Home أقلام إلّا الموت حب…راً

بلال شرارة / كاتب وشاعر لبناني – مستشار رئيس مجلس النواب اللبناني- بيروت

الآن لا أملك فكرة عمّا سأكتبُ. و لكن سأحاول التعبير عن فيض مشاعري و أحزاني على الضحايا و الجرحى و المعوّقين و المشرّدين و المدن والبلدات و القرى و الدساكر المهتوكه من المحيط إلى الخليج٠

أنا لا أملك سوى أسفي على هذا العالم الذي يحتار في أمر موتنا، يبتكر الوسائل، و يطوّر، و يجرّب أسلحة تقليدية، و قنّاصاتٍ و حشواتٍ جوفيةٍ للقواذف المضادّة للآليات، و يجرّب و سائل حربه التقليدية على جدران غرف نوم الاطفال، و على المدارس و العيادات الطبيّة.

العالم المحتار في أمر من ماتوا في خان شيخون، والذي أصدر بعضه أحكاما بقصف سوريه بصواريخ ( توماهوك ) هو العالم نفسه الذي أدار الظهر و ( طنّش )، على مشاهد صورة موت حياة ( سكان ) الباصات المغادره للقرى السورية ( كفريا و الفوعه و غيرهما٠٠ )، و هو نفسه العالم الذي ينسفنا بأجسادنا بهذه الصورة الوحشيّة، من الأعداد الهائلة للانغماسيين الذين تمكّن الجيش العراقي و القوى الرديفة، من تصفيتهم على أعتاب الموصل.
انا كنت لا أملك أدنى فكرة ما إذا كنتُ سأستطيع الكتابة عن حفلات الاعدام الجماعيه تلك، و لا أملك أيضاً استشراف ماذا ستكون عليه صور الموت القادم.
ولكن ما بتّ مقتنعاً به هو أن لا أحد منّا إلا و يملك تفسير حلمه المشتهى بطريقة موته، يستطيع كل واحد منا أن يموت بأيّة صورة يريد: نسفاً، قنصاً، قصفاً، تجويعاً، بقطع الرقبه، حرقاً ٠٠ إلخ
وسائل الموت لم يكن يملكها الوالي التركي، الذي حكم دمشق من قلعتها٠
لطالما فكرت أن أرمي نفسي في بركة ( راميا )، أو أن أمشي في مرج ( مارون ) نحو فلسطين، و هناك أترك للغم إسرائيلي مزروع أن ينفجر بصباحي أو مسائي ٠٠ فكّرت أن أدعْ جارتي تصيبني بالعين، أو أن ترميني ( بتنكة زريعه ) لتقطع طول لساني ٠٠
فكّرت.. و فكّرت طويلا ً، و لكن لم أصل إلى حدّ تخيّل كل هذا الموت المجاني، ووسائله غدا ً، عندما تُفتَحُ كل المقابر الجماعيّة، و تخرج الجثث عن صمتها، و تقول موتها، سنكتشف المزيد من الجرائم و الوسائل التي لم تتوصّل إليها ( محاكم التفتيش )، و لا أحكام الملوك بعد الحروب على أعدائهم و سنكتشف أنّهم… أنّهم حاربوا فعلاً و انتصروا بشرف.
خاصّ – إلّا –

You may also like