×

مراحل تفكك الأسرة العربية على غرار الغرب

مراحل تفكك الأسرة العربية على غرار الغرب

Messenger_creation_0ee9df55-e5fd-47e9-8d46-433753275f33-995x1024 مراحل تفكك الأسرة العربية على غرار الغرب
د. عبد الفتاح العربي/ كاتب وباحث واديب تونسي- تونس


إن قوام المجتمعات ترتكز عن تكوين نواة لتكبر و تتفرع من أصل إلى فروع حيث تنمو تلك البذرة و تحاط بجميع انواع الحب و الطمأنينه و التركيز على بناء الفرد و الالتحام بالمجموعة لتكوين أسرة متكاملة البنيان.
حيث يكون فيها رب الأسرة و الأم الساهرة و الراعية ،يقوم رب الأسرة على العمل خارج المنزل لتلبية رغبات البيت و متطلباته و يكون هذا الفرد يرعى أمه و أباه و حتى إخوته ،هذا حين كانت كل العائلة الموسعة تسكن في بيت كبير حيث يكون الأب الأكبر و الأبناء و من يشملهم من الرعاية كل الاحفاد و يكبر عرش العائلة حتى تصبح قبيلة بالمفهوم القديم.
تحافظ الأسرة على نسق تصاعدي في الإنجاب و المحافظة على التوازن من كل النواحي في أصل النسب و في أصل الملكية و عدم التفريط فيها لعنصر خارجي لا بالبيع و لا بالمصاهرة .
تكون العائلة تحت وصاية الرجل الأكبر بنواميس داخلية كأنه قانون تحكمه ضوابط لا يمكن الخروج عنها حتى في المصاهرة من عائلات أخرى.
هذه العوامل جعلت من الأخلاق مرتكزا و من الدين إيمانا و من الشريعة منهجا و من القانون الوضعي تلائما و من العلاقات سياسة و من الاقتصاد و المعاملات استثمارا لنمو ثروة العائلة و من المصاهرة زيادة و ليس نقصان.
إن العائلة مرتكز لمجتمع متكامل يبنى لبنة لبنة لتكون مجتمعات صحيحة لا مريضة بآفات خارجية هدامة .
عملت قوى خارجية على جعل المجتمعات ضعيفة البنيان حتى يتسنى لها استعمارها و نهب ثرواتها.
من بين اسباب انهيار العائلة و تفكيكها ،العمل على تحديد النسل داخل المجتمع لينقص عدد أفراد العائلة.
كذلك ادخال عناصر أخرى لإضعاف سلطة الاب المتحكم في دواليب العائلة منها خروج أفراد العائلة من السكن الجماعي إلى السكن الفردي و الابتعاد كليا عن منطقة السكنى بعنوان التدخل في الشأن الداخلي بين الابن و زوجته إذ أن هذه الأخيرة هي مسمار في نعش تفكك الأسرة.
ثم يبدو أن الاستقلال عن الأسرة الكبيرة تجعل من اقتصاد الأسرة يضعف بضعف المدخول للفرد فيلجأ هذا الفرد للمطالبة بحقه في الميراث حتى يوم موت أبيه.
لقد عمدت قوى الاستعمار على رسم خارطة جديدة للأراضي حيث أصدرت قوانين للمسح الاجباري للأراضي و تبدو في الضاهر جيدة لتحديد الملكية لكنها تفتقد للشفافية لضياع مستندات قديمة فشرعت السلطة في تحديد من يملك بقوة التعريف بشهود اثنان و بالحوز و التصرف و هنا امتد الخلاف للمحاكم دون البت فيهم فأصبح هذا عنوان لتفكك العائلة و الخصام بين الإخوة و حتى مع الأب و الأبناء و الاصهار و الجيران و غيره مما أدى إلى تفكك تام بين أبناء البلدة الواحدة و خلافه.
كذلك بلغ التفكك العائلي إلى عناصر أخلاقية حيث سمحت قوانين لتحرير المرأة على غير الشريعة بقوانين وضعية شرعت للمرأة أن تطلب الطلاق للحصول على نفقة بالمحكمة وهي على ذمة زوجها لترهقه و تزج به في السجن فازداد عدد المطلقات و اصبح العالم العربي يتصدر طليعة البلدان في الطلاق و التفكك و ضياع الأبناء.
نأتي لعناصر التربية للأبناء إذ ترى الزوجة أن الأبناء لا يحضرون بالرعاية من الاب لعدم وجوده بالبيت و هي غير موجودة كذلك فنجد الأبناء يعيشون في ضياع و عزلة عن العائلة و تنهشهم افكار الروضات للاطفال لعدم الكفاية و المنهج في التربية و التعليم.
في عزوف الشباب عن الزواج نجد تصدر العانسات من البنات و الطلبات المشطة و غلاء الاسعار و غلاء السكن و البطالة التي أصبحت هاجسا في المجتمعات مما يجعل الزواج مستحيلا.
لا نجد ما نقول في هذا الموضوع الشائك من التفكك العائلي إلا أن نقول إن الدراسات اضهرت أن هذا الغول قد أكل الاخضر و اليابس و أفقد العائلة دورها في المجتمع و فسدت الاخلاق و التربية و أضر بالتعليم و الصحة و أنهك الاقتصاد و هذا الانهيار مأتاه تطبيق أعمى للحداثة الزائفة بمفهومها السلبي أما الإيجابي تركناه جانبا و هذا لا يعني أن الأصالة والمعاصرة متضادتان بل بالعكس متكاملتان عندما نستخدم الادوات الصحيحة في التطبيق.
مازال الأمل في إرجاع دور الأسرة ببناء مجتمع سليم مبني على الأخلاق العالية و التربية السليمة و الصحيحة و لنا مقدرات كثيرة و قوية و شباب واعد نثق في أنفسنا و لنا مقومات النجاح و نتوكل على الله.

خاص – إلا

Share this content:

إرسال التعليق

You May Have Missed