الفن التشكيلي وتطوّره – العصور الوسطى وعصر النهضة مثالاً
عرفت الفنون التشكيلية تطورا كبيرا ومنوعا عبر العصور تبعا للتطور الإنساني في مختلف مناحي الحياة الفكرية والاجتماعية، فقد كانت الفنون الجميلة عند المصريين والإغريق القدماء تتجلى باهتمام كبير لأنها كانت تشكل ركنا أساسيا من أركان الوجود البشري المتعلق بمفهوم الدنيا والآخرة والنظرة إليها، فكانت المنحوتات والنقش على الجدران والرسوم تأكيدا لهذا الشيء.
وقد مرّت الفنون ببعض مراحل الانحطاط فكان ما يُسمّى بعصر الانحطاط عبر تحطيم الأصنام وهدم المعابد في إيطاليا واليونان ومصر وسوريا. ثم ظهر الفن البيزنطي حيث الرسوم تُعنى بالقديسين والعذراء والسيّد المسيح. وهناك الفن الغوطي الذي ظهر في القرن الثاني عشر ميلادي. قام الفنانون على اعتماد مبادىء معيّنة في العمل الفني لا يحيدون عنها حيث اعتنوا بوضع الهالة حول الرأس دون التركيز على الملامح وأعضاء الجسد، وكان للتذهيب المقام الكبير كرمز للأديان والألوهية.
بقي الرسم طيلة العصور المعروفة بالمظلمة يجري على قواعد تضعها الكنيسة المتحكمة بالفن ومواضيعه بطريقة بيزنطية في فهم الأمور. نرى هذا الشيء في الكنائس حيث تتشابه الوجوه وتتجمد الاجسام ضمن محورية التوزيع التماثلي، أو التشابهي، لعناصر اللوحة والتأليف على يمين اللوحة ويسارها “السيمتري”.
بقي هذا الأمر سائداً حتى مجيء ما يُعرف بـ “عصر النهضة الإيطالية” الذي مهّد له الفنان الإيطالي “جيوتو” الذي يُعتبر فاصلاً بين التقاليد البيزنطية وعصر النهضة. تخلى هذا الفنان عن موضوع القداسة الجامدة باتجاهه نحو الطبيعة ورسم الحقول والأشجار والحيوان والإنسان. وكان معماريا عظيما بنى البرج المعروف باسمه في فلورنسا.
تلا هذا الفنان فنانون آخرون كان لهم دور في تطور المفهوم الفني ومواضيعه، كأن نذكر على سبيل المثال الفنان الراهب “الأخ أنجليكو” الذي وُلد عام 1387، أي بعد وفاة جيوتو بخمسين عاماً، وكان له خيالا ذهنيا، حسب تعبير المؤرّخ “فازاري”.
من أشهر أعماله “البشارة” التي غلبت عليها التقوى والدين. والفنان “الأخ فيليبو ليبي” وهو من سلالة الفنانين الرهبان الذين اتجهوا من الرهبنة نحو الفن لنقل أفكارهم بأسلوب جديد محبّب وعلميّ حيث العذارى عنده أشبه ببنات فلورنسا حيث الجمال الإنساني عنده هو ابن البيئة والطبيعة إضافة إلى إجادته لرسم الأزهار.
أمّا الفنان الظاهرة فكان “بوتيشللي” الذي وُلد عام 1447(تلميذ فيليبو ليبي) حيث تمّ في عصره الفصل بين الدين والفن. ونعني بذلك القرن الخامس عشر وبداية عصر النهضة الإيطالية الذي اتسم بالتجديد وظهور رعاة للفن لا علاقة للكنيسة به، والأبرز فيه ظهور ما يُسمّى باللوحة المرسومة بتقنية مادة الزيت، على يد الأخوة “إيك”، بعد أن كانت تسود تقنية الفريسك عبر الرسم على الحيطان إضافة إلى فن الفسيفساء أو الموزاييك وفن الزجاج المعشق الذي لما يزل سائداً حتى اليوم بجماله وألوانه وأضاءاته.
