سلمى الحاج.. لبنان مسقط رأسي، والعراق مسقط نبضي
سلمى الحاج / إعلامية لبنانية – محطة الميادين – بيروت
سلمى الحاج اختارت أقصر الطرق لقلب المشاهد، وقدّمت لإقناعه بمحبّتها والإنحياز لشخصيتها وطبيعتها الكثير من كل شيء.. الكثير من العفوية، الكثير من التواضع، الكثير من الطيبة، الكثير من الجدّية، الكثير من الحيويّة، لتصبح الإعلامية المطلوبة في أكثر من محطة، بدأت صغيرة في العمر، وكبرتْ مع تجربتها وموهبتها وثقتها العالية وشخصيتها الآسرة، مغامرة ومقدامة وتعلم جيّداً أنّ الجمال على شاشة التلفاز ليس هو كل شيء، بل ثمّة متلقّي يكترث لما وراء الملامح والمساحيق، ويتخطّى النظرة الأولى، ليتابع بشغف الأسلوب الذي هو الشخص نفسه وهو النجاح بعينه أو الإخفاق تماماً، وسلمى لها أسلوبها المميز، ولها علامات إعلامية فارقة، نتعرّفها معاً في الحوار التالي الخاص بمجلّة
– إلّا –
أجرى الحوار –
جوني يوسف عوض / بيروت
1 – سلمى الحاج من أنت أخبرينا أكثر عن نفسك ؟
أنا في حالة بحث دائمة عن سلمى الحاج… ! لا أريد أن أحدّد هوّيتي الآن وأعلم أنّ أمامي الكثير بعد، وعليّ أكثر،
كل ما أستطيع قوله الآن أني أم لطفلين هما فرحي وزوجة رجل أقنعني بأن وراء كل امرأة ناجحة رجل عظيم .
2 – لماذا إنتقلت من محطّة الجديد.. هل بسبب توجّهك السياسي أم لكفاءتك المهنيّة، وماذا أضافت لك قناة الميادين ؟
انتقالي إلى الميادين أتى في إطار البحث عن فرصة أكبر في وقت كان العالم العربي يشهد أزمات سُمّيت يومها بالربيع العربي، كان لا بدّ من الخروج من الزواريب الضيّقة المحلية والانطلاق إلى فضائيّة عربيّة .
أمّا ماذا أضافت لي ؟..
أعتقد أن العلاقة مع مؤسسة تنتمي إليها انطلاقا من أمرين الأول أنّ السياسة التحريريّة، والخطّ، والنهج، الذي تمثّله قناة الميادين يمثّلني.. إذاً نحن ننتمي للقضية ذاتها قضيّة الإنسان، قضيّة فلسطين، قضايا الشعوب العربية وثانياً أنّ الاعلام سواء مرئي، أو مسموع، أو مكتوب، لا يمكن التعاطي معه كوظيفة، وأنتهى عملك بانتهاء الدوام أو المهمّة الموكلة إليك. بل إنّ بناء العلاقة يقع بين مدّ وجزر إذ كما تعطيك تعطيها … والعكس صحيح بمعنى النجاح نجاح كلانا كفردٍ وكمؤسّسة .
3 – كيف كانت تجربتك على الأرض في العراق عند تحرير الموصل تموز ال 2017 ؟
تجربة العراق تجربة مفصلية على أكثر من مستوى كأمّ بالدرجة الأولى لطفلين أكبرهما ثلاث سنوات والثاني خمسة أشهر أعتقد أني أجد صعوبة أن أعبّر عنها، وسأترك تقيّيمها لأولادي في المستقبل،.. على الصعيد المهني العمل كمراسلة على الأرض فيه حيوية، وخبرة، ومتعة، وخطورة، ومغامرة .
4 – لماذا قمتِ بتغطية الحرب في العراق.. هل كان خيارك أم خيار مسؤولي القناة ؟..
