الصوم.. و أمراض الكلى الشائعة وتأثيرها على المسالك البولية

إعداد : الدكتور ربيع الأتات /بيروت – لبنان

جرّاح كلى ومسالك بولية – خريج فرنسا

أستاذ مساعد بمستشفى كلود برنارد – باريس 

    في شهر رمضان المبارك تكثر الاستشارات والأسئلة حول إمكانية الصوم من عدمه والنصائح التي يجب إتباعها خلال هذا الشهر الفضيل . من المعروف أن أهم وظائف الكلى هي إخراج المواد المستهلكة الذائبة في الدم ، والتي تُعتبر سموماً فيتخلص منها مع البول ، وبحسب الإحتياج تُعيد الكليتين الماء و الأملاح المعدنية مثل الصوديوم والبوتاسيوم الى الدم . تقوم الكلى بتنقية نحو ٢٠٠ ليتر من الدم يومياً ، بالإضافة الى تنظيم ضغط الدم وتكوين بعض الهرمونات .

يتكون جسم الإنسان من نسبة عالية من الماء (٦٠٪) ، وخلايا دماغ الإنسان تحتوي على ٨٦٪ من وزنها ماء . يقوم الماء بنقل كافة عناصر الغذاء داخل الجسم من عضو لآخر ، يُحافظ على مستوى الضغط ، يُنظم درجة حرارة الجسم ، كما يقوم بدور الوسيط في أغلب التفاعلات الكيميائية والغذائية داخل الإنسان . بدون الماء لا يستطيع الإنسان أن يعيش لمدة تزيد عن 72 ساعة . الثابت علمياً أن الصوم لمدة تترواح بين 12-18 ساعة لا يؤدي الى ضرر في وظائف الكلى عند الشخص السليم ، أما الصوم خلال شهر رمضان لدى المصابين بأمراض الكلى وخاصة في الدول العربية التي تتميز بإرتفاع درجات الحرارة و نسبة الرطوبة والتعرق فيخضع لإعتبارات خاصة .

صورة كلى متضررة بالسكانر

   إن أمراض الكلى كثيرة ومتنوعة من حيث المسببات ، شِدتها ، والتأثير على وظائف الكلى ، لذلك سنقوم بالتركيز على عدد من الأمراض الشائعة والمرتبطة مباشرة بكميات المياه المُستهلكة يومياً . الفشل الكلوي المُزمن : غالباً ما ينجم عن مرض السُكري وإرتفاع ضغط الدم ويُقسم علمياً الى ٥ مراحل تكون فيها المرحلة الرابعة تحضيرية الى العلاج التعويضي سواء كان عن طريق زراعة كلية أو الغسيل الدوري ( المرحلة الخامسة ).

تشكيل الحصى داخل الكلى وحركتها داخل المسالك البولية

   في المراحل الثلاثة الأولى يمكن الصوم وبالتعاون مع الطبيب وإختصاصية الغذاء يُمكن تعديل جرعات الأدوية و توقيتها قبل شهر من بدء الصوم للتأكد من فعالية العلاج .

   في المرحلتين الرابعة و الخامسة من الأفضل تجنب الصوم .

   زراعة الكلى : في السنة الأولى التي تلي زرع الكلية لا يُنصح بالصيام ، فإنتظام إعطاء الأدوية كل ٨ ساعات لتجنب عملية رفض الجسم للكلية . بعد مرور عام ومع استقرار تام في وظيفة الكلى وبغياب حالة الرفض يُمكن تنظيم الصوم بالتنسيق مع الطبيب المُختص بحيث يُمكن إعطاء الأدوية مع إختلاف في التوقيت .

   حصيات الكِلى : عند وجود حصوة في الكلى أو كانت الكلية تُصَاب بحصى مُتكررة يجب تجنب الصوم في أيام الحر الشديد و تناول ٨-١٠ أكواب من الماء على فترات متقاربة من اليوم وذلك لتفادي النقص في كمية البول وظهور معدل عالي من الأملاح مما يؤدي الى زيادة حجم الحصى أو ظهور مغص كلوي متكرر .

    على الراغبين في الصوم برغم وجود هذه المحاذير تجنب الإجهاد و التعرق خلال شهر رمضان وتجنب تناول الأغذية التي ترفع مستوى الأملاح في البول ، وشرب كميات كافية من السوائل (3ليترات ) خلال فترة المساء و السحور .

الحصى التي تتشكّل عندما يقلّ استهلاك الماء الذي يقوم بتنظيف الكلى

    في الحالات التي تعاني من وجود نسبة قليلة من الأملاح والتي تظهر في فحوصات البول الدورية وليست مصابة بحصى متكررة يُمكن الصوم مع الخضوع لنفس المحاذير . . التهابات الكلى و المسالك البولية : يتميز التهاب الكلية الحاد بآلام في الجانبين أو الجانب الذي به الكلية المصابة وارتفاع خفيف في درجة الحرارة و حرقان في البول وكثرة عدد مرات التبول ، أما في حالة الالتهاب المزمن فتقلالأعراض كثيراً ، وقد لا توجد أعراض .

صورة مقطعية لكلية متضررة من الترسبات الرملية بسبب قلّة استهلاك الماء

    التهابات المسالك البولية شائع بشكل عام عند النساء خصوصا في سن الانجاب وعند الحوامل والمتزوجات حديثا. وهو ايضا شائع عند الرجال المسنين بسبب كبر حجم البروستات. ويحتاج مرضى التهاب المسالك البولية إلى تناول كمية من السوائل تكفي لتخفيف اعراض حرقان البول الذي يعانون منه اضافة إلى استخدام المضادات الحيوية لعلاج الالتهاب. ويُنصح عادة بالإكثار من السوائل ( 2,5ليتر ) والتبول من ٦ الى ٨ مرات يومياً لمنع ترسب البكتيريا . ويعود تقييم الحالة الى الطبيب المتخصص المعالج كما يمكن استخدام المضادات الحيوية الحديثة ذات التأثير الممتد حيث يعطى جرعة واحدة او اثنتين في اليوم لمساعدة المريض على الصيام . في الخلاصة ، أن إمكانية الصوم من عدمها يجب دراستها بين الطبيب المختص والمريض حسب نوعية مرضى الكلى وشدته سيما الأمراض المرافقة كالسكري وارتفاع ضغط الدم لبناء تصور دقيق يسبق فترة الصوم بأربع أسابيع على الأقل .