صفوان القدسي رجل المواقف والتصريحات في مؤتمر سوتشي

صفوان القدسي “رئيس حزب الاتحاد الاشتراكي العربي ” لم يغادر وطنه الأمّ سوريّة، ولم يغدر بمن أولاه ثقته، وصلاحياته، وحزبه، ومساحاته، التي يراها البعض بمنتهى المحدوديّة، لأنها على هامش القرار، وبأعطاف نظام لا يعترف بالنديّة، أو الاستقلالية التامّة المشروعة في ظلّ وجوده، لكن القدسي يدحض هذه الانتقادات ويعتبر أنّ المساحة المتاحة له تكفي للتعبير عن رؤيته وقناعته وتطلعاته، والتي وضع لأجلها كامل فصاحته ومطلق بلاغته المشهودة، حتى عرف عنه حسن الحديث وتميّز الخطاب أينما حلّ وأينما وجد، لا يعترف بالنشر الألكتروني، ونحن بدورنا، ومن خلال ما يتوفر لدينا من وسيلة نشر ومن باب الحرص والتقدير والإعتراف بشخصه ودوره آثرنا نقل مشاركته ” حرفيّاً ” في مؤتمر “سوتشي ” الذي انعقد مؤخراً في روسيا وباجتماع شامل للكوادر السورية المتمثلة بأقطاب المعارضة وأقطاب النظام السوري..

متابعة مكتب  مجلّة  – إلا – زاهر قضماني – فرانكفورت 

في جميع الاحوال هذا المؤتمر كان مؤتمراً ناجحاً في كلّ المعايير والمقاييس، وقد شكّل هذا المؤتمر نقلة، لا أقول أنها نوعية، ولكن أقول هي نقلة جيّدة، في الاتّجاه الصحيح أنا أعرف أن التحضير لهذا المؤتمر يجري منذ فترة طويلة، وأنّ الرئيس “بوتين ” كان شخصيّاً مهتمّاً بانعقاد هذا المؤتمر، وبالمناسبه فإنّ للرئيس بوتين شعبية كبيرة، وأنتم كروسيا الاتّحاديّة، لكم أيضاً تقدير خاص من الشعب السوري، لأنكم لعبتم دوراً كبيراً لتأمين غطاء سياسي، وعسكريّ للحالة السورية، التي هي في أبسط تغيراتها فهذه الحالة، هي حرب شرسة استثمرّت حتى الآن حوالي سبع سنوات، وهي حرب يُراد منها تدمير سوريا، وقد دمّروا جزء منها، ومع الأسف هذه الحرب كانت تريد أن تنال من تاريخ سوريا وجغرافية سوريا.

فسوريا لها موقع هام في الجغرافيه السياسيّة في الجيوبولتيك، وأنتم تعرفون أنّ الجغرافيا تفعل فعلها في القرار السياسي، فهناك عِلم اسمه عِلم الموقع، وموضع هذا العلم مهمّ جداً، فهذا العلم يحدّد أهميّة هذه الدولة أو عدم أهميّتها، مثل جزيرة في المحيط الهادي لا تعني شيئا للعالم، ولكن دور و موقع سوريا في محيطها وإقليمها وأيضاً على امتداد العالم، كان دوراً مهمّاً، كان يُراد باسم ما سُمي زورا وبهتانا، باسم “الربيع العربي “، وهو لم يكن ربيعا على الاطلاق، بل كان مؤامرة كبيرة جداً جداً، شارك فيه دول عديدة…….

مع الاسف دول بعضها عربي، وبعضها الآخر من محيط سوريا الاقليمي، وبعضها الاخر من الدول الأوربيه والولايات المتحدة الاميركيّة، نحن عشنا سبع سنوات عانينا خلالها الكثير وذهبت أعداد كبيرة من الضحايا، ليس بالموت فقط وإنما بالإعاقات الجسديّة، التي حصلت لهم نتيجة، هذه الحرب أنا لا أريد أن أدخل في تفصيلات ربما أنتم تعرفونها جيدا وريما تتابعونها، ولكن أردت أن أؤكد أهميه الدور الروسي الفعال، والمؤثّر عما وصفته في إيجاد غطاء سياسي وغطاء عسكري ساعد في حمايه سورية من هذه الحرب المدمّرة، طبعا هذه الحرب لم تنتهِ ربما هي في نهايتها ولكن مازالت هناك قوى غير داعش تواصل افتعال الأزمة، وتحرص على التصعيد والاستمرار للحرب في سورية، ونحن قد قضينا على الجزء الأكبر من داعش بمساعدة أصدقائنا في روسيا الاتّحادية، ولكن بقيت هناك تنظيمات إرهابيه أخرى هي من بقايا الاخوان المسلمين، كجبهة النصرة وأخواتها، هؤلاء ما زالوا يفعلون شيئاً سيّئاً على الأرض السورية، في بعض المواقع فلا بدّ من التعامل مع هذه الظواهر التعامل المناسب .

