Home إلّا الياسمينة الأولى “أسماء الأسد ” والامتحان الجديد.!

الياسمينة الأولى “أسماء الأسد ” والامتحان الجديد.!

by رئيس التحرير

 

غادا فؤاد السمّان / شاعرة وكاتبة دمشقية – بيروت

الياسمينة الأولى “أسماء الأسد ” في دمشق مجدّداً تجد نفسها وجهاً لوجه بمواجهةٍ جديدةٍ مع صراع صعبٍ صراع من نوع آخر، ومع حربٍ مفتوحةٍ على المجهول، بعدما خاضت إلى جانب زوجها بكلّ إخلاصٍ ووفاء أعتى حربٍ يمكن أن يتقبّلها عقل، أو أن يرضاها منطق، حرب الإرهاب الذي انتشر باسم الدين “الإسلامي ” البريء من كل الذين ادّعوا الإسلام، من مشايخَ وأتباع بأخطر ظاهرة استغلّها أعداء الأوطان من عربٍ ومن صهاينة، بتحريض سافر، خبيث، سياسي، قميء، أتى على كامل مظاهر الأمن والأمان والاستقرار في سورية، فقضى على طمأنينة الناس، وعلى بيوتهم، وعلى أرواحهم، فعاث فوضى لم يشهد لها التاريخ من مثيل في الحياة المدنية، فتشرّد الملايين من الناس، ومات المئات، واختفى من اختفى، وتشوّه من تشوّه، وبالكاد بدأت أوزار الحرب تحطّ رحالها، وإذا بالياسمينة الأولى “أسماء الأسد ” تلك المرأة الأصيلة التي لم تغادر بيتها، ولم تهدر زوجها، ولم تلتحق ببريطانية بلدها الذي وُلِدَتْ فيه، والذي تحمل جنسيته، ولم تختر الأسهل لها ولأولادها فلذات كَبِدِها، بل آثرت أن تحتمل كل ما لايحتمل من حربٍ شرسة على الأرض، وحرب ضارية على الأثير، فكم من شائعة طالتها وطالت شريك حياتها رئيس البلاد الدكتور “بشار الأسد “، وكم من تهكّمٍ وسخرية عبثت في أذهان الناس وفي تداولاتهم الأثيريّة، ومع كل ذلك بقيت هي المرأة الأصيلة والزوجة الصالحة التي لم تتأثّر إلا لمصير بلدها، ولم تجنح إلى لأمْنِهِ، ولم تصارع إلا في سبيل استقراره واستقلاله، وعودة الطمأنينة إليه، والهدوء إلى أهله، لم تغادرها الإبتسامة الوادعة التي اعتمدتها شعاراً لمدّ الجسور بينها وبين الناس، الذين خاطبتهم بكل لهفة ممكنة، حيث افتتحت مكتبها في منطقة المهاجرين، بأقلّ تدابيرَ أمنيةٍ ممكنةٍ متحدّيةً جميع التهديدات، ومبادرةً لزرع الثقة، وغرس أواصرَ المحبّة في جميع النفوس المتألّمة، والمتضرّرة من جرّاء الحرب وويلاتها، فساندت الأسر التي لاذت بها، وساعدت الأمّهات اللواتي فقدن أولادهنّ، ولم تترك زوجة شهيد لمواجهة مصيرها بمفردها، بل عملت على تأمين دخل ثابت وعمل في الحقل الإجتماعي أو اليدوي ليقيها الفاقة أو العوز، كانت ديناميكية رغم جسدها النحيل، وعملية رغم وقتها الطويل، وحيوية رغم كل الإحباطات والخذلان الخذلان والجحود الذي طال حياتها، بحكم غطرسة السياسات العربية والعالمية التي نالت من أمن سوريا واستقرارها، فالحكّام العرب لم يعهدوا أن تكون السيدة الأولى في بلدانهم، متلّمة، ودراسة، ومتفوّقة، وبكفاءة علمية عالية جدّاً، وخاصّة من دول الغرب، ولم يعدوا بزوجاتهم أن تكون حاضرة وفاعلة كما هي أسماء الأسد وكما هو