Home إلّا التحريض من فوق المنابر: أهل الذمّة.. وأهل الأزهر

التحريض من فوق المنابر: أهل الذمّة.. وأهل الأزهر

by رئيس التحرير

محمد حسن الألفى/ كاتب وروائي مصري – القاهرة

كان يوم الجمعة قبل الماضي داميا ، أعقبه يوم الأحد مفجعا . في الجمعة سقط شهداء من الشرطة المصرية كانوا يحرسون المصلين في مسجد السلام الاخوانى الذي تحول الي ساحة قتل ونسف . وفي الأحد سقطت شهيدات من المدنيات المصريات كن يؤدين الصلوات في صحن الكنيسة البطرسية الملحقة بمقر الارثوذكسية بقلب ميدان العباسية . تحولت الكنيسة الي غبار مخلوطا بالدماء بالعظام بالسيقان بالامخاخ بالقلوب بالاطراف !
معجنة ومجزرة بكل معنى الكلمة . انفطر قلب كل مصري وكل انسان . وتساءل الناس من الارهابي الفاعل . أعلن عنه رئيس الجمهورية في عصر اليوم التالي . شاب في الثانية والعشرين من عمره . لف خصره تحت جاكت اسود ب١٢ كيلو جراما من مادة سي فور، فائقة التفجير ، خفيفة الوزن ..لن اناقش هنا حملة التشكك والتشكيك في صحة كلام الرئيس ، وما لاكته ألسنة أغبياء في الاعلام الخاص ، حققوا هدف الجماعة الارهابية بتوسيع دائرة التشكيك في صحة معلومات يبثها رأس الدولة للعالم ، ليقللوا من قدره ، بل سأعرض لجذر الحزام الناسف . للولد . للشاب .
لماذا يختار شاب في مثل عمره أن يموت منسوفا ، أجزاء ، أشلاء ، قابضا معه حياة خمسة وعشرين سيدة وصبية وطفلة وطفلا ؟!
سبق أن ألقى البوليس القبض علي محمود شفيق ، في قضية حيازة سلاح ، وأفرج عنه القضاء علي ذمة المحاكمة ، لكنه هرب واختفى ثم عاد لينسف يوما بدأه المصريون بالاستبشار ، فهو يوم مولد أشرف خلق الله سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو يوم احد والمسيحيون المصريون صائمون مصلون .
محمود شفيق لم يكن الأول ولن يكون الأخير ، فهناك اليوم مئات الالوف مثله يرضعون من ذات الصدر العفن ، والعقل الآسن . فكر وعقل تكفير الآخروكراهيته والتعامل معه بحساب تراث مخلوط في جوانب منه بتفادي معايدة النصرانى ومؤاكلته ومصاحبته وموالاته . يتربى الطفل المصرى ، في حقبة لم تشهد مصر لها مثيلا من اسرته ومن معلمه على أن الطفل المسيحي لن يرد على جنة لأنه مشرك ، وكافر .
نعم تلك هي الحقيقة . وعلينا أن نواجهها بمنتهى الشجاعة بحثا عن علاج وعن حلول تحفظ للناس أرواحهم وسط بيئة متسامحة أساسها ومناخها المواطنة ولا شئ غير المواطنة .
لايزال الجهلاء المتزمتون ، وكلاء الاخوان ولايزال السلفيون الدواعش ، كلهم يعتلون منابر يستمطرون فيها السماء لعنات على المسيحيين وتنفر من صداقتهم والقاء السلام عليهم ! ولايزال الخطيب الخطير المجذوب بالفكر القطبي يعتبر النصاري هم الضالون ، وهو يرفع عقيرته مدوية ، لم يكتف بالميكرفونات تصم الآذان ، فيسمع الناس ، ومنهم المسيحيون ، رجلا مسلما يعاديهم ويحرض عليهم ، وهم بعد مسالمون في بيوتهم .
كلام القرآن غير كلام سلفية الجهل ، وكلام النبي وأعماله ومواقفه لم تتوقف علي الهوية الدينية لمن تعامل معهم . هو هداية وخير وسلام لكل الناس .
