Home إلّا بيروت ودمشق حكاية حبّ رغم أنف الحرب

بيروت ودمشق حكاية حبّ رغم أنف الحرب

by رئيس التحرير

رواد زكّور / مهندس وكاتب سوري وناشط في عالم الفنّ – اسطنبول

من عادة الحرب أن تكسر رتابة الموهبة وتنقلها برميةٍ واحدةٍ إلى طورٍ آخر، وربّما أطوارٍ مُباغِتةٍ من النّشاط والوفرة والإفراط في الحساسيّة والرّهافة في الطّرْح والتّمكُّن من التّسرُّب إلى الأخلدة بسلاسة وتأثير موجع…

لذلك تخلق هذه الموهبة وسائل تحدّي وتعبر الحدود المتوقّعة حتّى لنفسها، لدرجة استقطابها للمحيط مهما كلّفت الأثمان… ويصير شغف الوصول، والولع بالإبداع، سماداً ليبرعم الأزهار المستنسلة من شقوق صخور الدّشم والمتاريس وفوارغ الرّصاص والقذائف…

نتيجة بحث الصور عن فيروز

فيروز ابتسامة تنتصر على الخراب

هكذا وقفت “فيروز” عام 1994 في ساحة الشّهداء الممسوحة بالزّفت والفرح، الذي غطّى على الغبار المتراكمة من نيران السّبطانات، والأحقاد، والفوضى، وقالت بصوتها الذي وحّد جميع الصفوف في ليلة خالدة أدرك بعدها الجميع كم هي غادرة تلك الحرب، وكم كانوا أغبياء حين انساقوا إليها وأدركوا تماماً وبعد فوات الأوان ماقصدته فيروز آنذاك: “في بنت وصبي هلّق صار عمرن 15 سنه، ما عرفوا لبنان الحلو، وبدّن يرجعوا يعمّروه “!!…

نتيجة بحث الصور عن ميادة الحناوي

ميادة الحناوي مطربة الأجيال على امتداد الأزمنة

ونذكر فيما نذكر أنه خلال الحرب الأهليّه في لبنان قد سجّلت السّيّده ميّادة الحنّاوي أجمل أغانيها في استديوهات بيروت، تلك الأغاني التي غزت العالم العربي وحملت بجدارة اسم مطربة الأجيال ولفتت كبار الملحنين ليكونوا إلى جانبها وليقدموا لها أعمالهم القيّمة، وشكّلت منذ ذلك الحين ذاكرة حيّة ومستمرّة وصولاً إلى هذه اللحظة.

نتيجة بحث الصور عن وديع الصافي

وديع الصافي قامة فنية لا تُنسى

في الوقت نفسه كان أيضاً معظم فنّاني لبنان يتوافدون إلى دمشق هاربين من ويلات حربهم؛ لتسجيل أعمالهم في إذاعة دمشق وتصوير أعمالهم في استديوهات التّلفزيونَ السّوريّ، ويتسابقون على إحياء ليالي المعرض وأيام بُصرى

نتيجة بحث الصور عن ملحم بركات

الموسيقار المحبوب ملحم بركات

وفي مقدّمهم الفنان الكبير وديع الصافي والموسيقار المحبوب ملحم بركات، والنجم العربي وليد توفيق، إبّان إقفال بعلبكّ آنذاك لمعابدها الغرّاء…

صورة ذات صلة

النجم العربي وليد توفيق

ولا تزال غصّة ودموع فيروز في بُصرى كعويل عشتروت على تمّوزها… “شامُ يا ذا السّيف “.. تغسل”مُدرجات ” بُصرى ومسرحها.. آنذاك..

في المقابل كان الطّفل المعجزة.. “جورج وسّوف “… ينطلق كنجم ثاقب للسواد من سماء الحرب اللبنانية، وسجّل أغانيه الأولى في استديوهات بيروت بشقيها الشرقي والغربي متجاوزاً بمحبّة الجمهور العريض جميع المحاور والجميع يُردّد في سرّه وعلانيته: دبنا ع غيابك، الحبايب، ترغلّي، حلف القمر، يا مولدنه، أنا مسافر، الهوى سلطان، روحي يا نسمة… وأحيا العديد من الحفلات الحافلة بالنجاحات المتجدّدة وصوّرها هناك، وسطع اسم سلطان الطّرب من لبنان ليغطّي على معظم الخلافات والضغائن…

نتيجة بحث الصور عن جورج وسوف قديم

جورج وسوف نجومية مبكّرة جداً وجمهور عاشق في البلدين

حتّى نزار قبّاني لم يبرح بيروت “ستّ الدّنيا” في درب آلامها بل مشى معها على طريق الجلجلة، ووهبها “بلقيسه” التي تألّم لفراقها أشدّ الألم وكابد الحزن الذي أضاف لإبداعه كل إبداع ممكن..

كل ما أذكره هنا عن بيروت، لأضع علامة فارقة، ونقطة مضيئة، وابتسامة رضى، بأنه الخراب مهما استفحل، والحقد مهما تمادى، تظلّ السرائر حُبلى بالمغفرة، فها هي بيروت قد سامحت سابقاً من أهداها السّكّين !

نتيجة بحث الصور عن نزار قباني

الشاعر الكبير نزار قباني

ودمشق اليوم كبيروت الأمس، مع فارقٍ شاهق يحمل خصائص العصر وأساليبه المُستحدثة.. كبيروت التي تفجّرت وتتشظّت ببنيها وبناتها في كلّ الأصقاع، دون أن تنتظر لمسة الوفاء الصّادق كعادتها… كبيروت الماضي هي دمشق الحاضر، مغدورة ومغتالة بصِدْق سريرتها !

بيروت ودمشق… جناحا الشّرق الحزين.. اللذان يرفرفان بانتظام وعذوبة وسموّ، دون تناغم !!!.

مَن يتمنّع اليوم من لبنان عن الحضور والتّجلّي ويتكبّر على دمشق الشّامخة وعلى مواساتها في جرحها، ليكن على ثقة أنها ستعيد احتضانها له غداً عندما تتعافى، فهي “أمّ” كما سبق وقلت في روايتي: أمّ الفرص ولو كانت ضائعة !!…

دمشق وهي تصيح: إلهي إلهي لماذا شَبَقْتَني؟.

لا تلتفت إلى الذين يتنازعون على ردائها عند أقدام صليبها.. بل على مَن ينثر الياسمين مجدّداً عند طرقاتها ومنعطفاتها وأهلها ومساءاتها..!!.

 

خاصّ – إلّا –

You may also like

1 comment

روحي المشرقي 18/07/2017 - 1:41 مساءً

قلم دامع دامي
يسلم هالفكر يا رودي

Comments are closed.