Home إلّا المجلس النيابي اللبناني بين المحاكمة والمحاكاة

المجلس النيابي اللبناني بين المحاكمة والمحاكاة

by رئيس التحرير

تعدّدت الآراء والقناعة واحدة، على الرغم من أنّ المشاركين الكرام في هذا التحقيق الخاصّ بمجلّة إلّا الألكترونية، يمثّلون شرائح مختلفة من المجتمع اللبناني، والمفاجأة الحقيقيّة أنّ يكون الإجتماع على رأي واحد تقريباً، والإجماع على وجهة نظر شبه متطابقة وثابته بالنسبة للجميع، حيثُ يقرّ الكلّ هنا ويرى أنّ المجلس النيابي قد “اغتصب ” السلطة النيابيّة اغتصاباً من الشعب اللبناني، وأنّ المسؤول لم يعد مسؤولاً عن تصويب اعوجاج وخلل الدولة، بل جلّ اهتمامه ومسعاه تحقيق المطالب الشخصيّة والأهداف الذاتية لاغير، وكلّ ذلك على حساب الناس الذين وثقوا به وأولوه كامل التفويض للبحث في أمورهم ومصائرهم داخل المجتمع اللبناني وضمن مؤسسات الدولة، وقد أصبح من ضمن بديهيات الواقع السياسي اللبناني أنّ النائب هو نفسه المتواطىء ضدّ مصلحة الوطن والمواطن على حدّ سواء، وأنّ همّه الأوحد صار استثمار المنصب، والاستحواذ على أكبر نصيب ممكن من قالب “الجبنة ” في كل مشروع محتمل أو متّفق عليه، لهذا كان لا بدّ من الاحتكام إلى الشارع وإنهاض المجتمع المدني لفرض الحلّ، سعياً خلف التغيير والإصلاح الذي وعدَ به الرئيس اللبناني المنتخب “ميشيل عون “، وهذه المقدّمة لم تولد من فراغ الرؤية، بل من صميم الذهنية التي انطلقت منها جميع المواقف، بتفاوت بسيط طال فيه حجم النصّ لدى البعض إلّا أنه لم يتمّ فيه أيّ تحجيم للموقف الواضح والمباشر والعلني لدى الكلّ، وقد كان السؤال المطروح لتحقيق مجلّة illa هو كالتالي: “بتقديرك المجلس النيابي الذي يكتسب سلطته رغماً عن إرادة الشعب اللبناني عموماً، منذ ولايتين دستوريتين، والثالثة قيد التمرير والتمديد.. هل هو مجلس شرعي يستحقّ الاحتفاظ بكامل صلاحياته.. وبرأيك ماالذي يتسبّب بهذه الانتفاضة الشعبيّة ضدّ توطيد المجلس لولاية دستورية ثالثة.. وماذا سيختلف في حال التغيير… أليس الفساد الإداري من ضمن الصلاحيات المتعارف عليها، والذي كالعادة ينتقل من عهد إلى آخر بالتواتر وبالتوريث السياسي؟!”.

خاصّ – إلا – 

نتيجة بحث الصور عن د. زياد نجيم

الدكتور زياد نجيم – إعلامي وطبيب جرّاح فكّ

-إذا أردنا أن نفكر بدستورية، وشرعيّة المجلس النيابي، لنكون صادقين مع أنفسنا وضميرنا، فكل شي حصل منذ تاريخ الطائف لليوم هو غير دستوري، وغير شرعي، لأن المجلس النيابي الذي  تقرّر في الطائف، كان فاقداً لصفته التمثيليّة، وهذه المقولة كان يعلنها دائماً – العماد عون – نفسه، لكن اليوم كونه صار بالسلطة، لم يعد ينادي بحلّ المجلس النيابي، مع أنه هو نفسه في حينه لم يكن لديه صلاحيات دستورية، لأنه كان رئيس حكومة انتقالية لا أكثر، مهمّتها تُأمّين أجواء انتخاب رئيس جمهورية جديد، بعد الرئيس أمين جميّل، وهذا الشي لم يحدث، وكلّنا نعرف وقتها ماذا حصل ( الحرب مع النظام السوري، والحرب مع حزب القوات اللبنانية)، المهمّ إذا أردنا العمل بضمير، وعلم، ووفاء للعقلية، والمقاربة الدستورية، كل شيء حصل من الطائف للآن فعلياً هو غير شرعي، يعني كل الولايات وكل الرؤساء يلي تعاقبوا كلهم غير شرعيين، بلكن لا نريد أن نكون رافضيين ونهائيين إلى هذا الحدّ..
تتحدّثون في سؤالكم عن الانتفاضة الشعبية، أنا شخصيّاً لا أرى أنه ثمّة انتفاضة شعبيّة تُذكر، ربّما هناك بعض العشرات من الناس، من تحركات ما يسمى المجتمع الأهلي أو المدني، “ينبّشون ” على موقع أو أنهم يبحثون عن فرصة، لكن الإثبات الحقيقي للانتفاضة تُحسم حين تُفتَح أبواب الترشيحات، وقتها سنجد الكل سيسارع ليرشح نفسه، لأنّ هؤلاء ليسوا دعاة تغيير، هؤلاء مكتوب على جبينهم حيث تحركوا “قوم لأجلس مطرحك لا أكثر “، لهذا أنا لم أشارك، ولا يهمّني هذا الحراك الفلكلوري لأشارك وليس هذا هو مناخي أو جوّي للحضور، وأساسا هم لم يأخذوا رأيي ولم يسألوني ولم يستشيروني لهذا الحراك، لأنني حين كنت أتكلّم بالتغيير وأنادي بحريّة التعبير، كانوا لم يخلقوا بعد هذا لا يعني أنهم ما بيسووا، وأنه ليس لديهم قيمة، بل على العكس، ولكن أنا أقصد أنّ تحرّكهم مفبرك ومزيّف، ولغاية في نفس يعقوب، أولها ظهورهم عبر التلفزيونات، ومن ثمّ يتاح لهم أن يترشحوا ويفوتوا على الندوة النيابيّة، وهذا حقهم ولا  أقول هذا ليس حقهم، ولكن لا بدّ من الإشارة إلى أنّهم يتحركون شعبيّاً، لهذا الهدف، وليس حراكهم ليقوموا بتغيير النواب فعلاً، التغيير يحتاج لتصميم وإرادة ووعي مختلف ولكنهم لم يستشيروني، وعلى العموم فأنا لا أومن بهذه التحرّكات لهذا السبب لم أكن معهم، وطالما أنهم يتحركون بتوجيه خفي، فلن أصير معهم.. أضف إلى أني أساساً لا أؤمن بزعيم، أو نايب، أو وزير، أو حتى رئيس، من أجل ذلك أنا لم أسلك درب أحد، ولم أناصر يوماً إلا ضميري، وأحترم الإمام عليّ الذي قال منذ قرابة ١٥٠٠ سنة: ” لاتستوحشوا طريق الحقّ لقلّة سالكيه “.

د. محمود أمهز – أكاديمي وفنان تشكيلي

لا أعتقد أن المجلس النيابي قد اكتسب هذه السلطة ديموقراطياً…فالانتخابات لطالما كانت في معظم الحالات أقرب إلى التعيين منها إلى الانتخابات الدستورية الحقيقيّة… وبخاصّة في السنوات الأخيرة… لدرجة أنه لم يعد ثمّة فرق بين الانتخاب وبين التمديد…فالوجوه في الحالتين هي ذاتها… وإن تبدّلت أحيانا فبفضل صاحب البوسطه الذي إليه يعود أمر الاختيار…. أما الخلاف المتداول الآن بشأن هذا الموضوع فبتقديري أنه متّفق عليه، وأجزم أنه لا انتخابات في المدى المنظور….وقد تكون مصيرها مرتبطة فعلياً بأحداث العالم العربي الراهنة….