ورغم أن ازهريين كثيرين يميلون الي الاعتدال ، ولن أعرض لمن ملأ دماغه منهم بارضاع الكبير ، واجبار غير المسلمين علي قبول الاسلام ، وفق أحاديث لا تجوز علي عقلانية الاسلام ورسوله الكريم، لكن حتى الازهريين الرشداء يستخدمون ألفاظا تثير الفتنة وتوغر الصدور وتكرس التفريق والتمييز ، ربما عن سهو وربما عن عمد ، الله أعلم .
إذ لايزال شيوخ كبار متبحرون وفاضلون يستخدمون كلمات ذات مدلول استعلائي ، استعمارى ، كان يتسق وعصره ، ولم يعد مقبولا ترديده حاليا . من بين الغبار العنيف الذي تفجر مع الاشلاء ، كان هذا الغضب المسيحى من شيوع تداول لفظة النصارى واهل الذمة . واللفظ الأخير يستدعى بالضرورة أنهم جزء ناتئ من جسم أصلى ، وان عليهم قبول الاحتواء ودفع جزية .
الزمن تغير والناس تفهم وتناقش ، وما عاد يصلح أن تذكر مواطنا مصريا مسيحيا بأنه ذمي أي أنه في ذمتك وذمتى ، كانه عقار أو منقولات ، ينبغي صونها . هو بشر . هو مواطن هو مصري مسيحي. من هنا يجب على الدولة مراجعة دلالات ألفاظ الخطاب الدينى ، بعيدا عن صراع وزير الأوقاف مع المشيخة، فضلا عن اعادة النظر فى كافة كتب ومقررات التربية والتعليم والتركيز علي مصطلح المواطنة ، ورفع أي وجه من وجوه التمييز ، واعتبار الآخر كافرا. الكفر والايمان يقضي فيهما الله . وما دمنا مواطنين مصريين ، فعلينا واجبات ولنا حقوق . يجب أيضا الكف عن ترديد مقولة الاخوة الاقباط شركاء الوطن . مصرليست شركة مساهمة وفد عليها مساهمون . بل هي دولة قابضة ذات قلب يدق وينبض ويهتف باسم إله واحد .حسابنا جميعا عند ربنا يوم الحساب . ان الله لا ينسف من كفر. فمن أخذ عهدا أو توكيلا من الله في القرن الواحد والعشرين ليقبض ارواح الناس بالجملة نسفا وعصفا وخسفا ..فليبرزه؟!
نحن أمة مصرية أي قبطية واحدة ، مسلمون ومسيحيون ،ومع ذلك يفجعك ويصدمك أذ فجأة تخرج علينا اللجنة الدينية بمجلس نواب مصرلتطلب من الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة طلبا عبثيا ! كان جابر نصار استخدم حقه القانوني في استصدار قرار اداري بحذف خانة مسلم ومسيحي من كافة الاوراق المتداولة في الجامعة . اتجاه عقلاني مستنير ، وقع منذ شهور . وفجأة ووسط الحزة والجزة ودم شهداء الكنيسة لم يبرد بعد ، يخرج نواب يسترجعون استاذ القانون ، في قراره . هو قال سأرضخ لو ألزمنى القضاء ، أو تشريع من المجلس . لا ترضخ حتى يقضي القانون أو المشرعون . وعجبا أن فينا من يتهافت علي التوافه وسط أشلاء البشر. مجلس عجيب متفرغ لملاحقة المفكرين ، حتى وهم جثث ، وأساتذة الجامعات المجتهدين ، حتى وهم يضيئون القلوب والعقول . علي مجلس النواب أن يباكت نفسه ،لأنه كان الأحق بالتحرك من زمان لتعديل قانون علف المجرمين والارهابيين سنوات وسنوات في درجات التقاضي .
لا يوجد في مصر أهل ذمة . يوجد في مصر مواطنون مصريون مسيحيون . شئ من الاحساس والذوق وفهم تحولات العصر وتغيرات العقول ، يوفر الدم ، ويمنع الارهاب . بغير ذلك ، هو عون للارهاب وتحريض عليه . وعلي الازهر أن يبدأ بنفسه !

المصدر : صحيفة – صوت الأمّة  –

You may also like