استوحى بوتيشللي قصص الإغريق القديمة، مهد الكلاسيكية في الفن، كلوحته “الربيع” حيث ظهرت “الزهرة” في وسط اللوحة ربّة الحبّ تنتظر قدوم الربيع حائماً فوقها “كيوبيد” الذي يقنص القلوب ليوقعها في حبائل الغرام. وعلى اليمين نرى فتيات ثلاث مرافقة لرسول الآلهة “عطارد”، وعلى اليسار يتقدّم الربيع، تدفعه ربّة الزهر “فلورا” بلطف إلى الأمام. وظهر “فير” الذي يُمثل النسيم، والأزهار تظهر في كل مكان. وهاك أيضاً لوحة “ولادة فينوس” التي لا تقل روعة وجمالاً عن سابقتها واللذين غلب عليهما قوّة التأليف والتجديد في المفهوم الفني للوحة التي اقتربت من الإنسان العادي.
وإذا ذكرنا عصر النهضة فتظهر أسماء كبيرة في الفن، ولا سيّما الثالوث الفني: “ليوناردو دافنشي”، “مايكل أنجلو” ورافاييل”.
إصطلح المؤرّخون على اعتبار عام 1453، عام سقوط القسطنطينية، حداً فاصلاً بين القرون الوسطى والعصر الحديث. وكلمة النهضة، أو عصر الإحياء” او “الولادة الجديدة” تعني عودة الفنان الأوروبي إلى استيحاء التراث الأغريقي الكلاسيكي حيث ابتعد الفن عن التجريد والرموز الكهنوتية واقترب من أكثر فأكثر نحو التجسيم الواقعي والمعاني الإنسانية ومظاهر الحياة. وكانت هناك أسباب أخرى وراء هذا التحوّل في الفكر الإنساني والفني كالتطوّر الاجتماعيّ وصعود الطبقة البرجوازية وكبار التجّار وأصحاب المصارف والمصانع، وظهور اللوحة التي تباع وتشترى. فقد كان الفنان في القرون الوسطى التي سبقت عصر النهضة يُعامل معاملة اصحاب الحرف كالنجار والحداد والبناء… فكان بمثابة موظف بسيط يتبع تعاليم سيّده الكنيسة واللاهوت. أما مع عصر النهضة فأصبح الفنان سيّداً مُعترفاً به وارتفعت مكانته إلى مستوى الشعراء والفلاسفة ورجال الفكر، وأصبح الفن عملاً من أعمال الفكر والثقافة وليست عملاً يدويّاً محضاً كما كان يُنظر إليه سابقاً.
هكذا ظهرت الواقعية في اللوحة حيث الإنسان مرافقاً للطبيعة وما حوته من جماد وحيوانات ومناظر وعناصر طبيعية مختلفة. وأصبحت النماذج البشرية مأخوذة من واقع الفنان ومحيطه وليس من الخيال. دخل علم المنظور إلى اللوحة بعد أن كان البعد الواحد والتسطيح سيد الموقف. تنوعت الألوان واغتنت بعد أن كانت مقتصرة على قليلها ورموزها الدينية واللاهوتية.
كان دافنشي (وُلد في بلدة فنش عام 1452) موسوعة فكرية وعلمية، فلم يقتصر نتاجه على اللوحة فقط بل رافق ذلك مروحة من العطاءات والاهتمامات العلمية من فيزيائية وكيميائية واختراعات شتى ومنحوتات وكتابات لم تزل مرجعاً للفنانين عبر العصور، ولا سيما مؤلفه الضخم “نظرية التصوير”.
تحدّى ليوناردو الفنان بوتشيللي الذي اعتمد على الخطّ في توضيح مرثياته باتخاذ الأبعاد الثلاثة مستخدماً الضوء والظل دون تحديد للمعالم في رسم الأشخاص.
تاثر ليوناردو بأرسطو في الفلسفة، وقد اعتنق مذهبه، ورفض فلسفة أفلاطون (المثالية). يرجّح نظريات أرسطو التي تقوم على التجارب الحسيّة لا على الأفكار المجرّدة التي كان يؤمن بها الأفلاطونيون الجدد في عصر النهضة.
