سلمى الحفار الكزبري- إرث سوري في جامعة بريطانيّة
في شمال شرق الولايات المتحدة، في “جامعة براون” العريقة في ولاية رود أيلاند، يتم العمل حالياً على جمع وتصنيف أوراق أديبة و شاعرة دمشقية راحلة.
تتميز هذه الأوراق بدقتها وبلاغتها، وما بقي فيها من روح صاحبتها، التي أمضت عمراً بأكمله في خدمة التأليف والبحث، متنقلة بين سورية ولبنان واسبانيا، حيث تعرفت على الشاعر الكبير نزار قباني، الذي كان يعمل في السفارة السورية في مدريد مطلع الستينيات.
قبل وفاتها بخمس سنوات، جمعت مراسلاتها مع نزار، وعددها ستة عشر رسالة مكتوبة بخط يده المنمنم والمعروف، صارت كلها اليوم ملكاً لجامعة براون. وكذلك مقالاتها وأبحاثها ومحاضراتها، وكل ما جمعته من مراسلات بين مي زيادة وجبران خليل جبران، التي وبموجبها نالت جائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي عام 1995.
أنها الأديبة و الشاعرة
🌷 سلمى الحفار 🌷
هذا الكنز الثمين قد نجد مخطوط كتابها الأول “يوميات هالة” الذي قدمته لروح الزعيم سعد الله الجابري، وكتاب “نساء متفوقات” الذي قدم له العلامة قسطنطين زريق، إضافة إلى رائعتها الأدبية “البرتقال المر” الذي تتحدث فيها سلمى الحفار عن مأساة الشعب الفلسطيني.
من يُبحر في أوراق سلمى الحفار يستطيع معرفة الكثير الكثير عن تفاصيل تلك الأديبة الدمشقية وعن عالمها الجميل الذي بات لا يشبه حاضرنا بشيئ. فبعض تلك الأوراق مُعطر برائحة الهيل، وهو ما كانت تكتبه سلمى وهي تشرب قهوة الصباح الباكر، من غُرفة مطلة على أرض ديار منزل اسرتها الكبير في سوق الصوف، داخل حارات دمشق القديمة. وبعض الأوراق تفوح منها رائحة صابون الغار، التي كانت أمها “مسرة السقطي” تغسل بها وسادتها وشراشف سريرها.
لم تتصور سلمى في حياتها أن هذه الأوراق سوف ينتهي بها المطاف في مكان غريب وبعيد عن جذورها الدمشقية. فبعد وفاة والدها المرحوم لطفي الحفار قامت باهداء مكتبته النفيسة إلى مكتبة الأسد وسط العاصمة السورية، إكراماً لما أوصى به، أن تكون في متداول يد الباحثين والطلاب السوريين من بعده.
ولدت الكاتبة سلمى الحفار الكزبري في دمشق بسوريا.
تعلمت في معهد راهبات الفرنسيسكان بدمشق من الابتدائية حتى الثانوية و حملت شهادة في اللغة الإسبانية.
تعلمت أصول اللغة العربية منذ نعومة اظافرها على يد والدها يوم نفته السلطات الفرنسية إلى مدينة أميون في لبنان.
ولما عادت العائلة إلى دمشق أرسلت الابنة إلى الكتاب في جوار المنزل بدمشق القديمة لتتعلم القرآن على يد شيخة و هذا سر عمق ايمانها المتحضر حيث امتزج الدين بالحضارة.
أمضت تسع سنوات متواصلة في مدرسة الفرنسيسكان أتقنت خلالها الفرنسية وتعلمت الإنكليزية، كما أتقنت العربية على يد الأديبة السورية ماري عجمي.
درست في معهد اليسوعيين ببيروت و بدأت تكتب وهي في مطلع صباها باللغتين العربية والفرنسية.
تزوجت عام 1941 من محمد كرامي شقيق عبد الحميد كرامي ابن العائلة السياسية اللبنانية العريقة وأنجبت منه طفلا و توفى الزوج بعد ولادة الطفل بشهر.
وعادت عام 1948 فتزوجت من الدكتور نادر الكزبري وأنجبت منه بنتين.
سافرت مع زوجها الدكتور كزبري إلى الارجنتين وتشيلي حيث كان يعمل وزيرا مفوضا لسوريا.
تابعت دراستها بالأدب الإسباني وحصلت على دبلوم عالي و يليها مباشرة تم سفرها لمدريد ليتسلم زوجها السفارة السورية هناك.. وكانت هي خير سفيرة للسيدة الدمشقية
انتسبت إلى جمعية الكتاب في مدريد وقدمت محاضرات عديدة باللغة الإسبانية عن المرأة العربية وأثرها في التاريخ والأدب.
وكتبت نثرا بالعربية وشعرا بالفرنسية.
وقد فازت الفاضلة سلمى الحفار الكزبري بجائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي عام 1995/م. وكان موضوع الجائزة: دراسات في اعلام الادب العربي الحديث.
كما فازت ايضا بجائزة البحر المتوسط من جامعة باليرمو في صقلية 1980 .
واعترافا بجهودها وتقديرا لاعمالها الادبية، خصوصا في مجال الدراسات العربية والاندلسية ومحاضراتها في مدريد وقرطبة وبرشلونة، منحتها الحكومة الاسبانية وساما من ارفع اوسمتها.
لم تتذكرها جامعة دمشق، وعندما ينسى أهل الدار مبدعيه، يتولى الغرباء جمع ارثهم وتخليد ذكراهم. مع الأسف، لا يوجد شارع في دمشق يحمل اسم “سلمى الحفار” أو اسم أبيها المناضل “لطفي الحفار،” الذي جلب مياه الفيجة إلى العاصمة السورية وكان رئيساً للوزراء وأحد الأباء المؤسسين للجمهورية السورية. لا شارع لهما ولا زقاق في “مدينة الفيجة،” ولا حتى قبر لسلمى في دمشق، كونها توفيت في بيروت خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006.
المقدمة منقولة عن مقالة للأستاذ الدكتور سامي المبيض بعنوان
(قاطفة البرتقال المر…)
Share this content: