Home إلّا دعوة للطهر – تلك الليلة –

دعوة للطهر – تلك الليلة –

by رئيس التحرير

فراس نعناع / ممثل وناقد فنّي سوري – القاهرة

أنا الابن العاق الذي هجر المسرح، منذ ما يزيد على عشرين عاما، وربما الكثير من الأبناء مثلي، الذين درسوا وتخصّصوا في الأكاديميات والمعاهد العليا المتخصصة بعلوم المسرح، لصالح فنون بصرية مختلفة كالسينما والتلفزيون، حيث تركنا أبانا ” أبا الفنون ” يشيخ ويرقد في سبات وبتنا نستعجل موته وربما لن نشارك في تشيعيه. بل وبتنا نشتمه ونشتم كل التجارب التي تحاول إنعاشه، علّه يستيقظ ويذكرنا بأبوّته البارّة لنا. علّنا نحبّه من جديد.

صورة ذات صلة

مسرح الهناجر للفنون – القاهرة

ولا بدّ من التعريف أولاً أنّ المسرح بشرطيته هو فنّ الفرجة …

ففي عرض مسرحي بعنوان ” تلك الليلة ” بمسرح الهناجر – دارالأوبرا المصرية، ذهب المخرج والمؤلف، إلى بسط حالة الذهنية، وحالة السكون، مبتعدا عن أيّة حركة غير مبرّرة تدهشنا، كما ديكوره الساكن والمنكسر، و موسيقاه الحادّة وإضاءته البسيطة  كمشهدية بصرية، فالشخصيات كلها بدت لنا ساكنة ومنكسرة أيضا .

نتيجة بحث الصور عن مسرحية تلك الليلة

صالة العرض في مسرح الهناجر – القاهرة

والأحداث تدور حول “فعل ما ” نتيجة سهرة ذكورية مع خادمة قبل عشرين سنة.. أنجبت من تلك الليلة “الراقصة–الخادمة سابقا” بنتا غير شرعية وهي لا تعرف من هو الأب، وهي تريد علاج بنتها من وباء كبدي أصبيت به. ترفض ذكورية الشخوص أن تعترف بشرعية البنت عبر فحص لل (DNA)، باستثنتاء أشرف البرجوزاي الذي دعاهم إلى الشاليه نفس مكان “الفعل–الجريمة” الفاحشة السابقة قبل عشرين عام، من أجل (طهرانية) قد تساعد بنت الراقصة لتشفى.

وكان أشرف قد أجرى الفحص وتبين أنه ليس الأب، هنا نرى أن المؤلّف وهو المخرج نفسه قد لجأ إلى النظرية الستالينة “الموت هو الحل لجميع المشاكل–لا إنسان= لا مشكلة ” *ستالين -نعم أراد المؤلف لشخوصه قتل الراقصة فهي أنجع وسيلة للتخلص من تلك الليلة ومحو أثرها، الذي سيشوّه عالمهم” المصطنع الاستهلاكي الجديد” ويذكّرهم بطبقتهم– الاجتماعية الفقيرة .

وهم الآن من عليّة القوم (شيخ يمثل السلطة الدينية الإعلامية، مستشار، ضابط شرطة، مطرب مشهور، وجمعيهم خريجو كلية الحقوق)، بقتلهم للراقصة “الخادمة” قتلو بنتها أيضا بعدم معرفة من هو الأب –ثم يدخل ويشهد على جريمتهم سائق التكسي فيُقتَل أيضا.

نتيجة بحث الصور عن مسرحية تلك الليلة

لقطة مشهدية من مسرحية تلك الليلة

وهنا ماتت “طهرانية” أشرف البراجوزاي أيضا. نحن هنا أمام براغاتمية تعادلية، أربعة يقتلون ثلاثة، وحلمٌ نبيل. يفرضها علينا وعلى عقلنا نصّ تلك الليلة، فهل استطاع أن يوصل رسالته إلينا كمتلقين.

أنا كابن عاق رفضتها رفضا قاطعا.. ولكن من حقّه كمؤلف أن يطرح ما يريد .

لا تحتاج شخوص تلك الليلة المسرحية إلى إعادة تفكيك في بنيويّتها، فهي واضحة وضوح شمس النهار الحار . بالتأكيد هو يدين -ويسلط الضوء – على تلك النماذج التي تشكّل نواة مهمّة في مجتماتنا العربية جلّها، والتي بات كل شي فيها بلا طعم ولا لون ولا رائحة.

نتيجة بحث الصور عن مسرحية تلك الليلة

حوار متواصل وتصعيد درامي بحثاً عن حلّ في تلك الليلة

ويحقّ لي أن أتساءل كمتلقٍ للعمل، هل يدعونا المؤلّف إلى عودة الشكل البرجوزاي الذي كان حاكماً وناظماً لكل تلك الشرائح من المجتمع.؟!

وهل تقديمه لها بشكل إنساني حالم ورومانسي متصالحة مع ذاتها، متعمّداً اختيار  اسمه “أشرف” (كدلالة لفظية)، مسامحاً كريماً في تركيبته البنيوية.

ربما يبحث المؤلف عن شكل آخر “للبرجوازية الجديدة “، كالتي حلّقت في فضاء شخوصه، أمّا بصرياً فأتمنى أن أصاب بدهشة طفلٍ في عروض مسرحية قادمة، وأن تكون كل الليالي بهجةً وطهرا ً.

 

بطاقة العمل..

تأليف واخراج: محمد عبد الخالق

تمثيل :أشرف سرحان / شريف أبو هميلة / ابراهيم غريب / سعيد مصطفى / محمد نديم / سيد عبدالخالق .

-القاهرة –

خاصّ – إلّا –

You may also like