Home سياسة إلّا انتخابات الحشد وحسم القوّة على الأرض

انتخابات الحشد وحسم القوّة على الأرض

by رئيس التحرير

سهاد طالباني /كاتبة وسياسية ورئيسة منظمة قنديل الدولية – كردستان العراق

ربما ليس من الجديد في شيء ان نقول ان المليشيات المسلحة في العراق تلعب دورا مهمّا ومؤثرا في الحياة السياسية في بلد يعاني منذ عقود من ضجيج أصوات الانفجارات والبنادق، فقد اعتاد المتابع للمشهد السياسي العراقي أن يرى لكل حزب سياسي رئيسيّ مليشيا مسلّحة توفّر له السيطرة على جزء من الأرض، وتنعكس هذه السيطرة لاحقاً في أيّ عملية انتخابية، على شكل أصوات تصل بهذا الحزب الى مجلس النواب ومقاعد الوزارة لكن الجديد الان، ومع اقتراب موعد الانتخابات المحدّد في منتصف شهر أيار القادم، هو ان المليشيات العسكرية عكست الصورة، فبدلا من ان تكون المليشيات هي الذراع العسكري للأحزاب، قرّرت عدد من فصائل الحشد الشعبي ان يكون لها ذراع سياسي تخوض به الانتخابات، فجاء الإعلان عن تشكيل تحالف الفتح الذي يقوده فصيلان اساسيان من فصائل الحشد الشعبي وهما منظمة بدر بقيادة هادي العامري وعصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي.

نتيجة بحث الصور

هادي العامري رئيس منظمة بدر العراقية 

 

معادلة المنتصرين والمهزومين

قيس الخزعلي قائد عصائب أهل الحقّ

الأمر هنا لا يحتاج الى كثير من التحليل، فما يحدث هو محاولة مباشرة من قيادات الحشد الشعبي العسكرية للاستفادة من النصر الذي تحقّق على تنظيم “داعش” الإرهابي، تماما كما يحاول اكثر من طرف سياسي ان يستفيد من هذا النصر وعلى رأسهم رئيس الوزراء الحالي السيد العبادي الذي شكّل تحالفا انتخابيا يحمل اسم “النصر” ليخوض به الانتخابات، وكان العبادي في بداية الامر يأمل في ان يضم الى تحالفه قيادات الحشد الشعبي ليطبّق المعادلة القديمة، الا ان طموح هذه القيادات كان اكبر من ان يحتويه أي حزب سياسي، فقرّرت خوض الانتخابات في تحالفها الخاص.

نتيجة بحث الصور عن العبادي العراق

حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي 

تحالف “الفتح” يدرك جيدا ان له وزنا انتخابيا كبيرا في الانتخابات القادمة، خاصة مع انقسام حزب الدعوة بين المالكي والعبادي، وهو ما يعني أن الانتخابات القادمة هي “انتخابات الحشد” بامتياز، وهو الأمر الذي لا تخفيه قيادات تحالف الفتح عندما تتحدث عن مرحلة ما بعد الانتخابات، أو بالتحديد عندما تتحدّث عن تشكيل الحكومة القادمة، وبالتحديد أكثر عندما نتحدث عن منصب رئيس الوزراء في هذه الحكومة، ولعلّنا لا نذيع سرّا عندما نقول ان التحالف يطمح في أن يكون هذا المنصب من نصيب القيادي العسكري هادي العامري.

وبعيدا عن منصب رئيس الوزراء في الحكومة القادمة فإن الأمر شبه المؤكد أن فصائل الحشد الشعبي ستلعب دورا أساسيا في تشكيل الحكومة العراقية أيا كان رئيسها، وذلك لأنه لن يكون ممكنا تشكيل أي تحالف داخل مجلس النواب بعيدا عن الحشد الشعبي الذي من المتوقع ان يحصد عددا من المقاعد تمكنه من ان يكون شريكا رئيسيا في التحالف الراغب في تشكيل كتلة برلمانية قادرة على تشكيل الحكومة، وهو ما يعني ببساطة قدرة فصائل الحشد على فرض شروطها داخل هذا التحالف، والاحتمالات مفتوحة هنا، حيث يمكن ان تلعب فصائل الحشد داخل مجلس النواب دورا يشبه بيضة القبان كما يمكنها ان تقود بناء تحالف برلماني، وفي كل الأحوال فإن هذا يعني ان حصّة فصائل الحشد في الحكومة العراقية القادمة ستكون حصّة كبيرة ومؤثّرة.

نتيجة بحث الصور عن الحشد الشعبي العراقي

الحشد الشعبي بدأ من الهامش وصار من صلب التشكيل السياسي في العراق

لهذا علينا أن ندرك ان هذا التحول في المشهد الانتخابي والسياسي في العراق ليس تحولا بسيطا، فنحن أمام فصائل عسكرية تسعى الى السيطرة على المشهد السياسي من خلال الانتخابات، وهو أمر له تبعات مستقبلية كبيرة وخاصة فيما يتعلق بالعلاقات بين المكونات السياسية والمجتمعية في بلد لم يصل حتى الان الى مرحلة يمكن وصفها بأنها مرحلة استقرار، فهذه العلاقات المتوترة أصلا ستكون مرشحة لمزيد من التوتر والتأزيم بعد الانتخابات، حيث يرى الكثيرون أن التعامل مع الحشد سياسيا يعني التعامل مع عقلية عسكرية ذات جذور طائفية، وهذا المزيج في السياسة هو مزيج مخيف، ولعل تصريحات القيادي في تحالف الفتح أبو آلاء الولائي ترسل من الان رسائل غير مريحة لباقي الأطراف.

نتيجة بحث الصور عن أبو آلاء الولائي

أبو آلاء الولائي قيادي في تحالف الفتح

حيث قال الولائي حرفيا “نحن نعتقد ان الدماء التي اعطيناها يجب ان نحافظ عليها وعلى حقوق الحشد للسنوات المقبلة”.

يخبرنا التاريخ ان كافة التجارب التي أصرّ فيها العسكر على لعب دور سياسي انتهت الى فشل او الى كوارث، ومن لا يتعلّم من دروس التاريخ سيدفع دون أدنى شكّ الثمن مضاعفا عمن سبقوه.

 

خاصّ – إلّا –

You may also like