عقدة “الانتماء ” الاعلامي ؟!!! ام تراها تحاول كسب ال”تريندات ” حتى وإن كانت مجرد سيل عارم من الملاحظات السلبية وكيل المكاييل الصادمة من المواجهات الجريئة التي لم أكن أتوقعها، والتي لا أعلم كيف لا تقضّ مضجع تلك المذيعة الاردنية “المُتلَبْنِنَه ” حتى النُخاع بعد اول ظهور “غثّ ” على شاشة معروفة مع إعلامي “بهلوان ” يحاول جهده الجبار كي يحافظ على “أراكوزيّته ” أمام الشاشة الصغيرة دون أي “كاريزما ” تُذكر فأين هو من “كاريزميّة جورج قرداحي ” مثلا، الذي قدّم برامج ترفيهية ولكنه لم ينزلق إلى درك “التهريج ” في أي يوم من الأيام، وأيضا اين هو من شخصيّة الإعلامي القدير الجدير الفذّ “داوود الشريان ” الذي يأسر المشاهد أمام الشاشة لدرجة يشعر بها المتابع لحواراته بضرورة قطع أنفاسه حتى لا يفوته أي كلمة او اي سؤال وهو يعتمد الصوت اللطيف الخفيف العميق اللبق المهذب المنخفض الهادئ الراقي..
وكي لا أبتعد كثيرا عن مضمون هذا النص الذي فرض سطوره على صباحي حرفاً حرفاً.. وانا أحاول تصفح النت مع قهوتي الصباحية وإذا بمقطع متلفز يلاحقني ويستدرجني للتصفح وما إن بدأت الإصغاء وللحقيقة لأول مرة أدرك الفرق عمليّا ما بين السمع والاستماع ومفهوم الإصغاء، فالسمع هو ما يتعالى من الأصوات بكل ما فيها من نشازات وشواذات لفظيّة تتناهى عنوة إلى مسمعك كما يحصل عندما يتعارك ابناء الشوارع او سكان الجوار او كما يفعل طيران العدو الغاشم بخرق جدار الصوت حيث لا حرمة لاختيارك في تقريب الصوت او إبعاده بل حينها يكون السمع اللا إرادي، أمّا الاستماع بتقديري فهو احترام رغبة الآخر في المشاركة بمسألة تحتاج إلى شاهد يشاركها الإدلاء بحياديّة وفق حيثيات المسألة التي يطرحها صاحبها بشكل او بآخر، أما الإصغاء فهو التماهي مع الراوي بكامل حواسنا ومدركاتنا وشغفنا واهتمامنا بفائق العناية والتقدير والجذب لمتحدّث نكنّ له الكثير من الاحترام والتقدير والاعجاب بالدرجة الاولى، حيث نتحول بكلّيتنا كما يقال إلى “آذان صاغية ” وهنا يأتي دور التربية الأساسيّة، أذكر جيدا عندما كنا صغارا كيف كان الأهل يكررون على مسامعنا “وطّي صوتك ” إذ ثمّة level للصوت لا يجوز تخطيه وإلا ينسب صاحب الصوت إلى فئة “الرعناء “، وهذا القانون في التحدث كانت تكرسه مدرسات المدارس الراقية “حصرا ” وخاصّة عند “الراهبات ” اللواتي تخرّج على أيدهنّ أرقى الفئات “المجتمعيّة ” وقد ارتبطت “نبرة ” وطبقة ودرجة الصوت بطبقة النبلاء والارستقراط، في القصور وبين الطبقات المخملية بينما “الرعاع ” فهم يملؤون الساحات الشعبية والاحياء المُعدمة ومناطق الفوضى و”الزعرنات ” التي يميزها حتى الكائنات الأخرى ومنها “الكلاب ” اعزّ الله مقامك أيها القارئ الكريم، فكلنا يعلم أن الكلب الذي يعيش في كنف أسرة ذات جذور وأصول وعراقة، تختلف طبقة صوته كليّاّ عن الكلاب التي تمارس النباح كما يحلو لها في الأماكن الموبوءة دون حسيب أو رقيب..
