Home لـوثـة إلّاأدب الحلم – الواقع والشغف / أولغا أوروسْكو الأرجنتين 1999- 1920 Olga Orozco

الحلم – الواقع والشغف / أولغا أوروسْكو الأرجنتين 1999- 1920 Olga Orozco

by رئيس التحرير
فرج بصلو / شاعر ومترجم سوري - ليتوانيا

فرج بصلو / شاعر ومترجم سوري – ليتوانيا

أثار الشعراء السرياليين الفرنسيين (بريتون, إلوار .. وغيرهم ) من الذين ترجمتهم أوروسْكو إلى الإسبانية. بنكهتها الهاذية, الغامضة والتي تفوّقت وفرضت ظلالها على شِعرها. ومع ذلك ثمة من يفسر الغموض الذي تتّسم به كامتناع من إكثار الوضوح, أو الإفصاح, الذي شكل خطراً على الكثير من المبدعين في الأنظمة الديكتاتورية التي حكمت الأرجنتين إبتداءً من منتصف القرن وحتى ثمانينات القرن الماضي.

يمكننا القول: أن لأولغا لغتها الثريّة والغزيرة. ونذكر من بين عناوينها: الحلم, الحنين والشغف, الموت والفناء. وتوقها لتوحيد المقولات الواقعية في العالم.

أما هذا الشغف فتتكمن منه بحكم الوحشة والعزلة الشديدة.  كتابها الثاني “الوفيات” (1951) مشغول حول وفاة شخصيات تاريخية, أدبية وخيالية. والقصيدة التي تختتمه تحمل إسمها “أولغا أوروسْكو”. ولعلّ تطرّقها للشعر كان رومنسياً. “الشعر هو تجربة مشاكسة” كتبت.. لأن الشاعر يصّر على إمساك حاضر يتراجع ويهرب باستمرار, ليقبض على الماء العجيب الذي لا يتقبّل أي شكل أو أي وعاء, وليترجم نصّاً شِفرته تتغير بانتظام.

تقديم : فرج بصلو

 

أولغا

أولغا أوروسكو

Displaying أولغا 1.jpgDisplaying أولغا 1.jpg

 

من أناشيد بِرِنيكي

XVII

حتى إن تُمحى كل وجوهنا كالشموع عند الفجر

فلن تتمكني التذمر إلى الخلف كالملكة البيضاء.

إتركي لي في الأثير ابتسامة.

ربما أنتِ الآن هائلة ككل أمواتي

وتكسين بجلدكِ ليلٍ بعد ليل, ليل الفراق الفائض عن ضفافه

عين واحدة في بسيريوس. الثانية في كوكب آخرنار.

وأذناكِ ملتصقتان بجدار يصم آذان كواكب أخرى متحركة.

جسدكِ عديم الحدود يغط بمياهها التي تغلي

بأُرْدُن كواكبه,

ربما رأسي المستحيل, صوتي فضاء شاغر       

كلماتي أقل من الخرق البالية للغة سخيفة

ولكن اتركي لي في الأثير ابتسامة.

قلقلة خفيفة قد تُلمِع رذاذاً واحداً من زجاج عدمكِ.

للإستفاقة الموشومة بنار حيّة في إحدى الزوايا,

علامة دقيقة تثقب بالواحدة تلو الأخرى

من الصفات الصعبة لهذه المفكرة المثلجة.

إتركي  لي الإبتسامة,

لتكون حارستي الأزلية

بِرِنيكي

1977

أولغا2

أولغا أوروسكو

 

الواقع والشغف   

                 إلى لويس سيرنودا

 

الواقع, أجل, الواقع

إنه ومضة لما لا يرتأى

تكشف بداخلنا عزلة الإله.

إنها هذه السماء الهاربة,

إنها منطقة ملفوفة بفقاعات الموت.

إنها هذه المائدة المجروفة,

فأرواح الأسلاف مازالت حولها, تتزين بعظمة غيابهم,

لكل شخص كأسه

يقيس بها الخمر المنتهي حيث يبدأ العطش.

لكل شخص صحنه

يسجن فيه الجوع المضمحل ولا يشبع أبداً.

ولكل إثنين الخبز المفتت,

الأعجوبة العكسية, تقارب القلوب في المستحيل فقط

ووسط الحب.

السقوط بين جسد وجسد .

أحدهم يشبه رفرفة كئيبة لأجنحة عائدة من الأزل

لوداع آخر في باطن الأرض.

الواقع, أجل, الواقع

ختم يغلق جم أبواب الشغف.

 

أولغا

أولغا أوروسكو

 

هذه المخلوقات الصغيرة

 

في البلاد التي ربما أحببتها يعتم الآن

مزدانة بباقاتها الذابلة –

مخلوقات صغيرة تكونت في الظلام    

لتعود لمكانها برفقة أنغامها الرفيعة.

ضاربة بأياديها, أياد صيفية ساطعة,

في تلك الزوايا ببلاد حزني.

 

يبتسم الزوار المتراجعون,

المخلوقات التي تنكرت طويلاً بأغصانٍ سرية

في ستر الأحجار,

بالظل المهجور الذي صاحبه طلّ منه صغيراً للأبد.

من بعيد يبتسمون نحوي-

عبثاً لطفهم, ولمساتهم,

حيث الوقت المتتالي عُرّفنا غرباء وصامتين

حين بدا الخوف من هرب لمسات أموات

حبيناهم.

ومن العفن-الفطري النابت والهامس للقلب

ومن الأصوات الليلية المفترقة باكية

سأنتظرك هنا دائماً،

تغيب في حدادها.

وأنتم ياأيها الساكنون فيّ بمربع الخوف المتهاوي,

بمنطقة الصداقة المرجوة في هذه الدنيا.

لماذا تعودون الآن

كمنام عنيف جداً كبتته الطفولة؟

ذاكرة واحدة فقط مازالت تعرفكم بصعوبة

تنأون برحيلكم.

1946
أولغا2

الأموات  

 

هاهم أموات, لن يبيض المطر عظامهم,

شاهدات, أبداً لم ترن منها ضربة معذبة لجلد سحلية.

وقلبها عناوين, أبداً لن يقرأها أحد في ضوء دمعة,

رمل, دون آثار في جم الذكرايات.

إنهم موتى بلا أزهار.

ما ورثونا رسائلاً, ولا معاهداتاً أو صوراً شخصية

ولا غنائم بطولات لن تشهد على النصر أو الذل

حياتهم اكتملت دون كرامة على سطح الأرض

ولكن قدرهم سطع كحد الشفرة.

لأنهم لم يعرفوا النوم ولا الراحة في مراقدهم النجسة

التي باعتها لهم السعادة.

لأنهم أطاعوا شرعاً واحداً متوهجاً أكثر من قطرة ملتهبة لماء الملح.

له وليس لقانون آخر دونه  

له فقط له.

لذا مواتهم أصنام غاضبة لحياتنا.

1951

 

خاصّ – إلّا –

You may also like