“الرواية أداة من أدوات بناء شخصية الإنسان في الواقع كما في النصّ”
لا شكّ أن للرواية تأثير بالغ على بُنية الانسان والمجتمعات أحيانًا. وهذا ما أظهرته الكثير من الدراسات التي سأسلط الضوء على بعض ما جاء فيها. وكوني روائية تعمل على تأليف الروي في البوح الإجتماعي والعاطفي والإنساني والوطني، يهمني أن أكشف عن العلاقة الوجدانية التي تربط الروائي بروايته والتي غالبًا أي الرواية، ما تكون نابعة من واقع مجتمعاتنا لتعكس همومها ومحيطها وناسها وثقافتها.
فالرواية سواء كانت طويلة أو قصيرة ، تقليدية أو حديثة، هي “نحن ” على الأوراق، مجرّد صور مكتوبة بأقلام إلتصقت بالتجربة الحياتية، فأجادت توصيف حكاية البشر وتجرأت على طرح آفات المجتمعات وتناقضاتها بصياغة واقعية وأدبية.
ولا نغالي اذا قلنا أن الرواية بالنسبة الى الروائي وطن خاص به، يستجر اليه كل ما في نفسه من مكنونات ومشاعر وأفكار واحلام. وطن يملك فيه حق الصراخ وحق التعبير عن آلامه و آماله، وطن يختار هو مواطنيه ويسنّ قوانينه وشرائعه ويصبّ فوق أبوابه قوس عدله كما يريد وكما يشتهي.
فلا عجب اذا قيل إننا نعيش اليوم في عصر الرواية، فلطالما أصبحت الرواية بالنسبة الى القاريء مرآته وذاكرته ووجدانه وعالمه الذي يطوي حدوده بين يديه لتدغدغ السطور مشاعره وأفكاره فيبحث عن حلمه بين طياته وعن طيفه بين أناسه.
تأثير الرواية على بنية الإنسان التفاعلية:
وكما ذكرت في البداية، فإن بحثي هذا يستند إلى نظريات علمية عالمية تشرح تأثير الروايات بشكل خاص على الإنسان المتلقي في عملية تفعيل المكون النفسي والفكري والحسي لديه. وقد آثرت أن أعرج بادىء ذي بدء على الدور الذي يقوم به الروائي من خلال إضاءته على ضمير المجتمع، ذلك الضمير الماثل بين فعل الإسكات و بين فعل الصيحة معًا. فمن خلال بحث الروائي منا عن منظومات من المبادىء والغايات، ضمن الصيغة السردية والأحداث البنائية التي يواجهها أبطال الرويِّ في صفحات الرواية بشكل عام، يمكن للروائيين ههنا تقديم الروايات بنظم فنية وحكائية وواقعية تحمل معها مؤثرات بنيوية على جمهور الرواية في ظاهرها وباطنها معًا.
فلا شك في أن القراءة هي عملية ذهنية نفسية وعاطفية تنعكس على المتلقي إنعكاسًا بَنيويًا تدريجيًا برأيي. فإن عملاً روائيًا واحدًا لا يشكل بنى تأثيرية قوية في نسيج المنحى الشخصي لسلوك القارىء أو لمبادئه ومواقفه. من هنا فإن سلسلة القراءة للعديد من الروايات هي التي تؤدي تدريجيًا إلى إرساء مفاهيم بُنيوية في شخصية الإنسان القارىء أو المتلقي. فالفن والأدب اللذان يتمثلان في العمل الروائي، لا ينحصر مدلولهما بين دفتي كتاب وحسب، ولا يقتصر وجودهما على اللحظة الراهنية لعملية القراءة، بل هما يتعديان خصوصية المقروء وذهنية القارىء ليصلا إلى البقاء في المرحلة الأولى داخل البُنية التخييلية، وإلى الإستمرار في المرحلة الثانية ضمن الغربلة المفاهيمية التي تحدث في طويّة المتلقي.
