×

القرآن الكريم وعبث الفقهاء بقواعد اللغة

القرآن الكريم وعبث الفقهاء بقواعد اللغة

ملاحظة لا بدّ منها..

نهيب بالقرّاء الكرام عند ترك بصماتهم النبيلة في خانة التعليقات أو عند مراسلتي على صفحتي الشخصيّة على “الفيسبوك ” بضرورة توخّي الحذر لعدم الوقوع بمطبّ الإسفاف والألفاظ التي لا تليق بهم كقراء وزوار كرام، ولا تليق بالكاتب المحترم، الذي نترك له هذه المساحة في – إلا – لما تخلقه مواضيعه من حيوية في التداول والتناول، وعلى الرغم من تنصّلي شخصيّاً من أيّة مسؤولية تجاه آراء الكاتب التي لا أؤيّدها بالمطلق ولا أعارضها بالمطلق، بل أراها مناسَبة حقيقيّة لاختبار دور الكلمة في زمننا الراهن وقد طغت الأجهزة الذكية، على كامل الجملة العصبية لدينا، كما أنّ مواضيعة مناسبة فعلياً لتحديد دورنا تجاه مفهوم الإسلام، تحديد قناعتنا، إيماننا، غيرتنا، لهفتنا، حيادنا، نقمتنا، وعلاقتنا الجديّة بالتعاليم الإسلامية، واختبار الكثير من الإنفعالات السلبية والإيجابية المتوفرّة في داخل كل منا، بسبب الالتباس الكبير الذي لعبته السيناريوهات المعدّة سلفاً لتحطيم الإسلام باسم الإسلام، إنها فرصة للحوار، تحتاج منكم جميعاً لقليل من التأمّل في حيثيات المنطق والموضوعية وكثير من الإيمان الحقيقي والجرأة، لاكتشاف النصّ القرآني، باجتهاد شخصي، وليس باجتهاد اتكالي، بناه لنا أشاوسة التحريم والتحليل والفتاوى.

رئيس تحرير مجلة – إلّا – الألكترونية….

نهاد-كامل1 القرآن الكريم وعبث الفقهاء بقواعد اللغة
نهاد كامل محمود / كاتب ومفكّر عراقي- بغداد
 
قال سبحانه :-
(( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا نحن له لحافظون )) سورة الحجر/9
 
      كلام الله سبحانه في القرآن الكريم قد أبلغ إلى رسوله الأمين بواسطة الوحي وباللغة العربية التي كانت تُمارَسُ بين الناس دون أن تحدّد لها أية قاعدة لغوية إنما كانت السليقة وقدرة المتحدّث والمستمع على تداول الافكار هي السائدة بدون أية قاعدة لغوية .
 
      هذا بما يخص التحدث باللغة العربية .. أما الكتابة بها فقد كانت حروف اللغة العربية أجمعها بدون نقاط وبدون حركات مثل الفتحة والضمة وغيرها .
 
      استمرت اللغة العربية بدون قواعد وبدون نقاط الى عهد الخليفة الرابع الامام علي بن ابي طالب حيث في عهده ابتدع أبو الأسود الدؤلي الحركات ولكنها أي اللغة العربية استمرت تمارس تحدّثا وكتابة على السليقة وبدون قواعد لغوية .
 
      وبعد وفاة جميع الخلفاء الراشدون وكذلك جميع صحابة الرسول (ص) .. وايضا وفاة اجيال عديدة بعدهم .. أي بالتقريب بعد وفاة الرسول (ص) بقرن ونصف حيث أقدم أحد المبتكرين واسمه سيبويه
( وهو مجهول الأصل بين عربي وفارسي ) أقدم على وضع قواعد للغة العربية من ملاحظاته الشخصية فقط .
      وشاءت الصدف أن يكون أحد معاصري سيبويه هذا شاعراً قديراً يسمّى ابن مالك .. لقد اعجبت قواعد اللغة الشاعر ابن مالك فألّف عنها قصيدة بألف بيت سميت بألفية ابن مالك الشهيرة الى يومنا الحالي .
 
      أما بعض فقهائنا الاعزاء فقد وجدوا في قواعد اللغة العربية ضالّتهم المنشودة لتمرير أفكارهم التي تخدم مصالحهم والتي ليس لها سند قرآني فاستغلوا هذه القواعد للتحكم بالحركات من أجل تغيير معنى كلام الله وفرضه على القارىء والمستمع بعد ان كانت اللغة بدون حركات وواجبها إيصال الفكرة اعتماداً على السليقة وعلى قدرات المتحدثين والمستمعين تعبيراً واستيعاباً فقط .
 
