Home إلّا “هشام كفارنه ” كفّ من ضوء وملامح من ياقوت

“هشام كفارنه ” كفّ من ضوء وملامح من ياقوت

by رئيس التحرير

في ملامحه السمراء حكاية أرض مرويّة بحبّ الأصالة وعَشِقَ تفاصيل الوطن، قلّما يبتسم لأنه مسكون بالفن مسكون بجديّته وجنونه، عَشِقَ اللون فحمل الريشة واقتحم فضاء اللوحة وصاغها كما يتخيّل ويهوى، عشق اللحن فغنّى القصائد وكتبها أنشودة لا تهدأ، عَشِقَ الفعل فاختار الحركة على منصّة المسرح، عَشِقَ الدراما فأطلّ عبر الشاشة الصغيرة باقتضاب لا يعرف التبذير والإدّعاء واقتدار لا يساوم على الهدف.. وهدفه أن يحفظ مكانته رفيعة وراقية، وأن يصون دوره في مرتبة الشرف دائماً..

عنه، عن أبرز محطاته ومواقفه نتعرّف إلى هشام كفارنه في الحوار التالي… خاصّ – إلّا –

 

1 – هشام كفارنه ممثل سوري لايعرف الدخول في مشهدية الاطار الدرامي، يفتح باب المشهد على عالمه هو.. هل تنبّه نقاد الدراما ومنتجيها الى ذلك أم يحتفظ الكفارنه بهذه الميزة لذاته..؟

**ربما كان من الأجدى توجيه السؤال بطريقة مختلفة كي لايختلط الامر علي… أنا انفذ حسب المتاح غلى روح المشهدية حيث أنني وأزعم ذلك دون تردد أمتلك ميزة الإضافة لما أقوم بأدائه من فيض روحي ومعرفتي مهما كان بسيطاً.

هشام كفارنه ممثل ومخرج وشاعر سوري

2 – على الرغم من أن هشام كفارنه معجون بالمشاعر والاحاسيس التي تمدّه بقدرةٍ مضاعفة ليضيف من ذاته الى الشخصية التي يلعبها مع ذلك لا يزال “نجماً ” مع وقف التنفيذ، بتقديرك مالذي يؤجل نجوميتك المطلقه..؟

**ربما كانت هناك أسباب كثيرة وراء هذا الامر أهمها أنني لا أقوم بما يتوجّب علي للوصول إلى ذلك…حيث أن الموضوع برأي معقد بعض الشيء، باعتبار أن تحقيقه طموح لدي كغيري دون شكّ، ولكنه لايشكل هاجساً ملحّاً… ثم أن مرهون لدى بعض السادة من أصحاب ومدراء الانتاج والمخرجين على ما أظنّ… وقطعا لهم معاييرهم الخاصة والتي من الممكن أن تكرس البعض من خلال منحهم فرص لا تعد ولا تحصى. . وتحول دون منح آخرين بعض هذه الفرص.

انصهار الذات عبر المشهد

3 – يتهمك البعض بالكسل وثمة من يتهمك بالفوقية وآخرون يتهمونك بالملل من الشخصية التي تلعبها وحبك المتواصل لتكون دائما أنت هل ذلك إغراق في الأنا أم انقلاب عليها..؟

**ربما كنت جميع ماورد في السؤال من اتّهامات في كل ما يتعلّق بصياغة العلاقات العامة والشلليات والتكتلات الحاصلة في الوسط الفني كما غيره من الأوساط المحكومة بالمصالح والتي لا تروقني بشكل أو بآخر فابتعد بكل مافي وسعي، وجميعنا نعلم أنّ من خلال العلاقات واللقاءات عادة يتمّ  أحيانا توزيع الأدوار، لكنّني لست كذلك في المسرح، فالمسرح حقلي وملعبي، وإن كان العمل فيه أكتر صعوبة وأقل عائديّة على المستويين المعنوي والمادي، لذا يظلّ الفنان في المسرح مغموراً مقهوراً لأنه أكثر صدقاً وأقلّ ادعاءً وقرباً إلى الأضواء والاستعراض.

