Home إلّا عبد المحسن حمودي نبضٌ حافلٌ بين ثقافتين

عبد المحسن حمودي نبضٌ حافلٌ بين ثقافتين

by رئيس التحرير

عبد المحسن حمودي / كاتب وباحث عراقي – السويد

ليس من السهل الوقوف على كامل تجربة الباحث والكاتب السويدي العراقي الأصل عبد المحسن حمودي، بلقاء واحد مهما تعدّدت فيه الأسئلة ومهما تنوّعت وتوسّعت لنبش حيثيات هذه التجربة التي أرست معالمها ورسّخت لعمارة شاهقة من الثقافة اللافتة العريقة والتي يمتلكها السيد الباحث حمودي بتفرّد وتميّز مشهودين على الساحة الثقافية العربية والغربية على حدٍّ سواء لما يتمتّع به من جَلَدْ وجديّة في البحث والتقصّي، ولما يتميّز به من حسّ عالي بالمسؤولية حين يكتب ويؤلف مستنداً إلى الذاكرة والتاريخ والموروث والمرجعيات الموثّقة..

ويسرّ مجلّة – إلّا – الألكترونية أن تنفرد بنشر هذا الحوار الذي يتناول جوانب مختلفة من حياة السيد الباحث حمودي والتي تعدّدت فيها مصادر المعرفة وتنوّعت بين الشرق العربي والغرب الأوربي وقد جمعهما السيد حمودي بكلّ ما في الكلمة من إخلاص ووفاء لبلده الأمّ العراق، ولوطنه بالتجنيس السويد…..

أجرى الحوار: الصحفية العراقية – شدوان مهدي – بغداد/ ستوكهولم

سؤال: مدى تأثير مدينة النجف على شخصكم، وهل وجدتم في السويد وجه تشابه في موطن معين؟

الإجابة على هذا السؤال يستدعي أن نتوقف بلمحة مكثفة عن تاريخ النجف إذ أنّ نشوء الفكر الإنساني لدى المبدع في مختلف أجناس الإبداع يعود إلى البيئة الثقافية التي لعبت دورا في نمو قابليته وإعداده في المرحلة الزمنية التي نشأ فيها والحيّز المكاني الذي عاش فيه، فأنا ترعرعت في مدينة النجف حيث أسهم أجدادنا القدامى في تشيد الكوفة، وكان لهم حارة فيها، ومسجد باسمهم، وبعد اكتشاف قبر الإمام علي من قبل أبي جعفر المنصور ساهموا بحراسة القبر خشية من أن يعبث به الخوارج، ثم ما لبثوا أن شيدوا بيوتهم حول المرقد لحمايته، ولاستقبال الزوار من مختلف العالم الإسلامي، ودفن موتاهم قرب مرقد الإمام في وادي السلام حبّاً بالإمام وتبرّكاً بالأرض التي دفن فيها. هذا، وتعتبر الآن مقبرة وادي السلام أكبر مقبرة في العالم.

نتيجة بحث الصور عن النجف

قصر الثقافة وهو أحد قصور النجف العامرة بالمزارات والتراث والمتاحف والمكتبات

أخذت النجف زهوها وازدهارها العلمي والمعرفي عندما انتقل إليها السيد الطوسي، واستقرت حوزته الدينية فيها. حينئذ فتحت مدارس دينية فيها، وانتشرت المكتبات، وأخذ الجدال الشمولي حول المواضيع الغيبية والدنيوية ينتشر ويتوسع الذي راح يطلق عليه الاجتهاد، وفي نفس الوقت أزدهر الشعر وكان للشاعر مكانة خاصة في المجتمع النجفي، وكذلك توسعت الحوارات المعرفية الهادئة سواء كان ذلك في السراديب أم في المجالس، ولا أبالغ إن قلت: كان في كل بيت نجفي مكتبة. وإذا صدر كتاب فلسفة  في أوربا يبدأ الحديث عنه في النجف، ولذلك كانت النجف الحاضرة العلمية والثقافية والتجدد في رؤية العالم في مجال الأدب والمنطق واللغة ومراجعة التاريخ برؤية نقدية متسامحة هادفة، وما يؤكد حديثي هذا هو الكم الهائل من “فطاحل ” الشعر العربي الذين برزوا من النجف، والقائمة معروفة، أما النثر فقد برز في وقت متأخر خاصّة القصة القصيرة التي يعتبر مؤسسها جعفر الخليلي في كتابه المعروف (هكذا عرفتهم).

Displaying file-5.jpeg

عبد المحسن حمودي / كاتب وباحث عراقي – السويد

هكذا نشأت في هذه الحاضرة النجفية التي لا يوجد فيها وسائل لهو للصبي، وإنما يوجد فيها الكتاب والحوار وإبراز القدرة في تناول مواضيع الأدب سواء كان ذلك شعراً أم نثراً أم التباري في النحو بإعراب الجمل المفيدة، وإن ارتباطنا تتلّمذ على بديع وفصاحة الكلام والبلاغة والبيان بحلاوة لغتنا العربية، وهي لغة القرآن الكريم التي وحّدت العرب، وأنشأت حضارة إسلامية موشّحة بنغمة الحكمة.

وهذه الأصالة المعرفية والبحث والتراث مفاهيم ترسخت في شخصيتي وتكويني، وقد حملتُ تراثها الغني الصادق الذي تبلور في مدينتي النجف حيث الصدق في التآلف مع الوجود الإنساني من منبع روافده أن تكافح الظلم، وأن تعيش حرا، وقد انعكس هذا في مجمل النصوص الأدبية التي كتبتها سواء في المضمون أو اللغة لأن جوهر تكوين شخصيتي هي عراقية  كما كان يقول الجاحظ عن أهل العراق: ( أن أهل العراق أهل نظر وذوو فطن ثاقبة، ومع الفطن والنظر يكون التنقيب والبحث)، ولا يسعني هنا إلا أن أتغنى مثلما تغنى حنين:

نتيجة بحث الصور عن الجاحظ

الفيلسوف المفكّر / الجاحظ

أنا حنين ومنزلي النجف……وما نديمي إلا الفتى القصف

أما ما يخص إقامتي في السويد العادل المتضامن مع الشعوب الفقيرة، المتسامح، والعاشق للسلام الذي أعطاني الحرية في التعبير، وحيث وجدت فيه طمأنينة الذات خاصة في مدينتي الجميلة بحيرة البلوط Eksjö، الصغيرة الهادئة، المحاطة بالبحيرات والغابات الخضراء التي حين وصلتها لم يكن يتجاوز عدد سكانها عشرة ألاف نسمة أما اليوم فوصل عدد سكانها ستة عشرة ألف نسمة، أجل أعادت لي هذه المدينة تلك السمة في التأمل التي تميزت بها في مدينتي النجف حين كنت أغرق في تأمل القمر، ونجمة الصباح وأنا أنتشي من أنسام الصحراء، وهذا ما أشار إليه العلامة الشبيبي في بحث قصير، إذ يوضح فيه أن كثرة الشعراء في النجف يعود إلى طبيعة موقعها وكثرة المدارس العلمية فيها. نعم، اعتدتُ في هذه المدينة السويدية أن أغوص في التأمل الواقعي وليس الوهمي كما يقول عنه الباحثون.

نتيجة بحث الصور عن ‪Eksjö‬‏

‪Eksjö‬‏ / مدينة الكاتب الساحرة على بحيرة البلوط في السويد

فأنا أنشّط ذهني للاستغراق في التفكير سواء كنت جوالا في غابة أم متطلّعا قرب بحيرة، لأكتشف أشياء في عالمنا المعاصر، لأدرك حسيّاً الوضوح في الصراع داخل المجتمع أو ما يجري من تدمير للطبيعة، ثم ما علاقة البشر بكل ما يجري، وما هو مستقبل كوكبنا الأرضي الذي هو بيتنا نحن البشر ثم أخرج باستنتاج أنا الفرد الذات، الموجود الحاضر، الواعي لوجودي، إذ أننا نحن البشر ندمر بيتنا الكوني بوعي أو دون وعي. هذا ما وجدته في تأمل كوني أينما كنت، لأسخره كمنتج إبداعي في الكتابة. هنا في السويد أنت تصنع نفسك كما في كل مكان، بوسعك أن تجتهد لتكون عالما أو كاتبا أو باحثا في التاريخ أو أن تنحدر إلى ملذات الدنيا وشهواتها، وحدكَ أنتَ تختار طريقك، وأسلوب حياتك، وإذا كانت لكَ رسالة إنسانية أفصِحْ عنها دون تردّد، فأنتَ المسؤول عن نفسكِ، كأن تحلّق بها إلى العلى أو تنزل بها إلى وهدة الجحيم. كل شيء متعلق بالذات المدركة لألفة  التعايش في صنع الذات. إذن هذا موطن التشابه والاختلاف في أي بلد تكون.

Displaying file-6.jpeg

عبد المحسن حمودي / واستراحة المحارب على جبهات البحث والمعرفة

سؤال: ما علاقة دراستك الدينية في تخصصك العلمي؟

هنا لابد من الإشارة إلى الامتداد التاريخي لمفهوم الدراسة الدينية سيما ونحن نعرف أن عددا غير قليل من فلاسفةِ وشعراء القرن السابع والثامن بل ويمتد إلى قبل ذلك في أوربا كانوا قد درسوا في المدارس اللاهوتية خاصّة في ألمانيا ثم تركوها لأنها لم تستوعب طموحاتهم الشخصية في التأمّل الحياتي، وهذا ما دعاهم إلى اختيار الفلسفة أو الشعر، بل ومنهم من اختار الموسيقى، فتركوا مدارسهم، وأصبحوا شخصيات لها تأثير في الحضارة البشرية. هذا من جهة ومن جهة أخرى أن عوامل عديدة أخرى لعبت دورا كي يحظَ بعضهم باهتمام بالغ بفكره في العصر الذي عاش فيه، بل اكتشفت كفاءته الفكرية وإبداعه بعد سنوات طويلة من موته، وصار أسمه لامعا في التاريخ أما ما يخصّ دراستي في كلية الفقه، فكانت تلك رغبتي لأنني كنت من عشاق اللغة ومغرما في النحو، فلم تفارقني ألفية بن مالك، ولم تفارقني كتب البلاغة والمنطق، ولا كتب التفسير والإعجاز، وقد تآلفتُ روحيّاً مع النَصّ التخاطبي لذلك كنت وما أزال أترنّم بجمالية اللغة التي أنسج بها النص، ولهذا حَدَثٌ أتذكّره الآن إذ بعد إصداري رواية “حكاية من النجف ” تلقيتُ العديد من الرسائل تدعوني إلى التبسيط في اللغة، وفي ذات السياق التقيت بزميل روائي، وقد أشار لي بأنه لاقى صعوبة في فهمها بينما آخر كان يقول لي: أنه كان يحس كما لو يقرأ ( …. ). هذا حدث بفعل تأثير دراستي في كلية الفقه لكن للأسف لم تحظَ هذه الرواية بدراسةٍ نقديّة حصيفة من قبل أساتذة اللغة، ولربما لم يسمعوا بها في حين خُصّص لها في السويد دكتورة عربية في الأدب أجرت دراسة عنها، ونشرت مقتطفات عنها في المجلّة الدورية للمكتبة الملكيّة السويدية.

لا شكّ أن كلية الفقه قد فتحت أمامي أبوابا جديدة ليس فقط في إمكانية التأمل لما وراء الطبيعة الذي نقول عنه الغيبي، بل أتاحت بتعمّق الخيال والجدال حول الموروث الديني وفهم القدسية والمقدس روحياً ـ جمالياً لأن هذا يعزّز الإيمان بالقول ـ أن الله جميل ويحبّ الجمال ـ لذلك لا تخلو علاقة الروحاني بتأمّل الطبيعة، فالجيولوجيا التي درستها قد أصّلت بي الترابط ما بين تجلّي الجميل روحانيا وماديا، وللأسف لم ينتبه البعض إلى أن الروحاني هو بحدّ ذاته تجادلي مع الكينونة البشرية التي تبتغي التآلف في الحياة المعاشة، وهنا أسرد قصة طريفة واقعية، إذ كنا في القرم نرسم خريطة جيولوجيّة وأماكن تواجد الحديد، وقد استغرق ذلك منا عدة أشهر، وعندما أكملنا الرسم قمنا بجولة في الجبل، وإذا بنا نرى زهور برية حمراء منتشرة على الأرض تشبه الخريطة التي رسمناها، فوقفنا مبهورين ننظر إليها باندهاش شديد، فابتسم أستاذنا وقال: “هذه الزهور لها علاقة بالحديد “، وحتى الآن لم أحصل على تفسير علمي لهذه الظاهرة، فالطبيعة تحوي على أشياء مذهلة تغوص في الجمال لكن الإنسان يعمل على تدميرها بدخان المصانع وبأسلحة فتاكة وبالحروب، وهو يلوّث البيئة ويدمّر الغابات، وغابات الأمازون شاهد كبير على ذلك، وكذلك تغير المناخ. كل ذلك حدث بفعل جشع الإنسان من أجل الركض وراء الأرباح المادية.

سؤال: ما علاقة الثقافة بالمزاج الإبداعي الفردي؟

أنا شخصيا لم أملك ثقافة عراقية لا غير، بل كان لي الحظّ بالعرف على عدّة ثقافات إنسانية، فقد عشتُ في روسيا وأوكرانيا، والناس فيها يملكون الثقافة السلافية، فهم ليسوا أوربيين، وليسوا شرقيين، هم لهم ثقافة خاصة تختلف كليّاً عن أوربا الغربية خاصّة وإن الروس هم أصحاب مجدٍ عظيم رواده في الأدب مثل تولستوي، وتورغينيف، ودستوفسكي ،وبوشكين، وليرمانتوف…إلخ، فهؤلاء هم من أرسى الأدب الكلاسيكي خاصة في الرواية التي درستها بعمق، وتقريبا قرأتُ أغلب كتبهم، وفي نفس الوقت امتزجت ثقافتي بالثقافة السويدية بحكم الفترة الطويلة التي عشتها في السويد، وتأثّرتُ بثقافتها التي تدعو إلى التسامح والسلام والتضامن والتواضع وبساطة العيش، والتي تنادي بالتآخي بين الشعوب المظلومة. وهذا أصبح إرثاً ثقافيّاً متداولاً ومتوارثاً بين الأجيال بالرغم من حداثة الحضارة السويدية. وأنا اعتبرها حضارة إنسانية لما تتمتّع به من علاقات وطيدة بحقوق إنسان الدون تميز، فالقانون يسري على الملك، ويسري أيضا على رئيس الوزراء، وعلى كل مواطن دون تميز، إذ قبل شهرين “قُدّمَتْ رئيسة الوزراء السابقة مونا سلين ” إلى محكمة علنية أمام الشعب لأنها خصّصت راتبا شهرياَ لأحد مرافقيها بطريقة غير قانونية، فأقرّتْ أنها مذنبة، واعتذرت، وتحمّلت عقوبة الغرامة، أليست هذه ثقافة عالية وراقية وأخلاقية ونزيهة جداً، وفي نفس الوقت تدخل ضمن مفهوم الحضارة.

