Home ضيوف إلّا عصام الاشقر.. الإعلام ينقصه الحرفيّة

عصام الاشقر.. الإعلام ينقصه الحرفيّة

by رئيس التحرير

عصام الاشقر/ ممثل وفنان لبناني مدرّب لياقات بدنيّة – بيروت

**حوار مع عصام الاشقر
عصام الاشقر:” على اللبناني ان يقتنع ان هناك ما يسمى بالاختصاص ولا يتجاوز الخط الاحمر.”

معدنه من ذهبٍ أبيض، صاغ ملامحه بخبرةٍ وجهدٍ وكدٍّ وتعبٍ وسنين، كأنّك في حضرته أمام منجمٍ مكتظٍّ بكنزٍ دفين كلما بحثتَ عنه تشوّقت لمعرفةِ ما يملك من تواضع وثقة عاليةٍ بالنفس، كلما أردت أكثر أن تنبش شخصيته المبنية على إنسانية مميّزة ومتينة..

جادٌّ في عمله وجدّي حدّ التفاني كي يظهر أمام جمهوره العريض بكل ما يملك من موهبة ومهارة وعلم، هو الداري والعارف بجمالية الفن من أبوابه الواسعة منذ دخل باب التمثيل الذي فتحه باقتدار على مصراعيه، حتى جعلنا نتسمّر أمام الشاشة الصغيرة مأخوذين بالدراما التي يقدّمها، نشاركه قلبه وفكره وإحساسه وابتسامته وغضبه وهدوئه دون تزلّف أو تملّق أو محاباة..

بأحاسيسه شيّد خشبة المسرح، وبأدواته المتعدّده علّا السقف، فصارت منصّات العرض التي يشغلها كمنازل العشق بالنسبة إليه وإلينا..

جميل في الحفاظ على طبيعته وعفويته وتلقائيته لدرجةٍ نحسب أنفسنا نتماهى في سطوع فكره الواسع، ونصير معه شهود عيانٍ لأفقٍ شاسعة من الواقعيّة، وكأنه يحمل حبّ الناس في اليسرى وسيرورة الحياة في اليمنى..

عصام الأشقر.. هو ذاك الخليط الآسر من النجاح، والعذوبة الخالصة من قلب الممثل القدير البارع كما قلب الإنسان الرهيف الناصع، الذي كان ل “الا” شرف هذا الحوار.

رلى الحلو وحوار شامل مع الممثل القدير عصام الاشقر

عصام الاشقر من أين أتيت بتلك الجماهيرية؟

ليس هناك من كبير في الفن أو في الحياة.. التواضع ميزة.. والكاريزما ميزة أيضا، لكن الأهم أنني قريب من الناس وهذا فضل من الله.

بداياتك في التمثيل منذ متى؟

أول دور لعبته في الزروب كنت ارتدي ثياب جدة والدي، وقتها كانت تعيش معنا، كنت أقوم بزيارة الأحياء والمناطق، وأطرق أبواب المنازل وأمثّل سكتشات، حتى أنني تورطتُ مرّة في مشكل مع رجل وقع في حفرة بسببي، إذ كان يقود الدراجة النارية، ورفع حينها السكين في وجهي من شدة غضبه، ولولا تدخل القدر، حيث أن خالتي أنقذتني حينها، كنت أغشّهم بسبب قدرتي على انتحال الشخصيات، بدأتُ الجامعة عام 1974 وتخرجتُ فيها عام 1979 درست المسرح وانطلقتُ منه، وكنت أرفضُ فكرة التلفزيون والأكاديمية الى حين اقتنعت انني استطيع المحافظة على المستوى في عملي التمثيلي.

مَنْ مِنَ الأساتِذة.. أثّر بك في مسيرتك؟!! 

