أيّها العالم الأخرس ألا تستحي..؟!

اما آن الأوان أن يندى جبين العالم، ان تدمع عين الإنسانية، ان تتهشّم جميع المرايا، ان تستقيل جميع المناصب..
الاطراف تبتر امام اعيننا، الاطفال لم تعد تصرخ، الامهات اللواتي تجهضن حملهن وأرواحهن معاً، يغادرن دون عتب ودون وداع.
إسرائيل تختبر كل أنواع الاستفزاز، بقراراتها التوسعيّّة، تنتهك الحقوق، وتتمادى في العقوق، والعالم أخرس، أخرس تماماً وجميع جمعياته الحقوقيّة في سُبات عميق، الحرب التي يعدنا ترامب بإنهائها رهن التبعية، ورهن الموافقات الجماعية، ورهن الطواعية المسعورة، ورهن القرارات الجائرة بوقاحة مذهلة.
السلام الموعود الذي يلوّح في الأفق لا يحمل وردة ولا زجاجة عطر، يحمل زراً اٌرعن جاهز للضغط بقوافل السحق، والخراب، والموت دائما وضمن الأوقات الرسمية لنشرات الأخبار التي لا تقدم جديداً سوى تلك الإحصاءات اليومية لأعداد القتلى وأعداد المعطوبين بالتفجيرات الآثمة.
هم يجيدون الابتسام أمام عدسات الكاميرات، لديهم ما يتفوّهون به للإعلام، لديهم وقاحتهم البالغة، ونحن.. كان لدينا بعض الأمل في غزة، ولم يبق منه سوى الدخان الأسود والغبار الكثيف، والجثث المطمورة تحت الركام، كان لدينا بعض الأمل في الجنوب اللبناني ولكن الجنوب صاحب الحق، فقد الأخيار من شبابٍ وضعوا أرواحهم للمساندة دون أن يتردّدوا قيد خطوة، كان لدينا بعض الأمل في اليمن السعيد أن يواصل الوخز في صميم الفقاعة الراسخة في وجه الأمة لكن اليمن لم يعد سعيدا وقد دفع الثمن الباهظ الذي ضعضع اركانه وأمنه وضاعف أوجاعه المزمنة.
كان لدينا -كل – الأمل فيمن زكّاهم رسول الأمّة من بني //فارس // لكن اعتدالهم في حرب غير عادلة، ورقيّهم العسكري أمام القوى الغادرة، وترفّعهم عن الخوض في سفاسف الحروب، لم يكن في محلّه أبداً أبداً، إذ لطالما ردّدنا معهم الموت للأعداء، وتبين أن الموت لنا وحدنا، ولطالما كرّرنا من بعدهم سندحرهم خارجاً ونخرجهم من أرضنا فخرجنا نحن وبقي هم، ولطالما وثقنا أن شتاتهم في الأصقاع قدرهم هم فتبيّن أنّ الشتات في الأصقاع قدرنا نحن لا غير.. بعدما آثرنا المواجهات المتهوّرة العرجاء على جميع الأصعدة.
لمن أكتب هذه معضلة بحد ذاتها، على من أعتب، ومصيرنا جميعاً في خبر كان، أرهقنا الانتظار الذي نتوارثه من جيل إلى جيل على أمل أن يصير لنا وطناً يليق بكرامتنا وكبريائنا وصبرنا الطويل.
سئمنا الشعارات الفضفاضة التي نعيدها كالببغاوات، “سنستعيد الارض وندحر العدو”، واذا بالأرض تتقلّص مساحاتها، وتنهب خيراتها الظاهرة، وتسلب ثرواتها الباطنة، والعدو يتمادى ويتمدّد، وصارت قمة أحلامنا تصريف بقايا الردم وإعادة الإعمار وكأنّك “يابو زيد ماغزيت” وكأنك “ياتيتي مثلها ذهبتِ جيتي “.
المشهد الذي لا بد منه بعد كل حلقة من حلقات الصراع “اللامتكافيء ” توضيب صيغ الاسترحام والاستعطاف كالعادة من قطر وأخواتها في دول الخليج، للحصول على فائض الأموال التي تمحي أثر كل ما كان، وكل ما لم يكن، وكل ما سيكون عاجلا او آجلا او بعد حين من المهازل المتتالية.
خاص – إلا
Share this content:
إرسال التعليق