نعم، عشت بين ثقافات متعددة، وكان لي فيها محطات حياتية متنوّعة، وفي نهاية المطاف وجدتُ أن الغرب والشرق يلتقيان في أمور عديدة ألا وهو الأدب، فأنا مع مفهوم تلاقي الثقافات، وضدّ مفهوم تصادم الحضارات الذي يُراد منه تحقيق مشاريع سياسية ضد الشعوب، فلذلك كتبت بالعربية والسويدية ووظفت الأسطورة سواء كانت تخصّ بلاد الرافدين أم البلاد الاسكندينافية لأن المبدع يكتب بغضّ النظر عن الثقافة التي يحملها، وبغضّ النظر عن المكان المتواجد فيه سواء كان غريبا عن ثقافة البلد الذي هو فيه أو تلتقي ثقافته مع ثقافة ذاك البلد، فالإبداع هو نتاج عقلي سواء كان واقعيّاً أو متخيّلاً يملك فيه المبدع حرّيته في التعبير عن فكره، وقد يتصارع نتاجه مع أفكار الآخرين. المهم، لا تقيده أغلال، ولا أحد يتحكّم بمصيره، فهو يفكّر، ويتأمّل، وينتج، منطلقاً من طاقة عقله المفكرة مهما كان انتمائه، ومهما كان تعبيره، ومهما كانت ميوله، فهو وحده الفرد، الذات، صاحب الخيال الهائل، له القدرة والكفاءة أن يقدّم للقارئ نتاجاً جديداً قد يكون ذلك مألوفا أو غير مألوف، وقد يكون خياليّاً أو انعكاسا للواقع، فهو المنتج الذي يرى أشياء لا يراها غيره متجاوزاً كل العقبات بممارسةِ صَبُورَةٍ متأنيّة في تفعيل النشاط العقلي المتميّز.   

نعم، الإبداع هو تراكم كمّي ونوعي في الثقافة والمعرفة الأدبية، وهو نتاج ذاتي من خلال ممارسة وتجربة سواء كانت قصيرة أو طويلة الأمد.

 

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏

سؤال: ما موقفك من نقد الحداثة وما بعد الحداثة؟ 

بودي أن أتحدث بإسهاب عن هذه السؤال خاصة وإن بعض المثقفين العرب من شمال أفريقيا يطرحون أسئلة مهمة، منها مثلا لماذا تخلف العرب المسلمون نسبة إلى التقدم الأوربي ثم يجيبون عليها بطريقة جلد الذات الماسوشية وهم يصفون العرب بأوصاف غير لائقة حتى وصل بهم التجاوز أنهم يرددون في محافلهم السرية: (أن النفط وجد خطئا في أرض العرب) متناسين أن العرب هم بدءوا حضارتهم في اليمن، وأنهم من كان يرسل التوابل والبخور والعطور إلى بابل ومصر القديمة عن طريق البر الذي كان يسمى طريق البخور مثلما كان يسمى طريق الحرير بين الصين والشرق، وهم أصحاب القرآن الكريم الاعجازي في لغته وبيانه، وهم من شيد حضارة إسلامية امتدت رقعتها إلى بلاد الهند وحدود الصين، ومنهم خرج علماء الاجتماع والفلسفة واللغة والطب والفلك والهندسة المعمارية، وكانت بغداد تأوي خيرة العلماء من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وكانت فيها أرقى مكتبة عالمية مثلما كانت في مصر مكتبة القصر في عهد الفاطميين. هذا وقد توسع الاندماج بين شعوب العالم الإسلامي، وكانت بغداد آنذاك بهجة الدنيا في علومها كما ينظر اليوم البعض إلى أمريكا، وقد وصلت إلى أوج حضارتها في زمن المأمون خاصة بعد أن تبنى فكر المعتزلة الذين توجوا بلقب أهل العدل والصلاح، أصحاب الخيال الذي لا ينضب، والتجدد مع الزمن. هذا الفكر الذي أراد أن يوضع حدا للتمرد والثورات والاحتراب الداخلي، ويستوعب التطور في مرحلة جديدة فرضت عليه ظروف مستجدة، تستجيب إلى متطلبات العصر في عبور القيم التقليدية إلي أصابها التآكل والاضمحلال في واقع جديد. هذا الفكر صار منهج دولة الخلافة، وكان لو استمر لكان العالم الإسلامي في تطور هائل لم تشهده الحضارة البشرية مثيلا له لكن تصدى له السلفيون المتمسكين بالقديم من أمثال ابن تيمية. هؤلاء المتحجرون الجامدون عقائديا الذي ابتلى بهم الدين الإسلامي، فبعد موت المأمون عاد نفوذهم من جديد وسيطروا على الخلافة في زمن الجاهل المتوكل الذي كانت له دوافع شخصية في ذلك، فاضطهد العلماء والمجتهدين ناعتا إياهم بالزندقة، فكانت دولة الاستبداد والقمع، وسادت الخرافة مثلما ساد الجهل وتفشى النزوع للانغماس في الملذات وشهوات الدنيا تاركين العلم والمعرفة كما حدث للمستعصم بالله آخر الخلفاء العباسيين الذي كان يلاعب جاريته بينما كان المغول يطوقون بغداد.جاريته التي أسقطها سهم مغولي في حضنه ميتة، فطلب من خدمته أن يسدوا أبواب شبابيك قصره.

أريد من كل ما تقدم أن أشير إلى أن المأمون هم أول من تبنى منهج التجديد  الذي أراد به التحديث،والتغير نحو الأفضل لكن حدثت الردة في زمن المتوكل التي سادت إلى يومنا هذا، وفرخت لنا دكتاتوريات استبدادية ومنظمات إرهابية كالقاعدة وداعش وجبهة النصرة.

فهذا هو الأصل الذي نشا فيه التحديث من خلال مبررات تاريخية ليتحول إلى نزعة منهجية في الدولة والمجتمع تصحبه تغيرات جوهرية في الحياة الدنيوية تنقله من القديم الجامد المتحجر إلى الجديد المتنور النهضوي الذي يعتمد العلم، والتعايش المتآلف، وحرية الفكر دون اضطهاد، فمفهوم الحداثة هو عام شمولي يخص مجمل الفكر الإنساني وليس الأدب والفنون وحدهما، فأوربا التي كانت غارقة في حروب الثلاثين سنة بين فرنسا وانكلترا، وحروب العشرة سنوات بين عائلتين حول العرش واللذين أطلق عليهما شكسبير أصحاب الوردة الحمراء والبيضاء، وكذلك كانت الكاتدرائية غارقة في بطش  صاحبة السلطة المطلقة في اضطهادها الناس بتهمة الهرطقة خاصة النساء اللواتي اتهمن بالساحرات، فقد احرقن على أعواد الخشب وهن أحياء بعد أن لاقين أشد أنواع التعذيب البشع. تلك كانت مرحلة تاريخية كابوسية مرعبة امتدت قرون طويلة حدثت فيها ثورات كاللوثرية والفرنسية والثورة الصناعية التي أدخلت أوربا إلى مرحلة جديدة حيث تم اكتشاف الآلة، لذلك تعتبر الحداثة في الغرب التي توجت في القرن التاسع عشر هي امتداد لنضال عبر قرون طويلة ابتدأت من القرن الخامس عشر حيث استطاعت أخيرا أن تشمل الحياة الإنسانية في كل الجوانب المادية والفكرية، فقد فصلت الدين عن الدولة، وتبنت التطور العلمي بدلا من الخرافة، وسادت حرية الرأي، وكان المواطن مسئول عن سلوكه أمام القانون، فهي ثورة على كل شيء متخلف قديم بالي، وشمل هذا التغير أيضا الشعر والنثر والفنون التشكيلية، ومن الرواد في هذا المجال بودلير، إدغار الن بو، مالارمية، وغيرهم.

بالمناسبة الشيء بالشيء يذكر أن غورباجوف حاول تحديث الاتحاد السوفيتي فانهار الاتحاد السوفيتي بينما استطاع الصينيون أن ينجحوا في الحداثة في كل المجالات وقد أعادوا الاعتبار  للفلسفة الكونفوشية الأخلاقية واتجهوا نحو القومية الصينية كما فعل بوتين لاحقا باختياره طريق الوطنية الروسية للتحديث.    