مهارة تلبّس الشخصية وتقمّصها

4 – هل حبّك للمسرح جعل من الشاشة الصغيرة مساحة لا ترضي طموحاتك..؟

**بلى… ليس حبا فحسب…إنه حالة وله، وتوق، وشغف…أنا ممسوس بعشق هذا الفن، ويحقق لي توازنا كبيرا رغم الألم والإرهاق، تأثير الصمت في الصالة أثناء العرض وما يفعله التصفيق في بعض المفاصل منه، كل هذه العوامل المتناقضة بين الصوت والصمت، تضخّ في روحي مشاعر أبعد وأعمق من التوصيف.. وفي نهاية العرض …هو الألق الذي أحلم به وأصبو إليه تماما …يتحقّق منذ بدء التدريب الأول ويستمر طوال فترة البروڤات، وإلى ما بعد العرض بل وحتى المباشرة في عرض آخر جديد.

منصّة مسرح هشام كفارنه تتحدّث عن بهائها الصورة

5 – كونك متمكن من فصاحتك وبلاغتك وأنت شاعر ومخرج ومؤلّف، هل ذلك جعل الأعمال المعروضه عليك أقل من الطموح وأصغر من الجهد الذي تودّ أن تبذله؟

**ربما لايمكن المقايسة.. نعم…المسرح لغته عاليه، وادواته عالية، وسماته نبيلة جليلة…لكن لايمكن المقارنه…التلفزيون أقل شأنا لغته نثر والمسرح لغته الشعر ..البيان والاختزال والتكثيف، لا ثرثرة ولا استطالات،لغة العرض الزمنية ساعة ونصف ربما، بينما التلفزيون ثلاثون ساعة لتبديد الوقت في حوارات تبدو ممجوجة مستهلكة، لتبديد الوقت قبل آذان المغرب في رمضان حيث ينشط سوق التلفزيون، ولا أخفي أنّ المنتجين يدركون أنه لايمكن إرضائي بسهولة، فيختصرون مشكورين المشوار عليهم وعلي.

من أعماله المسرحية

6 – الأزمة السورية ضعضعت الدراما السورية بتغييب الكثير من النجوم ناهيك عن اختلاط الدراما السورية بغيرها من النجوم العرب كالمصرية واللبنانية.. وهشام كفارنه اليوم لا هو راض عن هذا الاختلاط ولا هو راض عن اقتحام المنصّة لتنصيب ذاته نجماً مطلقاً، أين تضع نفسك من معرض الفرص المذكورة؟

**لاتبدو آثار الازمة على الشاشة أبدا… فنانو ونجوم ما قبل الأزمة نفسهم وجدوا منافذ لهم لتظلّ الشاشات مرصّعة بحضورهم على اختلاف مواقفهم… بل أن الكثير منهم “يتلوّى ويتلوّن ” حسب الطلب … وبعضهم راوغ وراهن وانعطف وتراجع عن “مواقف ” أبداها في أول الأزمة، وبدلها في منتصفها، ولونها مع بداية نهاياتها المتوقّعة، مايهمّني أنا أن نصل نحن السوريون إلى برّ السلام بعد هذه الحرب التي أزهقت أرواحنا وأرهقتنا، وجعلت من بلادنا ساحة قتال لتصفية حسابات، بين قوى لايهمّها سوى مصالحها ومكاسبها الشخصية، حتى ولو كان الثمن إراقة دمّ السوري وهدم بيته، ومحاولة طمس هويته، واستبدالها بشهادات “تبعيّة ” لهذه الجهة أو تلك. ومن جهتي لم أتبع غير بوصلة القلب التي تسمّرت، هنا في الشام وحافظت على ظلّي وملاذي، رغم أنف الموت المتربّص.

7 – ألمك واضح على الحالة السورية وما آلت إليه بعمومها ولك جملة مواقف تحاول دائما ان تلجمها رغم انحيازك للشرعية هل تخشى السياسة ام تكرهها..؟

**ورد جواب 6 – 7 / لكن من غير الصحيح أن يُنسب لي أنني غير راضٍ أن يكون هناك أعمال مشتركة، على العكس أنا أدعو لتكريس مثل هذه الظاهرة وحسب ما تتيحه البنية الدرامية للعمل.. شرط اختيار السوية الفكرية، وليس أن تكون الأولوية للجانب التجاري.

