×

عقول غُلف وقلوبها مثلها..

عقول غُلف وقلوبها مثلها..

د.-محمد-الجاغوب عقول غُلف وقلوبها مثلها..
د.محمد الجاغوب/ كاتب واديب واكاديمي فلسطيني- القدس

في عقل كل عربي ديكتاتور نائم

الدكتاتورية السياسية في البلاد العربية أساسها ديكتاتورية في التربية الأسرية وديكتاتورية في التربية المدرسية بالإضافة إلي الأطماع الشخصية والموروث الاجتماعي فهل هذا له علاقة بتركيبة العقل الجمعي العربي..؟
هذا تساؤل يلامس جانبًا مهمًا من الواقع الاجتماعي والثقافي في العالم العربي. فالعقلية الإنسانية بشكل عام تتأثر بالبيئة الاجتماعية والثقافية التي تنشأ فيها، والعقلية العربية ليست استثناء. هناك عوامل عديدة ساهمت في تشكّل الفكر الدكتاتوري سواء في السياسة أو في الأسرة أو في المدرسة، ويمكننا تحليل هذه العوامل من عدة زوايا:

التربية الأسرية:
في كثير من المجتمعات العربية، تُدار الأسرة بطريقة هرمية وسلطوية، حيث يكون للأب أو الأم السلطة المطلقة، ويتم تربية الأبناء على الطاعة العمياء وعدم مناقشة القرارات مثل : اسكت يا ولد.. لما الكبار بحكوا انت لا تتكلم، كذلك السلطة المطلقة في الأسرة لا تشجع المبادرات الفردية بل تقمعها. هذه التربية تغرس الخوف من السلطة وتقتل روح النقد والحوار.

النظام التعليمي:
المدارس العربية في معظمها تعتمد على التلقين والحفظ بدلاً من التفكير النقدي والإبداعي. الطالب في الموقف الصفي لا يتم تعزيزه إن أصاب أو بادر برح وجهة نظر بل يُعاقب إذا طرح تساؤلات تخالف الرأي السائد، بل ويُضرب ويُستهزأ به مما يُضعف شخصيته ويُحبطه ويعزز لديه ثقافة الانقياد والامتثال بدلاً من الابتكار والحرية الفكرية.

النظام السياسي:
الأنظمة السياسية في العديد من الدول العربية تقوم على القمع والرقابة وتكميم الأفواه، ما يخلق بيئة تكرّس الخضوع والخوف من السلطة.

العوامل التاريخية والثقافية:
التاريخ الاستعماري والصراعات الداخلية والانقسامات القبلية والدينية ساهمت في تعزيز النزعة السلطوية كوسيلة للحفاظ على الاستقرار والسيطرة.

العقل الجمعي:
الثقافة العربية التقليدية تميل إلى احترام السلطة والطاعة للقيادة، سواء في الأسرة أو في السياسة أو في الدين الواعظ تصعب مناقشتها وكذلك خطيب المنبر لديه حصانة في عدم محاججته صائبا كان أو مخطئا علما بأن جلّ تفوهات الخطباء على المنابر سرد قصصي لأخبار تاريخية وقد يحتمل الصدق وقد يحتنل الخطأ، وهذا يُحدّ من القدرة على التفكير النقدي والمساءلة.

هل ما ذُكر يرتبط بتركيبة العقلية العربية؟
الجواب ربما ينفي ذلك فليس الأمر مرتبطا بينات بشرية معيّنة أو طبيعة فطرية، بل هو نتاج بيئة ثقافية واجتماعية وتاريخية، وعندما تتغير هذه البيئة من خلال تعزيز الحرية الفكرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، يمكن أن تتغير هذه العقلية بشكل تدريجي.

الحلول المقترحة قد تكون على النحو الآتي :
تعزيز التفكير النقدي في المناهج التعليمية.
تشجيع الحوار داخل الأسرة بدلاً من التسلط والتقرير.
تعزيز حرية التعبير وحقوق الإنسان في المجال السياسي والاجتماعي.
خلاصة القول أنّالمشكلة ليست في “العقلية العربية” ذاتها، بل في البيئة التي شكلتها.

خاصّ – إلا

Share this content:

مجلّة - إلّا - الألكترونية/ مجلة هادفة ذات مستوى ومحتوى سواء بما يساهم به أقلام الكتاب العرب المعروفه والمنتشرة بأهم المنابر العربية، أو بما يتمّ اختياره أحياناً من الصحف الزميلة بتدقيق وعناية فائقة، وحرصاً من مجلّة - إلّا - بإسهام المزيد من الأقلام الواعدة يُرجى مراسلتها على البريد الألكتروني / ghada2samman@gmail.com

You May Have Missed