لقد تطرق علماء كبار في دول عدة إلى سبر الدور البنائي للفن الروائي في صقل شخصية القارىء أو إعمال التغيير الفكري والإستدلالي في أسس خياراته أو ما شابه ذلك، وهناك دراسات عدّة طرحت مسألة هامة في سياق تحديد الدور المباشر أو غير المباشر للفن والرواية على بُنية القارىء المفاهيمية والتعبيرية، كما طرحت تلك الدراسات مسألة إدراك الإهتمامات المختلفة للقراء، ومعالجة مسألة الفروق الفردية السيكولوجية في الإستيعاب وأنماط التفكير المختلفة لدى القرّاء، كالنمط التجريدي والنمط الصوري وغيرهما. سيما وأن الأعمال الفنية الروائية يصار إلى تقويمها تقويمًا مختلفًا باختلاف القارىء. من هنا فدراسات الباحثين الغربيين إهتمت إهتمامًا كبيرًا بدور الأدب الروائي والفنون الأخرى في تلبية حاجات الناس الإجتماعية، فمن خلالها يتعرف القارىء على تقاليد مختلف الشعوب و ثقافاتهم وكأنه عاش بينهم . يتعرف على تجارب الناس و حياتهم ويقتبس منها ما يريد، أي يتأثر بالأبعاد والغايات المرتجاة من العمل السردي. خصوصًا وأن الرواية تلعب دورًا هامًا في تحفيز الإرادة في الإنسان وتنميتها على الخيار الأكثر إنسانيّة.
وبِرأيي أن قراء الروايات هي في الحقيقة شىء جيد لكل شخص يريد الهروب من حياته اليومية قليلاً أو يحلم بأن ينفصل عن مشاكله لبرهة من الزمن. وقد قيل إن الرواية تأخذ القارىء بعيدًا لزمن ليس بزمنه و مكان ليس بوطنه و بأشخاص لم يألفهم في حياته من قبل، فيحاكي تجاربهم في الحياة، ويتعايش معهم من خلال سبر مشاعرهم و أحاسيسهم. ويعتبر من قصصهم و يتفهم تقاليدهم و يفرق بين أنواع البشر. فالرواية بحر مليء بتجارب الناس في مجالات عدة.
إضافة إلى نقطة متميزة موجودة في الفن الروائي وهي العبارات التي تتضمن الحكم و الأقوال المأثورة، فهذه منذ زمن أضحت قاعدة يستند إليها الكتّاب والصحافيون وحتى أصحاب الصفحات في وسائل المواقع الإلكترونية كالفيس بوك وتويتر، إذ ينشرونها ويختارون منها ما يشكل مفاهيم تحفيزية لنشر المبادىء والخلاصات الجيدة في سياق التعبير عن المعطى العاطفي والفكري والسياسي والإجتماعي. فالمتلقي يتعلم من تجارب الشخصيات الرئيسة الكامنة في الأعمال الروائية، وهو يتخيل حياتهم اليومية مع إختلاف المكان و الزمان و الظروف، حيث يستطيع من خلال هذا التخييل أن يبني في ذهنيته علاقات وأن يستشف طرق التعبير واتخاذ مواقف ما متقاطعة في حياته الواقعية مع حياة أبطال الروي الخيالية المرتكزة على أرض الواقع في الوقت عينه.
مهمة الروائي والرواية:
من هنا فإن مهمة الروائي هي من مهمة الرواية ، فكلاهما يؤسسان مرتكزات تعليمية عن طريق الروي الفني والحدثي، وما تعلمه الرواية للمتلقي هو أن يتعرف على مكائد الحياة. هذا ما قاله (أمبرتو إيكو) الفيلسوف والروائي الإيطالي. وقد وصف بعض النقاد الرواية بأنها “ضرب من التفسير وضرب من النقد”. وكما قال عبد الرحمن منيف “فإن المقصود من العمل الروائي ليس قضاء وقت و انحدار دمعتين كي يرتاح الضمير، و إنما ينبغي للقارىء عندما تنتهي الرواية أن يبدأَ هو. فالروايات المهمة يبدأ أثرها عندما تنتهي”.
