إلّا وطني – حمائم السلام دائما ترفرف من قطر..
![طلال-أبو-غزالة إلّا وطني - حمائم السلام دائما ترفرف من قطر..](https://illa-lazina.com/wp-content/uploads/2020/08/طلال-أبو-غزالة.jpg)
ليس جديداً على قطر مسعاها الخيّر للوقوف بين “خصمين “، إذ لطالما كانت السبّاقة لإنصاف الأطراف
المتنازعة أينما كانوا، وهي لا تتوانى ببذل الجهود لإنصاف الأطراف المتنازعة بخلقِ فرصٍ استثنائيّة
للتفاهم وللحدّ من الصِراع..
لم يسبِق لقطر أن خَسِرَت وساطتها في أيّ مسعى، بل لطالما استطاعت في معظم جولاتها الخيّرة النيّرة
أن تكسب رضى جميع الأطراف التي تجد كل مرّة في قطر ملاذها الآمن، لإنهاء الاستنزاف الحربي الذي
عادة يأخذ مساراتٍ تصعيديّة، لا تعود على “المفتري ” بغير الإنزلاقات التي لا يعرف كيف يخرج منها،
وهنا يأتي دائماً دور قطر، لتكون الجسر الواصل لبرّ الأمان، واليد الطولى التي تقدّم طوق النجاة،
وبوصلة الطريق للخروج من المأزق في الوقت المناسب..
فالحرب التي أشعلتها أيادي الإحتلال البارعة في الغدر والخراب والحقد والغل والاستغلال، وعاثت في
غزّة الفوضى والدمار، وشرّدت النساء والشيوخ والأطفال، وقتلتْ وسعتْ لشطب أسماءَ عائلاتٍ بأكملها
من السجلّ المدني، وروّعتْ دون استثناء جميع الآمنين، ولم يسلم من ظلمها وجورها وغوغائها
ووضاعتها بشر أو حجر، لم توقفها الولايات المتّحدة الأمريكيّة التي موّلت على أكمل وجه، ولم يكبحها
الإتحاد الأوربي الذي ساهم دون رفّة جفن أو رادع من ضمير، ولم تضع ختاماً لسيناريوهاتها الغثّة التي
كتبها “نتنياهو ” وحكومته الرعناء.. بل العناية الإلهية التي تجلّت في تمكين “قطر ” بلد الصفاء ومهد
اليقين ألهمتْ قطر بأن وقف إطلاق النار “خير ” لما عاناه وما زال يعانيه الشعب الفلسطيني ..
لقد قالت قطر كلمتها.. حدّدت صباح اليوم التاريخي المَشهود 19/1 /2025 لوقف إطلاق النار، لهذا
كانت آلة الحرب المسعورة تكثّف من اعتداءاتها لحصد المزيد والمزيد من الأبرياء في اليومين الأخيرين
اللذين سبقا الإتّفاق لوقف النار، وقد أظهرت للعالم أجمع تعطّشها للدم والإجرام، ولم يَكْفِهَا المجازر
والإبادات الجماعيّة بحقّ الشعب الفلسطيني الذي لم يبدأ منذ عام ونصف فقط بل منذ مجزرة “دير ياسن
” التي بدأت في نكسة 1967 وما تزال حتى يومنا هذا..
لقد أثبتت قطر للعالم أجمع أنّها تنجح حيث يخفق الآخرون، وأنها تنجز ما يعجز عن إنجازه سواها، لقد
أثبتت قطر فعلاً لا ادّعاءَ فيه أنها بوابة السلام الحقيقي ليس المحلّي العربي فقط بل العالمي كذلك،
فبوساطة قطر خرج المحتجزون الأميركان من معتقلات حماس بعد احتجازٍ وانتظار طال لأكثر من عام
عجزت فيه جميع المعدّات الجويّة والبحريّة والأرضية أن تُحرّر أسيراً واحداً دون موافقة “حماس “، لقد
أثبتت قطر حقّاً أن انتهاء المأزق بقدر حرصه على الصالح العام إلا أنه وكما أراه فالحد من الصراع، كان
لصالح الظالم قبل المظلوم، فحماس لم تكن متلهّفة لوقف إطلاق النار قدر تلهّف العدو، وحماس لم تقبل
المساومات بل وضعت الشروط دون أن تتساهل في قبول أي ضغط عليها، وحماس التي اجتهد جيش أكبر
دوله في الشرق الأوسط كي يفككها خرجت على مرأى العالم قويّة منظّمة هادئة بكامل عددها وعتادها،
أخرجت الأسرى بكامل الحرص، والإهتمام دون تأخير كما فعل العدو، أهدت حماس تذكاراً للأسرى بكل
احترام، بمغلّف أنيق حمل الكثير من المعاني لمن يدرك ومن يفهم، وقطر كانت تشهد مغتبطةً بما توصّلت
إليه، وقطر حتماً لن يقف دورها إلى تلك المناسبة بل سيتعداها إلى التفاصيل القادمة فقد تعهدت بترميم
المشافي، وفتح المدارس، وتأمين البيوت المُسبقة الصنع لإيواء النازحين من أبناء غزة المُرهقين ما بين
شمالٍ وجنوب، وتعهّدت مع الجانب المصري والأميركي بإيصال المئات من شاحنات المساعدات الإنسانية
العاجلة، لإغاثة المتضررين.. فهل يكفي أن نقول شكراً قطر وشكراً مصر وشكراً أميركا..؟!
ربما تفي بالغرض كلمة شكراً ولو بالنذر اليسير، لكن الشكر الأكبر للشعب الفلسطيني الذي صمد، وسطّر
ملاحم الانتصار بدمِه وبأجساد أطفاله ونسائه وشيوخه وأبطاله وأشلاء فلسطين المحاصرة والمهددة في
كل يوم أكثر مما سبقه لأن الاحتلال بلا ذمّة وبلا ضمير ولا يحب السلام ولا الأمان ولا الهدوء كما يدّعي،
لهذا وريثما يأتي الحلّ النهائي لمعضلة الأحتلال سأقول اليوم وكل يوم شكراً لغزّة التي جعلت من صمودها
أيقونة للنصر بشهادة العالم أجمع.
خاصّ – إلّا
Share this content:
إرسال التعليق