للعراق مكانة كبيرة في قلبي وعقلي هكذا تربيْنا، حالها.. حال فلسطين، وسوريا، والأردن، واليمن، والموصل تحديداً كانت معقل وعاصمة الخلافة المزعومة لأبي “بكر البغدادي “، علماً أنّي عندما طرحت الفكرة على الإدارة أتى الجواب بالرفض، لأني أم، ولأنّ الموصل بوضعها الخطر لا يمكن المجازفة فيها، وأصلاً هذه الحرب بمعطياتها هي حرب ليست تقليدية بين جيشين..بل هي حرب أرهاب بكل ما للكلمة من معنى، وعلى الأرض يتمّ التعامل معها كحربِ عصابات، المهمّ ما أودّ قوله.. أنه عرض عليّ الذهاب إلى حلب، ورفضتُ يومها، لأنّ الحرب كانت قد انتهتْ هناك، والفكرة ليست مجرّد القيام بالتغطية من أجل التغطية، أو حبّ الظهور وعملية ال show هي الهدف، بل العكس فقد أخترت الذهاب إلى الموصل بقصد وعن سابق تصوّر وتصميم، وذهبتُ إلى السفارة، ووضعت الفيزا، واأسلتها للاستاذ غسان بن جدّو مدير المحطة، وقلتُ له وقتها بالحرف : أستاذ غسان فيزا العراق أصبحتْ معي وأنا بانتظار فيزا الميادين.. وكان ما أردتُ .
5 – ما هي مشاهداتك عن إرهابيي داعش التي لن تنسيها من تلك الفترة، والتي عندما تتذكرينها تقولي كيف ذهبت وكيف لم أخف ؟ وما هي أقرب مسافة كانت تفصلك عن إرهابيي داعش ؟
صحيح حين تبتعد عن الخطر تشعر به، أما وأنتَ في قلبِ دائرة الخطر لا تفكّر بالخوف، لكن تخاف في قرارة نفسك وهذا طبيعي …مثل الطائرة من في داخلها قد يكون خائفاً لكنه لا يدرك حجم الخطر الموجود به أما الذي على الأرض وينظر إلى السماء ويشاهد الطائرة، يخاف، ويفكر بالخوف، ماذا لو سقطت الطائرة مثلاً..؟!،
وهكذا كانت حالتي.. في المعسكر الذي كنّا نقيمُ فيه أتتْ إحدى الزميلات تدّعي أنها زميلة، وطلبتْ من زميلنا عبد الله بدران، التعرّف علي ّ بعد انفجار السيارة المفخّخة الذي تعرضنا له، رحّبت بها وهيي “موصليّة ” أيّ من الموصل بعد يومين بدأت الحكاية أنها كانت في مدينة الرقّة السورية والتي تعتبر مقرّ الدواعش، ثمّ انتقلت إلى تركيا، وبعدها إلى الموصل، وهنا بدأتُ أشعرُ بالقلق، والخوف، وكنّا معاً في غرفة واحدة، وعلى الفور أرسلت رسالة إلى عبد الله وطلبتُ منه الحضور في الحال، توقّعتُ “ذبحي ” في تلكِ الليلة ….
أمضينا الليل جالسين نتحدّث، وأتى الزملاء مع عبد الله ” الفريق التقني “، حتى طلع الفجر وطلبتُ مغادرتها للغرفة وتمّ إبلاغ الأمن ” الشرطة الاتّحادية ” بالأمر …الغريب أنّ هذه المرأة كانت تغيب فجأة، وتحضر إلى المعسكر فجأة، كل حركتها كانت بالإجمال غير طبيعيّة، إلى أن عرضتْ عليّ مقابلة مع قيادات داعش في الموصل، وبأنها هي تتولى مهمّة اصطحابي إليهم …!
طبعا رفضتُ وحتى الكتب التي كانت بحوزتها كلها عن الإسلام والتطرّف، والفكر الجهادي…. مما زاد من تحفّظي ورفضي، ومن يومها لم أعرف عنها أيّ شيء… إلى أن كان يوم التحرير، ودخولنا إلى الموصل القديمة، وكانت مهمّتنا دخول الموصل بصفتها أول وسيلة إعلام مرئي، وهذا الكلام ليس بشهادتي بل بشهادة الإعلام المركزي لمحور المقاومة، وقتها شاهدتُ داعشيّاً ممدّداً على السرير كان مقتولاً ولا آثار للدماء عليه….
