إحياء الأمل وإنعاش التفاؤل واجب شرعي
صناعة الأمل فريضة
يسود الإحباط والاكتئاب ذلك اليوم ويسيطر على النفوس، اكتئاب مدعوم بكل السبل بعد ان تضافرت كل قوى المجتمع الدولى ومجالسه المعتبرة على نصر الظلم وقهر الباطل متجاهلة حتى المظاهرات العارمة التى غطت شوارع وميادين اوروبا تنادى بنصرة شعب فلسطين المغتصب، الواقع فى صورة جديدة شرسة يعلن للجميع أن الولايات المتحدة الامريكية تلك الدولة التى تدعى انها قائمة على قيم الديمقراطية تقف داعمة ومساعدة، بل ومحاربة مع ابنتها المدللة اسرائيل مهما انتقدها أهل الشرق والغرب.
استمر العدو الصهيونى فى ضرب المستشفيات بلا رحمة وعم شعور تام وعام وكامل ومكتمل بالإحباط عند المواطنين، إحباط يقود الى اليأس والكآبة، خاصة بين أوساط الشباب تلك الطاقة الجبارة التى جعلتها الأحداث يفقدون ايمانهم بالكثير من الأشياء المهمة، وهنا برزت ضرورة استعادة الأمل تحت اى ظرف وبأى طريقة، ليس الأمر هنا على سبيل الرومانسية والتفاؤل لكنه على سبيل الضرورة والحتمية، فحينما تنخفض درجة رضا المواطن ويصير بالتدريج اقرب إلى اليأس والضجر يصبح على وشك الهزيمة حتى لو امتلك كل أسلحة الدنيا، واليأس والكآبة وضيق الصدر هو أمل العدو الأكبر هو يريد شعوبا محبطة وحزينة وفاقدة كل أنواع الأمل، انها الخطوة الاولى والاهم لدى العدو لأنه اذا حارب شعبا من المحبطين فسينتصر قبل أن تبدأ الحرب وهنا يأتى دور زارع الأمل وناشره وحامله والمتحدث به وعنه، دوره الأعظم فى دفع الشر والانتصار للحق هنا يتجلى الدور الأهم بضرورة تقديم زارعى الأمل على الجميع، على أنهم ضمير الأمة وعصا موسى التى تضرب بها الخوف والتوتر والقلق لينفلق لك بحر النجاة الى طريق يعبر منه الجميع.
الأطفال فى حاجة الى من يبث فيهم الطاقة الايجابية والثقة بالنفس، والمراهقون فى حاجة الى خطاب مختلف، خطاب يتبنى الصدق والحجة القوية والتعبير السليم عن الذات، على الخطباء فى صلاة الجمعة ان تكون خطبهم ليست فقط خطب تقتصر على لعنة العدو والدعاء عليه ولكن عليها أن تخاطب الشباب وتعزز داخلهم قيمة الأمل، لا نريد ان نتباكى من مكر العدو ولكن نريد ان نغنى للمنتصرين نذكر الناس بايام النصر بحرب أكتوبر العظيمة وكيف انتصر الحق على الباطل بأيدى رجال مخلصين حقا، جنود بواسل صعدوا خط بارليف وهم يحملون ضعف أوزانهم وقهروا عدوا ادعى لسنوات انه لا يقهر. نريد كتابا قادرين على زراعة الأمل يحكون للناس عامة والشباب خاصة عن سيرة الأجداد المنتصرين سواء فى العصر الحديث او القديم ليعلموا ان النصر ممكن وانه تحقق كثيرا قبل ذلك ويمكن تحقيقه مرة أخرى، نريد حركة فنية وثقافية قادرة على صياغة الأمل فى أعمال فنية جيدة الصنع مصرية الطابع والهوى، لم يعد الأمر اختياريا او ترفيهيا، صار الامل ضرورة وفريضة على كل حى فى ذلك العصر القاسى. لا نريد بكاء على الأطلال او عويلا على ما يحدث أمام أعيننا ولا حزنا من ذلك الحزن الخاص بالمستضعفين وقليلى الحيلة، بل نريد مزيدا من الأمل غير رجال ونساء يملكون الطريقة التى يوقدون بها نار الأمل فى الغد والقدرة على النجاح والتفوق لن يقف الأمر ابدا عند القول والكلام ولكن الأمل صناعة وصياغة وزراعة وحصاد، الامل علم وأبحاث تدرس ومصانع يعاد فتحها ومناهج تعليمية الأمل هو مفتاح الحياة وماؤها وهواؤها أيضا.
نحن جميعا مطالبون كل واحد منا فى مكانه مطالبة تكاد تكون إجبارية ببث روح الامل والتفاؤل والطاقة الايجابية واعادة الثقة وطرد الاحباط والاكتئاب من نفوس اطفالنا ومراهقينا فورا، لأن تمجيد القادرين على الفعل أولى بكثير من اللطم وشق الجيوب والبكاء من قسوة الظالم، الأمل دائما يعنى انك حى وموجود وقادر على النصر ايضا، والنصر هنا لا يعنى بالضرورة النصر فى الحروب بمعناها التقليدى لكنه النصر بكل تجلياته، فالخروج من المأزق الاقتصادى نصر وتحسين مستوى التعليم نصر وزيادة الاهتمام بالبحث العلمى نصر وخلق جيل يمتلك الأمل ومحصن ضد الاكتئاب والهزيمة نصر وخلق مواطن بصحة جيدة نصر. كل هذه الأنواع من النصر تجعل حتى الانتصار فى الحروب التقليدية امرا ممكنا، وكل ذلك لن يتحقق إلا بإلقاء حبوب الأمل فى نفوس الأطفال والشباب حتى تثمر وطنا بأكمله، وطنا محصنا بآمال وطموحات وقدرات افراده، فالعدو لن يستطيع ان يسرق أرضك الا إذا سرق آمالك اولا، وهنا علينا ان ننتبه جيدا ونقاوم تلك الفكرة بضراوة والشراسة، فليس هناك شعب اضعف من شعب فقد آماله هكذا يخطط الخبثاء ليلا ونهارا حتى تفقد همتك وطموحك وايمانك وهى أسوارك وقلاعك الخفية القوية وهذا ما يفعلونه بدأب وإصرار يوما بعد يوم، ومثلما يعرف الجميع ان القوة هى المنطق الذى يعرفه العالم الحديث وبقدر قوتك تستطيع فرض سيطرتك واحترامك على الجميع وان تلك القوة لها شواهد من جيش قوى واقتصاد وتأثير قوى فإن ذلك كله يبدأ من ثقة أطفالك وشبابك بأنفسهم علينا ان نفسح الطريق فورا للبناة الشرفاء الذين يستطيعون ان ينكروا ذواتهم ويتفرغوا باخلاص تام وشديد لزراعة الامل فى النفوس حتى لو كان حصاد هذا الزرع سيحصل عليه بالكامل اجيال قادمة لا يهم، المهم ان نبدأ وفورا فى جعل زراع وصناع الامل يمارسون مهماتهم المقدسة والضرورية والحتمية لأن الأمل فى تلك اللحظة فريضة.
المصدر: بوابة الأهرام – الاهرام
Share this content: