Home بـورصـات إلاّ كاريس بشار وردة الدراما السورية وأداء معتق بأقبية الابداع

كاريس بشار وردة الدراما السورية وأداء معتق بأقبية الابداع

by admin

مسلسل غداً تلتقي

فراس نعناع ممثل وناقد فنّي سوري

فراس نعناع
ممثل وناقد فنّي سوري

     يتفق برجسون مع شوبنهور في القول بأن الفن هو حدس يستولي على الذات العارفة ، فيجعلها تتطابق مع موضوع معرفتها على نحو شبه صوفي .

    وهنا أرى بأن كاريس بشار ” وردة مسلسل غدا نلتقي ” تحلّق من الذاتي والمادي والحسّي إلى المستويات الروحانية العليا، وكأنها تذهب في عوالم التصوّف، وربما تشكّل روح الخصوبة الخلّاقة في أداء حالتها الخارجية والنفسية المشبعة بكل أتون حالة الحرب والحب معاً.

Firas_22_300

    تشتغل كاريس على اللغة الجسدية ” لوردة “وتفكك دلالاتها بحيث تميل بمشيتها يمنة ويسارا بخفة وأحيانا غير مرئية للمشاهد العادي ، وكأنها الحالة العامة للواقع المعاش المفروض علينا ، نعم ان المبدع انما يقوم بعملية تشبه الاكتشاف لا الاختراع ” حسب القديس اوغسطين ” وهي هنا تكتشف الشكلاني لوردة ولا تخترع.

Firas_23

    وبما أن الحرب والفقر أساس يبنى عليها الصراع من خير وشر . لن نستطيع تحويل حالة المأساة التراجيدية الى كوميديا لاسترضاء المشاهد ولكن المسلسل  يأخذنا الى أطراف الكوميديا تارة ، هذه المأساة تتربص بنا في شتى حالاتنا ورغباتنا وهي الموروثة التي هبطت علينا من جبال الأولمب ارسلها لنا الأغريق عبر حمام زاجل .كاريس تأخذنا عبر مأساتها ” ووردتها المكتشفة “وكأنها ممثلة تحمل بداخلها الشعلة الأغريقية وكأنها شعلة ” زيوس ” التي لا تنطفىء لنرى وهجها، ونورها بكلّ رفّة عين وايماءة وضحكة ناعمة غير مصطنعة، مبتعدة عن تعاليم ستناسلافسكي كممثله والتي بالتأكيد لاتعرفها ككاريس ربما لعدم دراستها الفنية الاكاديمية ولكنها تنفذ تعاليمه ” كوردة غدا نلتقي ” عليك كمتفرج أن تدفع القيمة المضافة لهذه المشاهدة ” كاريس وردة ” عن طيب خاطر وألا تنتظر محصلي الضرائب ليأخذوها منك . لأنك تشاهد أداءا مطرزا بالحرير تفوح منه رائحة عطر الليمون.

Firas_24

    ننصت لها بامعان وكأنها شخصية هاربة من عالم دويستويفسكي الباردة لتحولها الى دافئة فهي تشكل وتلون أدائها الصوتي بكل حساسية ومسؤولية فهي فرحة ومحبة وحزينة تعبر عن تلك الحالات وكأنها ” قاموس ” تشرح للمتلقي هذه المفردات بسهولة وبساطة فصوت الممثل هو نصف الأداء .

Firas_22

    إن لدى الفنان تفكيرا أو تأملا أوتصميما يسبق أداء العمل ، ولكن فكرة الفنان عن العمل الذي يريد تحقيقه قلما تعادل في النهاية ذلك العمل المتحقق في مشهد العرس من أبو رياض تخرج من غرفتها وأقفالها الكثيرة ليشكل لنا مشهد عبثي وكأن ساحرات ماكبث حولها مشهد يخلص المسلسل وحالته الانسانية رغم عبثيته . لتهرب من الواقع الى صورة شعرية بصوت محمود “كم امرأة مزقتني ..

Firas_25

     لم أحمي نجمة من الغيم ” هنا أستحضر صورة شعرية ” لمحمود درويش “تبكي مع النايات …. موتى لم يموتوا . هي ميتة لم تمت ربما تنتظر دكتور ماركيز ليخلصها من وبائها وهي المصابة بوباء ” صنوبارنويا ” بأن محمود يحبها ويبوح لها ( فهو عاشق كيف يبوح بالذي يضنيه ) كما تغني فيروز .

download (4)

    إلا أنّ روح وردة هي التي تبوح .  فالفن هو انتقال من عالم القضاء والقدر الى عالم الشعور والوعي، هكذا هم العشاق الفقراء الوسيمين.في المسلسل الكثير من الاضاءات الانسانية والفنية ولكنني ركزت هنا على أداء وردة الدراما السورية  “كاريس بشار “.

فراس نعناع

مجرّد رأي

القاهرة

11-7-015

You may also like

1 comment

سلطاني مرعي 27/07/2015 - 8:24 مساءً

اتمنى لو تقبلي انظم الى مجلتكم //تقديري

Comments are closed.