حروف بيضاء علّها تزيح سواد الحزن.

د. عائشة سلطان – دبيّ
احتلت فيروز المشهد كما دائما
وكما احتلتنا منذ سنوات المراهقة ..
سيدة بحجم قبضة ورد وصوت باتساع الكون
كانت متشحة بالسواد .. تسير على حد جرح غائر
وترفع رأسها كما دائما ..
وتتلفت بعينين تخفيهما خلف نظارات سوداء ..
بينما انظار العالم مصوبة نحوها .. والكل يريد ان يقترب ..
غير مصدق انه وجها لوجه أمام الأسطورة المتجسدة ..
اما هي فكانت تبحث عن ابن عمرها
ورفيق اللحن
عن صوت زياد
ورائحة زياد
وموسيقى زياد
وسخرية زياد ..
وعن كلام يمكن أن يتسع ويصير دوائر تتوالد ولا تتوقف ..
كلام لا تستطيع ان تقوله ، لكنه يستطيع أن يقول حزنها ..
كانت تبحث عن المدى
عن المسافات
عن طريق النحل
وعمر الورد
وعن اغنية مختلفة بوسعها أن تحكي نيابة عنها
اغنية لا يكتبها سوى عاصي
ولا يلحنها سوى زياد
ولا يحتملها سوى صوت فيروز ..
لكن عاصي رحل
وزياد لحق بوالده وانضم للراحلين
ولم يعد مكان لأغنية ولا ترنيمة ولا حزن
لم يعد مكان سوى للصمت
الذي وحده يمكن أن يتسع لحزن فيروز
فيروز التي كانت أم زياد ولا تزال أم زياد
فيروز التي اصبحت ايقونة الصمت
وإلهة المسافة وقريبة من زياد أكثر مما كانت في حياته
فيروز التي تسكن الانتظار منذ سنوات .
خاص – إلا
Share this content:
إرسال التعليق