Home أقلام إلّا علي بهاء معلّا.. سنعيد صياغة التاريخ الذي هدّمه الدواعش بأيدي سورية فينيقيّة.

علي بهاء معلّا.. سنعيد صياغة التاريخ الذي هدّمه الدواعش بأيدي سورية فينيقيّة.

by رئيس التحرير

النحّات السوري علي بهاء معلّا

النحات السوري “علي بهاء معلّا ” فينيقي الروح … سوريّ الخفق… عالميّ الأفكار في حوار الكتلة والفراغ.. نجد أنامله قد صاغت روايتها بعشقٍ مختلفٍ، ليس النحت عنده مجرد هواية أو ترف أو ممارسة فن ما ..إن مشواره ذو رسالة ..يكتب الوطن قصةَ عشقٍ متجدّد.

علي بهاء معلا.. موسوعي الأفكار ..رشيق اليد ..نقيّ الرسالة..يتنقّل بين النحت على الخشب و الحجر حسب موضوعاته، كان عمله الأخير في ملتقى النحت الدائم بطرطوس علامة بارزة في سرعة الإنجاز والدقّة وصوابية العنوان حينما رسم أم الشهداء ترفع الراية السورية بشموخ واعتزاز لذا ولأنه في طرطوس الاستثناء كان ل “إلا” الأستثناء في هذا الحوار كونو معنا على ضفاف إبداعاته نلتقي 

حوار مسؤول مكتب – إلّا – في دمشق / علي نفنوف

 

لنبدأ معك من الأخير في ملتقى النحت الدائم في طرطوس عندما بدا واضحا أن الوطن مسكون بأفكار علي بهاء معلا حدثنا عن هذا ؟

كان الملتقى فرصة لنا نحن النحاتين السوريين لنقول كلمتنا في هذه الأزمه وإن الحياة مستمرة والعطاء مستمر رغم اشتداد هذه الازمة ويمكنني أن أقول أن الملتقى جاء تحت هذا العنوان وكأنه يحمل عدة رسائل أهمها : “طرطوس أم الشهداء” وفي الحقيقة أن طرطوس هي سوريا الصغرى في هذه الأزمة لأن كل سوري عانى من الإرهاب جاء إلى طرطوس فكانت هي الأم للجميع . إضافة إلى أنها قدمت أولادها قربانا على مذبح الوطن . إضافة لذلك جاء الملتقى كرسالة تحدي وردّاً على الهمجيين الذي حطّموا التماثيل والتحف في محاولة منهم لطمس تاريخنا الموغل من 12200عام وهو عمر مدينة حلب مثلا وها نحن نعيد صياغة هذا التاريخ بأيدي سورية فينيقية لنقول أن سوريا ستظل باقية وأيضا من رسائل الملتقى أنه جاء احتراما لثقافة السوريين في حب الشهادة والاستشهاد في سبيل حب الوطن وأخيرا جاء توثيقا للمرحلة التاريخية التي تمر بها سوريا والمنطقه.

وماذا عن خصوصية المنحوته التي قدمتها ؟

قدمت للملتقى عملا من الرخام بارتفاع 3،5 متر ويندرج العمل تحت المدرسه الواقعية التعبيرية ،حيث امرأة سورية شامخة هي أم قدمت أبنائها شهداء لهذا الوطن، تحتفظ بخوذتهم العسكرية، هذه الأم قدمت ثلاثة شهداء وهي كناية عن آل معلا التي قدمت ثلاثة شهداء لهذا الوطن، وفي العودة إلى العمل وتفاصيله نقول : إن هذه الأم السورية لازالت شامخة ترفض حزنها مقابل عشق الوطن واعتزازها بالشهادة ترفع الشهادة كما ترفع رأسها تماما وكما هي مقدمة السفينة الفينيقية التي تمخر عباب الموج كما الأم السورية تمخر عباب الأزمة بثقة واعتزاز ويمكن للقارئ أن يلاحظ في العمل أن كلمة شهداء مكتوبة بلغة نحتية حيث الشين ممثّلةً بالخوذ الثلاث وحرف الهاء العين المرسومة وهي عين حماة الوطن وحرف الدال هو مؤخرة السفينة الفينيقية التي تعتبر أساس هذا العمل وحرف الألف هو السيف السوري المرسوم على جسد المرأة الشامخة والهمزة هي مقدمة السفينة إذا العمل جاء يحمل عنوان الشهداء ويحمل الرابط التاريخي من الفينيق إلى سوريا اليوم وسوريا الآتية.