أما بالنسبة إلى مفهوم ما بعد الحداثة، فهو مفهوم هلامي غير محدد جاء كرد فعل لما أنتجته الحروب من مآسي وويلات وشعور الإنسان الغربي بأنه أشبه بآلة تدار من قبل رأسمال، إذ ما زال الجدل يدور حوله فتارة يحتدم وتارة أخرى يضعف، إذ ما قدمته الحداثة للغرب في كل المجالات أصيبت بنكسة في أثناء وما بعد الحرب العالمية الأولى، فالعلم برغم إنسانيته، وخدمته التي يقدمها للبشرية  هو أيضا يدمر ويخرب لأنه بنفس الوقت اكتشف العلماء أساليب جديدة متطورة باستخدام آلة الحرب للقتل وبسرعة وقد لا يستغرق الموت ثوان كما حدث في الحرب العالمية الأولى باستخدام الغاز الكيماوي بين الأطراف المتحاربة، فأنا لا أميل إلى أن مفهوم ما بعد الحداثة بدأ تناوله بعد الحرب العالمية الثانية لأن الدادائية التي نشأت عام 1916 خاضت مظاهرات ضد الحرب، واتهمت البرجوازية بويلات الحرب، فهي حركة انبثقت كظاهرة لأزمة اجتماعية استخدمت الفن والأدب في التعبير عن ذاتها الاحتجاجية لكنها لم تمتلك رؤية دقيقة للعالم، فاتخذت من نهجها معاداة كل ما هو قديم  في الفن السائد واعتبرت أن كل القيم البرجوازية بالية تسهم في التدمير والخراب، ورفعت شعارات عبثية فوضوية ذات طابع هدم: ( لا للفن التقليدي، لا للفن الجمالي، سنبدأ من جديد بعد أن ندمر كل شيء ) فلذلك توسعت ثم اضمحل تأثيرها، وقد تركها الكثير من الأدباء وأهل الفن بعد أن شعروا بعدم جدواها ثم فيما بعد انبثقت أو كما يشير البعض انشقت منها الحركة السريالية التي لو قرأنا بيانها الأول لرأينا هذا التعبير حين يشير مؤسسيها أن العالم بأيدي قذرة.

إذن بدأت ظواهر جديدة اجتماعية احتجاجية تبرز للعيان تتحدث عن قساوة العالم الجديد وأول من أشار إليه في الأدب هو كافكا في روايته الصغيرة المسخ التي أصدرها عام 1915، فهو ينتقد الخضوع للدولة الرأسمالية اللاأخلاقيية التي تجبره في كل شيء، فهي تسلب حريته دون إرادته من خلال يوم العمل، وتجبره على الطاعة عبر قوانين مفروضة عليه، ومسخرة لأن يخدمها، وخروجه عن هذه الدائرة يعني الجوع والفناء، فتلك كانت أول نص أدبي يعبر عن اغتراب الإنسان في مجتمعه وعمله بل تشمل مجمل حياته. وهنا نشأت نظرية نقدية للواقع المعاش، ونشأ مفهوم الاغتراب في المجتمع الذي أخذ حيزا كبيرا في الفلسفة والأدب والفن وعلم الاجتماع.

هذا، وقد اصدر توماس اليوت قصيدته الشهيرة (أرض اليباب) عام 1922 التي بها ينتقد عالم ما بعد الحرب، إذ تجلى عنها الدمار والخراب والموت، ليكون الإنسان مثقلا بنتائجها الكارثية التي جعلت الذعر والخوف والفزع ينتابه في أرض تنتظر الخلاص من موتها.

في هذه المرحلة تبلورت نظرية النقد لما أنتجته الحداثة ثم تعمقت بعد ويلات الحرب العالمية الثانية التي راح ضحيتها حوالي خمسين مليون قتيل وجريح، واستخدمت أمريكا القنبلة الذرية ضد هيروشيما وكنازاكي عام 1945 وتعزز دور معسكران متصارعان هما المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي والمعسكر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية الذي نتج عن هذا الصراع الحرب الباردة، وانتاب البشرية رعب من تداعيات هذه الحرب التي لا يعرف عن نتائجها أي شيء فيما إذا أصبحت ساخنة خاصة في مناطق بؤر التوتر. هذا ما جعل السريالية تتوسع فكريا كنزعة نقدية متمردة مشاكسة ضد المعسكرين التي كانت ندا للواقعية الاشتراكية، فباعتقادي أن السريالية هو التيار الواضح المجسد لما بعد الحداثة لأن مهما بحثنا في التيارات الفلسفية أو المدارس النظرية فسوف لن نجد وضوحا عن تجسيد معرفي لما بعد الحداثة باستثناء السريالية.

إذن نلاحظ من خلال مراجعتنا للمفهومين أن الحداثة كانت تقدمية في عصرها، وأسهمت في نقل الغرب إلى مرحلة جديدة من التطور لكنها أنتجت لنا أيضا الحرب العالمية الأولى والثانية والباردة، واتخذ مسار الغرب منهج الرأسمالية الاستغلالية الجشعة الراكضة وراء الأرباح مما جعل الإنسان في الغرب يعاني من قساوة هذا النهج التعسفي، فشعر بإحساس الاغتراب في وطنه، فلذلك بدأ التفكير في مفهوم ما بعد الحداثة، وهنا تحدث المفارقة التاريخية هي أن الحداثة استطاعت أن تجد حلولا لعصرها وأن تحقق جزءا من أهدافها بينما ظلت ما بعد الحداثة تراوح في مكانها عاجزة أن تخرج من دائرة الفكر، وعاجزة أيضا أن تصلح وتغير خاصة في أوج جدلها بعد ثورة الطلاب عام 1968 في باريس بالرغم من أنها تعتبر الإنسان هو أثمن رأسمال لذلك نعتها المناوئون له بأنها مجرد هراء، وأنها مجرد كلمة رنانة طنانة دون مضمون محدد، وأنها تارة تموت وتارة تصحو من كبوتها، وتعيش فقط على الإحباط.       

سؤال: ماذا يشكل النقد الأدبي في تجربتك الفنية؟

غالبا ما كان العرب القدامى يتناولون النقد للقصيدة الشعرية التي تقال من خلال اكتشاف العيوب فيها، فكانوا يقولون فيها عيب، ومن يكتشف هذا العيب يقولون عنه عالما بأشعار العرب وآثارها بالرغم من أن النقد كان متحيزا عند العرب حيث كان ينتمي إلى العصبية والنسب وترتيبه على أساس طبقات الشعراء، فكانوا يقولون: فلان أشعر من فلان، وبالتأكيد كان الذوق الفطري والانفعالي هو السائد في نقد الشعر حتى بدأ بمرور المراحل التاريخية يأخذ التمعن والتدقيق بإبراز منه الجيد والردئ أو القوي والضعيف، فظهرت عدة مدارس لم تخرج من دائرة المعاني والجودة، فكان ابن الأعرابي ـ هو أبو عبد الله محمد بن زياد الكوفي / يعتبر من أكابر أئمة اللغة، وكان عالما ثقة راوية لأشعار القبائل، وناقش العلماء واستدرك عليهم وخطأ كثيرا من نقلة اللغة وكان له مجلس يحضره زهاء مائة إنسان وكان يسأل ويقرأ عليه فيجيب من غير كتاب وقد أمل على الناس ما يحمل على أجمال ولم ير أحد أغزر منه في علم الشعر / هكذا ورد عنه في كتاب فقه اللغة وسر العربية ثم لنأخذ شخصية أخرى ورد عنها في نفس الكتاب ثعلب / هو أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سبار الشيباني، وقد وصفه أبو بكر التاريخي بأنه أصدق أهل العربية لسانا وأعظمهم شأنا وأبعدهم ذكرا وأرفعهم قدرا وأوضحهم علما وأرفعهم معلما وأثبتهم حفظا وأوفرهم حظا في الدين والدنيا. وقد توفى ودفن في بغداد. وسبب موته ان فرسا صدمته في الطريق وفي يده كتاب ينظر فيه فالقته في هوة فمات بعد قليل /.