نتيجة بحث الصور عن ثريا عاصي

ثريا عاصي – كاتبة ومحلّلة سياسيّة في جريدة الديار اللبنانية

المجلس النيابي حسب علمي ، مكون من ممثلين عن الشعب ، الذي من المفترض انه اقترع .. استنادا الى برنامج سياسي – اقتصادي – تربوي – إنمائي . الا في لبنان فان النواب اتفقوا على انتخاب انفسهم ، ينبني عليه انهم يمثلون انفسهم . اذن .. ولاية هذه المجلس ليست دستورية… و لا تمت للدستور بصلة …و بالتالي هو ليس شرعيا .. من البديهي ان يعترض الناس على مجلس أعضاؤه يمثلون انفسهم .. في المسألة انتحال صفة .. امام هذه الظاهرة … اعتقد ان الحديث عن الفساد … لا جدوى منه …

صورة ذات صلة

د. جمال فياض – ناقد وإعلامي

إن مجلس النواب اللبناني، يمثّل زعامات الطوائف في لبنان وليس الشعب اللبناني. وأعتقد أن في المجلس النيابي الحالي، ستة أعضاء أو سبعة فقط.. فالنواب الذين يأتمرون بقرار الزعيم، لا يمكن تسميتهم نواباً عن الشعب، بل هم نواب الزعيم. وأدقّ تشبيه لهم، هو بيادق الزعيم على طاولة شطرنج الديمقراطية الوهمية في لبنان. ولا شكّ حين ينتفض الشعب اللبناني ضد التمديد الثالث، فلأنه الأمل فقط.. الأمل هو الذي يجعلنا نعتقد أن الإنتخابات القادمة يمكن أن تحقّق خرقاً أو تغييراً بسيطاً.. لكنّ قناعتي أن هذا الأمل ضعيف جداً، رغم إصراري على المحاولة والتجربة لعلّ وعسى. أما لو سُئِلْتُ لماذا الأمل ضعيف فهذا يعود لسببين: الأول هو ما ألمسه بالعين والسمع من نقد المعترضين لكل السياسيين، باستثناء زعيمهم الذي لا يخطيء ولا يسرق. مثل هذه القناعة تعيدنا الى نقطة الصفر في محاولة التغيير. السبب الثاني هو حالة الفقر والعوز العامة التي تجعل المواطن غير قادر على المقاطعة والتكبّر والتعفّف عن حاجته لوساطة ومساعدة زعيمه. فهو مأجور له، سواء برضاه أو بحاجته له. من هنا، ينبغي السعي الدائم لدعم التغيير مهما كانت الآمال ضعيفة، ودعم مكافحة الفساد المحمي وفضحه، مهما كانت النتائج بسيطة.

نتيجة بحث الصور عن مكتبة دراسات إسلاميه لبنان

د. حسين ضاهر – باحث وأكاديمي في الدراسات الإسلامية

أنا عادة لا أتكلم في السياسة …لكن يمكن ذِكر بعض النقاط : فمن الناحية الشرعية: القائد الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم قال (إذا رأيت أمّتي تهاب الظالم أو تهاب أن تقول له يا ظالم فقد تودّع منهم ). وهذا من جملة معناه أنّ السكوت عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يؤدي إلى نتائج وخيمة من جملتها تسلّط الظالمين والاعداء. ثانيا : من الناحية الاجتماعية : للأسف أنه لا يوجد أيّ صوت للشعب في لبنان مثل أغلب الدول العربية والسبب عدم وجود شعب إنما هناك أفراد تابعين لزعماء، كل يريد مصلحته الشخصية الواردة بطريق رضى الزعيم الذي يربط هذه الأفراد بعدّة حبال من جملتها تورطيهم بشتى أنواع المخالفات ليكون هو المرجع والمدافع وبالتالي أصبح وراء كل زعيم مجموعة من الهمج الرعاع اللذين يهيمون في كل وادي . ثالثا : من الناحية السياسية : أصبح من المعروف أن سياسة لبنان قائمة على توزيع الحصص والغنائم وبالتوافق فيما بينهم وأي خلاف هو ناتج عن خلاف يتعلّق بهذا التوزيع للغنائم المُتحصّل عليها من الحرب على المواطن غير المنتمي، الذي لا يقوى حتى على التفكير بتغيير ظروفه بسبب تجويعه وإذلاله لأنّه مستقلّ، وبالتالي لا زعيم له ومن لا زعيم له (في لبنان) فهو لا ظهر له …والباقي معروف وواضح للجميع ولا يحتج لمزيد من الشرح.