وكي لا ينزلق الكلام إلى مزالق الاعلام والاعلاميين التي لا تمتّ بِصِلَة إلى عوالم “المخمل ” الاجتماعي، ولا إلى “حرير ” العلاقات المفقود تماما.. أعود للسؤال لماذا لم يهتم التلفزيون الأردني بفنانيه من ممثلين ومطربين وأدباء ومشتغلين في الشأن العام، فللأمانة أنا شخصياّ لا أعرف من مطربي الأردن الحبيب غير “عمر عبد اللات “، وأكاد أجزم أنه الوحيد الذي استطاع الانتشار عربيا بشكلٍ أو بآخر ، ومثله الممثلة الاردنية المحبوبة “عبير عيسى” و لا أعرف سببا لعدم معرفة المزيد من الشخصيات الفنية، هل هو تقصير الاعلام المحلي بحقّهم أو هو تقصير الفنان الاردني بحق نفسه بحيث أغلق على ذاته جدران المحلية وضرب عرض الحائط بقية الجماهير العربية.. وهنا يأت السؤال الذي لابد منه ألم يكن حريّاً بتلك المذيعة “المتجهبذة ” حديثاً والتي تملك “لسانا ” يتجاوز الحدود الاردنية شمالا وجنوبا وشرقا وغربا ليطال لبنان وسوريا وربما يصل مصر غدا او بعد غد، أليس من المجدي لو أنها سخّرت أسلوبها التهكّمي المستفزّ الذي يثير التوتّر إلى جانب كل التوترات والخضّات المتوفّرة بسخاء على الصعيدين الأمني والبيئي والسياسي لو انها وفّرت حركاتها الزائدة لتكريس الفنان الاردني بين مطرب وممثل ليخرج على لسانها العابر للأسماع والأصقاع من محليته وينتشر على مرمى الجمهور العربي، فهل مثلا عاصي الحلاني ينقصه الانتشار الواسع العريض لتردد اسمه تلك المذيعة المتفجّرة كلغم طائش، وهل برأيها وهي تعيب على الشاب السوري العشريني الصغير انتشاره على مواقع التواصل سيقلل انتقادها له ولأسلوبه الذي يعترف انه لا أرضية انطلق منها سوى الفقر والحرمان والاستهزاء والتنمّر الكبير من حوله والذي لا يخفيه ولا يهرب منه هو الذي اوصله كالصاروخ إلى أكبر المسارح في “المنلكة العربيةةالسعودية ” التي وقف عليها كبار النجوم العرب، ليترفوا ليالي الرياض الساحره بعيدا عن “الوجع ” المستشري في الشطر الآخر من آلام المصير، ألم يقف هذا العشريني مع كبار نجوم الصف الاول في العالم العربي ليغني بكل عفوية وثقة، واذا كان هذا الشاب الذي لم يغادر بعد نرجسيةَ “المُراهَقة ” المَشروعَه، وهو ابن التسعة عشر ربيعا فقط تتهمه تلك المذيعة الهائمة على صوتها وقهقهاتها، بأنه مجرد إبن الحاضنه الغثّه لصفحات السوشيل ميديا، فماذا عنك وانت المرأة التي تقارب العقد الخامس إلا قليلا من العمر والصدف والهوامش، أليست صفحات السوشيل ميديا التي تحتضن ذاك الشاب هي نفسها التي صنعت مجدك “التليد”، أليست صفحات السوشيل ميديا التي توظفين فيها جيشك الجرار لتكريس صوتك “الصادح ” والفاضح عبرها، هي التي اعطتك سرعة الانتشار، الانتشار الذي كنت اعتقد نفسي أنني الوحيدة من بلاد الشام التي يقلق سلام روحها وهدوء ذهنها “صهصلة ” الضحك الرنان والصوت المنفلت من عِقال القواعد الأسرية والقيود الاجتماعية، ولكن وبنظرة خاطفة للأرقام التراكميّة الزائدة لأصحاب التعليقات، وجدتُ أنّ على اختلاف الشرائح والطبقات والمتابعين والأسماء الصريحة والمستعارة كلها تؤكد أنّ الجميع يوتّره صوتك وأسلوبك التدافعي “الطّحيش “، صدقيني كنت احترم بداياتك وكنت استمع إليك ببعض الاعجاب وبعض الحب، وأنت معزّزة مكرّمة في “إعلامك ” الأردني الوقور الرصين الرزين المهيوب الجاد الوقور المحترم، ولكن بعد انزلاقك إلى الاعلام اللبناني وتأرجحك المثير للشفقة بين عدم استطاعتك وفقر اقتناعك بالعودة لخصوصيتك في الاعلام الاردني المحفوظ، وبين قدرتك على اختراق الاعلام اللبناني واحتلال موقع خاص بك في أي شاشة لبنانية تضمن لك تحصيل صلاحيات تعادل صلاحياتك في محطتك الأردنية الأم التي قبلتك كما أنت جريئة مقدامة مغامرة وطموحة شرسة تحاول تعويض سنوات التقهقر لمشروع فشل ونجم عنه طفل جميل حفظه الله، عليك ان تتذكي جيدا انه لن يبقى صغيرا والوقت يمضي مسرعا ولا أظنه لو بدأ يقرأ أصداء حضورك الاعلامي عربيا سيكون سعيدا او مبهورا أو مُتقَبِّلا لسخط الكثير الكثير حول تجربة والدته العصماء..
عودي يا عزيزتي إلى مملكتك الهاشميّة، مملكة العزّ د، والصون، والأمان، والاستقرار، الذي يحلم به الفنان اللبناني والفنان السوري وكل الاعلاميين في البلدين على حدٍّ سواء، ودعي المخالفات ليعرفك الجموع، الفرصة اليوم بيدك لتجعلي من الاعلام رسالة سلام، وارتقاء، فلا ينقص هذه الأمة المزيد من المساخر والسقوط، ولا تكوني مجرد “فقاعة” لا ترضي غير مرآتك ومجموعة صغيرة من العَراضَات الاعلامية التي تنتهي بانتهاء العرض والاستعراضات الغثّة، التي لا يحفظها تاريخ ولا يدونها سجل ولا تسمح لبقائها ذاكرة، ولا ينفع فيها أيّ تذكير بعد فوات الأوان.
خاصّ – إلا
Share this content:
إرسال التعليق