لقد بقى النقد يتراوح بين مدرستين هما مدرسة الكوفة والبصرة، وكل مدرسة كانت تقدم شعرائها المفضلين حتى استقر على منهج محدد على يد الجاحظ كما هو واضح في كتابيه (البيان والتبين) و (الحيوان) الذي أخرج النقد من إطاره اللغوي المحظ، إذ اعتمد على قواعد وأحكام محددة جوهرها الموازنة بين الفكرة والدلالة الجمالية سواء كان ذلك قديما أو حديثا، فالشاعر الأجدر أو المتفوق هو من يحسن أن يجسد الفكرة في إطار فني جمالي بصور وألفاظ لطيفة عذبة سهلة. حينئذ صار النقد كحكم، ومن يمارسه عليه أن تصف ببراعة وثقافة شمولية ودراية تامة بملكة الشعر، ويتماشى مع أعراف ومعايير جديدة التي لم يعد فيه مكانا للتحيز والعصبية. هذا شمل أيضا كثير من العلوم الإنسانية آنذاك في فترة نهضة تنويرية حدثت في زمن الخليفة المأمون التي ازدهرت فيها الترجمة حيث كان المأمون يوزن الكتاب المترجم بالذهب، ويسلمه هذا الذهب للمترجم.

بالنسبة لي لا أخرج من منهج الجاحظ في مفهوم النقد لأن هذا المفهوم فيه قيمة أدبية يتجاوز المزاج والانتماء والموقف السياسي وضجيج الإعلام والأدلجة والاستهلاك التقليدي، فالناقد يدرس النص بدقة، وينقب فيه، ويكتشف أشياء جديدة، ويتحرى ويستنبط ليس كعالم فقط يجتهد في تنشيط عقله الفعال بل كحاكم يحسن اتخاذ القرار العادل دون تحيز أو ميول تجاه النص لأن النص محكوم بقرار الناقد العادل بالرغم من أن الجمهور القارئ له ذوقه الخاص، فالنص هو الأنا الكامن في داخل المبدع، وهو المحور الوجودي للانعكاس الفردي والاجتماعي في نفس الوقت، فالنص يجب أن يفسر، ويفهم، والخوض في أسرار خياله، وأوهامه، وواقعيته كأثر من آثار الإبداع.

توجد مدارس عديدة للنقد اليوم منها ما تعتمد التحليل النفسي، ومنها ما تعتمد البنيوية، ومنها ما تعتمد الواقعية، ومنها ما راح يطلق عليها الشكلانية، وأخرى التعبيرية….وهلم جرا لكن النقد يلعب دورا مهما في جذوة الأدب كتجربة وممارسة ليس فقط كحكم حول الإبداع الفردي بل وكذلك يخص المجتمع في ذات الظرف التاريخي الذي نسج المبدع فيه نصه الذي جسد فيه الانعكاس للواقع المعاش برؤيته الخاصة للوجود والعالم المحيط به.

هذا، وبالرغم من أن النقد بتنوع مناهجه ومذاهبه في العصر الحديث قد أخذ طابعا ايدولوجيا ومذهبيا متحيزا إلا أنه في نهاية المطاف يبقى النقد الجاد المتأن الشامل الذي يمتلك آلية تحليلية ـ تقيميه حافزا في إثارة الجدل والحوار والاكتشاف، ولابد هنا من الإشارة إلى الناقد الروسي الكبير بيلينسكي الذي كانت كلمته التقيمية حاسمة في جدارة وجودة المبدع في الأدب الروسي الكلاسيكي، فهو الذي اكتشف دوستوفسكي حين قرأ روايته القصيرة (أناس بؤساء)، وقد قرأت كتابا يتحدث عن دوستوفسكي فيه، ويشير عن هذه اللحظة حين التقى بيلينسكي دوستوفسكي، وقد وصف الحالة النفسية من الارتباك لدوستوفسكي في هذه اللحظة الخالدة وهو يقابل ناقد روسيا العظيم، ويستمع بقلق إلى كلمة بيلينسكي الشهيرة: ( ترى هل تدرك أنت نفسك ما أبدعت هنا)، وحين خرج دوستوفسكي من اللقاء، نزل مترنحا على دراج العمارة، ثم فيما بعد أصبح دوستوفسكي من عباقرة العصر في الرواية، وهو لم ينس طوال حياته هذه اللحظة.

  سؤال: هل ما زالت الوجودية والواقعية تلعب دور البؤر الحاكمة في الخطاب القصصي الحديث؟

سأجيب على هذا السؤال بالنفي: لا.

سؤال: هل يؤثر الجانب الأيديولوجي على طريقة وأسلوب الكاتب الإبداعي؟

أحيانا نعم، وأحيانا لا …هذا يتوقف على طبيعة المبدع، والظروف المحيطة به، فعلى سبيل المثال هل يستطيع المبدع في زمن الاتحاد السوفيتي أن يكتب رواية ينتقد بها الاشتراكية السوفيتية أو ستالين؟ بالطبع لا… فسوف يعتبر خائن ويرسل سجينا إلى سيبيريا لكن مع ذلك كتب أتماتوف (وداعا يا غوليساري) ينتقد بها البيروقراطية السوفيتية ثم في أمريكا يستطيع المبدع أن يكتب رواية ينتقد به الرأسمالية، ويفضح الرئيس الأمريكي أما دولنا العربية فأنت أعرف بذلك، والقارئ الكريم أيضا أعرف بذلك.    

سؤال: حدثنا عن تجربتك مع الأدب السويدي، ومن من الكتاب السويديين يعجبك، وكيف يتذوق المتلقي السويدي الأدب العراقي؟ وهل من السهل يبرز الأديب العراقي بينهم؟

لقد وصلت إلى السويد قبل أكثر من عشرين عاما، وانجذبت إلى اللغة السويدية بعشق، فرحت أدرسها، وأدخل دورات عديدة بغية إتقان ما يمكن إتقانه، إذ كنت أدرسها حوالي عشرة ساعات باليوم، فنشرت قصة قصيرة في جريدة جنوب السويد Syd svenska بعد مرور أربعة سنوات على وجودي في السويد وحصلت مكافأة قدرها ألف كرونة أي ما يعادل مائة وخمسين دولار آنذاك، ورحت انشر قصص قصيرة وقصائد شعر في جريدة سمولاند Smålands tidning وقد أجريت معي حوارات عديدة حول القصص، وحين اشتغلت في شركة لسنوات طويلة لم انقطع بدراستي للغة حيث كنت أتواصل في دراسة الأدب السويدي القديم خاصة النقد، وكلما كنت أتواصل بدراستي للأدب السويدي كنت أزداد حبا للغة السويدية.

كنت أحب أن اقتني الكتاب ليكون في مكتبتي، وشراء الكتاب من محلات بيع الكتب تكلف كثيرا، إذ يصل سعر الكتاب إلى خمسين دولار، فكنت أحاول أن أجد وسيلة جديدة لشراء الكتاب الذي أرغب أن يكون في مكتبتي الخاصة، فكنت أذهب إلى المحلات التي تبيع الكتب القديمة، وهذا يتطلب وقتا للبحث بين الرفوف. ذات يوم احتجت إلى كتاب، فذهبت إلى المكتبة المركزية في المدينة وحجزته، فأخبرتني الموظفة إنه محجوز، وقد يتطلب وصوله شهرا، فذهبت إلى محل بيع الكتب، فوجدت سعره حوالي ستين دولار، فخرجت وذهبت إلى محل بيع الكتب القديمة التابع إلى الصليب الأحمر kursgården فاشتريته بأربع كرونات أي ما يعادل نصف دولار.