لا أنكر لحظتها أنّ الخوف تملّكني لدرجة كنتُ أنتظر متى سيفجر نفسه رغم أنّه ميّت؟ وبدأت الأسئلة تدور كالطاحون في رأسي ماذا لو كان على قيد الحياة ويدّعي أنه ميّت مثلاً؟ علما أننا كنا في حذرٍ دائم لأن كل منزل ندخل عليه، وحتما على الخطوط الأمامية بمعنى نفس المبنى الذي تتواجد فيه الشرطة الاتّحاديّة، وهي آخر نقطة يمكن الوصول إليها، وهنا نتحدث عن أمتار، وأذكر أننا كنّا أحيانا ونحن إلى جانبها لكن في طابق آخر، وبالمناسبة أكثر من مرة تعرّضنا لضربات هاون وللقنص كفريق قناة الميادين تحديداً.
وبالعودة إلى الفكرة الأولى، ولحظات الخوف التي عشناها، فمثلاً طبيعة المنازل في الموصل هي ذات الطابع القديم حيث يتواجد فيها السراديب، يعني غرف صغيرة تحت الأرض، ويوجد الكثير من هذه السراديب، وقد استغلّها داعش كأنفاق للتنقّل والإختباء، وكم كنا نخاف من كمائن، كأن يفاجئنا أحد الدواعش ويخرج من تحت الارض، وبلحظة يمكن لنا أن نصبح في قبضته ويذهب بنا إلى الجحيم أقصد تحت الأرض إلى حيث هو يتلطّى، كل هذا حين أتذكّره وغيره من التفاصيل، فوراً أهرب إلى لونا ابنتي حبيبتي، وكريم وأشمّ رائحتهما ليطمئن قلبي.
سلمى الحاج تجهش في البكاء لأنها لم تتمكن من الحديث مع بيروت لمكالمة صغيريها
6 – لو عاد بك الزمن أتأخذين نفس القرار وتقومين بتغطية عملية تحرير الموصل ؟
قد أكشف لكَ سرّاً إذا قلتُ، أنا الآن في صدد ترتيب تغطية ما، ولن أكشف عن طبيعتها الآن، إذا ما كانت كعمل استقصائي توثيقي، أو تغطية لحدثٍ ما، أو لشخصيّة ما، وسأترك هذا الحديث للمستقبل رغم كل التعقيدات الآن بهذا المشروع.. ولكنّ القصّة قصّة مبدأ، عقيدة، انتماء، هذا القرار ليس غيمة صيف عابرة، لهذا القرار جذور عميقة في قلبي، وعقلي، ودمي، ولكن وهنا بيت القصيد، كل هذا مرتبط بقرار أخير، وحاسم، ومتعلق بشخص هام يشاركني القرار، هو زوجي وشريك حياتي..
“مقاطعاً ” ألا نستطيع الحصول عن تلميح لمشروعك القادم؟؟
أخبرتك.. لا أستطيع الحديث حالياً، وأفضّل التأجيل لعدة اعتبارات أهمّها كما ذكرت قرارنا المشترك أنا وزوجي.. للتنفيذ.
7 – بعد دحر داعش من الموصل ظهر تأثّرك وفرحك بقولك : إذا كان لبنان مسقط رأسي فالعراق مسقط قلبي، نسألك : ماذا عن سوريا وفلسطين ؟؟
قلتُ أنا ابنة بيتٍ تربيتُ على حبُّ العراق، كما حبُّ فلسطين، وحبُّ سوريا، وحبُّ الاردن …..إن شاء الله سوريا لن تحتاجنا في تغطيات حرب، وهي على طريق النصر النهائي بالمعنى العسكري للكلمة، إلا إذا جنَ جنون ترامب وأردوغان من جديد….!!!
