إلّا وطني – القمّة العربية – 2024- مشهد بديع من مشاهد القوميّة- العربيّة
كثيرة هي المواكبات الإعلاميّة التي جعلت من القمّة العربيّة حدثاً هامّاً ومنتظراً من أحداث العام 2024
الذي تأخّر وقتاً، دون ريب في اللقاء، وفي الإجماع، وفي تصدير المواقف، وبعد رفع العتب وإنكار السبب
في التأخير لهذه القمّة، وبصرف النظر عن بحث الحيثيات والتفاصيل التي انتهت إليها تلك القمّة العربيّة،
يهمني هنا أن أعربَ عن أمرين لا ثالث لهما..
الأول هو هذا المشهد الذي جمع رجالات الأمّة العربيّة والإسلاميّة، لتعربَ وبشكل فصيح وصريح وبليغ،
عمّا تبقّى فينا، وعمّا تبقّى لنا من قوميّتنا العربيّة والإسلاميّة، لربط مصير هذه الأمّة ببعضها البعض،
مهما اختلفت ومهما تباعدت، ومهما تباينت في المواقف والآراء ووجهات النظر، إذ يبقى اللقاء العربي-
الإسلامي الجامِع بالنسبة لي مشهد من مشاهد الأمل والتفاؤل والتمنّي والرجاء والفخر والإعتداد والقوّة
والمتانة والنصر والعدل والإنصاف والحصافة والتماسك والتعاضد والمواجهة والحقّ والحبّ والحريّة
والإستقلال والمستقبل..
نعم المستقبل الذي لا ضامن لبنائه السليم غير تمتين العلاقات العربيّة- العربيّة، وتعاضدها، وتفاهمها،
وتناغمها، وانسجامها الدائم، وكلّي تفاؤل بهذا الشاب “محمد بن سلمان ” المفعم بالحيويّة المستقبليّة إن
صحّ التعبير، وهو يبدّد المسافات بين الرؤساء العرب، ويهدّ الجدران العازلة بين التوادد العربي، ويسعى
بكل ما لديه من رشاقة “سياسيّة ” إلى مدّ الجسور وفتح الأبواب وتقريب وجهات النظر، التي جعلت من
القمّة العربيّة مساحة آمنة للجميع، وتركت الفرصة مؤاتية تماما للنقاش الهادئ، والحوار الهادف، و
تداول الآراء الرصينة..
فقد أعاد لي حضور الملك عبد الله الثاني سيّدي المبجّل ملك الأردن وهو يدلي بدلوه النظيف تجاه الحرب
الغاشمة على غزّه، ولبنان، والضفّة، والقدس، وفلسطين ككلّ، ولم يفته أن يتناول الشأن اللبناني بذات
اللهفة التي لم يتردد في إبدائها حول فلسطين، بل طالب علناً بوقف النار الفوري، وفكّ الحصار عن غزّة،
وبدعم لبنان ليستعيد دوره ووهجه في المنطقة، و بإعادة الإعمار لمسح آثار الحرب على امتداد المناطق
المتضرّره، وبتعويض الأهالي ماديّاً وماليّاً، وهناك الكثير مما عناه سيّدي راعي المملكة سدد الله خطاه،
ولم يعلنه في خِطابه القيّم لكنّ القراءة فيما وراء السطور تثمر لمن أراد أن يُبْصِر..
الأمر الثاني الذي استحوذ على لبّي وأسعد قلبي المُثقل بالصبر منذ 70 عام، والغارق في الرماد منذ سنة
وبضعة شهور، كان صوت الرأي في المملكة العربيّة السعوديّة، الذي يختزل موقف الملك سلمان حفظه
الله، و يختصر دور الأمير محمد بن سلمان حماه الله، والتصريح العلني في الختام البياني لمؤتمر القمّة
العربية الإسلامية “بأنّ السكوت عما يحصل في كلٍّ من غزة ولبنان لم يعد مقدور عليه، ولا بدّ من
الإعتراض على السياسة الهمجيّة الإسرائيليّة، بل لا بدّ من وضع حدّ لتلك الهمجيّة، بوقف فوري لإطلاق
النار، والأهم هو البدء في مشروع تحقيق حلّ الدولتين الفلسطينيّة والإسرائيليّة”..
إنّ هذا البند بحدّ ذاته وبتقديري انتصار كبير لفلسطين وللشعب الفلسطيني، رغم أنّ مطمحي الأكبر هو
تحرير فلسطين، كل فلسطين، واستعادتها بلداً حرّاً مستقلّا كما كان قبل ال 1948 والوعد البلفوري
المشؤوم الذي زوّر الحقائق، وزيّف التاريخ بادّعائه أن فلسطين أرض بلا شعب، فمن نكون نحن الذين
خرجنا ومفاتيح بيوتنا لا تزال شاهداً على كذب الاحتلال وغشّ المواثيق التي صادقت على منح فلسطين
كوطن قومي للصهاينة الذين تحوّلوا من اللجوء إلى الإفتراس للأرض و ما عليها من ذاكرة وشرعية
وحقوق..؟!
ختاماً أودّ أن أؤكّد على أهميّة هذا المؤتمر العربي- الإسلامي، الجامع لأطياف وأطراف عربيّة- إسلاميّة
متعدّدة، راجياً للمملكة الأردنيّة الهاشميّة الأمان الدائم والإستقرار الأبدي، كذلك آملاً للمملكة العربيّة
السعوديّة المسيرة اليسيرة في كامل المشاريع المستقبليّة المبهرة، والاقتصادية الواثقة، والسياسيّة
الرائدة.. وكل قمّة والعرب أجمعين بإلفةٍ وتعاضدٍ ووفاءٍ وخير.
خاصّ – إلّا –
Share this content:
إرسال التعليق