زوجها الطبيب المتعلّم والرجل المثقّف والمتحدّث والمحاضر والمفوّه والمتمكّن، كل ذلك لم يعتادوا فما كان منهم إلا أن كالوا له ولبلاده الويلات ولشعبه صبّوا جام حقدهم وأذاقوه طعم الفجائع والفظائع والمآسي، والتاريخ لا يزال يشهد ويدوّن عداوتهم التي بدأت تنقلب وبالاً عليهم، وكل ذلك والمرأة الرقيقة حليفة أولى إلى جانب زوجها، وما كادت تتنفّس الصعداء، لتجلس جلسة الإستراحة استراحة المحارب، بعد الحرب البشعة التي زادتها حنكة وحكمة وصموداً، حتى وجدت نفسها بصراع من نوع آخر، مع خبيث آخر هذه المرّة ليس خبيثاً في المقررات السياسية المتغطرسة اللئيمة، بل من داخل جسدها عندما تمرّدت إحدى الخلايا وبدأت تعيثُ فوضى من نوع آخر، اضطرّتها لتأهّب جديد للمواجهة، ولا يزال سلاحها الإيمان بذاتها، والإيمان بزوجها، والإيمان بأسرتها، التي تستحق كل الاستنفارات الممكنة منها، للحفاظ على صورتها القوية أمام عائلتها الصغيرة وأمام عائلتها الكبيرة للشعب السوري الذي آمن بها ووثق بطيبتها، وعرف لهفتها، وخَبِرَ بساطتها، وامتحن معها كل الخبائث الفتاكة التي تسللت إلى أدّق تفاصيل الجسد السوري، وانتصرت أسماء الأسد مع الشعب السوري عليها جميعها، وانتصرت سورية بها على الرغم من هُزال الجسد، وهاهي اليوم تقاوم من جديد هذا الخبيث الضاري الذي طال جسدها هي بعد جسد الوطن، ولا شكّ أن أولى استعداداتها ومواجهاتها له تمكّنها من إعلان الحالة على الملأ، دون تردّد، ودون مواربة، بكلّ صراحة ووضوح على مرأى الإعلام، وعلى امتداد شبكات التواصل الإجتماعي، والحالة اليوم تشهد ذات الانقسامات المريعة التي طالت الصف السوري، فمنهم من يتعاطف إلى حدّ الجنوح، ومنهم من يتشمّت إلى حدّ الجنون، ومنهم من صمت يراقب بحياد، هي الحالة عينها التي أدخلتنا جميعاً بحرب لم نخترها ولم نردها، ولم تستفد سوريه من اللامنطق في ردود الأفعال كما لن تستفد السيدة الأولى من تلك السجالات المفتةحة على الأثير، المخجلة لنمطية التفكير، الذي وصل إليه الذهن والعقل والمنطق في عقل الشعب السوري، كلّ ما تحتاجه أسماء الأسد هو القليل من الهدوء بعد تعب السنوات المضنية الطويل، وإلى الكثير من المنطق الذي انخفض منسوبه في طباع وسلوك وعلاقات الجميع بين بعضهم البعض، شفهياً وعمليّاً، وكل ما تحتاجه هو دعوات صادقة، وقلوب نقية، ونوايا سلمية، وثقة عالية أنّ مابذلته من صمود كان في سبيل بلد يستحقها وتستحقّه، وإلى صمت كل الذين يتبجحون بعبارات لا تمتّ إلى الإنسانية بصلة، فالحقّ والحقيقة ليست بعهدة أحد، هي بعدة صاحب الحق، فليصمت الجميع، ولتكن هذه المرأة الجديرة بالاحترام، المرأة التي لا ذنب لها بصراعٍ كان، المرأة التي أحبّت وأخلصت، ووقفت كما ينبغي على النبلاء أن يقفوا، لا بدّ لنا أن نتمنّى لها الشفاء العاجل وأن نردّ لها بعضاً من وفائها بالوفاء.

 

خاصّ – إلّا  – 

You may also like