• Amro_maqdesi_160

    عمرو المقدسي كاتب وشاعر فلسطيني / الولايات المتحدة

    إنّه عام عربي جديد لا مواسم فيه، ونحن لسنا في حاجة إلى ربيع عربي مترب و معفّر يتحول تدريجيا ليكون أمريكيا، بل إلى ماهو أبعد من ذلك إلى عام عربي جديد لا مواسم فيه، علينا أن نذهب إلى حيث ظهر الاستعمار الغربي و أبعد لنقيم عالما جديدا يربط العرب بشركائهم التاريخيين من الشعوب الإسلامية الفارسية و التركية و علينا أن نطرح العجز و الخمول و السفسطة الكاذبة و نعمل كالرجال الحقيقيين، هذا صعب و لكنه ليس مستحيلآ، فقط لنطرد اليهود و حلفائهم من داخل نفوسنا فقد احتكروها طويلآ، لندفن سايكس بيكو و نصنع تاريخنا نحن، فنحن لسنا زرق العيون و لكننا بشر.

    لا شكّ أننا جميعاً تعلّقنا بأمل السلام و لكن الرقصة لابد لها من طرفين، و نحن نرقص وحدنا حتى دميت أقدامنا، ومالم ينجح خلال عقود من السلام الموهوم لن ينجح الآن، لدينا مشكلة حقيقية، إذ أنّ إسرائيل لا تريد السلام، و العرب لا يريدون الحرب، و الفلسطينيون لا يقدرون على كلاهما، الحرب و السلام.

    أن تظل المشكلة فلسطينية هذا يعني أن تستمرّ المحن و المآسي و المستوطنات، المشكلة لا يجب أن تكون فلسطينية لأنها ليست كذلك، هي عربية و أيضا إسلامية، بغير ذلك سيكون على الضحية انتظار السكين لا أكثر، كل المسارات التي عملنا عليها خلال قرن بأكمله مسارات فرضت علينا و دائماً لصالح آخرين، لو مددنا الخط على استقامته حتى في أفضل السيناريوهات المتفائلة فستطول فقط الفترة التي سيختفي فيها العرب كأمة.

    كل الأفكار الكبيرة بدت رومانسية في وقت ظهورها و رفضها من لا يتصوّر واقعاً مختلفاً عن واقعه، الفلسطينيون لم يحقّقوا بعد نضال طويل جداً أيّ شيء سوى الانقسام و الإعياء السياسي، و استقطاع المزيد من أرضهم، ولا يحمل لهم المستقبل أي أمل لو استمرت الأوضاع الحالية كما هي و ما يراه البعض نجاحاً سياسياً لا معنى له بلا استقلال و أرض و سيادة، تلك النجاحات أشبه بمن يسكب الماء على الأرض، فالدولة هي الكيان الحافظ للجهد، هناك أجيال جديدة ظهرت وهي تفقد حقها في الحياة بمجرد الولادة، وهذه مسؤولية كل العرب و كل المسلمين.

