Home إلّا عبيدو باشا.. “صُرِفْتُ تَعسّفاً من تلفزيون لبنان “

عبيدو باشا.. “صُرِفْتُ تَعسّفاً من تلفزيون لبنان “

by رئيس التحرير

 

                                                    الكاتب والإعلامي اللبناني عبيدو باشا حرف حازم وقلب حنون

مخضرم في العمل التلفزيوني، غاص في القضايا المجتمعية المحقة، بحث عن الثقافة الحضارية، كتب حتى أغنى عالم الأدب، بحث عن جذور العمل الصحافي ذات الرسالة، هويته الوطن، لم يتحزب يوما الا للقضايا الانساسية تاركا السياسة الخبيثة تتخبط مع أصحابها، من مؤسسي تلفزيون لبنان عرفناه معلما للعديد من الذين ارادوا التمرس في العمل التلفزيوني بمهارة وقدرة خارقة، عمل في الصحافة المكتوبة وله مقالات عريقة اضأت المجتمع اللبناني بنورانية القلم الصادقة حتى جعلنا نفكر معه ان الدنيا بألف خير ما دمنا نكتب بجرأة، ثائر حتى جنون مواطن يريد من لبنان وطن ينضج بشبابه الذي يريد فرصة تحقيق الذات، هو باشا في التلفزيون والصحف والكتابة لكن باشا بقمة التواضع علنا نقتدي به، وكان لنا نصيبا كبيرا للقاء “عبيدو باشا” في صفحات الا …

حاورته رلى الحلو

 

 


عبيدو باشا كاتب ومخرج تلفزيوني وناقد مسرحي، اي من الثلاثة تجد نفسك ولماذا؟

لم اعمل بالإخراج التلفزيوني. عملت بالإخراج المسرحي والكتابة والتمثيل بالمسرح والسينما والإذاعة. لا أفضل اكثر من المسرح. غير أن المجالات الثلاث ، منظومة. كل منظومة فيها ينبوع. ينبوع الحياة الأول المسرح. لا تعارض بين المجالات هذه. لأن تميز الهوية، يقوم من خلال البنية الثلاثية هذه. عندي اعمال بالمسرح افتخر بها. عندي اعمال بالسينما افتخر بها. بالإذاعة نظرية معرفة أخرى. التلفزيون ، معطى آخر، مصدر لطاقة أخرى غير الطاقةالإبداعية. عملت بتلفزيون لبنان كما عملت بالمؤسسة اللبنانية للإرسال (حوار العمر / مرحبا حضارة / كبارنا…) . بالتلفزيون ذهنية أخرى. لا أريد أن أظلم التلفزيون، حيث عملت على مدى أربع عشرة سنة مديراً للفترة الصباحية بتلفزيون لبنان، قصدها حوالي السبعين ألف ضيف، يعملون بالثقافة ومجالات عوالم الإجتماع والإقتصاد والثقافة والفن والفكر والإنتربولوجية. تراث، قام على همين . هم تنشئة جمهور الفترات الصباحية على ما يفيد في حيواتهم المهددة بيومياتهم. كل لقاء رغيف طازج.

البحث عن الجدوى بجميع الجهود الممكنة

لن تجد الثقافة مواعيدها بالمؤسسات إلا بخوض المعارك. بدأت بفترة ” صباحو” ، استمريت بصباح الخير يا لبنان. وجدت فيما أفعله شيئاً سامياً، غير أن نظريات مجالس الإدارة إلى البرامج، ليست نظريات معرفة. هي نظريات بلا بنى ذهنية واضحة، أميل إلى كل ما هو خاضع إلى السائد. البقاء في تلفزيون لبنان ، معارك متتالية. هذه هي الحقيقة الإنسانية الخاصة ، بشغلي في تلفزيون لبنان. لو لم أفعل لزالت الفترة ، منذ أزمنة طويلة. بيد أن خروجي على الشرائع والمصالح ، بالمؤسسة التلفزيونية، نفذت خططي لا خطط الآخرين. لم يلق الأمر قبولاً. تُركت ، بعد أن أصابهم اليأس. وجدوا أن ثمة من لم يستسلم، هكذا تَرَكُوا التربية والتنشئة والثقافة والفن والأدب في الفترة الصباحية، حتى جاء” عطية الله” إلى التلفزيون. لم تتصف علاقته بي بالصفاء، منذ اللحظات الأولى. بلغه أمر الفترة، وهو في طريقه إلى التلفزيون. إذاك ، بعث بمدير البرامج ، ليبلغني أن شكل الجماعة بالتلفزيون سيتغير. وأن لا مطرح لي بالجماعة. صُرفت تعسفاً.

