Home أقلام إلّا مقامات فلسفيّة تحتَ طائلةِ الأنسنةِ الزائدة

مقامات فلسفيّة تحتَ طائلةِ الأنسنةِ الزائدة

by رئيس التحرير

أيمن الخطيب / كاتب ومحلّل سياسي أردني – عمّان

النزعة الفردية المضخّمة، الليبراليات السالبة، و قوى واجهات الأنسنة الزائدة ” تُعرّف الليبرالية على أنها حريّة الفرد داخل المجتمع والدولة، وحقّ الاختيار الذي يضمن حريّة ممارسة كافة الطقوس والشعائر والعقائد دون تدخل من أحد، ثمّ تأتِ حريّة المجتمعات وحركتها في المحور السياسي والإقتصادي والايدولوجي الذي يذيب في جوهره كافة الحواجز ويعيق دور السلطة _ الدولة _ تدريجيّاً للدرجة التي تصير فيها دولة بمحلّ ما يفترض أنها دولة، كأن تكون أحياناً دولة هامش أو أن تكون صاحبة دور خدمي محدود غالباً.

ولعلّ الليبرالية عربياً، قد تجاوزت ظرفها التاريخي والمادي، وأفرغت حينما استقبلت هذا النوع من الأفكار جيوبها التراثيّة و واقعها المعقّد، لتنطلق في مساراتٍ مجزوءةٍ، وهي تفهم الليبرالية وتصوغ لها أُطرها الفكريّة وحدودها كممارسةٍ عمليةٍ، فحين استمذجت التجربة الأوروبية بكل جوانبها، وأرادت لها أن تكون نموذجاً عربياً دون أيّ اعتبار لإختلافِ الحالة بين النموذجين.

هكذا وقعت في شرك الفهم الناقص لتصير ليبراليات سالبة، يتحوّل معها الفرد لكيان مضخّم على حساب الدولة، و تنشأ في تفاصيلها قوى تتجاهل وتتغافل عن التناقض الرئيسي الذي يَحوْلُ بينها وبين الدولة المدنيّة، أي التناقض الذي مع الآخر _ الغرب _ بمحلّ ما هو يعتبر المستعمر، لذلك سعت هذه القوى و واجهاتها لتمرير في جملة ما تُمرّر طروحاتٍ لا تنسجم مع واقعِ الفرد العربي المضطّهد ولا حال الدولة التي لا تزال ترزح تحت وطأة عقد الدور الوظيفي لا أكثر، وحين تطوّرت كانت تحاول أنسنة العدو، واعتبار ما يزيد عن 100 عام من سرقة أرض وتطهير عرقي فيها، وكلّ ما ارتُكِبَ من مجازر، وتشريد، وعبث واضح، على أنه شيء يمكن تجاوزه والتعامل معه في مستوى متقدّم من علاقات رخوة وارتباطات بمعاهدات وهمية.

في جملة ما نعنيه هنا، أنّه لا الفرد العربي استطاع أن يصل مع نفسه للنضج الفكري الكامل، ولا هو تمكّن من تجاوز عُقدهِ الإيدولوجيّة بما يسمح لقولبة أيّة ثقافة مختلفة، ولا الدولة التي تتحالف مع كل ما يمكن أن يكون مضادّاً للدولة المدنيّة قد تجاوبت معه وهي في موقع السلطة، ولا ردّت على كافة التساؤلات، ووفّرت مناخاً حقيقيّاً للعبور نحو مرحلة الحداثة على الأقلّ، في وقت يتّجه العالم كلّه إلى ما بعد الحداثة، وعليه الدعوة لا بدّ من حراك سياسي من هذا النوع كأن يتبنّى هذا الشكل الذي لا يمكن له أن يمرّ طبيعيّاً إلا في إطار حركة تحرّر وطني تحسم كلّ أشكال الصراع.

هكذا تتحقّق السيادة التامّة والعدالة الاجتماعية، وتتحرّر ثروات العالم و إرادته السياسيّة، وعدا ذلك هي مجرّد محاولات هشّة سريعة الزوال بسبب طبيعتها الرخوة كما أسلفت أعلاه، ولا شكّ أن مشروعاً كهذا ينسجم مع مشاريع أخرى جعلت أكبر أهدافها هدم الوعي العام، وتمييعه، وتزيفه، وتقويض أيّة محاولة حقيقيّة تسعى للنهوض.

 

خاصّ – إلّا –

You may also like