      واذكر لكم هنا نموذجا واحداً من نماذج عديدة من تلاعب الفقهاء في حركات اللغة لتغيير المعنى لخدمتهم وهذا النموذج هو :-
قال سبحانه :-
(( إنما يخشى الله من عباده العلماء ))
 
       أفهم أنا كعربي من هذه الآية في عصرنا الحالي أن الله سبحانه وتعالى ينبّهنا الى خطورة علماء الذرّة والقنبلة الهايدروجينية وعلماء المتفجرات والصواريخ والاشعاعات المدمرة  الماحقة .. وليس الله يتكلّم عن من يدّعون أنهم علماء دين وورثة الانبياء بينما حقيقة أمرهم انهم لا علاقة لهم بالعلم سوى علاقة تسفيه وتشويه وادعاءات لا سند لها لا دينيا ولا دنيويا .. بل وحتى في ديننا الاسلامي علاقتهم مشوشة وهم يناقضون بعضهم البعض في آرائهم وأحكامهم وتفسيراتهم الدينية .
 
       ولكن كيف استطاع هؤلاء الفقهاء تغيير المعنى لصالحهم فإليكم الجواب :-
 
       قلنا في الآية الكريمة (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )) إننا نفهم منها أنه سبحانه يحذرنا من خطورة علماء الذرة وغيرها .. ولكن الذين يدّعون أنهم علماء الدين وباستغلالهم لقواعد اللغة التي وضعها سيبويه وروج لها ابن مالك .. فقد قلبوا المعنى وجعلوا أنفسهم هم كعلماء  وهم الذين يخشون الله وليس الله هو الذي يخشى علماء الذرة وغيرهم .. حيث ادّعوا ان كلمة (الله) في هذه الاية مفتوحة أي على آخرها (فتحة) .. وادعوا أيضا أن  كلمة (العلماء) مرفوعة أي على آخرها (ضمّة) .. ففي هذه الحالة صار ( العلماء ) فاعل أي هم الذين يخشون الله .. وصار (الله) مفعول به أي هو المخشي منه .. وهذا كلام لا يليق بالقران الكريم للاسباب التالية :-
 
1- ان الله سبحانه وتعالى لم يحدّد في هذه الآية إن كان العلماء المقصودين هم علماء دين معين أم علماء علوم دنيوية .. وهذا  يعني أنّ في كلمة (علماء) شمولية دون تحديد .. فإن كان المقصود بها علماء دين فإن هذا يشمل بقية الأديان السماوية ايضا .. وفقهاؤنا لا يعترفون بعلماء دين اخر .
2- ان الذين يخشون الله من المسلمين ليس علماء  الدين وحدهم ..  فالمسلمين جميعا المفروض انهم يخشون الله .
3-  وجدنا أمامنا في حياتنا أن من يدّعون أنهم علماء ديننا ويخشون الله وجدناهم لا يخافون الله .. وخير مثال على ذلك هي التكتلات والاحزاب الدينية السنية والشيعية الحاكمة في العراق .. فإن غالبيتهم العظمى إن لم يكونوا جميعهم عملاء للاجنبي وخونة لبلادهم وأبناء جلدتهم .. وسرّاق وقتلة ويمارسون كل أنواع الممنوعات الدينية .
 
ياسادتي القراء الاكارم إنّ اهتمامنا المبالغ به في حركات وقواعد اللغة العربية أمر مضر ومضيع للوقت والجهد والمال .. فقد جاء اهتمامنا  المبالغ به هذا لكون مجتمعنا إسلامي والسيطرة فيه منذ قديم الزمان بشكل مباشر او غير مباشر لفتاوي الفقهاء المنتفعين من الدين والذين يستغلون قواعد اللغة العربية لتحريف الكلم خدمة لمصالحهم .
 
إن واجب اللغة ( كل لغة ) هو إيصال الفكرة فقط .. فلو قلنا ( ذهبتُ إلى المدرسة ) سواء برفع المدرسة أو بضم المدرسة أو بكسرها ففي رأيي أنه يستحيل أن نفهم منها معنى يختلف بين واحدة وأخرى .. أي أننا سنفهم  نفس المعنى  المقصود وهو الذهاب للمدرسة ..  فعليه أن جميعها صحيحة برأيي مادامت توصل الفكرة كاملة وسليمة دون اختلاف.
 
       علينا أن نحاجج الفقهاء ونستوضحهم ولا نقبل فتاويهم وأحكامهم كأنها كلام منزّل من السماء .. فهم ياسادتي  الكرام بشر مثلنا غير معصومين وعرضة للخطأ والخطيئة .
 
إننا نعبد الله وحده ونستفتي القرآن الكريم وأحاديث الرسول (ص) المطابقة لنصوص القرآن الكريم ونقبل بأي فتوى تخدم الناس جميعا دون تفرقة وعدوان وتحثّ على السلم والعلم .
 
تحياتي ومحبتي واحترامي لكل من يقرأ كتابي هذا رافضا أو مؤيدا .
 
 خاصّ – إلّا –
 

Share this content:

مجلّة - إلّا - الألكترونية/ مجلة هادفة ذات مستوى ومحتوى سواء بما يساهم به أقلام الكتاب العرب المعروفه والمنتشرة بأهم المنابر العربية، أو بما يتمّ اختياره أحياناً من الصحف الزميلة بتدقيق وعناية فائقة، وحرصاً من مجلّة - إلّا - بإسهام المزيد من الأقلام الواعدة يُرجى مراسلتها على البريد الألكتروني / ghada2samman@gmail.com

You May Have Missed