ما شعورك اليوم وانت خارج تلفزيون لبنان بعد سنوات كثيرة من التضحية؟

التضحية ، ليست تضحيةَ كاهن في كنيسة رسولية. تضحية على شروط الوجود. عمل بمقابل. لا أزال مؤمناً بما مارسته بتلفزيون لبنان. القضاء بأمور التلفزيون، بحاجة إلى نِعَمْ ورحمات وهِدايات، بحاجة إلى بُنى هرميّة صحيّة، لا تتوفر بغالب المؤسسات الرسمية، على قواعد المحاصصة والإصطفاف. تُرِّكت التلفزيون، لأنني ما انتميت إلا إلى أصالة الأفعال الإنسانية. لم اتبع أحداً، لم أعمل إلا بملء استقلاليتي. وهذا له ثمن. أن تخوض المعارك وحيداً وأنت تردد حصان بمملكتي، حتى أفر من أساطير القوى المهيمنة.

 

مع مجموعة ممن يشكّلون المشهد الثقافي في الساحة اللبنانية

لا يقدر مُعيَّن على تقبل العالم الدنيوي للعالم والإنسان. يعين إلهاً. عندها ، يربط حضوره، ببسط سيطرته كإله. تركت ذلك ورائي. لعل القيم المثالية ، حكمت سلوكي. ولأن المثقف ضد السلطة والتسلط خصت أكثر من معركة وحرب بالتلفزيون، على الحقيقة الحقة، من وجهة نظري. ثم أضحيت خارج المؤسسة. تركت خلفي الكثير من الذكريات والأصدقاء والأخوة والأخوات. تركت لحمي على جدران التلفزيون وروحي في هواء التلفزيون. الآن ، حرٌ ، حرٌ ، حرُ، من أمزجة صناع المال ، لا الحضارة. لن يتشح التلفزيون بالجلالة، بعيداً من الإنسانية والعقلانية. ما تغير شيء منذ غادرت، الفترة الصباحية، هي الفترة الصباحية. كل البرامج الأخرى من زمن المجلس الماضي. التحدي الكبير ومشاكل وحلول ومسا النور . لا جديد، لأن التلفزيون ، لم ينفتح على حداثته بالتجريب والتقنيات، إلا بالمؤتمرات الصحافية، بعيداً من الأحكام الإيجابية والسلبية. يصح المثل هنا. يكذب الإنسان ، ثم لا يلبث أن يصدق كذبته. هذا تلفزيون عثملي. خدم التلفزيون إنكشاريته، بالستينيات والسبعينيات . لا قيمة له الآن. انتهى دوره ، حين انتهى زمنه. تلفزيون وحيد. ثم، الكثير من التلفزيونات. لا قدرة للتلفزيون على المنافسة. لأنه لا يمتلك الرغبة ولا القدرة ولا الحلم. إغراءات السلطة، هي المثال المعياري بالتلفزيون. هذا تلفزيون مرحلة ، انتهى بانتهاء المرحلة. أعددت الكثير للتنفيذ. لن يقبل أحدٌ  بالمجازفة ، لأنها فقدان للأمان ، في وجه من وجوهها. تتعارض الثقافة مع الأمية. لا أسف. حرٌ، حرٌ، حرُ.

برأيك ماذا فعل “طلال مقدسي ” اليوم بعد تسلمه إدارة تلفزيون لبنان؟

فعل ما لم يفعله.

