في خضمِّ الذعر الذي داعب الجدران عن اتزانها، والهلع الذي راود الابواب عن حيادها، والرعب الذي حوّل ارض الممرّ إلى امواج هائجة والسجاد المفروش فوقها ينتفضّ كعابرٍ للمانش بطريقة الفراشة، وخطواتي ترتجف كعصفور مبلل في مهبّ الريح، بوسعك ان ترصد المشهد تماما، ان تضع اولوياتك عبثاً بمتناول يدك الرخوة، الموبايل اولا تفكر في الوقت المتآخّر حيث لا أحد.. تفكّر في العثور على هويتك الشخصية وعشرات الأصوات في أعماقك تسخر ومالفائدة ان كنت غادا او مجرد رقم لجثّة مسحوقة تحت الأنقاض، تفكّر في مفتاح البيت فتشعر به يهزأ من حرصك الساذج، تفكر في لملمة ارشيفك الذي بنيته ضوءا ضوءا وحرفا حرفا بعدما احترفت نحت الأبجدية وفي كل صفحة ينتابك الوجوم الشديد من يكترث اذا في الهدوء الجميع انفضّ لمتابعة الفكاهات والدعابات والعروض المجانية والنشاذات والشواذات والهراء والعلك والاورام المصطنعه والانتفاخات السكسيّة الرخيصة، بعض الاشياء الثمينة المنسية هل بوسعها ان تؤمن لك إيواءا في الاوطان المنكوبة منذ صراعات وصراعات، بقايا الدولارات من راتبك الشهري الذي يتبخّر بأسرع من عَرَقِ الجبين حين تعبتَ لأجله فهل ستجد وسيلة تقبلك لاجئاً جديدا في نادي اللاجئين الجدد الذي اصبح اكثر الاندية اكتظاظا بالحالمين المتبلدين الجدد من سلالة ثقلاء الظلّ ومصدّري الازمات ومروجيها، كل هذه الافكار وأكثر وانت تغالب خوفك وتصارع انهيارك وتواجه مصيرك وحدك.. حيث لا أحد ولا خيار ولا احتمالات موثوقه.. تنادي ربّك لا غيره، إلهك لا سواه، خالقك دون أي مخلوق دونه.. وكلك على ثقة، وكلك على يقين، وكلك على إيمان.. أنه لن يخذلك فلطالما ناديته في سرائك فلن ينساك في ضرائك، سيطمئنك رغم كل الهواجس التي تتناهب طمأنينتك، سيبدد مخاوفك التي يجدّ الشيطان في نثرها حولك كألسنة اللهب كلما أخمدت لها لساناً استطال آخر..
هذه المشاعر وكثير كثير على غرارها حاصرت الجميع كما حاصرتني تماماً.. فلتعد إلى رشدك ولتتبع روحك حيث النبع في الأعالي هناك.. دع اطماعك على قارعة الطريق تنهشها الذئاب الضالة والكلاب المسعورة، ارفع رأسك لأنه ينتظرك ليضيء وجهك بوهجه، وكفاك زحفا في اروقة الخزي والعتمة والضلال..
تعرّف إلى الله بأسمائه الحسنى ستجد بينها كل سند، وكل وعد، وكل ودّ، وكل صديق، وكل حليف، وكل نصير، واخلع عن قلبك وشاحه الأسود هدية الشيطان الرجيم، ودع روحك تلتحم بالبياض حيث النجاة وحيث النور وحيث يقين اليقين.
خاص – إلا