أقول بصراحة أن القارئ السويدي لا يعرف عن الأدب العراقي سوى ألف ليلة وليلة، وهذا يعود إلى ضعف الترجمة عن العربية إلى السويدية، ثم الآن هناك توجه عند القارئ الأوربي عموما لقراءة أدب الجريمة الذي يطلق عليه الأدب البوليسي على غرار ما كتبته أجاثا كريستي ولا أحد يستطيع أن يعطي تحليلا علميا لهذه النقلة في مزاج القارئ الأوربي، ثم أخذت رواية العنف تغزو الغرب وكذلك أدب حل الألغاز كروايات دان بروان، فجيلنا يبذل جهده كي يصل إلى القارئ السويدي، وهذه عملية ليست سهلة، ولا يمكن أن تتحقق بسرعة لأنها دينامكية تحتاج إلى مرونة وصبر ووقت ثم لابد أن يقدم الكاتب إبداعا متميزا كي يكوى معروفا أو مشهورا، ثم لابد أن يجتاز عقبات كثيرة تضعها السياسة أمامه خاصة وإن الأعمال الإرهابية التي حدثت في أوربا تأثرا سلبا على العرب والمسلمين وتساعد على حصول اليمين المتطرف أصوات كثيرة أثناء الانتخابات، فعلى سبيل المثال شاركت في مهرجان في إلقاء الشعر باللغة السويدية في محفل سويدي، وعندما انتهيت من القراءة تحدث مدير المهرجان مخاطبا إياي أمام الجمهور، وهو أستاذ دكتور في الأدب، قائلا:

-أنتَ كتبت 11 كتابا بالعربية، ألا يكفي هذا وتكتب فقط بالسويدية؟

أدهشني هذا وأنا أتطلع إليه منبهرا، ثم التفت إلى الجمهور، وقد ساد صمت لا مثيل له، ثم بعد برهة أجبت:

ـ سأكتب أيضا بالسويدية.

ساد تصفيق في القاعة استمر لحظات والاندهاش لم يفارقني وأنا أنزل من المنصة.  

 أعتقد أن كارين بوي أعطت تنوعا في الشعر ونقلة نحو الحداثة واتسم شعرها بالعاطفة الجياشة والنقد، ونجد في شعرها تأثر واضح بشعر بودلير خاصة أزهار الشر، ثم هناك إحساس بالكآبة والسوداوية كان ينتابها عندما يقرأ المرء شعرها، وكانت سيرة حياته الشخصية ربما أدخلتها في متاهات مؤلمة كما لو أنها كانت تتحدي الأعراف السائدة فدخلت في نوع من العبثية وتناولت المخدرات، فماتت منتحرة أما في مجال الرواية فأن هينين مانكيل امتاز بتجربة غنية في الرواية، وأدخل تطورا ملحوظا في الرواية الحديثة المعاصرة خاصة تلك الروايات التي كتبها في موزنبيق وهو يتحدث فيها عن التراث والفلكلور الأفريقي فقد امتازت بنفس أنساني متعمق بطبيعة الأحداث وسيكولوجية المجتمع الأفريقي، إذ استطاع أن يربط بين جمالية المكان وواقعية الحياة اليومية سيما وهو كان يمارس الفن المسرحي، وكتب روايات عن الجريمة.  

سؤال: هل مزجت في الكتابة بين الأسلوب العربي والأسلوب السويدي في تناول الموضوع؟

استخدمت أسلوبا جديدا في الكتابة باللغة السويدية لم يكن أحد قبلي قد خاضه ألا وهو توظيف الأساطير السومرية والبابلية في القصص التي لاقت نجاحا باهرا، وقد جعلت ذلك يترادف مع أسلوب ألف ليلة وليلة حيث كنت أمزج النثر بالشعر، فيكون أشبه بقطعة موسيقية ذات أنغام عذبة، واتبعت نفس الأسلوب حين كتبت ملحمة Gasill التي هي بمائتين وثمانين صفحة حيث الملحمة تتحدث عن تاريخ الإغريق القديم وهو ما بعد تدمير طروادة، فجعلت الشعر يندمج مع القصيدة النثرية الشائعة في الوقت الحاضر لكنني حافظت على الوزن والقافية والضربة الإيقاعية سيما وتواصلت في توظيف الأساطير الإغريقية القديمة أما أسلوب الكتابة في العربية قد يكون هناك اختلاف نسبي خاصة في رواية المزمار التي تتحدث عن عانة، ورواية الدفان والغجرية التي تدور أحداثها في النجف، أما القصص القصيرة، فهي تغوص في عالم أساطير العراق القديم كما في ملحمة تموز، وبالنسبة للشعر فهو أشبه بصرخات كامنة في داخلي تتفجر في الإحساس الجياش.

هذا، وأنا اعتقد أن كل كاتب له تقنيته الخاصة في الكتابة، وذات يوم طلب مني أحد الأصدقاء أن أكتب مقدمة لكتابه، وأراد مني أن أدون اسمي، فلم أرغب في ذلك، ومرت عدة أشهر، وإذا بزميل يتصل بي تليفونيا ويسألني إن كنت أنا قد كتبت المقدمة، فسألته كيف عرفت، فأجابني: أعرف أسلوبك في الكتابة.

وأتذكر أن أول قصيدة كتبتها عندما كنت في المدرسة المتوسطة، فقدمتها إلى أستاذ اللغة العربية من آل طبيخ الذي تعتمر رأسه عمامة سوداء، مسد لحيته البيضاء المهيبة، وقال:

ـ أنت متأثر بشعر المتنبي. يجب أن تكون قصيدتك أنت من وحي ملكتك أنت، هكذا يمكن أن تصبح شاعرا.

إذن كل كاتب يجب أن يكون له أسلوبه الخاص الذي يميزه عن الآخرين، وهذا يأتي من التجربة والممارسة، فعلى صعيد الرواية التي تعتبر جنس سردي نثري يسخر لها  الخيال خطاب جمالي وتوظف لها أدوات تقنية في اللغة لتظهر مدلولها وشكلها عن العلاقات الاجتماعية والنفسية والأخلاقية في مكان محدد وزمان معين تلعب شخصياتها الدور الأساسي في حدث أو أحداث لها بداية ونهاية مهما كان نموذجها تاريخية أم واقعية أو رومانسية أم خيالية خاصة …الخ، فهي لها تآلف معاش لوجود إنساني تندرج في الفهم والتفسير في ضوء سياق روح العصر الذي تتناوله، إذن هي تتحدث عن العصر  الانعكاسي في محتواها، وهي مهما استخدمت فيها الرمزية لأسباب دينية أو اجتماعية أو أخلاقية لم تتجاوز نفسها بكونها تعبر عن ذلك العصر، فعندما كتبت رواية (الدفان والغجرية) التي أحداثها تدور في النجف لم أستطع عبور تلك المرحلة لأحداث الرواية، ونفس الشيء بالنسبة إلى رواية المزمار، وهي أول رواية تكتب عن منطقة الفرات الأعلى أي مدينة عانة بالرغم من أنني استخدمت الرمزية فيها لكنها لم تتجاوز روح عصرها، فالموت في كلي الروايتين كان يجسد المطهر بنظرة لإعادة الفهم بأسلوب مراجعة متفتحة ذهنيا لمجمل مفهوم الموت.

هذا، وكان لي في كل النصوص سواء كانت بالعربية أم السويدية تدور حول مركز واحد أشبه بدوران الدولاب حول بؤرة مركزية بلغة سحرية يغلب عليها الجمال والبيان لأنني تتلمذت على كتب البلاغة والمنطق وتفاسير الكلام والإعجاز في الكلام، فالنص الأدبي في رأي يجب أن تكون له لغة تعبيرية دلالية تتخاطب مع القارئ بقيمة ومتعة وحسية ذوق ذات نكهة جمالية، وليس سرد صحفي كما يحصل اليوم مع الرواية العربية بكون الرواية أو القصة هي مجرد سرد، فالخبرة الإبداعية والوعي الفردي تخلق نصا متوحدا بين المضمون والشكل في بنية حسية جمالية تتجلى في الذوق السليم.

