Home إلّا متى يحتفل لبنان بالإستقلال عنكم..؟!

متى يحتفل لبنان بالإستقلال عنكم..؟!

by رئيس التحرير

غابي مقدسي / كاتب وناشط سياسي لبناني – زغرتا

الوطن ليس مجرّد أرض نحيا عليها، بل هو كيان يعيش فينا، ويشكّل ملامح وجودنا وكياننا وهُويتنا، والإستقلال تاريخ لا يشبه أيّ تاريخ، هو تاريخ لم تلده الصدفة بل هو هدف وطني نبيل صنعه الرجال الأبطال الأشاوس بدمائهم عن سابق إصرار وتصميم..
إن عظمة تلك الذكرى لتستوجب منا وقفة تأمّل تجاه وطن شرذمته عواصف الأزمات، والمحن.. فهل تدركون يا أنتم معنى الإستقلال الذي احتفلتم به!!
هل تدركون معنى أنه لم يمضِ سوى أيام قليلة حتى تنكّرتم للاستقلال، ولرجاله، ولتضحياته الجسام، وكدّتم تدخلون البلد في أزمة تتجدّد بتجدّد أطماعكم وجشعكم، ومهازلكم المملّة..!
هل تدركون أن إنتداباً فرنسياً إستمدّ بطشه من عملاء إختاروا المنفعة الشخصيّة على الوطنيّة، تصدى لهم رجالٌ من مختلف الطوائف، وقد آمنوا بإنتزاع كرامتهم المسلوبة بالبارود، والدم، حتى انتصروا وها أنتم تخلّدون مجد إنتصارهم ليومنا هذا، برفع العلم، وترداد النشيد الوطني وإقامة الإحتفالات الشكلية الفارغة، بمضمونها وروحيتها وجوهرها!
الوطن اليوم.. كما الماضي محتلّ من رؤوساء وميلشيات دمّروا الوطن، وهدروا الدم، في زمن الحرب.. محتل من رجالات، هي أشبه بعصابات ينهبون مالنا العام، ويمارسون الكيديّة في بسط نفوذهم، ومحسوبياتهم، في زمن السلم.. الوطن اليوم محتلّ من صبيان السفارات الذين ينفّذون أجنداتِ أسيادهم، لحساب منافعهم الشخصيّة، وعلى حساب الوطن والمواطن دون أن يرفّ لهم جفن.. محتل من شعب طائفي يحيا على الفُتات، وبراميل النفايات مفضّلا مصلحة زعيمه على المصلحة الوطنية.. محتلّ من طلابِ جامعاتٍ يهتفون باسم أمراء الحرب، وأسياد الفساد، وأرباب الخيانة محوّلين أنفسهم لمرتزقة، تنطق بإسم الظالم.. محتلّ من مثقفين يننظرون من غرفهم المكيّفة، ومن قاعاتهم الفخمة غير مدركين أن المثقف مكانه الشوارع الفقيرة، ليرفع الغبن عن ساكنيها.. محتلّ من تغييريين يسموّن أنفسهم مجتمع مدني، يلهثون للحصول على منصب، يصنّفون الشعب، بتعاليهم وتكبّرهم، يمنّوننا بأيّ حِراك أو خطوة، يقدمون عليه متناسين أن الثوار الحقيقيون فيما مضى دفعوا دمائهم ثمنا للحريّة، غير آبهين لكاميرا تلتقط صورهم، أو ذكرى تخلّد إسمهم.. تقبّل الرؤساء الثلاثة التهاني بموسم الإستقلال الذي لم يبق من ذكراه، سوى المفرقعات والمراسم والإرباك الشعبي.
إني لأقسم بالله أنني لم أرَ شعباً بوقاحتكم، فالوطن لم يعد وطناً.. ومشروع قيام الدولة تبخّر، ولم تعد القيم والأخلاق هي القيم والأخلاق في البيت العائلي، ومعه البيت المدرسي إنحدر عن الهدف السامي لبناء مجتمع بطريقة مفجعة.. أي نوع من المخلوقات أنتم!!
تعيشون على أطلال الماضي وواقعكم مُخزٍ.. يتناهشه عشقكم للملذات الجنسيّة والماليّة والطبقيّة، تريدون تحرير الوطن وأنتم سكارى في المرابع الليلية وبيوت الدعارة، يا شعباً لم يعد بشعب..
حرّروا أنفسكم السجينة.. حرّروا عقولكم الباليّة.. حرروا أفواهكم الببغائيّة..
الوطن موجوع يتألم بكم كسرطان تغلغل في كامل خلاياه يتناهشه..
ليس أمامكم إلا أن تتوحدوا بمختلف طوائفكم..
ليس أمامكم إلا أن تفهموا أن الوطن تبنيه أيدينا إذا تماسكت..
الوطن إنتماء ننضوي تحت جناحيه وليس إسطبلاً يرتع فيه البغال ويسّيره المرابين.
خاصّ – إلّا –
الأفكار الواردة في المقال أعلاه تقع ضمن مسؤولية كاتبها فقط.

You may also like