لا شكّ أنّ الموهبة ضروريّة، ولا أنكر دور الجميع، ويصعب أن أسميهم الآن فاللائحة طويلة جداً، كنت أتابع كل المحاضرات وأحضرها، وكنت حذر أن لا انسرق لشخص معين دون آخر، وخاصة أنهم كثر الذين لديهم جاذب، وإمكانيات كي يحببونا بالمادة، لكني كنت أرى أن هناك من تأثروا بغيرهم لدرجة عدم تميّزهم، برأيي كل احد منّا لديه خاصيّته، ونفسه، ونبرته، وإحساسه، لهذا من المهم جداً أن نتمتع بهويتنا الخاصّة بنا.

بتقديرك ما الصفات التي ميزتك عن غيرك؟

دوماً الأشياء تحكمها النسبيّة، عندما نملك نظرية معينة عن أمر ما ننصدم أننا أحيانا نحمل أشياء لا تناسبنا، عندما دخلت الجامعة ظننت انني اصلح أن أكون مذيعَ أخبار، لكنّني عدّت واكتشفت أن مخارج الحروف عندي بحاجة لتعديل فتعلّمتُ، واكتسبتُ الخبرة،.. هنا نكتشف سرّ المعرفة والمواظبة لتحقيق شيء مميز، أنا كنتُ أدرس، وفي تلك الأثناء وقفتي أمام تلاميذي علّمتني القدرة على امتلاك الصفات التي تناسب حضوري، علينا أن نراقب جسدنا ونتمرّن كي نتمرّس، وأن نواظب على تمارين اللياقة فالممثل يجب ان تكون نفسه على طبيعتها بانتباه أو بدون انتباه وهذا لا يأتي بين ليلة وضحاها.

مَنْ هم أصدقاؤك مِنَ الممثلين؟

الصداقات العميقة في الوسط الفني قليلة جداً، والحياة واسعة، والزمالة جميلة، وأهم ما فيها الاحترام المتبادل، المهم ليس لديّ مشاكل مع أحد.

هل شعرت يوماً أنّ أحدهم ينافسك منافسة إيجابيّة؟

لا..لا، نحن لا نقوم بحفلة زجل، كل انسان لديه مكانته ودوره وقدرته، أنا لست مطرباً، ولا أفكّر بالمنافسة أبداً. ربما المنافسة موجودة عند البعض، ولكني لا أفهم هذا الأمر أبداً، إذ ثمّة دَور يعرض عليك إما أن تؤديه كما يجب، أو تضربه عرض الحائط.. هكذا الأمر ببساطة.

ما هي الأدوار المحبّبة إلى قلبك وشعرت باعتزاز بدورك فيها؟

كل ممثّل يأخذ دوره بالعرض، خاصّة إذا هناك استمرارية في المسلسل، أنا اعتبر أنّ الصدفة تلعب دوراً كبيراً،لكنّ هناك دوري في مسلسل “لونا ” حيث لعبتُ دور الأب الفلّاح التقليدي، الدور في الظاهر كان قاسياً وظالماً إنّما من الناحية الإنسانية فقلب هذا الوالد في حقيقته كان حنوناً يحبّ أولاده ويخاف عليهم.. الدور منذ بدايته جميل من حيث العمق الإنساني في معرفة تفاصيل عائلته وأسرته ومحبته لبناته وخاصّة حين اشترى حياة ابنته خوفاً عليها من الموت.

برأيك خبرتك ومسيرتك منعتك من كتابة الدراما؟

أنا ضدّ الإنسان الذي يظنّ نفسه أنه ينجح في كل شيء، باختصار قلمي ليس جراراً إنما أكتب لإرضاء وجداني مقطوعة ادبية.

ما رأيك في غزارة انتاج السيناريو عند المؤلف الدرامي؟

أعرف أنك تلمّحين إلى “كلوديا مرشليان “، كلوديا متفرّغة وليس لديها عمل سوى الكتابة أبداً، شكسبير كان يقتبسأ ونحن نقتبس ايضا جدّي كان يقول: إننا نتعلّم من الكبار، ومن الكتب نستلهم الموضوعات نفسها، لكن السر يكمن في طريقة معالجتها، مرة التقيت بكلوديا وقالت لي ينعتوني بغزارة انتاجي ولو استطعت أن أكتب بيديّ الاثنتين لما ترددت بل لكتبت.

