باشو – تأمّلات عبر طريق الجبل

فرج فرج بصلو شاعر ومترجم سوري – ليتوانيا

على غصنٍ جافْ

تَرَبُّعُ الغُرابِ

مَسَاءُ الخَريفْ

“صوميدا”.

يجلس في العتمة وحيداً دون حراك,

وجسده يمتزج بالكون فيما حوله.

**كتب باشو هذه القصيدة عندما بلغ – ٦ ٣ عاماً.

وكان ذلك وقت قصير بعدما انتقل ليسكن في كوخ على ضفاف النهر

حيث كان يجلس بمحاذاة كوخه ساعات للتفكير.

الغراب الأسوَد (هل هو باشو ذاته؟ )

حين طبّق القواعد اليابانية في سطر الوسط إذ يقول:

“جلوس غراب ” .

باشو, أراد الحصول على شعور غير زمني, ذو جمود تام, فامتنع عن التعبير بالأفعال. بالإمكان فهم الزمان فقط بواسطة التغيير والتغيير الصاعد من استعمال الفعل, بلا فعل تبدو صورة الغراب على الشجرة بلا نهاية, بحضور أبدي. غصن الشجرة الجاف لا يتغيَّر أبداً. ومع حلول المساء تتشوّه حدود الأفق. فيتكون فضاء لا نهائي.

هاجس فقدان الجسد, الفضاء والزمن, هاجس الفراغ, يمكن الحصول عليهم بواسطة الزِن – جلوس ب تأمل عميق. (التفرغ التام). رؤية الفراغ هي من أسس الزِن.

**مرة سأل القيصر الصيني البوذي ليانغ – وُ وٌ- تي (من القرن الميلادي السادس):

” ما هي القاعدة الأولى للبوذية؟”.

فأجابه الناسك الهندي بوذاهيدهارما,

مؤسس الزِن: “فراغ عظيم, لا شيء مقدس.”

تفاجأ القيصر من الجواب وتابع فسأل: من أنت؟

فأجاب الناسك بوذاهيدهارما: “لست أدري”.

نصب تذكاري للفيلسوف باشو ماتسيو 1644- 1694

**تُحدثنا الأسطورة, بعد ذلك عندما ترك بوذاهيدهارما قصر القيصر, واجتاز نهر اليانغ دْزِه على ورقة سمارة القصب, أنه وصل إلى دير شاو- لين وأعتزل هناك لمدة تسع سنوات أمام قمّة باسقة بوضعية الزازِن.

وهو “الفراغ الذي كان ينويه بمعناه الإنفصال التام بين الأنا ودنيا المفاهيم الكاذبة “.

**تحرير المعرفة وتفريغها من الرؤى المكتسبة, من طقوس, من كتب مقدسة, من الهياكل المقدسة، حيث لا وجود لقوانين ومعتقدات, فالفراغ يحتوي على لا نهاية للإمكانيات, ولذا هو لا نهائي, ففي هذه اللا نهاية للفراغ, المفردات والمفاهيم بما فيها من التعاريف للأنا وللمقدسات قد تضَّيع من معانيها.

عن كتاب: “الزِن وقصائد الهايكو عند باشو”

Zen and haiku by Basho