الخريطة الذهنية مفهوم جديد أم مصطلح علمي

د. يحيى الوادي باحث سوري

أحرَزَتْ تفوُّقا ملحوظا على عدد من الدُّول، يكفي أن نذكر أن فنلندا قد حصلت على المرتبة الأولى في حين حصلت فرنسا على المرتبة الرابع عشرة!

ليست المنافسة رياضية هنا، ولا هي فنيَّة من المناسبات الشائعة، بل هي منافسة تربوية علمية فكرية جمعت دول منظمة التعاون، والتنمية الاقتصادية،  في مقارنة جادَّة لبحث أفضل السُّبل الموصلة لتحسين طريقة الأداء التربوي المنهجي الحديث، وكانت فنلندا متصدِّرة لهذه القائمة، إذ لوحظ التفوُّق الواضح لتلاميذ هذا البلد في المواد العلمية والأدبية، وكان لا بدّ من بحث الأمر، فوجدوا أن السرَّ تلخِّصه وسيلة تربوية جديدة عنوانها “الخريطة الذهنية”.

ويمكن التعرَّف على هذا الابتكار التربوي بالنظر إلى أبعاد هذا المصطلح المفهومي الجديد بدراسة

ماهية الخريطة الذهنية التي تتلخّص في أمرين:

في اللفظ :

هي صورة تحتوي على رسومات ومعلومات توضِّح المناطق الجغرافية على سطح الكرة الأرضية، باستخدام مقياس رسم مناسب ورموز معتمَدة، مع وجود مفتاح موضِّح لها.

وللخرائط أنواع مختلفة مثل الخرائط الطبيعية على شاكلة التضاريس أو المناخ العام، وقد تكون هناك خرائط بشرية أيضاً مثل خرائط توزيع السكان في المناطق وكثافتهم حسب هذه المناطق من حيث الخصوبة.

في الاصطلاح :

انسحبت كلمة (خريطة) من معناها اللغوي المتعارف عليه إلى معنى آخر في السنوات القليلة الماضية، كترجمة حرفية لها من الإنجليزية (Mind map) أو الفرنسية (Carte heuristique/carte mentale) لذلك نجد الاختلاف في الترجمة للعربية بين (الخريطة الذهنية) و (الخريطة العقلية)، وحتى (الخريطة المفاهيميّة).

والخريطة الذهنية هي وسيلة حديثة من وسائل اكتشاف البحث العلمي، وأسلوب مبتكر نعبِّر فيها عن أفكارنا عبر مخطَّط نقوم برسمه، باستخدام الكتابة، والصور، والرموز، والألوان عوضاً عن استخدام الكلمات فقط، فنربط معاني الكلمات بالصور، ونربط المعاني المختلفة بعضها ببعض بتكرار الصورة التي تجسّد المعنى تماشياً مع مبنى الصورة، وترسّخه بتكرار الصورة وتمريرها على الوعي واللاوعي معاً.

وسميت الخريطة الذهنية باصطلاح التعريف “خريطة ” فلأنها تشبه الخريطة في التوضيح العام من حيث التضاريس العامّة، ودُعِيَت ذهنية لأنها تشبه في طريقة عملها عمل الذهن من حيث الفرز والتنسيق والأرشفة وحتى النسيان.

باحث وأكاديمي سوري / المملكة العربية السعوية