كلوديا مارشليان/ كاتبة ومؤلفة دراما لبنانية

ماهو رصيدك بالدراما والمسرح والسينما؟

رغم العدد الذي اعتبره قليلاً، إلّا انه موفوراً في الواقع، خاصّة في المسرح والتلفزيون، أمّا في السينما التجربة قليلة نسبياً، لأني ببساطة لا “أطحش ” على أحد ولا أكض لأحصل على عمل، لا أعرف كم هي عدد أعمالي تحديداً، وكما يقول المتنبّي: تعيّرنا أنّ قليلنا عديدنا.. فقلتُ لها أن الكرام قليل. القيمة برأيي فيما نعمل وكيف نعمل، ليس كم نعمل،أنا أهوى الكاميرا وليس لديّ حبّ الظهور، بعض الفنانين ليتهم يملكون الجرأة في رفض بعض الاعمال.. أنا آخذ حقي ممن يرى قيمتي كفنان، مقياسه الخبرة وليس الشهرة.

أنت تشارك بالأمسيات والندوات الثقافية لكن لديك بعض التحفّظ بشأنها ماهو..؟!!

“سعيد عقل ” لم يقل يوماً عن نفسه أنّه شاعر، الصفة حتماً بيد الناس، تمنحك إيّاها حين تتابعك، وتقيّم عملك، الشعر يحتاج إلى التسلّسل والتنوّع في صياغة اللغة وطرح الصور، من السيء جداً، نشوب العديد من المطبوعات المليئة بالأخطاء، دعونا ننتقي العصارة الجيدة وكفى هذراً باسم الشعر.

أعلم أنك مثقّف بامتياز وتعشق الكتب ما آخر كتاب قرأته؟

لا أخفيك ليس لديّ القدرة على التركيز حالياً، بسبب “الضعضعة ” التي نعيشها على جميع الأصعدة.

تقديرك ما الذي علينا تغيّيره في لبنان لننهضَ من غفوتنا؟

أكره السياسة، لكن لا بد من الاعتراف أن هذا البلد منذ أن خُلق كان ثمّة شيء خطأ، الطائفيّة مُتحكّمة بمفاصله، والمناطقيّة حالكة في أركانه، والحزبيّة طاغية بشكل مقيت، لهذا لا يمكننا اتّخاذ أيّة مواقف .

هل تفكر في الهجرة؟

في هذا السن بالتأكيد لا أفكّر، ربّما لو كنت أصغر سناً كنتُ حتماً سأفكّر.

حدثنا عن جديدك ؟

أشارك في عملين في الموسم الرمضاني الحالي.. وهما /رقصة مطر /و /الأميرة / الأول مع “الصبّاح ” والثاني مع “مروة غروب “، و لا أخفيك أننا ننتظر الخلاص التام من وباء كورونا كي نعود إلى المجال الذي نحبّه وهو المسرح، فمنذ سنوات لم نترك مكانا إلا وعرضنا فيه قاصدين كل أصقاع الوطن.

هل سنسمع بعودة مسرح عصام الأشقر؟

إن شاء الله سنعود أنا وأولادي ومهى خوري، من باب احترام المهنة معنا محترفين ترفع لهم القبعة، كالأستاذ “عمر ميقاتي ” والسيدة “وفاء طربيه ” والسيد “عفيف شيا ” والسيد “جورج ضيا ” والأستاذ الكبير “صلاح تيزاني ” كل هذه المسرحيات كانت من إخراجي طبعاً.