8 – توليك منصب مدير المسرح القومي هل يمكن ان يؤثر على الفنان وحريته وخاصة ان الادارة انضباط على مختلف الصعد نقيض الفنان بكل شيء كيف توصلت الى التوفيق بينهما؟

**شغلت عدّة مناصب أعتقد أنها ذات الأهمية سواء في المسرح، أم في النقابة، ام في الوزارة والمعهد، وكنت أعطي الأهمية دائماً للجانب الفني من الأمر، بحيث أستطيع أن أسخّر امكانياتي لخدمة احتياجات العرض المسرحي والوصول لاعداد خطّة مسرحية متوازنه، والسعي دائماً لكل ما من شأنه أن يحقّق عروضا متميّزة سواء كانت بتوقيعي أم بتوقيع زملائي.. لا فرق لدي سوى إنجاح العرض وخدمة الحركة الفنية في سورية.

على المسرح “مُخْرِجَاً ” أيضاً

9 – ماذا قدّمت في الموسم الرمضاني هذا العام في معترك الأعمال المتنافسة..؟

**في هذا الموسم شاركت ضيفا بمسلسل الطواريد من تأليف مازن طه، واخراج مازن السعدي.

وهو عبارة عن مسلسل كوميدي في بيئة بدوية، تدخلها بعض مفردات الحياة المدنية، فتتم صياغة بعض المفارقات المرتبطة بآثار اقتحامها للحياة البسيطة.

مشهد من مسلسل الطواريد

10 – كفنان ماهو الخطاب الذي توجهه الى جميع الاطراف المتنازعة في سوريا..؟

أفضل أن أتوجه شعراً لا خطاباً وأقول:

( هوى بلدي )

في الشّـام ِأَحلامي على قَدّي

قد صـغتُها من طافحِ ِ الوجدِ

ورويتُها من عذبِ قافيتي

فنَمتْ بَراعمُها على كبدي

آمنت ُ أَني سَــوف َ ألبُسـها

ولسوف َ أحميها من البردِ

زرعتُ عطور َالحب ِّ في لغتي

فسَـــقيتُها نهراً من الــودِّ

في الشام

كم في الشام من ألقٍ

حتى الهوى في شـامنا بلدي.

من أعماله لوحة “ترقّب “

11 – بتقديرك هل شفا السوري غله من اخيه السوري ولم يبق امامه سوى المصالحه ام ان سنوات الأحقاد ستمتد لأجيال قادمه..

**أيضاً أفضل الإجابة بجديدي الشعري وهو بعنوان (بالمفيدِ المُختصر)

وتقولُ لي : – من أين تأتي بالحلاوةِ كلها؟

من أين تنهمرُ الشموسُ على القوافي والصور ؟

-من وحيّ ما خطّت يداكِ على دمي

ومن الليالي،

وانفعالي حين أهطلُ عزّ صيفِكِ كالمطر

من برقِ نارِك أشعلَ الشوقَ العتيقَ بمهجتي

فاستبشرت بهِ

فانهمر من بعضِ ما تركت شفاهُك من سكاكرَ في فمي

من مدّ بحرك ِ

لم يغب عني

ولا قطُّ انحسر

من قبلة ٍحرّى بها ضاعت معالمُنا

وصرنا في خَطر

من جرةِ العسل المقطَّر

من أصابعكِ النحيله

من فيضِ عطرك ِ

حينَ شاكست ِالقصيدة َ

فارتمت حيرانةً

بين يديك من ليلكٍ قد ضمّنا

حينَ التقينا فاهتدى حالاً إليك

وجديلةٍ قد حُرْتُ كيف أفكّها

فرميتُ ماقد كان من تعبٍ سبا روحي عليك

وأنا المشتّتُ بين ثغرِك والقبل

ماكنتُ أعرفُ أيَّ درب سوفَ يوصلُني اليكِ

ولا إلى أينَ المفر

من طيفكِ المسكوبِ في ألقِ الخيال

من لمسةٍ حينَ اقتربنا طوقتنا بالبهاءِ

وماأَمر ودّي أفيضُ غَمامةً

فأهز غصن َالتوتِ كي يتساقط َ الثمرُ الشهي ُّ

يذوبُ في فمِك الثمر

ويلونَ الدنيا بقافيةٍ يتوقُ لها الوتر

فأرى بعينيكِ السعادةَ تحتفي

والعيدَ هلََّ مراقصاً خصرَ القمر

-حَسنٌ فَقُل لي ياحبيبي مَن َأنا ؟

-فأَجبتُها بِمدامعي : لاتجزعي …

الشامُ أنت ِ وبالمفيدِ المُختصَر .

بريشة هشام كفارنه لوحة “وطن يتألّم “

 

خاصّ – إلّا – 

You may also like