وجدنا لك أيضا أعمالا من الخشب منها الرؤوس على شكل سنبلة وهناك عمل لتشييع شهيد وهما على خشب الزيتون …هل استفدت من ديمومة الزيتون لتعطي عملك الديمومة أم ماذا ؟

في موضوع الرؤوس الفارغة ” السنبلة ” والرؤوس الممتلئة المنحنية وكأنني أجسّد قول الشاعر : ” مَلْأى السنابل تنحني بتواضع والفارغات رؤوسهن شوامخ وهذا العمل من مفرزات الازمة حيث وجدنا أن هناك رؤوس فارغة في هذا الوطن ما يزيد وما يفوق عن حقها في الظهور على حساب الرؤوس العميقة والتي تحمل الهمً الوطني والتي تنحني بتواضع أما عن عمل تشييع شهيد الذي تتحدثين عنه ، فلم يكن اختيار خشب الزيتون إلا لقداسة هذه الشجرة المباركة وعمرها الطويل الذي يليق أن يرتبط اسمها باسم الشهيد وفي العمل نلاحظ الحالة السورية بعفويتها من لحظة ارتقاء الشهيد ، حيث تتكاتف الأيدي لحمله ويكون المجتمع كله حاضرا في هذه الملحمة السورية إما عن سؤالك عن ديمومة الزيتون وديمومة العمل ،فأنا أقول أن لكل عمل رسالة ويجب أن يحمل قضية …هذه الرسالة وهذه القضية يجب أن نحافظ على ديمومتها لذلك نختار المادة المناسبة وكما تعلمين ويعلم القارئ أن خشب الزيتون يحمل من العروق والتفاصيل ما يحمله الإنسان ولكن يمتاز الزيتون عن البشر بديمومته من خلال مادة الزيت التي تحافظ عليه من العوامل الجوية، إضافة إلى أنها شجرة مباركة ورد اسمها في القرآن الكريم وأنا هنا أريد أن أقول أنني أعطي عملي المزيد كمدمن الفلسفة بدءا من الفكرة مرورا بالمادة المستخدمة وصولا إلى قراءته من المتلقي أو ما يسمى بالاتصال البصري .

هنالك نحات تأخذه الكتلة إلى حيث تشاء…بينما علي معلا يوظف الكتلة حيث يشاء. والدليل على ذلك خشب الزيتون المستخدم والعروق فيه .وأنت صنعت منه أعمالا واقعيه حدثنا عن ذلك؟

لا يوجد هناك عمل عشوائي في الفن يجب أن يكون العمل الفني مدروس ويتناسب مع الحالة العلمية والتشريح العلمي الصحيح . فأنا أقف أمام الكتلة أولا وأتحاور معها وأتفهمها وأدرسها جيدا.. وأقرر أنها صالحة لأن تكون لموضوع واقعي . عند ذلك يبدأ العمل وهنا يجب الانتباه إلى ملاحظه دقيقه وهي مراعاة العروق “النسغ ” بحيث يتم توظيف هذه العروق لمنح العمل خطوط جمالية تخدم الموضوع والفكرة وفيما لو جاء قارئ ما أو أي ناقد وأراد أن ينتقد هذا العمل،فلن يجد إلا ما يرضي إعجابه لأن توظيف الخطوط والعروق مدروس وقد منح الكثير جمالا إضافيا.

ما هي المنحوتة التي يعشقها علي بهاء معلا ؟

كل الأعمال التي أنجزها تمثل في الحقيقة حالة عشق ولكن بالنسبة للسؤال تحديدا أقول أن ملحمة تشييع شهيد هي الأكثر ارتباطا بروحي لأنها تحمل قصة سورية كاملة متكاملة عشت تفاصيلها في أحياءنا وهي قصه الشهيد، وهذه الملحمة التي بدأت منذ ارتقاءه شهيدا مرورا إلى الراية التي تسلّم إلى أمّ الشهيد وصولا إلى وجود المجتمع كله في هذه الملحمة ولكن فنّياً أقول أن عروق الزيتون في هذه المنحوتة تم استثمارها بالشكل الأمثل وقد خدمت الموضوع والفكرة وربما قد تكون شهادتي في هذا العمل مجروحة لأن قدسيّة العنوان ورمزية الشهادة لها مكانه عند الجميع وعندي شخصيّاً.

الأقنعة أو الوجوه نراها مختلفة عند علي معلا، وهنالك كسر للقواعد الفنية، هل جاءت من مبدأ خالف تعرف، أم لديك شيء أخر تقوله ؟

بشكل عام.. ليست قضية خالف تعرف إنما هي محاولة جديدة للربط بين الموسيقى والفن وبما أنني موسيقي حيث لدي مشوار طويل في صناعه الآلات الموسيقية (القانون_العود_الكمان ) ولأن الوجوه هي مفتاح الشخصية، أردتُ أن أحمّلها قصة موسيقية ليتمّ تقديمها بطريقه مختلفة قد يقرأها قارئ مختلف بلغة موسيقية . ليست الوجوه عندي تحمل نفس القصة، فمثلا هناك عمل بمجمله يحمل شكل آله (الهارم )، وهناك عمل أخر يحمل تشقّقات بالوجه وكأنه الأرض العطشى.. فلكل وجه قصه،  المهم في ذلك أنني أحاول أن أقدم أفكاراً أكثر للوصول إلى قلوب أكثر وعقول أكثر وهي من ضمن رسالتي الفنية للارتقاء بالذائقة للوصول إلى الحالة المُثلى لأنه لا يمكن الارتقاء بالمجتمع دون الارتقاء بالفن.