وعلى أمل أن تكون التغطية المقبلة في تحرير فلسطين، كلّ فلسطين، فلسطين التي هي للمسيحين كما للمسلمين وكذلك للعلمانيين، إذ ثمّة شهداء كُثر استشهدوا على طريق القدس، لا وعداً بالجنّة، ولا مخافة من النار، ولا من أجل هذا أو ذاك بقدر ما هي قضيّة وطنيّة صافية.. وبالمناسبة أكثر من شخص سألني هل أمك عراقية أو هل الوالد عراقي ؟ إذ كان غريباً بالنسبةِ لكثرين استيعاب هذا الانتماء، بأن يكون العراق مسقط القلب، كما لبنان مسقط الرأس.
8 – ما هو تعليقك على الزيارات الرسميّة والعلنيّة لمسؤولينَ إسرائيليين رفيعي المستوى، لبعض الدول العربيّة، وإستقبالهم من قبل قادة هذه الدول ؟
الآن نحن في مرحلة وقحة، مرحلة فجّة، وكل ما كان تحت الطاولة بات فوقها. أنا لم أتفاجأ ومقتنعة أن قضية فلسطين ليست قضية العرب وتحديداً الخليج …
9 – بحسب رأيك لماذا لم نشهد أيّة ردّة فعل شعبيّة عربيّة حقيقيّة على هكذا خطوات تطبيعيّة ؟
للأسف الشعوب العربية وبكلّ وضوح، لم تعد القضيّة الفلسطنيّة أولويّتها، ولهذا بالتأكيد عدّة عوامل، وأيضا هناك أسباب عدّة منها تراكم السنوات، وطول الانتظار للعودة والتحرير وتقرير المصير، لسنوات السبع الماضية وكل شعب له ما يكفي من الازمات والنكبات ثانياً غياب الوعي بالخطر الصهيوني الاسرائيلي، وأصبحنا في زمن العمالة فيه وجهة نظر، أضف إلى غياب الزعيم أو القائد المقبول الذي يُمكن له قيادة العالم العربي، ويقدّم نفسه كشخص عربي أو علماني، فأرضنا خصبة وجاهزة لأيّة مؤامرة سني – شعي فوراً وبشكل اتوماتيكي يتمّ الفرز، وهذا مدروس وهذا هو المطلوب ….. “إيران ” اليوم هي فزاعة يتمّ استخدامها سياسياً وعسكريا، علماً أني مقتنعة أنّ طهران في النهاية تعمل من أجل مصلحتها، وبرافو عليها المشكلة فينا والعيب فينا والتقسيم والطائفيّة فينا.
10 – ما هو تعليقك على عملية قتل الخاشقجي وخاصة في مقر رسمي وبحسب مشاهداتك ومعلوماتك من ضيوف المحطة أتتوقعين الوصول للحقيقة كاملة بملف الخاشقجي ومعاقبة الآمرين الفعليين والرؤوس المدبّرة أم سيكون هناك كبش فداء ..؟!
جمال الخاشقجي هو أكثر من صحافي هو كاتب رأي ومستشار ووصل إلى مرحلة توجيه، وصنع سياسات في المنطقة.. ومن دون أدنى تردّد أنا ضدّ عمليات الاغتيال، والتصفيات، بأيّة طريقة لمجرّد أنه معارض لنظام أو ماشابه، علماً أنّ الرجل لا هو ولا غيره من المعارضة قد شكلوا ضغطاً كما يُذكر على النظام في المملكة ولهذا أسبابه طبعاً، اللهم إلا إذا كان الرجل يملك سرّاً ما..! وهو يملك أسرار حتماً لكن الذي حصل بالقنصلية لا أعتقد أن السعودية غبيّة أمنيّاً ودبلوماسيّاً، لتغرق بهذا الشكل أعتقد أنّ الأمر منسّق وحسب تحليلي الشخصي بين التركي والأمريكي والسعودي، على اغتيال خاشقجي لكن ما هي الطريقة لا أدري ؟
هل كما حدثت في السيناريو الإعلامي..؟ لا أعلم.. وبأيّ أسلوب.. كان التخلّص من الرجل، لكنّ القرار اتّخِذ وتمّ الاتّفاق والدليل أنو الاستخبارات البريطانية قبل ثلاث اسابيع علمت بالاتصالات مفادها التخلّص من خاشقجي ثانيةً؟! تركيا تقول لديها تسجيلات يعني هي تتنصّت على القنصلية، يعني منذ الساعات الأولى تعلم ما الذي حدث بالضبط وكان بإمكانها باتّصال واحد إيقاف الجريمة، ولا ننسى كلام ترامب، قبل أيام من الحادثة أنّ النظام في المملكة لن يصمد لأكثر من إسبوعين لو واشنطن شاءت ذلك… وأكثر من ذلك، وهنا أقول معلومات خاشقجي قال لخطيبته إذا تأخرت أكثر من ساعة اتّصلي “بياسين هطاي“، وهذا مستشار أردوغان الأول الذي لم يتحرّك الا بعد أربع أو خمس ساعات وهذا محطّ استغراب ؟!!!!!
