عيد الاستقلال، سماء لبنان محتلّة
“كي تتحوّل الذكرى الى عيد”
في الذكرى الحادية والثمانين لاعلان دولة الاستقلال، يجب أن يقال، وبخاصة للأجيال الجديدة، أنّ الأمّة تتذكّر وأنّ الأمّة لا تنسى، فلا وجود لأمّة لا تنسى، ولا وجود لأمّة لا تتذكّر. وبقدر ما كبر #لبنان في عمره الاستقلالي بقدر ما أصبح يوم ذكرى استقلاله يوم تأمّل في معنى الاستقلال عن العالم، وفي معنى العلاقات مع العالم كلّه ومع أحداث العالم كلّها التي تؤثّر عليه، سلبا وايجابا. ولم يعد جائزا للبنان أن يبقى كما كان قبل واحد وثمانين عاما وكما كان العالم قبل واحد وثمانين عاما. لقد أصبح وطننا مدعوا ومضطرا ليكون دولة تواجه سنة 2024 وسنة 2034 وسنة 2044 بكلّ ما سيطرأ على العالم من تطوّرات وتغيّرات. لا يستطيع وطننا أن يواجهها بما واجه به نفسه والعالم منذ احدى وثمانين سنة. نستطيع القول، من دون أدنى شكّ ،أن لبنان لا يزال مشروعا لم يكتمل ودولة قيد التأسيس. انّه فكرة جميلة لم تتجسّد دولة ووطنا، لوحة شوّهت ،بالنظر الى ما تعرّض له من تدمير منهجي لمعالمه الطبيعية والتاريخية. انّه “تابلو”خدشته أظافر اللبنانيين، كلّ اللبنانيين شعبا ومسؤولين على مدى احدى وثمانين سنة. لم يعد جائزا شعار دولة الاستقلال لأنّ المطلوب استقلال الدولة، لأنّ كلّ يوم يمرّ، سواء أكان 22 تشرين الثاني او غيره ،يحمل الى لبنان أحداثا لبنانية وعالميّة متحرّكة، تلزم لمواجهتها دولة متحرّكة في التصدي لها، ومتحرّكة في التحكّم بها ،ومتحرّكة في الافادة منها ، ومتحرّكة في منع ضررها. لم تعد تنفع المبادرات الخارجية، رغم حاجتها. ولم ننعم حتى الآن بمبادرات داخليّة لأنّها عقيمة. ولا يمكن لبلد مستقلّ أن يستمرّ بالتسويات المفروضة من الخارج، كما أنّه لا يستطيع الاستمرار بعد حروب هي الأخرى مفروضة من الخارج. حروبه فرضت فرضا، وسلمه فرض فرضا والتاريخ الحديث خير دليل من العام 1958 حتى العام 2024 مرورا بالأعوام 1969، 1976 ، 1986 ، 1989 و2008. في نهاية العام 2024، ربّما بدأ يتكوّن لدى عامة الناس انطباع جديد وبداية شوق لأن يروا وجها جديدا للبنان جديد. ويكفي أن يكون الانطباع بأنه سيصبح للبنان رئيس صنع في لبنان وأنّ الشوق لاحداث تغيير صادقين وفي محلّهما. ان الناس تريد حكما قويّا صالحا بعيد النظر، واسع الافق، حرّ التصرّف، نزيه الارادة، نشيطا وعميقا، ومفكّرا متمردا على كلّ المخالفات والرواسب السياسية والادارية التي أعاقت وتعيق ولادة لبنان الجديد، منذ واحد وثمانين عاما. المشهد يوم عيد الاستقلال يغمره حزن عميق وألم كبير وغصّة وسع البلد. في المشهد ناس تتسمّر أمام الشاشات المحمولة والثابتة، وقد سها عن بالها في لحظة نشوة المناسبة أنّ بلدها مرهون بعشرات مليارات الدولارات، يضاف اليها عشرات أخرى ثمن حروب الآخرين على أرضها وبدماء أبنائها. انّ الذكرى هذه السنة أضافت الينا، نحن اللبنانيين، مقيمين ومنتشرين، حقيقة أنّنا من وطن وفيّ، وطن يستطيع في كلّ لحظة، أن يوظّف بارقة أمل لكلّ اللبنانيين في قدرتهم على النهوض والاستمرار.
المصدر: منصّة X
Share this content:
إرسال التعليق