نتيجة بحث الصور عن قاسم قصير

قاسم قصير – كاتب ومحلّل سياسي 

هناك نوعان من الشرعية.. الشرعية القانونية والواقعية والدستورية.. والشرعية الشعبية فالمجلس النيابي الحالي هو شرعي من الناحية القانونية والدستورية طالما انه اتّبع الطرق الدستورية للتمديد، ولم يتمّ الاعتراض عليه دستوريا، وإن كان يمكن التشكيك بمدى شرعية التمثيل الشعبي للمجلس لانه مضى ثمان سنوات على الانتخابات وكان يجب إجراؤها قبل أربع سنوات، وأمّا إمكانية الثورة على المجلس والانتفاضة عليه، فقد تحصل بعض الاعتراضات من قبل فئات من الشعب، وقد تتحوّل إلى اضطرابات طائفية لأن هناك فئات قد تقبل بالتمديد، وفئات سترفض بالمطلق، ولذا المطلوب الضغط حاليا للاسراع بالاتفاق على وضع قانون جديد، وهذا هو الحلّ وعدم انتظار 25 أيار والتمديد للمجلس لأنه سيصبح حينها أمراً واقعاً لا بدّ منه.
نتيجة بحث الصور عن الصحافي هاني الحلبي

هاني الحلبي – كاتب وصحافي ورئيس تحرير جريدة – حرمون – الألكترونيّة

هو مجلس نيابيّ شرعيّ ويستحق الاحتفاظ بكامل صلاحياته – فالشرعية هي اصطلاح سياسي وضعيّ يتم تعيين ما يمكن اعتباره شرعياً وفقاً لمعايير معينة، بحيث تكون الشرعية ما يجيزه النظام القائم وفق مواد الدستور والقوانين المرتكزة عليه. وهكذا يؤمن النظام استمراريته. واستمرارية النظام لا تعني بالضبط تلبية ضرورات تطوير هذا النظام ليكون مواكباً صيرورة الحياة والاجتماع السياسي، بل ربما تعني العكس تجميد هذا النظام حتى يتم تغييره بالثورة او الحراك الشعبي أو صيرورة الوعي القانوني والاجتماعي. إذ بعد تمديدين شكليين لمجلس النواب اتخذت رئاسته بالاتفاق مع القوى السياسية النافذة قرارَ التمديد، استنادا إلى أوهام الظروف الدقيقة التي درجت السلطة على تسميتها بعد النكبة المستشرية، وبسبب هذا الوهم كانت تؤمن استنقاع النظام السياسي وتعقيم الرأي العام، حتى استكان عقوداً.

ولا شكّ أن شرعية المجلس النيابي “مفقودة ” منذ برّر لتمديده بذرائع واهية، إذ كيف يمكن إجراء انتخابات بلديّة مميّزة وللأسباب نفسها التي كانت تبرّر التمديد واستحالة عقد الانتخابات والتحضير لها؟ لهذا مجمل صلاحيات مجلس النواب باطلة، وغير صحيحة، بسبب التكاسل عن تجديد الدم الانتخابي من كبرى القوى السياسية، وتواطُئها على تأجيل هذا التجديد للاستئثار بالحراك السياسي والاقتصادي، خلافاً لأي نص.

وهذا من أساطير فرادة النظام اللبناني الذي تتمتع السلطة التشريعية نفسها بصلاحية وضع النصوص وصلاحية تفسيرها، وليس المجلس الدستوري الذي يراقب دستورية القوانين والقرارات والتدابير كافة، ولما نعرف درجة تحكّم القوى السياسية الطائفية بالمجلس وبالمجلس النيابي وقدرتها على البلطجة السياسية والقانونية والدستورية، ندرك أننا لسنا دولة ولن نكون، ما دامت لا قوانين لدينا موضع التنفيذ ولا قوّة عامّة ترعى نافذ القانون إلا مزاجاً سياسياً وطائفياً. – أمّا الذي يسبّب بهذه الانتفاضة الشعبية ضدّ تمديد المجلس ولايته الثالثة حتى الآن ليست هناك انتفاضة شعبية ضدّ التمديد، فإذا أخذنا تحرّك التيار الوطني الحرّ وحزب القوات ضدّ جلسة الخميس الفائت والتلويح بإقفال الطرق، فرفض الجلسة ليس أفضل من تأييد انعقادها، ما دامت الاقتراحات المتتالية لقانون الانتخاب لم ترتّقِ عما يُسمى مشروع القانون الأرثوذكسي لإعادة لبنان عقوداً مديدة لتخلف المجلس الملّي في متصرفيّة جبل لبنان، وإذا كان المجلس النيابي لا يرقى كثيراً عن المجلس الملّي، بل ربما بالضبط هو مجلس نواطير الحارات والأزقّة اللبنانية، التي لم ترتقِ يوماً في ذهنيتها إلى استراتيجية وطنيّة إصلاحيّة في معظم شرائحها وقواها، ما يجعل حركة الإصلاح جهيضة حتى قبل أن تبدأ.