لقد كتبت رواية قصيرة باللغة العربية اسمها بحيرة البلوط Eksjö nymfen وترجمت إلى السويدية، فجعلتها تنفرد بنظرتها الموحدة لكلا الثقافتين العربية والاسكندينافية حيث كتب في غلافها الخارجي دكتور فلسفة أصول الأديان الدكتور تربيون لينيورن قائلا: ( أن حورية بحيرة البلوط ذات بناء جميل جدا لقصة شعرية، مختومة بأحاسيس كبيرة، وقدرة على عيش الأحداث، وذات خيال معبر غير عادي، هي تجسيد بارع لشيء منجز) وكتبت مقدمتها الكاتبة والمخرجة المسرحية كريستينا نيرو قائلة: ( أن المثل القائل ـ الشرق والغرب لا يلتقيان ـ لا ينطبق على رواية الكاتب حمودي عبد محسن حورية بحيرة البلوط، فإنها تنفرد بنظرتها الموحدة لكلا الثقافتين العربية والاسكندينافية حيث بيوت سمولاند الخشبية أحيطت بطبيعة جنائن الشرق بنخيلها الباسق وأشجار زيتونها العبق، محلقة فيها طيور البجع، والبلابل. إنني ألمح مجون ألف ليلة وليلة في الجنوح المعروف عند ( كارين بوي) الناضج بمشاعر الندم عند مقربة الهاوية ( من الصعب أن تكون غي متأكد، خائف، ومشتت، من الصعب أن تعرف العمق أو البرودة).

ثم استطعت في ملحمة تموز بالعربية أن أجعل التاريخ الأسطوري لسومر وبابل حاضر في الملحمة خاصة بعد أن تعرض العراق إلى ويلات ومآسي أثناء الاحتلال ليكون الواقع والخيال ببعده الأسطوري لوادي الرافدين متجانسا مع الروح العراقية المحبة لوطنها، وقد نسجتها إطار يتحدث عن حقيقة الاحتلال والموت والخلود الكلكامشي والحب أصوات متعددة متهكمة لما يحدث في وطننا الحبيب من خراب.

نتيجة بحث الصور عن

حضارة بلاد الرافدين

لنعود إلى القصة القصيرة المثيرة ذات الإحساس المتوتر التي كنت أتنقل بصياغتها من اللازمني القديم إلى الواقع تارة ثم من الواقع إلى اللاواقعية السحرية لتكون خارج المألوف وملتزمة في نفس الوقت بأصالتها ضمن سياقها الأدبي سواء أثناء الطوفان الشهير أو مغامرات عشتار مبتغيا من ذلك أن تكون متفردة بارعة وكحركة دوران الدولاب في أسلوبها.     

 سؤال: كيف تنظر للواقع الثقافي للعراق؟

حدث تغير في الثقافة الوطنية العراقية بعد الاحتلال خاصة وإن الثقافة العراقية كانت شاملة ومتنوعة لمجموعة ثقافات قومية وأقليات يجمعها حب الوطن وتلاؤم العيش المتآلف في حيز الوطن الواحد، وكان هذا أساس الثقافة العراقية التي وحدت الجميع رغم الاختلافات والتعدد، وكما هو معروف أن الثقافة هي نشوء، وهي تراكم تراث فكري وعادات وتقاليد التي تنسج السلوك البشري كثمرة تلاقي منتجة نحو الأفضل، والسعادة الفردية لكن الاحتلال نشر ثقافة العنف، وهنا تحولت الثقافة من مقبولة إلى مرفوضة، وفتحت أبواب التفرقة، وهذا يذكرني برسالة قرأتها في كتاب تاريخي كتبها الاسكندر المقدوني إلى معلمه أرسطو حين دخل بابل يتحدث بها عن أوضاع المنطقة بعد هزيمة داريوش الثالث، فكتب له أرسطو رسالة كان يشير بها إلى تقسيم المنطقة إلى مقاطعات، ويجعل على كل مقاطعة أمير، وهذا سيسهل له السيطرة عليهم جميعا، وإذا تحاربوا، فليكن هذا بينهم، المهم أنهم جميعا يقدمون لك الولاء.

وهذا ما حدث في الواقع العراقي الذي جسدت عدة فصول من رواية ( امرأة الحلم ) حول ثقافة العنف والتقسيم وطبيعة الصراع الدموي الذي طحن بالعراقيين ثم أغوص إلى تاريخ اليمن القديم لأعرج على ما ورد في القرآن الكريم ـ تفرقت سبأ ـ وسد مأرب، والصراعات الداخلية التي قضت على الحضارة اليمنية، ثم أتناول أيضا الحضارة العراقية القديمة التي كانت تخبو ثم تنهض، وحين أتمعن بدروسها أجد أن أغلب انهيارات مدنها الحضارية وخاصة بابل كان بفعل احتلال أجنبي، وهو نفس الشئ حدث لبغداد على يد المغول.

أذن يعيش العراق حالة تشتت تعصف به عدة ثقافات، وهو في مخاض جدي لا نعرف كيف سينتهي به المطاف. ونحن كلنا أمل أن ينهض من كبوته بثقافة جامعة تعيد للعراق أرثه التاريخي ومجده.     

سؤال: ما هو نتاجك الجديد المرتقب؟

 ستصدر لي رواية جديدة عن دار بيت الكتاب السومري في بغداد موسومة بعنوان ( حب في ظلال طاووس ملك)، وهي تتحدث عن قصة حب بين هنار وميرزا تدور أحداثها في بحزاني ولالش، إذ اعتمدت فيها أسلوب النظرية النقدية، ومراجعة التاريخ برؤية جديدة سيما وأن الأيزيديين تعرضوا إلى اضطهاد عبر قرون طويلة دون أن يفهم معتقدهم، ومرت عليهم 73 مذبحة تسمى فرمانات، فقد ارتبطت بعلاقة بهم تجاوزت الثلاثين عاما، وزرت معبدهم الأساسي لالش، وكذلك زرت بحزاني، وأنا أعرفهم جيدا، وأعرف معتقدهم جيدا الذي تشوه على مر التاريخ خاصة من المتشددين الإسلاميين، ولم يفهم معتقدهم حتى المستكشفين الأوربيين، وقد أساءوا إليهم سواء كان ذلك بوعي أو دون وعي وحينما درست الأدب السومري والبابلي وجدت أن معتقدهم له جذور من هناك، فبابل كان فيها معبد مردوخ، ويقابله في الضفة الثانية معبد ابنه أزد، الذي في أعياد رأس السنة التي تستمر 12 يوما ينقل تمثاله إلى بابل، وكان نبوخذ نصر يستقبله، ويدخل به من خلال بوابة عشتار، ويوضع قرب تمثال أبيه، وعندما تنتهي الأعياد يعاد تمثال أزد بأهازيج إلى مكانه، وهكذا استمد الأيزيديون هذه العادة التي تسمى الطوافات. لذلك لا يوجد أدنى شك أن امتداد المعتقد الأيزيدي هو عراقي أصيل. ثم حدثت تغيرات فيه خاصة بعد وصول الشيخ آدي المتصوف إلى الأيزيديين، ثم درست القرية التي نشأ فيها الشيخ آدي في لبنان، إذ كان والده أيضا من المتصوفة، ومذهب المتصوفة عموما نموذجه في الدنيا هو الأمام علي لزهده وتقواه وابتعاده عن ملذات الدنيا.  

فالأيزيدي توحيدي يؤمن بالخالق الأعظم الذي يسمى بالكردي خدى، وهو بذاته رب العالمين، وكل ما يقال عنهم غير ذلك هراء، وزيف بغية الاستيلاء على أراضيهم، والاستحواذ على ممتلكاتهم وانتهاك أعراضهم لأنهم شعب يحب الحياة والسلام، وهو منتج في العمل، وعندهم مقولة تقول: امشي على الطريق المستقيم!

