Home إلّا ثقافةٌ برسمِ البَيْع..!

ثقافةٌ برسمِ البَيْع..!

by رئيس التحرير

جهاد أبو حشيش / شاعر وكاتب فلسطيني ومؤسس دار فضاءات للنشر- عمّان

هذا الكتاب الذي صدر عن دار فضاءات للنشر والتي يشرفني أن أمثلها دائما، يهدف، بحسب الكاتب، إلى البرهنة على أن نظام العولمة “النيوليبرالية ” الراهن ما هو إلا مرحلة في تطور الرأسمالية، وإلى التأكيد على أنه ليس قدرياً ولا أبديّاً، وأنه من واقع حركات مناهضة العولمة، هنالك إمكانية كبيرة لمناهضته وطرح البدائل له.

إن انشغال الكاتب بما هو جوهري في هذا المجال يمنحنا القدرة على أن نرى أن هناك من يهتم بأن يفهم من يعنيه الأمر، ويدرك، ويحاول البحث مع من يمكنه من حلفاء.

لكن ببساطة أتساءل هل نحن معنيون بأسباب موتنا؟ وطرائق الخروج من هذا الموت إلى موت لائق؟..

سأقفز عن الإجابات لأقول إنني لست معنياً بالحديث في موضوعة الكتاب كثيراً، فثمّ من هو متخصّص في هذه الموضوعة ويستطيع إشباعها، فلست هنا بالرائي، قدر ما أنا هنا بصفتي ناشراً، يفتش عن كل مساحة ممكنة للقول ومن واجبه إضاءة ما يراه معتماً، في حال افترضنا أن ثمّة من يسمع ويعي، وإن كثر الصمغ غالبا.

قلت في حفل توقيع الكتاب الأول للصديق والرفيق عليان، إن من واجب المؤسسات وأقول المؤسسات وأعنيها،. فدون مأسسةٍ لن ننجح في شيء، وستظلّ الأحزاب غير قادرة على تجاوز ذاتها، بل مجرد حامل لشعارات كبيرة تسقط بسقوط حاملها أو تترهّل حينما يتعب أو يملّ أو يبيع.

إذا فمن واجب هذه المؤسسات الوطنية أن تهتم بالثقافة أولاً وأولاً وأولاً، والثقافة لا تكون إلا إن وجد الكاتب المبدع، فأين هذه المؤسسات “الوطنية” تجاوزاً من تبنيها واشتغالها على كتاب حقيقيين قادرين على إضاءة المشهد الفكري والإبداعي أمام الأجيال القادمة، وفي وقت باتت الأوراق كلها تختلط ببعضها، حتى أصبحت الخيانة في هكذا مشهد وجهة نظر، بل ونوع نادر من الذكاء الفاعل والقادر على استغلال المشهد غالبا، وصار التطبيع وأخذ “الفيز ” عن طريق مكاتب السفر وطنية وتضحية.

الكل يتقاتل على جثّة الثقافة، والخاسر الوحيد هو الكاتب الحقيقي، بل الإبداع الذي يضيع ويتمّ تغييبه وسط هذه الصراعات، من ممن يدّعون حرصهم، وقد يكونوا صادقي نيّة، يمتلك استراتيجيات فاعلة تشتغل على تسييد الثقافي ومجابهة الأجندات التفكيكية التي تشتغل بذكاء على تمييع وإعدام المشهد الثقافي برمته، ولن أقول أنها فشلت في ذلك، بل سأقول إن تدني أو انعدام فهمنا للدور الثقافي والفكري والإبداعي في إعادة صياغة الوعي والمجابهة والتجسير بيننا وبين الأخر، جعلنا نشكّل الأداة الرافعة لنقيضنا من أجل تقويض ما يفترض أنه مشروعنا الثقافي والفكري والإبداعي.

في زمن العولمة التي يتحدّث الكاتب عنه ثمة ما يسمى بالقوى الناعمة، الذي ابتكره الباحث والأستاذ في جامعة هارفرد، «جوزيف س. ناي،» في تسعينيات القرن الماضي، سلّط فيه الضوء على قدرة بعض الدول على استثمار عناصر الجذب الحضارية والثقافية دون الاضطرار إلى اللجوء للإكراه، بهدف الإقناع ونشر الدعاية والفكر الوطني.

فأين نحن من كل هذا؟

أعرف أننا سنلتقي بعد سنة أخرى وأخرى ،ونحن ما زلنا نصفّق للفراغ الذي لا ندركه، لأننا أجبن من أن نهدم أصنامنا ونباشر إعادة البناء ثانية.

وشكراً لرابطة الكتاب وقبل كل شيء لهذا الكتاب الذي يقف في الريح وحيداً ليقاتل وهو يعي أنه يقاتل بطرائق دونكيشوتيه، لكنه يصرّ على حقّه في المحاولة.

 

 

You may also like