وفي الواقع لا توجد حركة وعي ديمقراطي حقيقي، وبأكثريّة كافية تفرض نفسها على شوارع القوى الطائفية. بينما لو شاءت إحدى السفارات الخليجية لحشدت معظم ما يسمى الشعب اللبناني تحت شعارات زائفة لخلق حراك يأكل أخضر المؤسسات مع يابسها.

لكن حتى شبّان الحراك أنفسهم يفتقدون إلى أوليّات الأبجدية الديمقراطية وروح الفريق. – ما الذي سيختلف في حال التغيير؟ لا اختلاف متوقّع ما دامت القوى الطائفية نفسها التي تدّعي الإصلاح هي من يوهم الناس أنّها مصرّة على قانون انتخاب جديد، فإذا بمشاريعها تعود القهقرى إلى أسوأ من قانون الستين.

وقطعاً القوى السياسية مستفيدة جداً من تحاصص الموارد والصفقات والتأثير وفق ائتلافات عابرة، وأبشعها الطائفية، بحجّة استعادة حقوق المسيحيين بينما يتم سحق المواطن اللبناني باستشراء درجة التحريض الطائفي والإنفاق الفاحش وعدم البحث في إصلاح جذري للنظام على أسس حقوقيّة عادلة، كالتراجع أمام ضغط المصارف ضد فرض أيّة ضرائب على ربوعها، وتهميش الصناعة والزراعة لمصلحة الخدمات والتجارة.

– أليس الفساد الإداري متواتراً من عهد إلى عهد ومن الصلاحيات المتعارف عليها؟ نعم الفساد إحدى جينات النظام اللبناني منذ العهد العثماني وورثه الانتداب وعزّز شرائحه، من شريحة سنية إقطاعية تتسكّع على باب الولاة إلى شريحة مارونيّة تتسكّع على باب المفوّض السامي، وتوصل من يخضع لمزاج الوالي أو المفوّض ويلبّي مطالبه الفرديّة من مكوث ورغبات وكأنها قضاء وقدراً. ومع إعلان ما سمّي باستقلال لبنان بخروجه من زنزانة الانتداب إلى باحة القاووش، تولّى أزلام النافذ السلطة وحاولوا إقامة دولة. ولكن بعد تسعة عقود لم تتجاوز نظام المزرعة الحديثة ولا نظام استدامة الوظائف الفعلية للاجتماع البشري. كيف نحارب الفساد والسلطة القضائية مغلولة اليد وتصْنَعها سلطة تنفيذية وفق مُحدّدات محاصصة طائفية فئوية؟ وأي ضمير لقاضٍ ضدّ يغامر بالعدل وبمستقبله الوظيفي ما دام قرار تعيينه لمجلس وزراء قوى النافذين وليس للسلطة القضائية نفسها؟

نتيجة بحث الصور عن ريما كبّي

ريما كبّي – ناشطة ثقافية – وفنانة تشكيليّة

إنّ المجلس النيابي الذي يُنتَخَب من قِبل الشعب لتمثيله أمام الحكومة … حين يخفق في العديد من مهامه وأهمها الرقابة على الحكومة ومحاربة الفساد الإداري ، ولم يكن خيرَ ممّثل ، فالشعب عندها سيقول كلمته داعياً جميع النواب للرحيل … ومن هنا تسقط عنه صفة ” نائب ” عن الشعب …لتُسْتَبدل بصفة “مُغتصب” لحرية الشعب و لهذا المجلس يمثّل زعامات الطوائف في لبنان وليس الشعب اللبناني.