 لذلك أتوقع أن تأخذ الرواية حيزا من النقاش والجدل باجتهادات مختلفة، وهي في قيد الطباعة، وبمجرد أن أعلنا عن صدورها قريبا، تم حجز أكثر من ستمائة نسخة منها، والطلبات في تزايد، لذلك نتوقع نفاذ الطبعة الأولى خلال شهرين، وهذا غير متوقع بالنسبة للكتاب العربي الذي يشهد تراجعا واضحا، وهذا له ارتباط بالمأساة التي تمر بها الأمة العربية، والأزمة الخانقة التي تعصف بوجوده وكيانه.

سؤال: ماذا تكتب الآن؟

بدأت برواية جديدة باللغة السويدية تتحدث عن العالم السومري القديم. لا أريد أتحدث عن هذا الموضوع بتشعب.

 

خاصّ – إلّا –

You may also like

12 comments

بروفسور دكتور جعفر عبد المهدي صاحب 05/06/2017 - 12:06 مساءً

يمكن أن أرى هذا الحوار عبارة عن سيرة حياة مضيئة لرجل مناضل ، انه الأديب الراقي الاستاذ حمودي عبد محسن،…فهذا الرجل كان قد سلك درب النضال في زمن كان النضال علامة مرافقة للوعي، وكان ولا يزال أديباً يمتلك قلماً ناشطاً مقتدرا على نسج سيل من الروايات والملاحم الشعرية الممتعة وذات القيمة الأدبية الراقية مثل رواية المزمار ورواية الدفان والغجرية وملحمته الشعرية الإله تموز ومجموعته القصصية كاسندرا، ومجومعاته التي تلتها نبؤات اكشو ،وتحت عنوان حكاية من النجف ورواية امرأة الحلم الى اضافة مجموعاته الشعرية أفياء وليل طويل وملحمة شعرية بالسويدية Gasill وغيرها من الانتاج الادبي المعتبر…وباختصار شديد أنا شخصياً أعد العزيز حمودي عبد محسن ثروة وطنية ثمينة عالية المستوى…
البروفسور جعفر عبد المهدي صاحب
أوسلو – مملكة النرويجيج

حمودي عبد محسن 06/06/2017 - 1:38 مساءً

عزيزي البروفيسور جعفر مهدي!
لقد نسجت كلماتك هذه عالما جميلا في نفسي التي احاطت بالحوار من كل جانب بالرغم من مشاغلك في موءتمر عالمي اي لم تكتنف روحك الجليلة ان تعطي وقتا لقراءة والتعليق عن هذا الحوار بمنهجهك العلمي الأكاديمي لتكون كلماتك نبراس المعرفة يوقد في داخلي معنى الوجود….دمت لنا هذا العلامة الكبير ببحوثه وحسن اختيار منهج البحث عن الحقيقة…. ادامك الله ورعاك بمحبته، ولَك كل الخير….

بروفسور دكتور جعفر عبد المهدي صاحب 05/06/2017 - 12:07 مساءً

يمكن أن أرى هذا الحوار عبارة عن سيرة حياة مضيئة لرجل مناضل ، انه الأديب الراقي الاستاذ حمودي عبد محسن،…فهذا الرجل كان قد سلك درب النضال في زمن كان النضال علامة مرافقة للوعي، وكان ولا يزال أديباً يمتلك قلماً باشطاً مقتدرا على تسج سيل من الروايات والملاحم الشعرية الممتعة وذات القيمة الأدبية الراقية مثل رواية المزمار ورواية الدفان والغجرية وملحمته الشعرية الإله تموز ومجموعته القصصية كاسندرا ، ومجومعة تلتها نبؤات اكشو ،ورتحت عنوان حكاية من النجف ورواية امرأة الحلم الى اضافة مجموعاته الشعرية أفياء وليل طويل وملحمة شعرية بالسويدية Gasill وغيرها من الانتاج الادبي المعتبر…وباختصار شديد أنا شخصياً أعد العزيز حمودي عبد محسن ثروة وطنية ثمينة عالية المستوى…
البروفسور جعفر عبد المهدي صاحب
أوسلو – مملكة النرويج

وهاب شريف 07/06/2017 - 2:02 صباحًا

رائع جدا . شكرا لهذا الصفحة المشرقة

عصمان فارس 09/06/2017 - 1:31 صباحًا

مساء الخير والورد والابداع وانت تتواصل مع نسيم عذب ولغة الكلام والخواطر الجميلة بحثآ عن لغة الجمال وفردوس الحب والكتابة والتنوير الفكري يبقى هذا الحوار واللقاء جميل جدا وأسئلة وأجوبة وافية وراقية تحياتي لك أخي الحبيب الكاتب والباحث المبدع حمودي عبد محسن أتمنى لك التوفيق والنجاح والسعادة والتواصل مع الإبداع الأدبي وتبقى علامة وقامة مهمة في عالم الفكر والابداع الادبي مودتي.
عصمان فارس مخرج وناقد مسرحي السويد

حمودي عبد محسن 09/06/2017 - 2:25 مساءً

شكرًا لك استاذنا الفاضل عصمان فارس الذي أعطيت للفن المسرحي اثرا في اعمال فنية عديدة، وأعطيت للنقد المسرحي دلالة في نصوصك الأدبية … لقد سرني هذا ان اقرأ كلماتك المعبرة بمعان نيرة عن الحوار ، وانت صاحب تجربة عريقة في الإخراج المسرحي والابداع….. دمت لنا، ودمت متالقا في اعمالك الفنية….مع صادق مودتي

شاهيناز نور 10/06/2017 - 5:46 مساءً

أنتهيت من القراءة ومازال دهشة الفضول ببراعك لاتكتمل مبدعنا القدير
إحترامي وتقديري

حمودي عبد محسن 14/06/2017 - 9:29 مساءً

شكرًا سيدة شاهيناز نور لذوق الرفيع في تقيم هذا الحوار…. دمت للنجاح والموفقية

Nader doxati 12/06/2017 - 5:23 مساءً

حوار شيق ورائع، أتمنى لك التوفيق اخي العزيز ابو كاظم
مودتي وإحترامي

حمودي عبد محسن 14/06/2017 - 9:32 مساءً

شكرًا لك صديقي الوفي ، ودمت للنجاح والخير

زوزان صالح اليوسفي 22/06/2017 - 5:37 مساءً

حوار ومقابلة جميلة جداً أستاذ حمودي.. لمثقف عراقي واعي أجبرته الظروف الصعبة في وطنه من أن يواصل حياته في الغربة..، رغم أنني سمعت عن الكثيرين ممن تركوا الوطن وعاشوا في الغربة، أما أنجذبوا إلى إلى حياة اللهو والترف..! وأما تراكمت الأفكار السوداء والحزن واليأس إلى حياتهم..! ونرى القلة منهم، من أمثالك مَن حاول أن يواصل مسيرة حياته..أينما كان وكيفما كان.. وهذه هي قدرة الإنسان الواعي المثقف للتكييف والتألقم كيفما سارت معه الحياة والظروف..! وأنت شخصية من تلك الشخصيات التي أستطاعت الوقوف على قدميها بل وأرتقت على سلم المجد لتكون مثال للإنسان العراقي المثقف الواعي والذي يملك الثقة بنفسه وقدراته الخارقة..، حقيقة أستفدت كثيراً من هذا الحوار من كافة النواحي التاريخية والأدبية وكأنني أقرأ عن مسلسل فيه من الأدب والتاريخ وعن الأغتراب وحياة الغربة وعن طموح الإنسان المكافح .. عاشت الأيادي أستاذ حمودي وتمنياتي لك بالمزيد من التألق والنجاح.. مع وافر تحياتي

نزار 30/06/2017 - 11:20 مساءً

لـك تحية من بحزاني التي البسها القدر ثوب الحزن ..
والف تحية من الشعب الايزيدي المضطهد ..
لولا الشرفاء والاصلاء مثلكم لما ذكرنا احد وفخر لنا عراقي اصيل يتحدث بصراحة عن تاريخنا ومعتقدنا
دمت يا كاتبنا الكبير بخير وعطاء

Comments are closed.