Home أقلام إلّا الكوميديا الداعشية في غرابيب سود

الكوميديا الداعشية في غرابيب سود

by رئيس التحرير

 

أحمد محمد السح / شاعر وكاتب سوري – دمشق

يبدأ مسلسل غرابيب سود برواية حديث : ( إذا رأيتم الرايات سود .. إلخ ) الحديث الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي منذ عام 2014 عام نشاة التنظيم الإرهابي المشبوه، لكن الشبهة الحقيقية أن العمل يبدأ رواية الحديث بعبارة ” ذُكِرَ في الأثر ” مع العلم أن الحديث ينسب إلى الإمام علي بن أبي طالب ابن عم الرسول العربي محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، وتختلف المراجع في نسبة الحديث حتى يكاد يكون مشبوهاً في نسبته إلى الإمام علي، والمستغرب أن يكون التثبّت من الحديث ببعض المراجع الدينيّة الرهيفة، وليس المعمّقة، سيؤكد أن هذا الحديث مختلفٌ عليه وبالتالي من الخطأ البدء به، وكان أولى فيما لو أريد البدء به أن ينسب إلى الإمام علي بن أبي طالب، لا أن يزاد إلى ضعفه ضعف بعبارة مطاطة هي ” ” ذُكِرَ في الأثر “.

نتيجة بحث الصور عن مسلسل غرابيب سود

ربما يكون البحث هو النقيصة تامّة الأركان التي بُني عليه العمل الذي كتَبَتْه كما ذُكر في الشارة  ( لين أحمد ) التي يبدو أنها تجربتها الأولى في السيناريو، حيث تصدّت لنوع خطير يحتاج المتدخّل فيه إلى مراجع عديدة في دراسة التنظيمات الإسلامية، والتنظيمات التكفيرية والإرهابية، فمن غير الممكن لأحد أن يتحدّث عن تنظيم داعش الإرهابي إلا ويفرّق بين الأنواع الأربعة من التنظيمات وهي ( السلفيّة  – السلفيّة الجهاديّة – الجهاديّة – الجهاديّة التكفيريّة )

نتيجة بحث الصور عن الأسواق في غرابيب سود

مع العلم أنّ الفوارق بين هذه المصطلحات هي فوارق بسيطة بالشكل لكنها جوهرية الصميم، والبحث فيها والتمحيص لن يكون من خلال الاعتماد على الأسلوب التوصيفي والتخيّلي، وهو ما اعتمدت عليه الكاتبة حيث تخيّلت بيئة داعش وفق تصوّر كارتوني يعتمد على ما بثّه التنظيم حول نفسه من فيديوهات ليسوّق الرعب عن نفسه، فمن قال للشابّة أو للمخرجين الثلاثة أن الأسواق في المناطق التي يخضع لها التنظيم يشبه أسلوب التسوّق في العصر العباسي أو وفق المتخيّل عنه، بمعنى يظهر في العمل أسواق لبيع الأواني الفخارية وكأن المشهد مأخوذ من مسلسل هارون الرشيد أو دليلة والزيبق، وهذه الأخطاء الإخراجيّة في بنية المشاهد كثيرة ومتعدّدة لا بل إنّها متراكبة ،إلا أنّ الأهمّ هو أنّ الكاتبة مع المسؤولين عن إنتاج العمل صوّروا مفتي الجماعة وأميرها،

نتيجة بحث الصور عن الأسواق في غرابيب سود

الأمير “محمّد الأحمد ” والمفتي “سيّد رجب ” في غرابيب سود

وحتى قائد عملياتها العسكرية  ( أبو مصعب – غزوان الصفدي ) وصاحبة الحسبة فيه ( الخنساء – ديمة الجندي ) ضليعين باللغة العربية الفصحى وكأنهم من حملة شهادة دكتوراه في علوم اللغة العربية وآدابها، مع العلم أنّ قيادات التنظيم استخدموا العربية الفصحى لترهيب الناس الأميين ولتكون اللغة حاجزاً أمامهم وجسراً للسيطرة عليهم، وبالتالي هم غير مضطرين لاستخدامها في مخادعهم.

نتيجة بحث الصور عن ديما الجندي غرابيب سود

الخنساء / ديما الجندي

يصحّ الكثير من النقد حول هذا العمل الدرامي للعام 2017، وربما كثيرة هي المواد والمتابعات التي ستُنشر حوله لكن لابدّ من  الإشارة إلى أن الممثّل السوري محمّد الأحمد أدّى دوراً مقنعاً بالرغم من هشاشة النصّ، ومثله الفنان المصري القدير سيّد رجب صاحب الباع الطويل في الأدوار المميّزة والملفتة، كما حاول عدد من الممثلين  انتشال العمل ككلّ حتى من حضر منهم لمشهد واحد فقط – وما أكثرهم-  إلا أن الخطأ يبقى في ضعف النصّ ومعالجة الفكرة التي تحدّث عنها، وجبن شركة الإنتاج في البحث عن عمل قوي يعتمد شعار ” اعرفْ عدوّك  ” من منطق قويّ لا من منطق مهزوز كما شهدنا، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ العمل قد تمّ توقيفه دون اعتذار من المشاهد الذي أخذ المتابعة على محمل الجدّ، لأسباب لا تزال مجهولة.

 

خاصّ – إلّا –

You may also like