أدخل ليوناردو في عالم التصوير وعلى وجه الخصوص ظاهرتي الضوء والظلّ أسلوباً يُعدّ مبتكراً لم يسبقه إليه أحد من الفنانين السابقين عليه، وهو تقنيّة (السفوماتو) أو الضبابيّة الموحية بالغور، حيث تندرج الظلال في رقة ويسر من الفاتح إلى القاتم، طامسة في رتدرّجها الحدود المحوطة لتضفي على الأشكال الخاطفة لمسة شاعريّة لا عهد لنا بها..
اهتمّ ليوناردو بفن التشريح، وكان يقوم بعمل دراسات أوّليّة لأشخاص في رسوم تحضيريّة قبل أن يرسم لوحاته مع اهتمامه بفن المنظور. وقد جمع بين التصوير وعدّة فنون وعلوم أخرى كالهندسة واختراع الآلات الحربيّة والتشريح والطبيعة والموسيقى…
من أهم أعماله في التصوير “لوحة العشاء الأخير” التي تغطي أحد جدران قاعة طعام الرهبان في دير “سانتا ماريا دل جوانزي” في ميلانو. هذا العمل لدافنشي فاق اعمال من سبقه من الفنانين الذين تناولوا هذا الموضوع الديني الشهير، وظهرت فيه عبقريّته الفنيّة وأسولوبه الكلاسيكي..
تصوّر هذه اللوحة العشاء الربّاني الذي قال فيه المسيح للحواريين “سوف يغدر بي أحدكم”. قام دافنشي بعمل دراسات عدة تحضرية للوحة قبل تنفيذها، كما غيرها من الأعمال. غلب الاسلوب المسرحيّ في اللوحة للتعبير عن الموضوع بكل تفاصيله وأجزائه وتأليفه الذي تاتى من تأثيرات اغريقية في عمل الفنان. نلاحظ أنّ خطوط السطح أو السقف الخشبيّ تلتقي كلها في النافذة التي تقع في خلفية الصورة وقد أحاط برأس المسيح الضوء المنبعث من النافذة خلف ما شكل هالة ضوئية تحيط به كعنصر أبرز في العمل. ظهرت الانفعالات على وجوه الاشخاص ومشاعرهم (الحواريين) وعلى حركة رؤوسهم عندما فاجأهم بالخبر فصاروا ينظرون إلى بعضهم في دهشة بالتساؤل عن الخائن. أما السيد المسيح فقد توسط المائدة المستطيلة وإلى يمينه ويساره تلاميذه الذين توزعوا مجموعات ثلاثية يجادولن بعضهم بعضاً فيما المسيح في الوسط صامتاً مطأطىء الرأس مهيباً جليلاً، وقد غمر الضوء غطاء المائدة ووجوه التلامذة باستثاء يهوذا الخائن الذي غمره الظل…
هذه اللوحة إلى جانب أعمال أخرى للفنان ولغيره من الفنانين تظهر مدى التغيير الذي لحق الفن والعمل الفني عبر العصور لتتلاحق التغييرات كما سنرى في محطات أخرى قادمة.
خاصّ – إلّا
*سوزان شكرون كاتبة وفنانة تشكيلية / لبنان
play youtube
xnxx
xhamster
xvideos
porn
hentai
porn
xxx
sex việt
henti
free brazzer
youpor
brazzer
xvideos
play youtube
play youtube
Brazzer
xhamster
xvideos
xvideos
porn
porn
xnxx
xxx
sex việt
Phim sex
mp3 download
Nike Compression Sleeve
American porn
Download Mp3
henti
Holiday Lyrics Madonna
play youtube,
play youtube,
xvideos,
Brazzer,
xnxx,
xhamster,
xvideos,
xvideos,
porn,
sex việt,
mp3 download,
Find Mac Address Of Mac,
porn,
Aruba Tripadvisor,
phim xxx,
Mp3 Download,
Share this content: