×

علاقة ناريـّة – الحلقة “السابعة -7 “

علاقة ناريـّة – الحلقة “السابعة -7 “

حسن-الألفي-5-225x300 علاقة ناريـّة - الحلقة "السابعة -7 "
محمد حسن الألفي / كاتب وأديب مصري – القاهرة

لم أشعر برغبة فى التراجع، واستمررت كالمجنون فى طرق الباب بكلتى يديّ، كالمجنون واصلت بلا هوادة، وبات الباب المغلق أمامي وهي وراءه، لعلّها تسخر مني وتتشفّى، بمثابة باب زنزانة مغلقاً علي، وانتبهت أن طرقاتى عنيفة وتوقّعت أن يخرج الجيران  ليسألوا عما جرى، أو حتى ليمنعونى من الاستمرار فى إهانة نفسي، غير أن أحداً لم يفتح ولم يعرني اهتماماً،  لعلّهم تعودوا على خناقات كل ليلة وإذلالات كل ليلة ومصالحات كل ليلة …

897905175708930660-Malcolm%2BT.%2BLiepke علاقة ناريـّة - الحلقة "السابعة -7 "

وقفتُ قبالة الباب مهزوماً، كلّتْ يداي، وتجمّع دمع الهزيمة في عيني، واستدرت لأنصرفَ ونزلتُ بالمصعد وخرجتُ إلى الشارع وأنا مشتّت الذهن موزّع النفس، مقسوم الإرادة، حين رنّ تليفونى، وظهر رقمها، فهرولت أصابعى لتفتح الخط فأغلقته. لعنة الله على الأصابع  !
ولعنت  أيضا تعجّلي وتوتّري، وأسرعت أطلبها، فلم ترد، وظهرت على الشاشة كلمة مشغول بالانجليزية، فقلت في نفسي، لعلّها تطلبني، وعلي أن أنتظر، وانتظرت، وانتظرت، وأنا أقود السيارة ممنياً النفس اللئيمة التى تسكننى بأحلام  الاعتذار والمصالحة، واقتربت من باب بيتى ونزلت الجراج، وظهر البواب يستقبلنى بعيونٍ نائمة، وبينما أسحب المفتاح رن الموبايل، فارتجّ قلبى، وفتحتُ الخط بسرعة وأنا أشيح للبواب أن اغرب عن وجهى الآن، وبصوت واهن قلت لها :
– ليه ؟! ليه ؟!  بتعملي كده ليه ؟!

897905175708930660-Malcolm%2BT.%2BLiepke علاقة ناريـّة - الحلقة "السابعة -7 "
قالت بجفاء :
– بهدلتَ نفسك، وسمّعتَ بي الجيران، وفضحتنى، الله يخليك ابعد، لأني فى المرة الجايه حأتصل بمراتك، وحخْرِب بيتك .. وأنا مش عايزة أعمل ده، علشان العيش والملح والحب اللي كان بينا.
لم أنطق، وتساءلت فى نفسى عن مدى الشر الذى يمكن لعبير أن تصيبنى به، أنا من أحبّتهُ وعشقتْهُ، وأعطاها  الحنان والمال والحماية !
كانت أغلقت الخط لما لم أرد، وقفز فى نفسى سؤال :
هل هناك رجل آخر احتلّ مشاعرها وفراشى؟
اتصلت بها وأنا واقف في جانب من الشارع، وسط ضجيج سيارات منطلقة فى الاتجاهين، لم أسمعها جيداً، بل كانت مجرد ضجّة فى الخلفية، لأنى كنتُ مركّزا جداً فيما سأقوله، وفيما إذا كانت ستردّ عليّ.. !

897905175708930660-Malcolm%2BT.%2BLiepke علاقة ناريـّة - الحلقة "السابعة -7 "

هاهى ردّتْ :
– نعم ..؟!
– هو سؤال أخير لك] أرتاح وأريّحك .
– مبطلتش ولا حتبطل أسئلة لغاية ما تموت، ويمكن تسأل وأنت بتموت وأخدنى ليه وعلى فين  ..
ضحكت ضحكة خفيفة مريرة وقلت :
– معلش .. استحملي غبائي وعنادي.. وريحيني .
– مش يمكن اللى حقوله ما يريّحكش .
بسرعة احتججتُ:
– يعنى فيه حدّ تاني .. ؟!
وهى تغلق الخط قالت ضاحكةً :
– أيوه  .. عايز إيه منّي .. أنا حرّة يا أخي .. حاجه غريبه والله هو مفيش نسوان غيرى !؟.

897905175708930660-Malcolm%2BT.%2BLiepke علاقة ناريـّة - الحلقة "السابعة -7 "
كنت فى حال من الهوان والغضب حتى اختلّت خطواتي، وساورتنى  رغبة عنيفة فى العودة إليها، لكني تلقيتُ رنّات من تليفون زوجتى، فتحتُ  الخط بسرعةٍ وعصبيّة، لأرد، كأنني أحتمي بها، لعلّ زجرها يمنعنى من جنوني، قد يأخذنى الى جريمة  وسمعتها تقول لى :
– هو انت فى الشوارع كده على طول  .. والله حرام عليك .. والله حرام  عليك
كانت تتكلم بينما أمضي صاعداً إليها، وأسمعها وهي تقول
– لو فاكر إني نايمه على وداني، تبقى غلطان، أنا سايباك وحسبىي الله ونعم الوكيل و…..

897905175708930660-Malcolm%2BT.%2BLiepke علاقة ناريـّة - الحلقة "السابعة -7 "
وفتحتُ الباب بحذرٍ وفي نفسي ألم و زعل لأنّها حسبنتْ عليَّ، وكانت الصالة في شبه ظلمة بسبب إضاءة خافتة لأباجورة، حين وجدتها مكومّة فى الكنبة الكبيرة، يصدر عنها صوت باكٍ متّصل البكاء .. أضأتُ نور النجفة الثعبانية متعدّدة الأذرع  ساطعة العيون،  وخطوْت ثقيل القدمين نحوها وانحنيتُ، ولاحظتُ جمال شعرها يغطّي ظهرها، ورفعتُ رأسها، وساعدّتها على الاعتدال فى جلستها، فلما رأتنى  من وراء دموعها، انفجرتْ فى نشيجٍ بلا نهاية .
رحت أمسح عنها الدموع، بينما تمتلئ عيناي بالدموع.. ذقتُ دمع عيني زوجتي وذقتُ دمع عيني، دمعها مالح، ودمعي مُرّ.

897905175708930660-Malcolm%2BT.%2BLiepke علاقة ناريـّة - الحلقة "السابعة -7 "
رحتُ ألثُمها في حنان من جبهتها وأغمرها بعطفٍ سابغ مستمدّ من شعورٍ جارفٍ بالندم والتوبة والرجوع عن طريق مفروش بالجمر، لا أفق له.. قالتْ لي وهي تمسح دمعي عني، وتنظر إليه بأطرافِ أصابعها، وتضع قطرة منه على حافة شفتيها الجافتين من  وطأة الموقف بيننا، حتى خفتُ أن يضربها السكر .

897905175708930660-Malcolm%2BT.%2BLiepke علاقة ناريـّة - الحلقة "السابعة -7 "
هزّتْ رأسها فى أسىً وهي تقول :
– دموعك مُرّ علقم .! ب

تبكى على ولا بتبكى على نفسك ؟ . رحتْ مني فين، ومين السبب، هو أنا قصّرت في حاجة ؟
من تحت دموعي، وبلسان يهرب من الكلمات، وذهني مفارقني إلى هناك، عند عبير ، قلت :
– أنا مرحتش منك .. أنا رحتُ من نفسي .. وتُهتُ عني.. تُهتُ عني ..
رفعتْ رأسها في قوّة، وقالت فى لهجةِ تحذير :
– خلي بالك ..

ممكن قوى متلاقينيش هنا ..

مش حقدْر استحمل فكرة أني مغفلة أكتر من كده..

897905175708930660-Malcolm%2BT.%2BLiepke علاقة ناريـّة - الحلقة "السابعة -7 "

قلتِ إيـــــــــــــــــه ؟!

يتبع.……………….

 

عمل روائي جديد للأديب “محمد حسن الألفي ” تفخر مجلّة – إلّا – بنشره على حلقات أسبوعية متتالية مع الشكر الجزيل لثقة الأديب الجليل.. 

Share this content:

مجلّة - إلّا - الألكترونية/ مجلة هادفة ذات مستوى ومحتوى سواء بما يساهم به أقلام الكتاب العرب المعروفه والمنتشرة بأهم المنابر العربية، أو بما يتمّ اختياره أحياناً من الصحف الزميلة بتدقيق وعناية فائقة، وحرصاً من مجلّة - إلّا - بإسهام المزيد من الأقلام الواعدة يُرجى مراسلتها على البريد الألكتروني / ghada2samman@gmail.com

You May Have Missed