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏

هانيبال كرم – شاعر وأكاديمي

من حيث المبدأ، إنّ أيّ قانون أو تشريع أو هيئة أو جمعيّة، لا تكون شرعيّة إن لم تعبّر عن مصلحة الشّعب العليا وإرادته، وتعمل بالتالي على حمايته وصون كرامته انطلاقا من أبسط شؤون الحياة الماديّة والروحيّة والثقافيّة، إلى أكثرها تعقيدًا وخطورة. برأيي إن أيّ تمديد لمجلس أو لرئاسة لا يمكن أن يكون إلا من باب رغبة الشعب بعدم التنازل عن هيئة تفوّقت في إدارة شؤونه وصون كرامته وأوصلته إلى مراتب عليا في الحياة، وإلا لن يكون لا شرعيًّا ولا دستوريًّا ولا أخلاقيًّا حتى، إنّما من باب الظلم والاستعباد.

ما الذي يتسبّب بهذه الانتفاضة الشعبيّة ضدّ توطيد المجلس لولاية دستوريّة ثالثة وماذا سيختلف في حال التغيير؟ أولا، أنا لا أرى أيّة انتفاضة شعبيّة حتى الان، بغياب الوعي السياسي المعزول عن الاصطفافات الطائفية التي تسيّرها مصالح الأحزاب الطائفية. أعتقد أن كلّ ما يجري ليس أكثر من تأخّر القوى السياسية هذه بإيجاد قانون انتخابات يرضي الأطراف الأساسيّة المتصارعة لاعتبارات متعدّدة ومختلفة، ويضمن إعادة التموضع للطّقم السياسي الطائفي المستفيد، بشكل يُفهم منه أنه لعبة ديمقراطية تعبّر عن إرادة الناس. الشعب اللبناني سيذهب إلى الانتخابات، وسيمارس “حقّه الديموقراطي المشروع” لينتخب التركيبة ذاتها، مهما يكن قانون الانتخابات “الجديد”. 3- ماذا سيختلف في حال التغيير…؟ ليس هناك أيّ تغيير يلوح في الأفق القريب.

التغيير يمكن أن يحصل بثورة حقيقية سببُها تربية تُؤمن بفصل “الطائفية” عن السياسة وعن مصلحة الدولة العامّة، وبفلسفة جديدة للحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية تربي أجيالا قادرة فعلا على إحداث تغيير ذي شأن. فأين نحن من كلّ ذلك؟ هل نؤمن حقًّا بكوننا مجتمع واحد؟ هل “الفرد” عندنا هو”للجميع”؟ هل يفكّ زعماء الأحزاب اللبنانيّة، معظمهم، ارتباطاتهم الطائفيّة الاستغلالية فيكونون “رجال سياسة” يقودون “الوطن” إلى خيره وصلاحه وحياته الرغيدة؟ هل نحن متفقون أساسًا على فكرة “صلاح الوطن ومصلحته العامّة”؟ أعتقد أنّنا لم نصل إلى هذا الحدّ من الوعي بعد. الأمور معقّدة أكثر ممّا نتصوّر. الحلّ الوحيد برأيي، لوضعنا الخاصّ جدًّا، و”للانتفاضة الشعبية” هو نظريّة “الديكتاتور الصّالح” الذي يفرض على الجميع، وبالقوّة، نظام حياة وسياسة واجتماع مبنيّ على أسس علميّة عصريّة يمكن أن تصل بنا ليس فقط إلى إصلاح البلد، إنّما إلى المشاركة في ركب الحضارة العالميّة. مع نظرية “الديكتاتور الصالح” سنشهد “انتفاضة” شعبيّة حقيقية، ولكنّها ستكون انتفاضة غوغائيّة يهيء لها ويديرها ويشعل وقودها، المختلفون اليوم على قانون “إدارة الأزمة”…وهنا تكمن المفارقة العجيبة! ختامًا، لا يشعرنّ أحد بالسوء ولا بالامتعاض! لا يحقّ للرازحين بإرادتهم تحت أثقال العبوديّة أن يمتعضوا! الحريّة حمل ثقيل لا يظطلع به إلا ذوو النفوس العظيمة. و”كما تكونون يولّى عليكم”.

 

خاصّ – إلّا –

You may also like