الآن البازار السياسي، مفتوح لكل واحد مطالب بحقّ ما، على كل حال الرواية الكاملة للمسلسل التركي بحوزة أردوغان وكل ما سرّب، ويسرّب بأمر منه …كل هذا في جانب والجانب الآخر أنّ خاشقجي كان مجاهداً في أفغانستان مع القاعدة، والرجل إخوان مسلمين، وله مواقف كانت تدعم الجماعات الإرهابية وساهم في تدمير سوريا والعراق بطريقةٍ أو بأخرى، وقد يكون له مثلاً دور مع إحدى الجماعات الإرهابية في سوريا ؟
في هذه الحالة في الحرب لا صوت يعلو فوق الرصاص، وثمنه يصبح رصاصة وليس منشاراً .. أعتقد أن يكون للأمر ترتيب ما، ومخرج ما، يعني حتما أمام الضغوط الدوليّة، وصورة الولايات المتّحدة أمام العالم الآن مُحرجة جداً، لكنها لن تضحّي أو تعاقب “بن سلمان ” وهذا يتطلّب كبش فداء… والآن الحديث عن مفاوضات في اليمن، ولأوّل مرّة نسمع موقف أمريكي، بريطاني، فرنسي، بهذا الشكل والحجم، والعودة إلأى القنوات والزيارات ولو سرّيا إلى قطر، أضف إلى ذلك الملف الكردي، والقوات التركية في قطر، والأزمة السورية، وشرق الفرات، ومنبج، تحديداً كل هذه الملفات وغيرها، ستكون على طاولة البحث تحت غطاء خاشقجي .
11 – ما هو العرض الذي لا تتردّدين بالقبول به ومن أيّة محطّة ؟
لن أذهب إلى أي محظة ما لم تمثّل توجهاتي، وقناعتي، يعني الهوا مشترك مهما كان العرض المادي مغرياً أو حتى المعنوي، الإعلام رسالة وقضية ومبدأ. نعم ولا أزال متمسّكة بهذه العناوين بعصبيّة ووطنية،.. الآن عدوّنا إسرائيل والإرهاب هما سرطان أوطاننا … وبعدها لكلّ حادث حديث.. إذ أنه بالسياسة والمصالح لا عدوّ دائم ولا صديق دائم.
خاصّ – إلّا –
play youtube
xnxx
xhamster
xvideos
porn
hentai
porn
xxx
sex việt
henti
free brazzer
youpor
brazzer
xvideos
play youtube
play youtube
Brazzer
xhamster
xvideos
xvideos
porn
porn
xnxx
xxx
sex việt
Phim sex
mp3 download
Nike Compression Sleeve
American porn
Download Mp3
henti
Holiday Lyrics Madonna
play youtube,
play youtube,
xvideos,
Brazzer,
xnxx,
xhamster,
xvideos,
xvideos,
porn,
sex việt,
mp3 download,
Find Mac Address Of Mac,
porn,
Aruba Tripadvisor,
phim xxx,
Mp3 Download,
Share this content: