Home إلّا من يرسمُ الخرائطَ الجديدة ؟؟؟
%d8%af-%d9%81%d8%a7%d9%8a%d8%b2-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%a7%d8%a6%d8%ba

د. فايز الصايغ / كاتب ومحلل سياسي وعضو مجلس الشعب السوري – دمشق

ما من شعب في العالم كله ولا من دولة مستقلّة تعرّضت لما تعرّض له الشعب السوري والدولة السورية من تآمر مكشوف غير تقليدي، ساهم فيه هذه المرّة قطعان الإرهاب العالمي، والخارجون عن القوانين، والمحكومون في بلدان العالم والمهمّشون على أطراف مدن أوروبا، وغيرهم بتخطيط وعلم مسبق من قبل أميركا، وأغلب حكومات أوروبا وأتباعها في الوطن العربي.
لا جامع أخلاقياً بين هذه المجموعات والدول.. ولا مقاربات مصلحية لا آنية ولا استراتيجية، الجامع الوحيد الذي يجمع بين هذه الحكومات وتلك القطعان هو المايسترو الإسرائيلي، الذي يطمح منذ أكثر من خمسين عاماً للسيطرة على المنطقة ومقدراتها وإضعاف قوى المقاومة فيها، والتي تصدّت بما تملك من مقوّمات التصدّي للمشروع الصهيوني الأميركي، الذي يشكّل امتداداً لمصالح الطرفين الاستعمارية منذ تأسيس الكيان الصهيوني، وحتى اليوم..


ومن المفارقات التاريخية أن الدول الاستعمارية التي توصّلت إلى تقسيم المنطقة وتوزيع الهيمنة بعد الحرب العالمية الثانية استفاقت أطماعها المكبوتة من جديد، وأرادت من وراء زجّ الإرهاب العالمي في المعركة ضدّ سورية، وشعبها تحقيق ما لم يتحقق من نتائج الحرب العالمية، واستنبتوا من بين الركام الأحلام، لعل الفرصة مواتية لترميم الأطماع من جديد وإلباسها رداء العصر المنفلت من أي عقال أخلاقي، أممي أو إقليمي وخصوصاً أن العرب عموماً هم على جاهزية الإسهام في تدمير بلدانهم، وتبديد ثرواتهم لتلبية أوهام محليّة في عقول محدودة الرؤى والرؤية.


ست سنوات من الضخّ الإعلامي والسياسي المشوّه، والمدجّن، والكذب، والفبركة، والافتراء، والتصنيع المسبق للأحداث، واستثمار نقاط الضعف في المفهومين القومي للعروبة والديني للإسلام، كلها سقطت وتحطّمت على أسوار دمشق كرمز.. وسورية كحضارة عريقة وإن تركت بعض الندوب في الجسمين العربي والإسلامي، لكنها لم ترقَ إلى مستوى الثغرات وطنياً، فيما ارتقتْ إلى مستوى الكوارث قوميّاً.. مما يمكن ترميمه وجسره في المستقبل القريب إذا ما توافرت النوايا الطيبة.. والأدوات المخلصة والإرادة الصلبة على بناء مستقبل أكثر نضوجاً على المستويين القومي والديني، مستقبل العدالة والمساواة والإنتاج المتجدّد فكراً وسلوكاً في الجانبين معاً.


ومما زاد الطين بلّة كما يقال: إن الجامعة العربية التي كان من المفروض أن يعوّل عليها لتحصين العمل العربي المشترك، وتدعيم مقومات عروبة العرب وإسلامهم السمح ساهمت قبل الأمم المتحدة في تسعير المنطقة، وتسخين استهداف سورية، ورفعتْ راية الاستسلام للمشروع الصهيوني، وهو ما فتح الطريق أمام الأمم المتحدة، والدول المهيمنة على القرار الدولي، والتي يفترض أنها راعية لتحقيق الأمن والاستقرار في العالم لممارسة أهداف دولها الاستعمارية، وقد مارست أساليبها وفبركاتها وسخّرت قوّتها لاستهداف سورية وشعبها وكسر صموده وتبديد إنجازاته الحضارية في السياسة والحرب مروراً بالاقتصاد والصمود بمختلف أشكاله.


سورية اليوم تعيد رسم خريطة العالم على نحو جديد فيها من الإرادة والصمود لاستكمال النصر الناجز.. وإتمام رسم خريطة العالم الجديد.

 

المصدر : مجلّة -الأزمنة – السورية

You may also like