Home لـوثـة إلّاأدب الأدب والشعر رسالة إصلاح وتطوير

الأدب والشعر رسالة إصلاح وتطوير

by رئيس التحرير
حسن رمضان

حسن ابراهيم رمضان / شاعر لبناني

الثقافة مرآة المجتمع وبالتالي هي المدخل الرئيسي للبناء المجتمعي الذي يُحدّد ماهيّة الوطن لجهة الشكل والمضمون وهي أشبه بشمسٍ ترسل أشعّتها على الجغرافيا والتاريخ فيظهر الحاضرُ كانعكاسِ تلقائي لها وبالتالي تكون هي المؤسّس للمستقبل، ولأنّ الثقافة نتاج فكري فإنها تختزن صراعاتٍ ومواجهاتٍ لن تتوقف قبل زوال الوجود الإنساني من على كوكب الأرض، ولكلّ شعاعٍ صفة وفي كلّ صفة إختلاف والغلبة المفترضة تُحدّدُ صورة الصفة المتداولة من خلال الإنتشار الواسع لثقافةٍ ما بين عقول الناس الذين هم المسؤولون المباشَرون عن صياغة الوطن، فالأكثرية الغالبة ضمن الصراع المذكور هي التي تحدّد مسار الوطن لجهة نظامه السياسي والإجتماعي وقد تكون هذه الأكثرية أكثرية صمت فيكون النظام نظام أقلّية؟ ومن البديهي أن يكون لكلّ ثقافةٍ قائد أو مجموعة من القادة يسعون إلى تعميم مبادئهم عبر أساليب ووسائل مختلفة فيكون المُتلقّي هو الهدف الأساس وعلى قدْر المهارة في إيصال الفكرة يتحدّدُ شكلُ الصورة المُجتمعية والوطنية .

دور الأدب والشعر 

الأدب والشعر من الركائز الأساسية للثقافة المُجتمعية ومن المفترض أن يكون لهما الدور الأكبر في عملية الإصلاح والتطوير نظراً لِما يتمتعان به من قدرة خارقة على الدخول إلى الوجدان الإنساني ويشهد التاريخ على أمثلة كثيرة في هذا السياق، فهما فنٌّ وإبداعٌ ولهما فعالية السحر عند المُتلقّي ( هكذا يُفترضْ ) وكلّ أدبٍ أو شعرٍ يقتصر على إشارات خيالية ولا يهتمّ بالواقع ولا يتضمّن رسالة إصلاحية وتطويرية مجتمعية وبالتالي وطنية هو تافهٌ وبلا قيمة لا بل هو أدبٌ مشاركٌ في الإبقاء على ظواهر التخلّف وهو كغيمةٍ عابرةٍ في لحظاتٍ عابرة ؟ يجب أن يكون الشِعرُ ملتزماً بقضايا الناس ( مجتمع ووطن ) بكافة العناوين الحياتية ، واما التواصل بين الشاعر وبين الناس فيكون عبر الكتابة حيناً وعبر الخطابة حيناً آخَراً ففي كِلا الوجهين فنّ وإبداع ولكلا الوجهين فوارسٌ يُجيدون ترويضَ الحرف ويعرفون كيف يدخلون إلى قلوب الناس فيزرعون الفكرة الإصلاحية والتطويرية بطريقة سحرية ليكون الحصاد يوماً ما مجتمعاً سليماً ووطناً مُعافى، فالأديب والشاعر مسؤولان عن تشخيص الأمراض المجتمعية والوطنية وعن تقديم العلاج لهذه الأمراض من خلال الإيحاء والمباشر بطريقة فنّيةٍ جذّابةٍ لا تعتمد التجريدَ في رسم اللوحة بل تعتمد الوضوحَ في رسمها ليكون لها الأثر عند أكثرية الناس وكلاهما صاحبا وحي وفي موقع القيادة غير المباشرة، فلا يكفي أن نكون ماهرين في صفّ الحروف وفي النحو والصّرف والقواعد والمفاعيل بل الأفضل أن نُقدّم نصّاً ممتعاً وسهلاً غير معقّدٍ وواقعياً بأسلوب ممتعٍ وجذّاب ، ويستفزّني رأيٌ يُتداولُ بين الناس بحيث يُقال عن أي كلامٍ غير قابلٍ للتطبيق بأنه كلام شِعر ؟ وانا لا أدين من يقول هذا الكلام بل أدين الشعراء أنفسهم فهم مَن كرّسَ هذا العُرف لأنهم إنحازوا إلى الخيال بشكلٍ كلّي وابتعدوا عن الواقع بشكلٍ كلّي فكانوا كالمجانين؟ هذا بالإضافة إلى التشاطر في إنتقاء الكلمات البلاغية فأصبحوا كانهم يتكلمون بلغاتٍ أخرى لا يفهمها الناس إطلاقاً . إنّ عملية الإصلاح والتطوير في جانبها الثقافي تحتاج إلى الإلتزام بعناوينٍ كثيرة ذات العلاقة بأحاسيس ومشاعر أفراد المجتمع ومن هذه العناوين: الأرض – البيئة – الدين – الإنسان -المرأة – الوطن – الأمة – الوجدان – الروح- السياسة -الإقتصاد-التاريخ – الجغرافيا -الماضي والحاضر والمستقبل – التراث – الحب – العشق – الصداقة -الموت – الحياة وغيرها والشاعر الدّارس لعلم النفس يكون قادراً أكثر من غيره على ملامسة أحاسيس الناس وبالتالي على إيصال الفكرة التطويرية والإصلاحية بطريقة لبقة فيكون له ما أراد ولو بعد حين، وإنّ دور الشاعر بالإضافة إلى تميّزه بالجُملة الإبداعية هو دورٌ تحريضي وتحفيزي وتثويري يهدف إلى بناء الإنسان الحضاري والوطن الحضاري البعيد عن التخلف والإنغلاق ، كما أنّ إعتماد الشِعر الحركي والأدب الحركي هو ضرورة قصوى للوصول إلى الهدف لأن الجمودَ والخشبية والروتين والتكرار مرضٌ لا يُبشّر بالخير في عالم الشعر والأدب، فالشعراء روّادُ التجدّد والتطوّر والإصلاح وهم ثوّارٌ حتى بلوغ الكمال التام.

خاصّ – إلّا – 

You may also like