إن فوائد قراءة الروايات التي تدور في سياق المتعة بمتابعة الأحداث والإستغراق فيها، تؤدي إلى إحداث تغييرات حقيقية في الروابط العصبية في الدماغ بشكل يشبه المرور بالخبرات والتجارب التي يمر بها أبطال الروايات. وقد جاءت هذه النتيجة في دراسة أُعدت في إحدى الجامعات الأجنبية للبحث عن مدى تأثير قراءة القصص والروايات على الدماغ. وهذه الدراسة خضع لها عشرون مشتركًا من طلبة الجامعة لفحص الدماغ بأشعة الرنين المغناطيسي الوظيفي على مدى تسعة عشر يومًا، الأيام الخمسة الأولى منها و الأيام الخمسة الأخيرة لم يقم المشتركون خلالها إلا بالخضوع لفحص الدماغ في حالة الراحة، بينما قاموا يوميًا في الأيام التسعة الأخرى بقراءة جزء من ثلاثين صفحة من رواية مثيرة تروي قصة حب تدور أحداثها إبان ثورة بركان فيزوف بإيطاليا. وقد وقع إختيار الباحثين على تلك الرواية لأحداثها الدرامة المليئة بالحركة والإثارة. حيث قام الباحثون بقياس نشاط أدمغة المشتركين في اليوم التالي للإنتهاء من قراءة كل جزء، وتبين وجود نشاط بالقشرة الصدغية اليسرى، وهي المنطقة المسؤولة عن الإستجابة للغة، وكذلك ظهر نشاط بالنواحي العصبية التي تربط بين النظم الحسية والحركية أو ما بين الأفكار والأفعال، مما يؤشرإلى أن قراءة الروايات تنقل القارئ إلى حركية بطل الرواية. وقد استمر هذا التأثير لمدة خمسة أيام على الأقل بعد الإنتهاء من قراءة العمل. وقد عنى ذلك أن القصة المشوقة والمثيرة تؤثر على الروابط العصبية فيما يشبه «ذاكرة القدرة العضلية» التي تختزن المعلومات عن طريق تكرارها لتعطي الأوامر فيما بعد لأداء الحركة. ويستدل العلماء من تلك النتيجة أن الأعمال الروائية المفضلة لدى القرّاء قد يكون لها تأثير ممتد بحيث يكون دائمًا وليس موقتًا.
من هنا إنتهى الباحثون إلى القول إن أي نوع من القراءة يعمل على تحفيز عقل المتلقي، وأن كل أنواع القراءة تعمل على إيجاد العديد من التجارب الغنية والمؤثرة. وقد وجد الباحثون أن القراءة الأدبية خاصة تعطي الدماغ الكثير من الوظائف المعرفية ٬ وفي الوقت نفسه فإن متعة القراءة تعمل على زيادة تدفق الدم بمناطق مختلفة إلى الدماغ٬ فدراسة الرواية الأدبية والتفكير في قيمتها هي ممارسة فعالة للعقل .
تعزيز الوعي التعبيري عندَ القارىء:
نستخلص من هذه الأبحاث ومن الدراسات التي وضعت وتوضع منذ عقود عن تأثير الفن الروائي في بنية الإنسان الذهنية والعاطفية أن الروي المكتوب بلغة مختلفة وبشحنات مؤثرة وقوية الوصول إلى المتلقي العام والنخبوي معًا يعمل على تعزيز الوعي التعبيريبصورة أفضل٬ وهذا ما برهنه بعض الباحثين في روسيا والغرب الذين اختبروا مجموعات من الطلاب الجامعيين في قراءتهم روايات مكتوبة بلغة مختلفة ومميزة فوجدوا أن نموا جيدًا أحيط بالقشرة الدماغية و أن نموا واضحًا جرى بمستويات مختلفة للعقل. وقد أكد هؤلاء الباحثون أن القصة تعمل على تحفيز الفكر وتشجيعه.
وكما هو معروف، كل قصة لها بداية ووسط ونهاية وخلال مسار هذا الخط الثلاثي يحدث شئ إيجابي لعقل المتلقي٬ حيث يتم تشجيعه على التفكير في هذا التسلسل وربطِ التأثير مع السبب .فكلما قرأ المتلقي كلما كان الدماغ أكثر قدرة على التكيف مع هذه السلسة من التفكير. ويشير علماء الأعصاب إلى أن القراءة هي طريقة جيدة لغرس بنية قصة ما في عقول الأطفال مما يعطي عقولهم مرونة أكثر وقدرة أكبر على توسيع مدى إنتباههم .