أنا ربما استطردت قليلاً وذهبت بعيداً في الحديث عن المشهد في سورية، لكن ما يهمّني الآن أن أتكلّم قليلاً عن هذا المؤتمر الذي قلت أنه يشكّل خطوة هامة جدّاً، في الاتجاه الصحيح فكما شرح لكم صديقنا العزيز وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فإنّ هذا المؤتمر أثمر عن ثلاثة نتائج هي :

١ : البيان الختامي المؤلف من حوالي خمس صفحات وتناول فيه مسائل عديدة .

٢: النداء الذي وجّهناه إلى الأمم المتّحدة ،وإلى دول العالم وإلى المنظمات الدولية والانسانيه فيما يتعلّق بأوضاع الشعب السوري، وكذلك فيما يتعلّق بالدستور السوري .

هذا الدستور أُسِسَ وأُقِرَّ باستفتاء شعبي عام -٢٠١٢ – تحديداً أتى بعد الدستور السابق الذي صدر عام ١٩٧٣ عندما كان القائد الخالد حافظ الاسد، هو الذي يقود سوريا، هذا الدستور ربما كانت هناك ضرورات لإعادة قراءاته قراءة جديدة، في ضوء التغيرات والمستجدّات، ولكن أنا لو سألوني لقلت لن تأتي التغيرات نوعية، فهي قد تكون تغييرات هامّة، فأنا قرأت الدستور، وشاركت ربما في إعداد الدستور المعمول به حالياً، واعتقد أنه دستور يتناسب تماماً مع الحاله السورية، والظروف، والبيئة، والثقافة، والعقلية، والذهنية السورية، فهو ليس مستورداً من دولة أخرى، هو الابن الشرعي للبيئة السوريه الحاضنة لهذا الدستور ولكن بعد هذه الحرب المدمّرة، ربّما كان هناك ضرورات لإعاده تقييم بعض المواد، إذ لدينا في سوريا بالمناسبه كثيرون يظنون أنه ليس هناك تعدّدية حزبيّة وسياسيّة .

نحن منذ قيام الحركه التصحيحة منذ عام ١٩٧٠ بقيادة حافظ الاسد، أصبحت لدينا تعدديّة سياسيّة وحزبيّة، تأسست على أساسها الجبهة الوطنية التقدمية، في ٧ آذار عام ١٩٧٢، ثمّ جاء الدستور، والبعض يظنّ أنّ الدستور هو منشأ الجبهة، والجواب: لا.. وللتصحيح لم يكن المنشأ، بل كان كاشفاً عن وجود هذه الجبهة، والبعض يخلط في ما يتعلّق بالمادة الثامنة التي كان يثار حولها لغط كثير .

لا شكّ أن الدستور جاء تعبيراً عن وجود هذه التعدديّة الحزبيّة والسياسيّة، التي تعترف بوجود أحزاب وقوى سياسيّة فعّالة ومؤثّرة.

ونحن في حزب الاتّحاد الاشتراكي العربي نحتفل في شهر تموز المقبل في العيد الرابع والخمسين لتأسيس الحزب عام ١٩٦٤ وهو حزب ناصري، ربّما بعضكم لم يعايش حقبة جمال عبد الناصر، وصحيح أني كنت صغيراً عند وجود جمال، لكنّ الشعب العربي كله كان متأثراً بهذا القائد التاريخي، الذي قلّ مثيله وعزّ نصيره.

نحن حزبٌ ناصريٌّ يعتمد على مبادىء، ربما البعض منها كان صالحاً للأخذ به، في مصر عبد الناصر، والبعض الآخر كان صالحاً للعمل به في سورية .

