Home سياسة إلّا تطاول عثماني جديد على سوريا من بوابة الأكراد في عفرين

تطاول عثماني جديد على سوريا من بوابة الأكراد في عفرين

by رئيس التحرير

سهاد طالباني / كاتبة سياسية ورئيسة منظمة “قنديل ” الدولية – كردستان العراق

أعلنت بعض فصائل المعارضة السورية المدعومة عسكريا من تركيا سيطرتها على منطقة عفرين بعد عملية عسكرية كانت محصلتها اعدادا هائلة من الضحايا والنازحين والمشردين، وإذا كان العالم قد أغمض عينيه عن الفاجعة الإنسانية التي ألمّت بعفرين وأهلها، فإن على الجميع ان ينتبه الى ما يحدث على الأرض من تغيير جغرافي وديموغرافي سيكون له بالتأكيد آثار مستقبلية على شكل المنطقة كاملة.

نتيجة بحث الصور عن النزوح الكردي في عفرين

قصف تركي وضحايا أكراد وتهجير الأهالي قسراً من مدينة عفرين

واذا كان التحليل البسيط يؤكد أن تركيا قامت بعمليات عفرين حتى تحول دون قيام أي كيان كردي بالقرب من المناطق الكردية في تركيا، فإن نظرة أكثر عمقاً وشمولية على خارطة الانتشار العسكري التركي في المنطقة تعطينا مؤشرات غير مريحة عن النوايا التركية الحقيقية من كافة العمليات العسكرية التي بدأت مع انحسار تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي، وخاصة عند دراسة الانتشار العسكري التركي في مناطق إدلب، حيث لا يمكن للعين المجرّدة ان تهمل ان المنطقة التي باتت تحت السيطرة العسكرية التركية تشكّل امتدادا جغرافيا ملاصقا لمناطق الإسكندرون والذي ينظر اليه الكثيرون في المنطقة باعتباره ارضا محتلة من قبل الاتراك.

فهل ما تقوم به تركيا فعلا هو إعادة رسم حدود المنطقة والسيطرة على المزيد من الأراضي؟ أم أن الأمر يقتصر على فرض أمر واقع مؤقت يعزّز من الموقف التركي في أي مفاوضات مستقبلية حول الحل في سوريا؟ ما لا يمكن إغفاله بالطبع أن تركيا تسعى ومنذ فترة ليست بالقصيرة الى فرض نفسها كقوة إقليمية سائدة في المنطقة، واستخدمت في ذلك أدوات متعدّدة منها الاقتصاد والثقافة والخطاب الديني وكذلك العمليات العسكرية المباشرة وغير المباشرة، كما يضاف الى ذلك التوجّس التركي الكبير من أي احتمال لنشوء كيانات كردية على الحدود التركية نظرا لما يمكن أن يتسبّب به ذلك من انعكاسات على تركيا نتيجة وجود كتلة ديمغرافية كردية كبيرة داخل الحدود التركية، وهذا بالطبع ما يفسر كافة العمليات العسكرية التي قامت وتقوم بها تركيا في مناطق الاكراد سواء في سوريا أو العراق.

الطموح التركي يصطدم مع قوى أخرى في المنطقة، ولكن حدود هذا التصادم ومدى تصاعده أمر مرهون بمدى الطموح التركي، وبلغة سهلة، إذا كان الطموح التركي في سوريا يقتصر على خيار محاولة فرض أمر واقع لكسب أوراق ضغط مستقبلية فإن القوى الإقليمية والدولية قد تكون مستعدة للتعامل مع هذا الأمر بشكل أو باخر، ففي نهاية المطاف فإن تركيا عضو في الناتو وعضو في التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة، وهذه الأخيرة مستعدّة لأن تغضّ النظر عن بعض التحركات العسكرية التركية في مقابل ضمان الوصول الى اتفاق مستقبلي حول الوضع في سوريا، وينطبق الأمر ذاته على الموقف الروسي الذي يمكن أن يكون صبورا في التعامل مع السلوك التركي اذا كان الهدف منه محصورا في كسب ورقة تفاوضية.

نتيجة بحث الصور عن الجيش التركي في عفرين

الجيش التركي يتجاوز المواثيق الدولية في التطاول على الأراضي السورية في عفرين على مرأى العالم الصامت

ما لا يمكن للقوى الإقليمية والدولية أن تحتمله هو أن يكون الهدف التركي هو تغيير خارطة المنطقة من خلال ضم أجزاء من سوريا إلى تركيا، وهو أمر لا يمكن أن يقبله لا الأمريكان ولا الروس ولا أي دولة أخرى في المنطقة، ولو تبيّن فعلا أن هذا هو هدف التحركات التركية الأخيرة في إدلب وعفرين فإن التوتّر سيرتفع بين تركيا وهذه القوى بشكل سريع وقد تصل الأمور إلى مرحلة مواجهات مسلّحة سواء كانت مباشرة أو بالإنابة، وهو ما سيدخل المنطقة برمّتها في دوامة جديدة من الحروب لا يعلم أحد كيف يمكن أن تنتهي.

الأمر الآخر الذي لا يقلّ خطورة يتمثّل في أن زيادة التوتّر بين القوى الإقليمية والدولية في المنطقة يعني بالضرورة إعطاء الفرصة مرة أخرى للجماعات الإرهابية لتعيد تنظيم نفسها وتعود إلى الساحة مرة أخرى وربما بشكل أكثر عنفا.

وبالعودة إلى الجانب الإنساني من القصّة، فإن كل هذه السيناريوهات ستؤدي بالضرورة إلى مزيد من المعاناة للشعوب في هذه المنطقة، فكافة السيناريوهات تعني مزيدا من الضحايا ومزيدا من اللاجئين والنازحين، وكما يحدث دائما فإن الشعوب هي من تدفع دائما الثمن الأعلى للصراعات بين كافة الأطراف في منطقة تدفع شعوبها هذا الثمن منذ عقود، ولا يبدو أن هناك في الأفق ما يبشر بنهاية لهذه الازمات الإنسانية المتلاحقة.

 

خاصّ – إلّا –

You may also like