لقد سيق هذا الإستنتاج من ناحية تفعيل المكتسبات الذهنية والمعرفية للعقل.أما من ناحية تفعيل المكتسبات الحسية والعاطفية فيجد العلماء أن قراءة الروايات يزود القراء بمشاعر رائعة وبتخمينات ذاتية قد تتفق أو لا تتفق مع مجرى أحداث الرويّ. ولكن الأثر المستمد من القراءة المتغلغلة داخل كل رواية تجعلهم يتعاطفون مع ما يقرؤنه، مما يجعلهم أكثر ليونة وتعاطفًا مع الناس في الحياة الواقعية، كما يجعلهم أكثر يقظة وأكثر وعيًا لحياة الآخرين. فتأثير القراءة المثمرة يستمرعلى مراحل متعاقبة من عمر الإنسان، ذلك على الرغم من أنه لا يمكن تحديد سنًا معينة لبدء القراءة. الا أنه من الأسهل بكثير أن يبدأَ في سن مبكرة، وأن تتطور معه آلية القراءة بحب و شغف.
ومما لا شك فيه، أن القراءة المثمرة لديها مجموعة من المزايا الملموسة وغير الملموسة، وينبغي أن تتحول مادة القراءة إلى عادة شائعة مثل التنزه أو تناول الطعام أومشاهدة التلفاز.
فالعقل المدرب جيدًا على أسس القراءة باختلاف عناوينها الأدبية والشعرية والفكرية والفنية٬ سوف يكتسب إلى جانب تلقي العلوم الجامعية، فهمًا في الثقافة واللغة والفن والموسيقى والأدب الروائي بشكل خاص. وهناك جملة من الأبحاث تشير على نحو متزايد إلى أن المرء بوسعه أن يحسن حاله من خلال مطالعة القصص والروايات التي تساعده في مواجهة تحديات الحياة.
وفي تقرير نشر مؤخرًا في قناة “بي بي سي العربية ” جاء أن القراءة تفعّل من الفكر التحليلي، وتمكننا من أن ندرك الأشياء بمنظور أفضل، فهي أداة جدّ يسيرة،عندما يتعلق الأمر بالسلوك المربك في غالب الأحيان لنا وللآخرين. لكن القصص الروائية على وجه الخصوص، يمكن أن تجعل القارىء أكثر تمكناً وثقة من الناحية الإجتماعية. وأود أن أشير هنا إلى ما نشرته دورية علم النفس الإجتماعي التطبيقي في العام الماضي، حيث أعدت بحثاً أظهر كيف أن قراءة قصص هاري بوتر جعلت الفتيان والصغار في بريطانيا وإيطاليا أكثر إستعداداً وإيجابية إزاء الأقليات المهمشة مثل اللاجئين.
وفي العام 2013، إكتشفَ علماءُ النفس في المدرسة الجديدة للبحوث الإجتماعية، أن الروايات الأدبية قد عززت من قدرة الناس على تفهم مشاعر الآخرين وقراءة عواطفهم. فنحن نفكر في الروايات كأماكن نفقد فيها أنفسنا، ولكن عندما نخرج منها، نأخذ معنا الإلهام من شخصياتنا المفضلة فيها. وقد كشفت دراسة نشرت في العام 2012 لباحثين في جامعة ولاية أوهايو الأمريكية، أن عملية القراءة يمكن أن تغير بالفعل من سلوك القارئ.
قد لا تعد الروايات بإحداث التحول المطلوب في خطوات سهلة، بيد أن الروايات الآسرة يمكن أن تمد القاريء بالمعلومات وتحفّزه أيضًا على التفكير.
وهنا يستطيع الروائي أن يساعد المتلقي أحياناً بمجرد صرف ذهنه عن مشكلة ما، بمعنى أن يجعلَه منغمسًا إنغماسًا كليًا في عالم شخص آخر ومحيطه، فتحدث له عملية تحول يعود من بعدها وقد اكتسب طاقة جديدة تجعله أكثر عزمًا وتصميمًا.
إن معظمنا قد اختبر تجربة الغرق في أحداث قصة ما عند قراءة مقطع رائع لإحدى الروايات. وتوصف هذه التجربة غالبًا بحالة الضياع في الكتاب، فنغادر عندها زماننا ومكاننا لنجد أنفسنا نخوض أحداث هذه الرواية ونعيش مناخها ومحفزاتها.
وقد لاحظ الباحثون أيضًا أن قراءة الروايات تزيد من الذكاء العاطفي أي من القدرة على فهم مشاعر الآخرين والتعامل مع الحالة العقلية التي يعيشونها، حيث أن قرّاء هذه القصص سيمرون بكم كبير من المشاعر التي تتنوع بين الخوف و الفخر والإحباط والغيرة والسعادة و الإكتئاب، إلى ما هنالك من مشاعر، وهذا ما سيزيد من خبرتهم بها، وقدرتهم على ملاحظتها أكثر من غيرهم.
