Home لـوثـة إلّاأدب حبر معتّق

حبر معتّق

by رئيس التحرير

شوقي بغدادي / شاعر وكاتب وناقد سورية الأول – دمشق

سنبدأ بالحديث عن الحب والصداقة منفردين تارة ..وأخرى مجتمعين.. فإذا بدأنا بالحب محاولين وضع تعريف له وجدنا أن أيّ تعريف نعرضه على أي عاشق سيجيب هذا كلام من هراء، فالحبّ لا يعترف بالتعريفات، وإذا كان العاشق مسايراً فقد يجيب بقوله: الحبّ لا يعرّف..بل يوصف…. حسناً..لن نعرّف إذن احتراماً للعشاق بل سنصف ..أو بتعبير متواضع..سنحاول أن نصف فالنلغِ هذا السؤال :ما هو الحبّ؟ إلى قولنا ..كيف نصف الحبّ؟

إذا قبلنا وصف الإنسان بأنه مزيج متوحّد في مضغةٍ واحدة بين المادة و الجسد والنفس أي الروح _معترفين بوجود ما يسمّى الروح _ فإن الشخص ذكراً كان أم أنثى..محاط بالجنس الآخر ومنجذب إليه قبل وقوع الحب _كما يقول علماء البيولوجيا _بالرغبة في الحصول على أولاد أو خَلَف له، وهذا ممكن بالإتّفاق مع أيّ فرد من الجنس الآخر.

حتى هذه الخطوة لا يكون الحبّ قد وقع بين الطرفين بعد، ذلك لأنّ الحب يعني الإستجابة لعاطفة خاصّة أي لعملية إختيار شخص محدّد وليس أي شخص.. وهذا الإختيار يقع نتيجة انجذاب محدّد لشخص معيّن بسبب إعجابنا الشديد بجمال جسده كلياً أو جزئيا أحيانا كتأثّره بوجه بالغِ الوسامة أو رشاقة في القامة أو تعبير عميق في العينين وغيرها من صفات الجسد، وقد يتأثّر الشخص بصفةٍ معنويةٍ او نفسيةٍ أو روحيةٍ _كما يقول بعضهم _كطريقة الشخص الآخر في الكلام أو الكرم أو الإيثار في خدمة عامة، والدفاع عن المقدسات أو عن عناصر الجمال في الفنون، أو مظاهر الطبيعة أو القدرة، على التعبير بأسلوب رفيع، وعميق الثقافة، وغيرها من صفات النفس من جرأةٍ أدبيّة، أو شجاعة اسطورية، أو قدرة على القيادة الحكيمة وغيرها.

وبهذا المعنى تتوهج الشرارة الأولى في جاذبية الشخص للشخص الآخر جسديا أو روحياً أو بالإثنين معا ..وهكذا تتدفّق عاطفة خاصّة قوامها الإنجذاب المطلق، لرجل معين نحو امرأة معيّنة نسميها عادة بالحب. . !!

وعندئذ لا تطيبُ الحياة للذكر إلا مع هذه الأنثى التي أحبّ. ..ومثله لا تطيب الحياة للانثى إلا مع هذا الذكر الذي أحبّتْ.

وهكذا لا ترتوي الغريزة الجنسية لدى أي طرف إلا مع الطرف الآخر ..بل لا يطيب الكلام، والحوار إلا مع الطرف الآخر.. وهذا النوع من الحب الذي وصفناه عن حبّ الأم لأولادها أو الأب لأبنائه..إننا نتحدّث إذن، ونصف الحبّ الذي يجمع بين الذكر والأنثى في كل مشاغل الحياة المشتركة، من مسرّات الجماع الجنسي والعاطفي، والهموم المختلفة التي تعترض الطرفين…

هو الحبّ الذي تغنّت به الأساطير والقصائد والحكايات والروايات، والقصص، وقد ننبّه هنا أن التاريخ العربي خاصّة يتحدّث عن نوعين من الحب بين الذكر والأنثى، إذ ثمّة نوع تسميه كتب التاريخ الأدبي :الحبّ العذري، ويقصدون به الحبّ الذي يتميّز في الشعر خاصة _ ولا ندري ما إذا كان له وجود حقيقي، لدى العشاق من غير الشعراء _مثل قيس العامري، وجميل بثينة، وذي الرمّة، وآخرين _ وتريستان وإيزو، وروميو وجولييت، وغيرهم في الآداب الغربية الموازية.

والحبّ هذا الموصوف بتلك الصفات لا يشبه طبعا، العلاقات التي تنشأ بين بعض الحيوانات كالحمام مثلا، ذلك لأن الحيوان لا تحرّكه الأفكار، كما يحدث للإنسان فالحبّ الذي نتحدّث عنه هنا، يخصّ البشر فقط..

 

خاصّ – إلّا – مقطع من حوار مفتوح

You may also like