على كل حال أعتقد أننا سنشهد في المرحله المقبله، انعكاسات وارتدادات ايجابيّة، لهذا المؤتمر الذي انعقد في استضافه الأعزاء في جمهوريه روسيا الاتحاديه وكما قال الصديق العزيز حصلت بعض الخلافات في هذا المؤتمر وهذا أمر طبيعي فهناك من جاء من سورية، ومن خارج سورية، وأماكن متعدّدة، وأنتم تعلمون أنّ الحالة السورية، شهدت صِراعاً ليس داخلياً بالفعل، بل هو مؤامرة خارجية بالدرجة الأولى، لكن كان لها آثار سلبية جداً في الداخل السوري وربما كانت في بعض الحالات هناك بيئة حاضنه لهذه المؤامرة، وهذه الحرب هي التي ساعدت ليس بنجاح المؤامرة لكن على أن تتوسّع وأن تتنتشر في مجالات معينة مخطّط لها منذ مدّة طويلة.

لا بدّ من القول أن الشعب السوري في أغلبيته العظمى، يقف ضدّ الإرهاب ونحن نعتقد أن هذا الارهاب سوف يرتد على الدول التي صنعت هذا الارهاب، وهذه التنظيمات وجميعها من خارج سوريا، فداعش لا شكّ عندنا هي صناعه أميركيه بالدرجه الأولى مدعومة، في دول أوروبا ودول عربيّة، التي تعرفون الكثير عنها مثل المملكة السعودية، وربما دول أخرى.

نحن في هذا المؤتمر خطونا خطوة إلى الامام ونعتقد أنه سيترتب على هذه الخطوة نتائج هامّة لا أعرف متى ستظهر على وجه التحديد ولكن ستظهر بكل تأكيد، مرّة أخرى نأكّد صداقتنا مع الشعب الروسي العزيز، والصديق، والوفي، ونشكر جهود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كحليف قوي ضدّ الهجمة الهمجية على سورية، ونؤكّد أنّ له مكانة خاصّة عند الشعب السوري، كما وأؤكد شكري للصديق العزيز سيرغي لافروف على المساعي التي بذلها وهي مساعٍ شاقّةٍ فعلاً، حيث كان يتابع كل صغيرة وكبيرة، في هذا المؤتمر دون أن يفرض وصايته على أحد وهذا أمر مهمّ، أتاح أن يبقى الحوار سورياً سورياً بامتياز، ولكنّ خبرته ساعدتنا على تجاوز الصعوبات وبعض العقبات التي اعترضت سبيل هذا المؤتمر .

المداخلات الصحافيّة :

سلام العبيدي.. فيما يخصّ وحدة الأراضي السورية وعدم تجزئتها، هل هناك أيّة إشارة لها في هذا البيان الختامي، ولمن وجّهت هذه الاشارة..؟

تعليق سريع على الاخ  سلام العبيدي أقول: إنّ الاخوة في روسيا منذ أن اتّخذت الهيئة العليا للمفاوضات قرار المقاطعه في مؤتمر سوتشي طبعا ليس كل الهيئة فمن أصل ٣٦ حضر أحد عشرة عضو منهم، ولكن منذ الساعات الأولى لإعلان نيّتهم بعدم المشاركة في المؤتمر، سمعت تصريحاً من أحد المسؤولين الروس قال فيه، أنّ هؤلاء سوف يندمون لعدم مشاركتهم هذا المؤتمر، وأنتم تعرفون معنى الندم تماماً، وأتمنى أن لا تطول معاناة الشعب السوري وتحلّ هذه المسألة وشكرا.

هذه المسألة بالنسبه للسوريين مسأله غير قابلة نهائياً لأيّ نقاش، ولن نقبل إلا بسورية واحدة موحّدة، ولن نقبل أن يبقى شبر واحد من الأراضي السورية، خارج سيطرة الدولة السوريّة، هذه مسألة تتعلّق بكرامتنا الوطنيّة، وأنتم تعرفون من خلال روسيا، والحروب التي خاضتها طبعا أن هذه مسأله تتوقّف على عدّة عوامل واعتبارات، فشعبنا مصمّم على تحقيق هذا الامر .

طبعا سبع سنوات صبر ليس لكي نتخلى في نهاية المطاف عن جزء من الأراضي السورية، لأنه مع الأسف البعض يحاول بالسياسة أن يأخذ مالم يأخذه بالحرب، وأؤكّد لكم أنه لن تكون هناك أرض سورية خارج سيطرة الدولة، وقد تسألون متى..؟! سأجيب لا أعلم متى بالتحديد فأنا لست متأكّداً من تحديد التوقيت، لأنّ الحرب مع الأسف مازالت مستمرّة، وشعبنا صامد ومصمّم على تحقيق النصر.

المصدر:

من أجواء مشاركة رئيس حزب الاتّحاد الاشتراكي العربي “صفوان القدسي ” في مؤتمر سوتشي – روسيا الاتّحادية