×

لا تجعلوا حياتكم رهن الصندوق الأسود

لا تجعلوا حياتكم رهن الصندوق الأسود

  • Jashy لا تجعلوا حياتكم رهن الصندوق الأسود
    فؤاد الجشّي / كاتب وقاص

    لا شكّ أنّه ثمّة اختلاف في آرائنا واتّجاهاتنا وطرقنا في التفكير، من حيث القبول أو الرفض، كلّ ذلك يحسمه سعينا المتواصل للتوجّه نحو الأفضل بحثاً دؤوباً عن الفضيلة، والبعد ما أمكن عن الشرّ الكامن في خفايا ذواتنا وذوات الآخرين، ومن هنا يأتي اعتقادي أنه ثمّة صندوق أسود، موجود في جميع البشر مقفل إلى حين لا يعلم حتى صاحبه متى يتّم قراءة مافيه من مدّخرات نفسيّة وأسرار دفينة، والتي يحرص عليها  الأبالسة عادة لمعرفة شيفرته والإطلّاع على كامل أسراره وخفاياه، وقد ظهرت حقائق البشرية عند أول سقوط وقع على إثره الجميع، الأمر الذي أتاح لنا أن نرى الظلام والدمار الذي لم يكن ليخطر على بال أحد منّا، أن النفس البشرية تحتفظ في ثناياها كلّ هذا الحقدن والقدرة على الخراب وكره الآخر، وهنا ونحن نشهد ما نشهد من انهيارات مريعة، لا يسعنا إلا أن نبتهل بالرحمة لمن مات، ونتضرّع بالدعاء لكل مُصاب راجين له الشفاء العاجل والشفاء التام.

    قد ينشغل البعض عن البشر ويشيح بنظره عن الآخرين ويولي ذاته كل عناية واهتمام ويتركها أسيرة ما تشاء وربّما تكون الأشياء أكثر ما تتعلّق بها، وتكون المخزون الذي يحافظ عليه بكلّ إمكاناته المادية والمعنوية، وتكون فكرة خسارتها، بمثابة البارود المُحكم الذي يُهدد كيانه ككل والذي يكون دافعاً، ليرتكب أيّة حماقة ممكنة، تصل إلى أن يستشيط غضباً، بل أكثر من ذلك كأن ينفجر تماماً، وتكون ردة الفعل أخطر وأفدح يمكن أن تؤدي إلى  سقوط البيت ككلّ الذي يمكن أن يتربّص بمصير أمّة بحالها يمكن أن تسقط  معه، إلى أن ندرك الدمار بعد الدمار، وهنا يبدأ الضمير بعد طولِ سنين بالتحرّك، وبالفعل، وبالبوادر، كأن نطالب بالتسامح والاعذار حتى تستمر الحياة، وهكذا يبقى العدل مرهون بسِماتِ الحياة التي تمهد لأطوار جديدة ، وكم يذهلنا أن تنقلب صفحة التاريخ للبناء والهدم في آنٍ واحد.

    لا أعلم أحياناً من نحن؟ وما هو المكنون فينا؟ التي تحدّثتْ عنه الفلاسفة بعمق الكون والبحار آلاف المرات، وما زلنا نقول.. من نحن؟

    والجواب يختلف دائماً، باختلاف البيئة والبشر والتاريخ أيضاً.

    فكم سقطت حضارات، وكم نهضت غيرها، وكم بدأ سلوك جديد يبادر البشر إلى فعله، حتى ينتهي ويبدأ غيره.

    وماذا بعد؟ وحده الصندوق الأسود يكمّل الحكاية، فهو عقلك الباطن المليئ بالحق والباطل جنباً إلى جنب، مكنون مبطّن بفعل الزمن، خطره اكثر من نفعه أحياناً، بسبب الضمير المِقْوَد الأوحد للقيادة، ولكي تسلم عليك أن تتعلّم، كيف تتأكد من ربط حزام الأمان وتمضي في ثقة على درب الحياة العسير.

     

    فؤاد الجشّي

    كاتب وقاص/ المملكة العربية السعودية

  •  

Share this content:

مجلّة - إلّا - الألكترونية/ مجلة هادفة ذات مستوى ومحتوى سواء بما يساهم به أقلام الكتاب العرب المعروفه والمنتشرة بأهم المنابر العربية، أو بما يتمّ اختياره أحياناً من الصحف الزميلة بتدقيق وعناية فائقة، وحرصاً من مجلّة - إلّا - بإسهام المزيد من الأقلام الواعدة يُرجى مراسلتها على البريد الألكتروني / ghada2samman@gmail.com

You May Have Missed