إنّا من ضاحية بيروت الجنوبيّة وإليها نعود
شعرتُ عند دخولي ضاحية القلب، ضاحية بيروت الجنوبية، بعد غيابٍ لأسابيع، شعرت بقشعريرة غريبة لم أعهدها من قبل، فكل بقعة دم تروي حكاية، وكل شرايين مبنى دمرته يد الشر، تخبيء أسرار أحبة غابوا أو نزحوا، وشظايا كل شارع وحي ومحل ومحطة إعلامية، تغفو ذكريات .
هالني هدوء الضاحية وكأنه يعاتبني، أين أنتم، ما أخباركم، كيف استطعتم النوم خارج غرفي ؟ وتضيف أحياء الضاحية: دموعنا شبيهة بمطر الياقوت ، فصدورنا تحمل سهاماً كثيرة، قديمة وجديدة يملؤها الغضب الذي لا يسامح.
أما الجراح التي تراها على الجدران فما هي إلا وشم سيظل ذكرى لموسم الوجع.
اقتربتُ من المبنى الذي احتضنني سنوات، فلم أجد أبواباً ولا نوافذ ولا ستائر كي أقبّلها، كلها خرجت تودع الأبنية القريبة التي رحلت دون ميعاد.
سألت عن الأهل والأصدقاء ورفاق الدرب، فكانت إجابة الضاحية.. صمت مرعب.
ضفائر الضاحية رغم الدخان والرماد كانت جميلة جميلة، سماء الضاحية رغم الغربان التي تحوم في أرجائها..بهية، كل شيء في الضاحية مختلف عن كل جنائن المدن..فللضاحية رائحة العطر الوردي، صخبها له طعم مختلف، ومن عرفها على حقيقتها، وعرف دفأها وعشقها لن يستطيع الابتعاد عنها، وغداً تلتئم جراحها وتعود عروس أحلام الفرسان كما كانت، إن ليكن أكثر بهاء .
يا ضاحية القلب، يا ضاحية بيروت الجنوبية..لك كل حبي.
خاص – إلّا
Share this content:
إرسال التعليق