Home أقلام إلّامسـاهمـات دعني أحدّثك عن الله الذي عرفت

دعني أحدّثك عن الله الذي عرفت

by رئيس التحرير

 

???? ????

بسام جميل كاتب فلسطيني

 

كنت صغيراً، ولم أره كما ادّعى كثيرون،

لكنني استطعت أن أحسّ حضوره في مرات عديدة و أحدها، حين شب حريق في الغرفة التي نعيش فيها أنا وعائلتي. غرفة لفصل الصيف، و أخرى التي يسرّب سقفها قدراً أقل من مياه المطر .

كنا في سهرة عائلية مجتمعين حول كتلة صلبة من البارود، وكان عمّي و أبي يحضران نشارته ليستخدمانه في صنع ذخائر الصيد، كنا ثمانية في الغرفة، و بين ضحك و مزاح، بالغ عمي في فرك الكتلة التي ينشرها ليشب حريق سريع و يبدأ الصراخ يعلو، احترق وجهه على الفور و ذراع ابن عمي و قدمي اليسرى و حتى أمي كان لها من الحريق نصيب . لم أفكر حينها بألمي بقدر حزني على دعوة لعيد ميلاد رفيقي الذي لم يكن له أخوة مثلي . رغم ألمي إلا أنني أصررت على الذهاب و كان على أخي الذي يكبرني بعامين فقط و الذي نجا من الحريق، كان عليه أن يحملني على ظهره لأذهب و أقدم لرفيقي كتابي القديم لتعليم الكاراتيه، حينها شكرت الله أن منحني أخاً ليحملني.
كبرت قليلاً و زاد شغبي . كنت أخاف من عمي الذي تسبب بالحريق  و بدأ ذلك حين استطاع أن يقبض علي متلبس بسرقة خمس ليرات من حقيبة أمي . وبخني بشدة. كنت قد صرفت المال كله على البسكويت . وفي أحد الأيام بينما كنت ألعب بالقرب من المنزل تسلقت أحد الجدران الذي سقطت عنه بعد برهة و كسرت ذراعي اليسرى . حينها هب عمي لحملي  لأقرب مستشفى و رأيت في عينيه حجم خوفه علي فشكرت الله على سقوطي لتنتهي خشيتي منه.
كبرت و بدأت أبحث عني في كل ما يدور حولي، قرأت عن النبي محمد “ص ” و عن المسيح سلام الله على روحه

و عن .. كنت أظن أنني سأجد ضالتي في الأديان لكنني وجدت أتباعها يقتتلون لأي أمر بحجة الدين و الدفاع عنه، و لم أر الله فيما يفعلون ويمثلون لكنني رأيت قطة دهست في أحد مسارب الشارع الرئيسي للبلدة و كانت قطة أخرى تقف أمامها و تنظر للسيارات، حاولت جهدها أن تسحب جثة رفيقتها لطرف الشارع فشكرت الله أن هناك رحمة في مخلوقاته لا تحتاج تعريفاً بدين.
أردت أن أكتب لأعبّر عن إنسانيتي لكنني أكره هذا الجزء الذي يخصّ الغضب فالقراء يتناسون بسرعة كل ما أعجبهم إلا أنهم يتلقفون غضبي ليتشبثوا به، اسمع الرعد خارج غرفتي و أعرف أن صوته يشبه غضبي. عندما أهدأ يبدأ المطر داخلي، لم أر الله و أنا صغير كما يدعي البعض لكنني أحسسته حينها و بدأت أتعرف عليه الآن .

You may also like