×

ميزان شرف الأمم يبدأ من فلسطين..

ميزان شرف الأمم يبدأ من فلسطين..

IMG-20250928-WA0012-679x1024 ميزان شرف الأمم يبدأ من فلسطين..
خيري السرابي/ كاتب وناشط سياسي فلسطيني أردني- الولايات المتحدة الامريكيّة usa

خيري السرابي – كاليفورنيا. USA

منذ أن اندلعت الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 ضد الانتداب البريطاني والهجرة الصهيونية، سجّل الشعب الفلسطيني حالة نادرة في تاريخ الشعوب، حالة تتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة لتغدو درساً في الصمود والتفرد الإنساني.

ففي الوقت الذي كانت فيه الجيوش العربية تحت الوصاية أو في طور التشكّل، خرج الفلاحون والعمّال والطلاب الفلسطينيون، بصدورهم العارية وببنادقهم القليلة، ليواجهوا أعتى منظومة استعمارية مدعومة من بريطانيا، الإمبراطورية التي “لا تغيب عنها الشمس”. لقد دام إضراب 1936 ستة أشهر متواصلة، ليكون أطول إضراب شعبي في التاريخ الحديث، معلناً أن الفلسطينيين لن يساوموا على حقهم في الأرض والهوية.

ومنذ ذلك التاريخ، تفرّدت المقاومة الفلسطينية بقدرتها على إعادة إنتاج ذاتها في كل جيل، مهما اشتدّت المؤامرات وتشابكت التحالفات ضدها. من ثوار القسّام، إلى الفدائيين في الخمسينيات والستينيات، إلى انتفاضة الحجارة عام 1987، وصولاً إلى مقاومة غزة اليوم، ظلّ الفلسطيني يصوغ أشكالاً جديدة للمواجهة: بالحجر، وبالسكين، وبالمظاهرة، وبالخطاب السياسي، وبالعمل المسلّح، وحتى بالكلمة والصورة.

ما يميّز التجربة الفلسطينية أنها لم تكن مقاومة محلية محصورة في حدودها، بل تحوّلت إلى رمز عالمي للحرية والعدل. فكما ألهمت ثورات فيتنام وجنوب إفريقيا وأمريكا اللاتينية، ألهمت فلسطين أحرار العالم، ليهتفوا جميعاً: من النهر إلى البحر، الحرية لفلسطين.

رغم المجازر، ورغم النكبة عام 1948 والنكسة عام 1967، ورغم محاولات التذويب والتهجير، ظلّ الفلسطيني يمارس “حق العودة” يومياً في ذاكرته ووعيه ومقاومته، وكأن الأرض لا تفارق دمه ولا لغته. وهذه الاستمرارية على مدى قرن تقريباً هي التي جعلت المقاومة الفلسطينية حالة متفرّدة لا تشبه أي تجربة أخرى: فهي مقاومة جيل يتسلم الراية من جيل، حتى أصبحت فلسطين “ميزان عدالة” يقاس به شرف الأمم.

اليوم، بعد كل هذا التاريخ، لا يزال الشعب الفلسطيني يقاوم بنفس الروح، يؤكد أن القضية ليست جغرافيا فحسب، بل هي قضية كرامة ووجود، وأنه مهما تبدّلت موازين القوى، فإن الإرادة البشرية قادرة على إعادة رسم التاريخ.

خاص – إلا

Share this content:

مجلّة - إلّا - الألكترونية/ مجلة هادفة ذات مستوى ومحتوى سواء بما يساهم به أقلام الكتاب العرب المعروفه والمنتشرة بأهم المنابر العربية، أو بما يتمّ اختياره أحياناً من الصحف الزميلة بتدقيق وعناية فائقة، وحرصاً من مجلّة - إلّا - بإسهام المزيد من الأقلام الواعدة يُرجى مراسلتها على البريد الألكتروني / ghada2samman@gmail.com

إرسال التعليق