Home إلّا تشريع “النفط الأخضر ” في لبنان

تشريع “النفط الأخضر ” في لبنان

by رئيس التحرير

غابي مقدسي / كاتب وناشط سياسي لبناني – زغرتا

تتواصل البلبلة في الشارع اللبناني بين تأكيد ونفي لزراعة الحشيش في لبنان، فمواطن يعلن أن القرار صدر، ومسؤول يستبعد هذا التصريح جملة وتفصيلاً، ووسائل التواصل الإجتماعي غارقة في التعليقات التصعيدية، بين استقبال للفكرة واستنكار.

ويبقى السؤال الذي لابدّ منه لحسم الإجابة، هل شرعوا زراعة النفط الأخضر في لبنان قولاً وفعلاً أم هي مجرّد شائعة يُراد منها استفزاز السلطة وإشغال المواطن، ودس نبض الناس، والإطلاع بالتالي على ردود أفعالهم.

ويكاد يصرخ الواحد فينا لفرط اليأس من الأوضاع الاقتصادية المنهارة في لبنان، ويقول دون تردد: شرّعوا زراعة الحشيش، أعيدوا للبنان مجده، مجد إعتباره المصدر الرئيسي للحشيش و المخدرات في الشرق الأوسط، أعيدوا المرحلة الذهبية لنشاط تجّار الحشيش والمخدرات خلال فترة الحرب الأهلية، أعيدوا أيام العزّ الذي كان.. عز إنتاج مايزيد عن ألف طن من الحشيشة سنويا، و ما بين ثلاثين و خمسين طنّاً، من الأفيون المكوّن الأساسي للهيرويين.

أعيدوا الكرامة لإبن البقاع وابن بعلبك وابن الهرمل.. أعيدوا الكرامة التي أهنتموها بإهمالكم لأبسط حقوقهم الإنمائية، والخدماتيّة الاستشفائية التعليمية، والبنى التحتيّة المغيّبة بشكل تام.

الكرامة التي لم تستطيعوا حمايتها من بلطجة بنادق الزعران الذين يفرضون سيطرتها تشبيحاً، حاصدة برصاصها حياة المواطنين الأبرياء العزّل.

شرعوا النفط الأخضر فلتغطوا بذلك عوراتكم و فشلكم السافر في عدم إيجادكم حلولاً للزراعات بديلة، شرعوا الحشيش ولا تتردّدوا، شرّعوا هذا النوع من المخدرات الذي يتمّ استخراجه من أزهار نبات القنّب، لتعود و تتمّ معالجته بعد قطفه من أجل استخراج المادة الراتنجية منه ليتم تشكيلها على شكل كرات صغيرة تغلّف بورق القصدير أو بالقماش من أجل استعماله لاحقا إما في التدخين أو المضغ.

شرّعوها وشرّعوا لتلك العصابات أن يزداد تحكّمها بمصير أهل البقاع، و بعلبك، والهرمل وساهموا في أن يزداد تشبيحها، و بلطجتها، وأعطوا لرصاصهم الحقّ باستمرار تناهش أجساد مواطنيها، شرعوها و تأكدوا أنّكم لن تستطيعوا ضبط زراعتها، ولن تستطيعوا ضبط هيجان المزارعين الذين سيستبدلون زراعاتهم التقليدية بزراعة الحشيش ولن تستطيعوا الوقوف بوجه الأزمة الزراعيّة التي ستنتج عن شهوة زراعة الحشيش.

شرّعوها ولكن اجعلوها ذات نوعية جيدة، فالنسبة المرتفعة للمدمنين على الحشيش بين شبابنا والتي لم تعد تخفى على أحد، تستحقّ أن تُكافأ بأجود الأنواع، وأفخرها، حيث أصبح مجمل الشباب اللبناني فريسة الإدمان، وضحايا فعليين للظروف الصعبة التي يتخبطون بها.

شرعوها و اتحفوها بإمضائكم فهي أهم من تشريع قوانين حق المرأة بإعطاء الجنسية، أهم من تشريع قوانين حمايتها من العنف، أهم من البحث عن حلول لأزمة النفايات، أهم من تأمين الكهرباء و الماء أبسط حقوق المواطن المدنيّة، أهمّ من ضبط التلوّث وإيجاد طرق معالجة، أهم من الاعتراف بأزمة السلاح المستشري الحاصد بِرَصَاصِهِ الطائش لأرواحنا.

الحشيشة إذاً هي أهمّ من كل أزمات الوطن وكيف لا..!

و هي ستدرّ على خزينة الدولة مليارات الدولارات، الأمر الذي يتيح لكم حينها مواصلة عربدتكم، والانقضاض دون تردد للسطو على المال العام، في ظلّ غياب الرقيب وغياب الضمير معاً.

نعم إذاً للنفط الأخضر، نعم لزراعة الحشيش، نعم لإكتمال المشهد، حيث يعجّ كالغبار في كل مكان أمراء الحرب، وأمراء الفساد، وأمراء تجارة المخدرات.

 

خاصّ – إلا –

الآراء الواردة في المقال تمثّل صاحبها وليس بالضرورة أن تمثل رأي – إلا –

You may also like