    السياسيون الفلسطينيون للأسف لا يختلفون عن غيرهم من السياسيين العرب في قصر النظر و الفساد و التخبّط، لا أعتقد أن الفلسطينيين عليهم أن يطلبوا مساعدة الآخرين، بل يطلبوا من هؤلاء الآخرين ان يستيقظوا وأن يضطلعوا بمسؤولياتهم و أن يساعدوا أنفسهم كعرب و كمسلمين، الإنسان العروبي سيرى أن القضية الفلسطينية هي قضية عربية، و الإسلامي سيراها قضية إسلامية, وفي واقع الأمر القضية الفلسطينية أكبر من أن تكون قضية الفلسطينيين، الحكام العرب هم من تخلوا عن واجبهم، و خدعوا الفلسطينيين بكيان سياسي شكلي، و على الفلسطيين الإصرار على تحميل العرب و المسلمين واجباتهم، و على العرب أساسا ألا يبددوا جهودهم في صراعات داخلية بينية أو مع الفرس و الأتراك, ولعلّ حصر القضية في يد الفلسطينيين تحديداً هو نوع من الهروب، وقبول الفلسطينيين بتحرير العرب من إلتزاماتهم قطعاً هو خطأ تاريخي، فهذه ليست مسؤولية الفلسطينيين فقط، بل هي مسؤولية كل العرب و كل المسلمين، فرض عين و ليست فرض على المغفلين فقط، لقد سقطت كل الرايات و تعبت الأيدي و لم يعد هناك سوى راية محمد، علينا أن ننفضَ عنها التراب و نذهب بها إلى الميدان، وفي حال اجتمع العرب و المسلمون في لحظة صمت واحدة في كل مكان فيه مسلم أو عربي، لو خرج 200 أو 300 مليون إلى الميادين الإسلامية و العربية، لو قاطعنا الأمريكان و الغربيين لمدة ساعة واحدة كل أسبوع، لو …. لو …… لو فكرنا بعقلنا نحن و ليس بعقل الفريدوم هاوس، لو اتّحد رفقاء الماضي العرب و الفرس و الأتراك فقط حول فلسطين، لو حصلت طهران على سلاحها النووي و انضمّت باكستان إلى الرَكْب، لما احتجنا إلى طلقة واحدة، وهنا لا أطالب بالحرب الآن أو حتى في مدىً قريب، فقط لنستجمع إرادتنا و نرى العالم بلا أوهام، لابدّ من إعادة كاملة لترتيب المنطقة، هذه المرة بإرادة شعوبها، الأوضاع الحالية كلها سيئة و ستؤدي إلى ضياع العرب كلهم و ليس فقط فلسطين وحدها، الأمر كله الإرادة .. و لكنها ليست إرادة التخريب و عقلية فريدوم هاوس و بلطجية الشوارع.

    ليس مهما أين نقف بل المهم إلى أين ننظر، لو توخينا مصالح أمّتنا العليا، ولو امتلأنا رغبة في حياة حرّة لن نختلف كثيرا بل ربما لن نختلف ابتداءً، المشكلة في آخرين امتلأت نفوسهم بمنطق اليهود و سيادتهم الموهومة و تفوّقهم المخادع، أفهم أن نختلف مع الأتراك و مع الإيرانيين و لكني لم أفهم أبدآ لم نكرههم او نعاديهم ؟،

    أفهم أن يختلف الشيعة و السنة و المسيحيين العرب في قضايا دينية بحتة، و لكني لم أفهم لم الكراهية و العداء على موروثات، حتى القطط لا تفعل ذلك. هذا المناخ الفاسد المصنوع الذي ننساق فيه كالسائرين نياما أدى إلى نتائج غاية في الغرابة و العبثية .. أن يأتي الينا (مصري ) يتحدث ببلاهة مفرطة مثل عبيط القرية عن أنه كمسيحي يتعاطف مع اليهودي الإسرائيلي لأنهما معاً هم ضحايا المسلمين !!، أو أن يأتي فلسطيني مسيحي يكفّر الشيعة – بلا أدنى حياء – لمجرّد أنه يعمل في الصحف السعودية !،

    ترى لو أتى كائن فضائي وزارنا هنا سيعتقد أن الشيعة قد احتلوا فلسطين و طردوا أهلها، و أن السوريين الذين قاتلوا الإسرائيليين كل شبابهم عملاء و “زحفطون ” و فلول !.، و أن الوطنية الحقّة هي و الكذب و الخداع و البلاهة و الوقاحة شيء واحد. . من الغريب أنّ المتكلس في مصر وسوريا و ليبيا و … يثور، و الثائر الفلسطيني يتكلّس ويستقيل من دوره الثوري، و للتأملات بقية…..

     

    خاصّ – إلّا – 

 

You may also like