ماذا عن رأيك بواقع النحت السوري؟

لا يوجد هوية للفن السوري ..كما يعاني النحت من هذه الأزمة، حيث كثرت في الأوانِ الأخيرة طفرات نحتية امتلأت بها الشوارع السورية دون النظر إلى أن هذه الأعمال هي أدنى من مقومات الحالة الفنية ولا تنتمي ﻷي مدرسة فنيه ولا ﻷي تاريخ سوري أو ذاكرة سورية وأنا هنا لست بصدد الحديث عنها ولكن أودّ أن أقول أنه يوجد هناك فنانين سوريين مرموقين ولهم أعمال فنيه هامة ولكن غير معروفه بسبب الفوضى البصرية العارمة .

علي معلا فنان موسوعي الأفكار رشيق اليد ..حدد موقعك على الخارطة الفنية ؟

ليس مهمّاً أن أحدّد مكاني أو موقعي.. المهم أن أبقى أقدّم أفكاري التي تخدم بلدي ووطني بالشكل الصحيح .

أنت من لواء اسكندرون من مدينه أنطاكية.. وهذا اللواء محتل.. وتعيش في وطن يعاني من الجراح، وأنت تقدم صور جميله.. حدثنا عن هذه المفارقات؟

أنا ابن هذه الأرض ولأن الإنسان السوري يحمل جينات البقاء والإبداع ..كان والدي رحمه الله يكرس بنا هذه الحالة حيث كان يحدثنا عن الوطن كلوحة جمالية ويزرع بنا هذه الحالة عموما. أقول لك أني من أنطاكية وهي قلب لواء اسكندرون انطاكيه هي صرح ديني ومكان روحي وهي متحف للفن والجمال ومركز للعلاقات الفنية الراقية، وأنا من منطقه الحربيات التي يوجد فيها ثمانون شلال إذا أنا ابن هذه الأرض فماذا يمكن أن أقول.. يجب أن أكون وفيّاً لهذا الجمال السوري وحارث لديمومته وأنا أعمل ليلا نهارا كإنسان لوائي وكأنني أقول أن المحافظة الأهم في سوريا ستعود إلى حضن الوطن وقريبا ستعود كما سيعود الجولان بهمة الجيش السوري.. هذا الجيش القارئ الأمين الوفي لهذا الجمال السوري وأختم لك أنني لست اللوائي الوحيد فهناك المبدع المرحوم حيدر يازجي والمرحوم النحات صدقي اسماعيل وآخرون كثيرون لاتتسع المسافه لذكرهم جميعا.

تجمع بين القضية الإنسانية والفن والوطن.. ما هي أخر كلمه تود قولها ؟

أنا انتمي لهذه الأرض.. وعاجلا أم آجلا سأعود لهذه الأرض.. أنا هنا متجذّر في هذه الأرض وسأعمل ليلا نهارا وكأنني أقول لمن أراد الرحيل أن العودة ستكون لهذه الأرض ولن أقول هذا بشكل اعتباطي وفوضوية، بل سأقولها مستنداً إلى الفن والعلم بحيث أن يبنى هذا الوطن بالأفكار والعلم فلا يكفي أن أكون فنانا بلمسة فنية.. فأنا مثلا يجب أن أكون ملمّاً في علوم الفيزياء والرياضيات والتشريح، فتخيلي أن يكون عملي غير مبنيٍ على هذه الأسس فسوف يسقط إذا لم يُبْنَ على قواعد العلم .

علي معلا موسيقي وموثّق للسفن الفينيقية ونحّات وصانع لآلات موسيقية أين تجد نفسك ؟

إعادة صياغة مجسّمات السفن الفينيقية والفرعونية هو من باب الوفاء للتاريخ السوري وإعادة توثيقه والتذكير به وتبسيطه للمتلقي الحالي..أما صناعة الآلات الموسيقية فهي عبارة عن حالة حب للموسيقى ومحاولة مني أيضا لتقديم هذه الآلة بالوجه الذي يليق بها وإعادة صياغتها وصناعتها بشكل مختلف لأنها تستحق كونها اللغة الأقدم في تاريخ البشرية ” الموسيقى ” ولكن أجد نفسي في النحت لأنها تحمل قصه وأفكار لا متناهية .حيث أجد نفس حرّاً طليقا أقدّم أفكاري من خلالها وقادرً على الوصول إلى أكبر شريحة من القراء والمتلقين.

سيقرؤك أهل بيروت وأنت تخاطبهم من دمشق ماذا تقول للعاصمتين ؟

أقول هنا بعيدا عن السياسة أن الإنسان اللبناني يشبه الإنسان السوري …لكن دمشق عاصمة التاريخ وبيروت عاصمة النور وأنا سعيد بأنني انتمي للعاصمتين بدم فينيقي يُدركه أهل الشاطىء اللبناني كما أدركه أما تماماً.

 

كان في اللقاء أيضاً /  ديمه أيوب – دمشق

 

خاصّ – إلّا –

You may also like