دراسات علمية من القرن العشرين:
إذا، فالقراءة تحمل أهمية كبيرة على مستويات فكرية وعلمية ونفسية ولغوية وبنائية وإجتماعية عدّة. ولا بد من الرجوع إلى القرن الفائت، حيث جرى وضع نظريات تحت عنوان “سيكولوجية القراءة”. حيث ظهرت مجموعة من النظريات التي تعالج مسألة سيكولوجية القراءة في روسيا بشكل خاص، وفي دول أخرى غربية بشكل عام، وأستحضر ههنا إثنتين من هذه النظرياتِ هما:
نظرية الإنعكاسية في القراءة: وقد عالجت هذه النظرية الروسية دور الكتب والقراءة عامة، من حيث هي مؤثر يسبب إستجابات معينة في بِنية الإنسان. ومن بين هذه الإستجابات التي تظهر أثناء القراءة:
عمليات التركيز الخارجي والداخلي التي يقوم بها القارىء، والتقلصات الضعيفة للروابط الصوتية الدالة على وجود كلام داخلي للكلمات أثناء القراءة.
أما النظرية الثانية فهي نظرية علم النفس المكتبي: وقد دعا إليها نيكولا روباكين من خلال تأسيس فرعٍ مستقل في علم النفس بإسم “علم النفس المكتبي”، وذلك في كتابه “ما هو علم النفس”. ونظريته في سيكولوجية القراءة عبارة عن تجميع إنتقائي لنظريات متنوعة. فهو يستعرض بالتفصيل النظرية الإنعكاسية للقراءة، ولا ينظر إلى الكلمة على أنها إشارة ذات معنى تعميمي معين، بل ينظر إليها كمؤثر للفعالية النفسية غير الموجهة.
إلا أن روباكين عمم هذه النظرية على جميع أنواع الكتب، ولم يقصرها على الكتب الروائية، فهو رأى أن للكتاب الواحد أو الكلام الواحد مضامين مختلفة بقدر إختلاف قرائه. ومن أجل تفسير خصائص الإستيعاب الفردية، لجأ روباكين إلى نظرية العالم الألماني ريشارد سيمون، وهي نظرية الذاكرة الخليوية، والتي ترى أنه يحدث في الدماغ تراكم لآثار المؤثرات السابقة، وهو يعني احتياطي التصورات الحياتية أو مضمون شعور الشخصية. وهذا يعني أن إثراء الشعور لا يتم عن طريق التفاعل المباشر مع العالم المحيط فحسب، بل وعن طريق الكتاب أيضًا.
من هنا فإن نظرية روباكين في سيكولوجية القراءة هي مبدأ صحيح معترف بصحته من قبل الجميع، و هذا المبدأُ يكمن في التنوع الفردي والفروق الفردية في الاستيعاب، و في التأثير الكبير للمعارف والإنطباعات السابقة على استيعاب الفرد للكتاب وفهمه.
فإن دور الرواية في تأثيرها على الشخصية البنيوية المتغيرة للإنسان هو دور محدد بمؤثرات الروي وبمضامين أحداثه المتخيلة المنعكسة من صميم الواقع. فالفن الروائي هو لغة إنسانية جمالية تقوم على تمرير الغايات الفضلى والتوجيهات الأكثر نبلاً والصرخات الأصدق تعبيرًا ضد مظاهر الظلم والتعسف والحرمان وغيره.
فكما قال بعض العلماء وخصوصًا علماء النفس حول استيعاب الأدب الروائي، فإن نفسية كل فرد مشروطة اجتماعيًا بجميع مظاهرها، بما في ذلك عواطفها ومشاعرها. من هنا كان للفن الروائي وظيفته الإجتماعية الخاصة. حيث أن الفن ينظِم مجالاً محددًا من نفسية الإنسان ككائن إجتماعي، وهو مجال العواطف. فقد ذهب البعض إلى القول إن آلية تأثير العمل الأدبي تكمن في إثارة المشاعر المتضاربة، إذ يحدث تبدل نوعي فيها، فتتحول من عواطف فردية إلى جماعية وإجتماعية. كما وذهبوا إلى القول إن العمل الأدبي هومنظومة من المؤثرات المنظمة بصورة واعية مقصودة، بحيث تثير استجابات جمالية. وانطلاقًا من هذا الفهم لتأثير الفن والأدب، يبرزالتحليل الموضوعي للمؤلفات الأدبية كطريقة للبحث، ويكشِف عن خصائص تأثير الشكل والمضمون اللذين حققت بوساطتهما المؤلفات الأدبية والفنية تأثيرها الإنفعالي.
