أين ذهبت “ديرتنا ” الجميلة؟
** منى الشافعي/ كاتبة وفنانة تشكيلية كويتية – الكويت
- ناطحات السحاب ذات الواجهات الزجاجية لا تتناسب مع بيئة الكويت الحارة والصيف الطويل، حتى أصبحت العاصمة بلا ملمح يميزها!
تعرّضت ديرتنا الجميلة إلى طوفان العمارة الأجنبية الحديثة، خصوصاً العاصمة التي سكنتها حركة تغريب منذ أكثر من عقدين، فقد غزتها المباني الشاهقة/ ناطحات السحاب ذات الواجهات الزجاجية الكبيرة، علماً بأن هذا الطراز المعماري الحديث لا يتناسب مع بيئتنا الحارة، وصيفنا الطويل. ومن الناحية الاجتماعية، فإن عدد السكان قليل ولا يحتاج إلى هذا الكم من الشقق، كما أن ثقافة السكن الكويتية لا تفضل السكن في الشقق، وأغلبية العمالة الوافدة عمالة هامشية لا تستطيع دفع الإيجارات العالية لهذه الشقق الديلوكس.. والأنكى أننا لا نزال نسمع ونقرأ عن مشاريع جديدة لأبراج حديثة، خصوصاً في العاصمة. كما أن هذا الطراز طال المباني الخاصة والعامة، حتى أصبحت العاصمة بلا ملمح يميزها، خصوصاً أن مبانيها القديمة غابت أغلبيتها تحت معاول الهدم.
في زخم هذه المباني الحديثة والأبراج المرتفعة، والمولات الحديثة، ومبان أخرى لمشاريع متنوعة مقبلة، هل تساءلنا أين اختفت مدينة الكويت العتيقة؟ أين ذهبت الديرة الجميلة التي تربينا بين بيوتها الطينية البسيطة، ومعالمها التراثية الجميلة، ومبانيها المعمارية المتميزة؟!
ديرتنا العتيقة.. كانت جميلة تشبه كل المدن العتيقة، لها حضور تاريخي يزيد على الثلاثة قرون، يعانقها البحر، ملتفاً حول أكثر أجزائها بكل فرحة وشموخ، فلماذا أهملنا هذا الموروث العمراني الجميل ببساطته، والأجمل بروعة أشكاله؟!
نعم، نحتاج إلى تغيير، ولكن بخلق فكر عمراني إبداعي جديد، يركز على تطوير العمارة التراثية الكويتية/ العربية/ الإسلامية، وليس على طمسها ومحوها تماماً! كما نحتاج إلى تجميل المباني العامة والخاصة بعناصر تراثية فنية جميلة، وإلى نصب تذكارية، نستقيها من تراثنا الفني المحلي/ العربي الأصيل، وما أكثره وأغناه إبداعاً وتميزاً.
وهكذا، فإن الاحتفاظ بالمدن العتيقة هو الذي يشكّل شخصية أي أمة، ويمنحها هويتها/ بصمتها ، ويعترف بوجودها التاريخي.. فلماذا أهملنا شخصيتنا الكويتية، ونسينا هويتنا العربية؟!
خاص – إلا
Share this content:
إرسال التعليق