 عصام الأشقر البارع في مجمل الأدوار اشتقنا لنراك في الكوميديا؟

فعلاً الكوميديا من أهم أعمالي وصعب جدا إضحاك الناس، مثلاً مسلسل “بنات عماتي وبنتي وأنا ” أعتبره من أهم المسلسلات ل”منى طايع “، الكوميديا تحتاج لنَصّ وإبداع ومقدرة، في المسرح نسبة 90 بالمئة من أدواري كوميدية منذ الثمانينات، ومؤخراً كان هناك شخصية بهلول بمسلسل ” مش شايف حالك”، كان الدور يحتاج إلى طواعية لم يتوفّر ممثل مناسب للدور أبداً، فقمت أنا بالدور  بسب الحركات والإيقاع.

وماذا عن براعتك في الأداء التمثيلي بالفصحى؟

شكرا على السؤال فعلاً هذا يتطلّب معرفة ومقدرة بامتلاك اللغة العربية كإتقان اللفظ وإشباع الحروف ومخارجها، لقد قمتُ بدورٍ متميّز في ” مجنون ليلى” واعتزّ به خاصة وأنّي كنت المدقّق اللغوي، وأيضا مسلسل “حوّاء في التاريخ ، بالتأكيد من المهم على الممثل أن يمسك آلة الصوت، والجسد، واللغة، فيصبح كل ذلك جزء من شخصيته، مما يتيح له أن يتفرّغ لإحساسه.

حدثنا عن عملك الاذاعي؟

عملت في الإذاعة بتواضع مع الاستاذ انطوان غندور الكاتب الذي لم يكتب بنَفَسِهِ أحد، في صوت لبنان، فكان “زوربا لبنان ” حوالي 2000 حلقة، برنامج يومي كامل شامل أنا وغسان اسطفان، أيضا برنامج “نَطَقَ ذكريا “، بتقديري العمل الإذاعي متعة ما بعدها متعة.

ماذا ينقص الاعلام اللبناني؟

ينقص الاعلام اللبناني الحرفيّة كي ينجح.

حدّثنا عن عملك في أكاديميّة بيت الفنّان؟

للأسف الجائحة أطاحت بالعمل، في بيت الفنّان كنت أقوم بدورات إعداد جسدي، لكن لم أقتنع بما يسمى ال -اون لاين – إذ لا يمكن أن تصبح ممثلاً في مدة ثلاثة أشهر.

ما سبب تلقائيتك؟

أنا حريص جداً على التلقائيّة، لأننا عندما نمثل نُفشِل التلقائية، بمعنى العفوية وراء كل حركاتي، رقابتي الذاتيّة لا تغيب أبدا، الكونترول يجب أن يكون في كل شيء، مهنتي فرضت علي نوعية معينة من الرقابة، ولا يمكن أن أظهر على المسرح من غير نفس أو مزاج.

هل تشاهد التلفاز؟

يضحك قائلاً: أنا أنتعش عند مشاهدتي، واذا اضطررت لمتابعة مشهد أو مسلسل معين أشاهده واقفاً.

أين هي نقابة الممثلين اليوم؟

النقابة موجودة طبعاً على مبدأ اعطيني وحاسبني، مشكورين في النقابة أنهم يحاولون حماية الفنان قدر الإمكان.

لو لم تكن ممثلاً أي مهنة تختار؟

اختار أي مهنة كعمل يدوي، مع العلم أنني أحترف صناعة الأعواد.

لمن تستمع موسيقى؟

يلفتني أي عمل أسمعه، لست من هواة فنان معين دون آخر.

ماذا تُغَيّر في البلد لو تسنى لك؟

لا أريد أن أتفلسف بل على اللبناني، أن يقتنع أن هناك ما يسمى بالاختصاص ولا يتجاوز الخط الاحمر.

هل تتابع برامج سياسية؟

صراحة لا .

متى تغضب؟

عندما نعمل شيء بغير أصوله، أحبُّ القانون.

كلمة أخيرة ماذا تقول؟!..

صراحة أحببتك أنتِ وعفويتك في طرح الاسئلة، هناك حوارات أشعر نفسي أنني خارجها، لكني فعلاً استمتعت بالحوار.. شكراً لك رلى وشكراً لمجلة إلّا .

 

خاصّ – إلّا –

You may also like