سيكولوجيةُ القراءة والقارىء:
إذًا ثمة من رأى القراءة بأنها عملية ذات طابع اجتماعي من ناحية وسيكولوجي فردي من ناحية أخرى .وثمة من زاد عليها الجوانب التاليةَ منها:
-استيعاب الأطفال من ذوي المراحل العمرية المختلفة للكتاب.
– دراسة الفئات العمرية المختلفة.
– تحليل إستيعاب مختلف أجناس الأدب الروائي.
– فهم الأجناس المختلفة واستيعابها.
وقد أثبتت الدراسات التجريبية مجموعة من القوانين أو العوامل الموضوعية والذاتية التي تتحكم في سيكولوجية القراءة. ومن بين هذه العوامل الموضوعية المحددة لعملية الفهم:
خصائص العمل الأدبي، وبنيته التركيبية، ومقدار تفصيل الصور الأدبية وإيضاح تفاصيلها ودقائقها. أما العوامل الذاتية (وهي الأهم بالنسبة لاستيعاب الفتيان) فتتمثل في تطابق الصور والشخصيات الأدبية مع التصورات الحياتية الواقعية ومع الجو الانفعالي لهم، بالإضافة إلى درجة نمو مهارات الإستيعاب الضرورية عند القرّاء.
الخلاصة:
خلاصة البحث أن استيعاب النص الروائي يرتكز إلى عملية معقدة من التحليل المتعدد الجوانب. فهذا التحليل الذي يتم غالبًا بصورة لا شعورية، يتكون في مسار الدراسة أو المطالعة الحرة. وينتج عن ذلك أن التطبيق غير الصحيح للتحليل يؤدي إلى تشويه منظومة الصو والشخصيات الأدبية، وبالتالي يؤدي إلى الفهم الخاطىء للمضمون الفكري للعمل الأدبي.
وبالإعتماد على منجزات علم الإجتماع وعلم النفس الإجتماعي وعلم النفس اللغوي، تطورت مجموعة من الفروع العلمية المتصلة بالقراءة والقرّاء وأهمها سيكولوجية القراءة وسيكولوجية القارىء. ومن أبرزهذه الإتجاهات:
– تعميق التمييز السوسيولوجي والسيكولوجي لدراسات القرّاء.
– تأكيد الشرط التاريخي لمعرفة علم النفس القرائي كتكوين مستقل في وعي الفرد والجمهور لعملية القراءة.
– وضع المفاهيم اللازمة للتحليل النظري لمكونات علم النفس القرائي وظواهره.
-الإنتقال من الوصف التجريبي المجزأ لبعض خصائص القرّاء وعمليات القراءة إلى طرح تصورات ذهنية ونظريات وفرضيات تفسيرية لآليات عملية القراءة.
لكن، وكما يؤكد العلماء في هذا المضمار الواسع لا توجد حتى الآن نظرية سيكولوجية كاملة للقراءة، وهذا يرجِع إلى الطابع المشترك لمواضيعها ومادتها الماثلة بين عدد من العلوم والفنون والآداب.
دراسة أدبية ذات مرجعيات مختلفة
خاصّ – إلّا –
play youtube
xnxx
xhamster
xvideos
porn
hentai
porn
xxx
sex việt
henti
free brazzer
youpor
brazzer
xvideos
play youtube
play youtube
Brazzer
xhamster
xvideos
xvideos
porn
porn
xnxx
xxx
sex việt
Phim sex
mp3 download
Nike Compression Sleeve
American porn
Download Mp3
henti
Holiday Lyrics Madonna
play youtube,
play youtube,
xvideos,
Brazzer,
xnxx,
xhamster,
xvideos,
xvideos,
porn,
sex việt,
mp3 download,
Find Mac Address Of Mac,
porn,
Aruba Tripadvisor,
phim xxx,
Mp3 Download,
Share this content:
تعليق واحد