هل برأيك استطاعت “سينثيا أسمر ” أن تأخذ مكانك في برنامج صباح لبنان؟

الإسم قريب من أذني. كدت أقول إني لا أعرف أحداً بهذا الإسم. غير أني تذكرت صبية عملت ببرنامج صباحو ، تحت إشرافي، قبل أن يستغني عنها رئيس مجلس الإدارة السابق المرحوم ابراهيم خوري، لعدم الكفاءة على ما روى لي، بعد أن عدنا إلى التلفزيون للإقلاع من جديد، إثر إغلاق هوائه وتركه بوضعية الميت / الحيّ على مدى ثلاثة أشهر بعد أن خاض معركة خاسرة مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري. لا أعرف من في الفترة الصباحية، ولا أريد أن أعرف . لا يهمني الأمر، لأنها فترة تتبع التخوّف من الجديد وتأمن لكل ما هو وضعي وراهن. فقرات ثابتة. طبخ ورياضة وموضة. بتلفزيون لبنان، برنامج الشيف أنطوان و” طبيخ الفترة الصباحية”. لاتقييم.. هذا رأي، ببلد يضمن دستوره حرية القول والتعبير. وتطغى فيه روح برجوازية صغرى، على جميع الأمور بتلفزيون لبنان.. وينطبق عليه القول: “كان صرحاً من خيالٍ فهوى”.

ما رأيك في البرامج الصباحية اليوم وما التعديلات الايجابية التي تحتاجها؟

أن تقدم المثال. أحب ” أخبار الصباح” على تلفزيون المستقبل، مع منى سعيدون والشباب والصبايا. برنامج كيان إيقاعي. أن تنوجد بقلب الوجود، لا أن “تُفلِّك ” في الضحالة واعتبار جمهور البرامج الصباحية جمهور دون الوعي الأدنى. ما تواجهه البرامج هذه هو خطر التشبّه. كلها تشبه بعضها. لا أتكلم على تلفزيون لبنان، لأن فترته لا قوة لها إلا على السباحة بالأوهام، بدون قدرة على التجذّر. لن يمضي أحد في البحث والتفتيش عن حلولية، لأن المفهوم  هذا، أعلى من الكيانات البشرية بتلفزيون” الرأي العام” لا السلطة كما أراه وكما هو. هذه هي المعرفة الصحيحة.

كناقد مسرحي ما رأيك في الاعمال المسرحية اليوم ومن هو المؤلف الذي تميز على الساحة؟

هذا سؤال ، لا يصح التعبير عن جوابه إلا بمطالعات ومرافعات، اسمحي لي أن اتركها لأوقات أخرى، اكثر ملاءمة من سواها، على الكلام على المسرح بما يستأهله المسرح ويستحقه .

على خشبة المسرح مع بعض الزملاء تجسيد لواقع الحرب اللبنانية

مَنْ مِنْ ممثّلي المسرح يستحق أن يكون باشا على المسرح؟

أكثر من ممثّل. أعطف الجواب عن هذا السؤال على السؤال عن المسرح. لمقابلة خاصة بالمسرح،

مع الفنان زياد الرحباني

ما هي آخر كتاباتك ؟

صدر منذ شهر، تقريباً، كتابي الجديد ” عرائس بلا أعراس” / مسرح الطفل في لبنان عن الهيئة العربية للمسرح، في الشارقة. هيئة عليا. هيئة متخصّصة، يرغب الكثيرون بالنشر عبرها. ونستعدّ في هذه الأيام لعرض الأمير الصغير على واحد من مسارح بيروت. اقتبستها عن “اكزيبيري ” من وجهة نظر خاصة. مسرحية غنائية، جمهورها جمهور الصغار والكبار على حدٍّ سواء. الصديق المنتج جورج الزغبي يحضر لعرضها بظروف فضلى. اقترب الشغل عليها.

نتابعك ناشطاً جداً على مراكز التواصل الاجتماعي ما أهميتها بالنسبة لك؟

تعبير عن التوتر والاقتضاء، على أوسع هواء من الإحتمالات والأمزجة والأهواء والغايات والأهداف.

هل جريدة السفير ضاقت بمساحتها أمام حرفك، أم زملاء المهنة ضاقوا بك وبحرفك  وأرادوك خارج دائرتهم؟

تبقى السفير ولادة للكثير من الأسماء . جرت ولادتي الثانية هناك. لا أنسى ذلك. تواجه الصحف الورقية، أحكام الأزمنة الإقتصادية الجديدة . السفير مساحة مفتوحة لكل المثقفين. أنا واحد منهم. وأنا أقربهم الى السفير.

كلمة اخيرة؟

الكلمة الأخيرة: هذه المقابلة مهداة إلى “داريو “، أحبّ المخلوقات إليَّ، هو و”فرانكا”، حبيبان، بدون مقولات وتصوّرات بائخة.

 

  داريو فو كاتب وممثل مسرحي إيطالي

الممثلة المسرحية الإيطالية فرانكا رامي

 

حوار خاصّ مجلّة – إلّا – الألكترونية

You may also like